الصفحات

الجمعة، 17 نوفمبر 2023

الطعن 1 لسنة 19 ق جلسة 2 / 1 / 1999 دستورية عليا مكتب فني 9 تنازع ق 6 ص 1145

جلسة 2 يناير سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ محمد ولي الدين جلال - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حمدي محمد علي وسامي فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيري وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله، وحضور السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ حمدي أنور صابر - أمين السر.

---------------

قاعدة رقم (6)
القضية رقم 1 لسنة 19 قضائية "تنازع"

1 - دعوى "تكييفها".
للمحكمة إعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح.
2 - دعوى فض تناقض الأحكام النهائية "مناط قبولها: اختلاف جهات القضاء".
مناط قبول طلب الفصل في هذا التنازع أن يكون أحد الحكمين صادراً من أية جهة قضائية أو من هيئة ذات اختصاص قضائي والآخر من جهة قضائية أخرى، وأن يكونا قد تصادما بحيث يتعذر اجتماع تنفيذهما معاً.
3 - ملكية "منازعات: اختصاص" - قضاء عسكري.
اختصاص القضاء العادي - أصلاً - بالفصل في المنازعات المتعلقة بتحقيق الملكية وإثباتها أو نفيها - ليس للقضاء العسكري اختصاص في هذا الشأن.
4 - دعوى فض تناقض الأحكام النهائية "الحكم الأولى بالتنفيذ".
مناط المفاضلة بين الحكمين المتناقضين لتحديد الأولى بالتنفيذ إنما يقوم على أساس من إعمال القواعد التي عين بها المشرع لكل جهة قضائية نصيبها من المنازعات المنوط بها الفصل فيها.

----------------
1 - المحكمة - بما لها من هيمنة على الدعوى - هي التي تعطيها وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح وذلك على ضوء طلبات رافعها بعد استظهار حقيقة أبعادها ومراميها دون التقيد بحرفية ألفاظها ومبانيها.
2 - من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين طبقاً للبند ثالثاً المشار إليه، هو أن يكون أحد الحكمين صادراً من أية جهة من جهات القضاء أو من هيئة ذات اختصاص قضائي والآخر من جهة أخرى منها وأن يكونا قد تصادما بحيث يتعذر - عقلاً ومنطقاً - اجتماع تنفيذهما معاً، مما يستوجب أن تتولى المحكمة الدستورية العليا حسم هذا التناقض بالمفاضلة بين الحكمين على أساس من قواعد الاختصاص الولائي لتحدد على ضوئها أيهما صدر من الجهة التي لها ولاية الفصل في الدعوى وأحقها بالتالي بالتنفيذ.
3 - من المقرر أن الفصل في المنازعات المتعلقة بتحقيق الملكية وإثباتها أو انتفائها يدخل ابتداء في اختصاص القضاء العادي باعتباره صاحب الولاية العامة في نظر كافة المنازعات إلا ما استثني بنص خاص، طبقاً للمادة 15 من قانون السلطة القضائية؛ وليس في قانون الأحكام العسكرية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1966 ما يعقد للقضاء العسكري اختصاصاً مزاحماً للقضاء العادي في هذا الشأن.
4 - توافر السبب المكسب للملكية بشرائطه المقررة قانوناً هو مما يدخل الفصل فيه في اختصاص القضاء العادي، فإن حكم القضاء العسكري بإعادة بحث الملكية بعد صدور حكم نهائي من الجهة القضائية المختصة بذلك، يكون قد سلب اختصاصاً قصره القانون على جهة القضاء العادي، وإذ كان مناط المفاضلة بين الحكمين المتناقضين لتحديد الأولى منهما بالتنفيذ إنما يقوم على بيان الجهة التي اختصها المشرع بولاية الفصل في الخصومة القضائية على أساس من القواعد التي عين بها المشرع لكل جهة قضائية نصيبها من المنازعات المنوطة بالفصل فيها؛ فإن الحكم الصادر من جهة القضاء العادي - دون الحكم الصادر من القضاء العسكري – يكون هو الأحق بالتنفيذ.


الإجراءات

بتاريخ 25 يناير سنة 1997، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، بطلب الحكم بعدم اختصاص المحكمة العسكرية العليا بنظر النزاع والاتهام الذي أقامته ضده النيابة العسكرية في القضية رقم 218 لسنة 1996 جنايات عسكرية عليا الإسكندرية واعتبار الحكم الصادر فيها غير واجب النفاذ عليه وإلزام المدعى عليه الرابع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وذلك في مواجهة المدعى عليه الخامس.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى واحتياطياً برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعي كان قد أقام الدعوى رقم 1025 لسنة 1992 مدني أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية ضد المدعى عليه الرابع ومحافظ الإسكندرية ومدير عام الأملاك الأميرية ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، بطلب الحكم بتثبيت ملكيته للمساحة المبينة الحدود والمعالم بصحيفة تلك الدعوى مستنداً في ذلك إلى وضع يده عليها وظهوره بمظهر المالك - هو وسلفه - لأكثر من مائة عام، فانتدبت المحكمة خبيراً في الدعوى خلص في تقريره إلى ثبوت وضع يد المدعي وملكيته لأرض النزاع، فقضت بجلسة 25/ 12/ 1994 بإثبات ملكيته لهذه الأرض، وإذ لم يرتض المدعى عليهم في تلك الدعوى - ومن بينهم وزير الدفاع المدعى عليه الرابع في الدعوى الماثلة - هذا الحكم، فقد طعنوا عليه بالاستئناف رقم 347 لسنة 51 قضائية أمام محكمة استئناف الإسكندرية، التي قضت بجلسة 19/ 7/ 1995 بتأييد الحكم المستأنف على سند من إحياء المستأنف ضده - وأسلافه من قبله - لأرض موات وفقاً للمادة 57 من القانون المدني القديم (المقابلة للمادة 874 من القانون المدني الجديد). ثم باشرت النيابة العسكرية بعد ذلك إجراءات التحقيق مع المدعي والخبير - المدعى عليه الخامس - بشأن وقوع تزوير في تقرير الخبير، وقدمتهما إلى المحكمة العسكري العليا في القضية رقم 218 لسنة 1996 جنايات عسكرية الإسكندرية، وبجلسة 10/ 9/ 1996 حكمت تلك المحكمة بحبس المدعي سنة والمدعى عليه الخامس ستة أشهر وعزله من وظيفته لمدة سنة ومصادرة تقرير الخبير؛ استناداً إلى أسباب حاصلها وقوع تزوير بالإغفال في تقرير الخبير. وكان المدعى عليه الرابع قد أقام طعناً بالنقض في الحكم الصادر من محكمة استئناف الإسكندرية قيد برقم 9998 لسنة 65 قضائية مستنداً في ذلك إلى عدم جواز تملك أرض النزاع بوضع اليد المكسب للملكية، كما أقام التماساً لإعادة النظر في ذات الحكم قيد برقم 2425 لسنة 52 قضائية الإسكندرية تأسيساً على ما نسب إلى المدعي من ارتكاب تزوير في محرر رسمي، وبعد صدور حكم القضاء العسكري بإدانته عن هذا الاتهام قدم المدعى عليه الرابع التماساً آخر في الحكم الصادر بثبوت ملكية المدعي قيد برقم 2958 لسنة 52 قضائية الإسكندرية.
وحيث إن المحكمة - بما لها من هيمنة على الدعوى - هي التي تعطيها وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح وذلك على ضوء طلبات رافعها بعد استظهار حقيقة أبعادها ومراميها دون التقيد بحرفية ألفاظها ومبانيها، وكان ما يستهدفه المدعي من دعواه هو فض التناقض القائم بين حكم القضاء العسكري وحكم القضاء العادي، والاعتداد بالحكم الأخير دون الحكم الأول، فإن الدعوى الماثلة - في تكييفها الصحيح - تعد من المنازعات المنصوص عليها في البند ثالثاً من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، مما يستنهض ولاية المحكمة للفصل فيها.
وحيث إن من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين طبقاً للبند ثالثاً المشار إليه، هو أن يكون أحد الحكمين صادراً من أية جهة من جهات القضاء أو من هيئة ذات اختصاص قضائي والآخر من جهة أخرى منها وأن يكونا قد تصادما بحيث يتعذر - عقلاً ومنطقاً - اجتماع تنفيذهما معاً، مما يستوجب أن تتولى المحكمة الدستورية العليا حسم هذا التناقض بالمفاضلة بين الحكمين على أساس من قواعد الاختصاص الولائي لتحدد على ضوئها أيهما صدر من الجهة التي لها ولاية الفصل في الدعوى وأحقها بالتالي بالتنفيذ.
وحيث إن من المقرر أن الفصل في المنازعات المتعلقة بتحقيق الملكية وإثباتها أو انتفائها يدخل ابتداء في اختصاص القضاء العادي باعتباره صاحب الولاية العامة في نظر كافة المنازعات إلا ما استثني بنص خاص، طبقاً للمادة 15 من قانون السلطة القضائية؛ وليس في قانون الأحكام العسكرية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1966 ما يعقد للقضاء العسكري اختصاصاً مزاحماً للقضاء العادي في هذا الشأن.
وحيث إن محكمة الإسكندرية الابتدائية كانت قد أقامت حكمها في الدعوى رقم 1025 لسنة 1992 بثبوت ملكية المدعي لأرض النزاع، على ما ثبت لديها من وضع يده عليها - ومن قبله أسلافه - بنية التملك لمدة تتجاوز سبعين عاماً، وقد تأيد قضاؤها بالحكم الصادر من محكمة استئناف الإسكندرية بجلسة 11/ 7/ 1995 في الاستئناف رقم 347 لسنة 51 قضائية الذي أنشأ أسباباً جديدة حاصلها أن المدعي وأسلافه قد أحيوا أرض النزاع باعتبارها أرض موات طبقاً لأحكام القانون المدني، فضلاً عن أن المستأنفين - ومن بينهم وزير الدفاع - لم يقدموا مستندات تثبت ملكيتهم لأرض النزاع أمام الخبير ومحكمة أول درجة ومحكمة الاستئناف؛ بينما أقام القضاء العسكري حكمه الصادر بإدانة المدعي والخبير المنتدب في الدعوى على أن المدعي غير مالك لأرض النزاع مفنداً أسانيد اكتسابه للملكية. لما كان ذلك، وكان من المقرر - على ما سلف بيانه - أن توافر السبب المكسب للملكية بشرائطه المقررة قانوناً هو مما يدخل الفصل فيه في اختصاص القضاء العادي، فإن حكم القضاء العسكري بإعادة بحث الملكية بعد صدور حكم نهائي من الجهة القضائية المختصة بذلك، يكون قد سلب اختصاصاً قصره القانون على جهة القضاء العادي، وإذ كان مناط المفاضلة بين الحكمين المتناقضين لتحديد الأولى منهما بالتنفيذ إنما يقوم على بيان الجهة التي اختصها المشرع بولاية الفصل في الخصومة القضائية على أساس من القواعد التي عين بها المشرع لكل جهة قضائية نصيبها من المنازعات المنوطة بالفصل فيها؛ فإن الحكم الصادر من جهة القضاء العادي - دون الحكم الصادر من القضاء العسكري – يكون هو الأحق بالتنفيذ.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بالاعتداد بالحكم النهائي الصادر من جهة القضاء العادي في الدعوى رقم 1025 لسنة 1992 مدني محكمة الإسكندرية الابتدائية المؤيد بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 347 لسنة 51 قضائية من محكمة استئناف الإسكندرية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق