جلسة 11 من ديسمبر سنة 2021
برئاسة السيد القاضي / محمد رضا حسين نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / علي حسنين ، عادل عمارة وأحمد أمين نواب رئيس المحكمة ومحمد كامل باشا .
--------------
(103)
الطعن رقم 16779 لسنة 90 القضائية
(1) نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب " .
تقرير الطعن . ماهيته ؟
خلو تقرير الطعن بالنقض المقام من النيابة العامة من اسم المحكوم عليه . أثره : عدم قبوله شكلاً . علة ذلك ؟
(2) حكم " بيانات حكم الإدانة " " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى وإيراد مؤدى أدلة الثبوت في بيان وافٍ . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده مؤدياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
صيغة الاتهام المبينة بالحكم . جزء منه . كفاية الإحالة إليها في بيان الواقعة .
(3) وصف التهمة . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم وصف التهمة . كفايته لتحقق الغاية التي توخاها القانون من إيجاب اشتماله على هذا البيان .
(4) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
جريمة الاختلاس وفقاً للمادة 112 عقوبات . مناط تحققها ؟
لا يشترط لإثبات جريمة الاختلاس طريقاً خاصاً غير طرق الاستدلال العامة . كفاية اقتناع المحكمة بوقوع الفعل من أي دليل أو قرينة تقدم إليها . تحدث الحكم استقلالاً عن القصد الجنائي فيها . غير لازم . حد ذلك ؟
(5) قانون " تفسيره " . موظفون عموميون . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
مدلول المال العام والموظف العام طبقاً للقانون 63 لسنة 1975 ؟
إدانة الطاعن عن جريمة اختلاس أوراق مملوكة للدولة ومعاقبته بالمادة 112 عقوبات . صحيح . النعي بالخطأ في تطبيق القانون . غير مقبول .
(6) نقض " المصلحة في الطعن " . عقوبة " عقوبة الجريمة الاشد " .
لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بشأن جريمتي التربح والتزوير . متى دانه بجريمة الاختلاس باعتبارها الأشد .
(7) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . محضر الجلسة . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إثبات المحكمة ماهية المحررات المزورة بمحضر الجلسة . غير لازم . متى فضت الأحراز في حضور الطاعن والمدافعين عنه . بيان الحكم تلك المحررات وما انطوت عليه من بيانات تغاير الحقيقة . النعي عليه في هذا الشأن . غير مقبول .
(8) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . تحديدها . ما لا يقبل منها " .
تناقض أقوال الشهود . لا يعيب الحكم . متى استخلص الحقيقة من أقوالهم بما لا تناقض فيه . منازعة الطاعن في هذا الشأن . جدل موضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض . علة ذلك ؟
وجوب تفصيل أسباب الطعن ابتداءً . علة ذلك ؟
مثال .
(9) نقض " المصلحة في الطعن " .
لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم خطئه فيما نسبه لشهود الإثبات بشأن اختلاس محاضر الجلسات . متى ثبت في حقه اختلاس أوراق أخرى تكفي لحمل العقوبة المقضي بها عليه .
(10) محاماة . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
وجوب أن يكون لكل متهم بجناية محام يتولى الدفاع عنه أمام محكمة الجنايات . أمر الدفاع متروك له يتصرف فيه بما يرضي ضميره وما تهديه خبرته القانونية .مثال .
(11) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
نعي الطاعن بالتفات الحكم عن الدفع ببطلان الإقرار المنسوب إليه . غير مقبول . ما دام لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد منه .
(12) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب التحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن على الحكم .
مثال .
(13) نيابة عامة . إجراءات " إجراءات التحقيق " . دفوع " الدفع ببطلان التحقيق " .
قيام أحد أعضاء النيابة العامة بتمثيلها أمام محكمة الجنح المستأنفة . لا يمنعه من مباشرة إجراءات التحقيق عن جرائم محلها حكمين صادرين عن هذه المحكمة ولا يفقده حيدته . التفات الحكم عن الدفع ببطلان التحقيقات . لا يعيبه . علة ذلك ؟
(14) حكم " حجيته " . مصادرة . محكمة النقض " سلطتها " .
حجية الأحكام . لا ترد إلا على المنطوق والأسباب المكملة له والمرتبطة به ارتباطاً وثيقاً .
بيان الحكم بأسبابه مصادرة المحرر المزور . كفايته وإن أغفل ذكره في المنطوق .
العبرة فيما يقضي به الحكم بما ينطق به القاضي بالجلسة العلنية . ثبوت معاقبة الطاعن برول الجلسة ومحضرها بالسجن . ورود عقوبة السجن المشدد بمنطوق الحكم . خطأ مادي . لمحكمة النقض تصحيحه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـــــ لما كان من المقرر أن تقرير الطعن ورقة شكلية من أوراق الإجراءات التي يجب أن تحمل بذاتها مقوماتها الأساسية باعتبارها السند الوحيد الذي يشهد بصدور العمل الإجرائي ممن صدر عنه على الوجه المعتبر قانوناً فلا يجوز تكملة أي بيان فيه بدليل خارج عنه غير مستمد منه . لما كان ذلك ، وكان التقرير بالطعن - كما رسمه القانون - هو الذي يترتب عليه دخول الطعن حوزة المحكمة واتصالها به بناءً على إفصاح ذي الشأن عن رغبته فيه ، فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة ، فلا تتصل به محكمة النقض ولا يغني عنه تقديم أسباب له ، وكان الثابت أن هذا الطعن وإن أودعت أسبابه في الميعاد موقعة من محام عام إلا أن التقرير المرفق خلا من اسم المحكوم عليه ، ومن ثم فهو والعدم سواء ، مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً .
2- لما كان الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً أو نمطاً معيناً يصوغ الحكم فيه بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون ، وإذ كانت صيغة الاتهام المبينة في الحكم تعتبر جزءاً منه ، فيكفي في بيان الواقعة الإحالة عليها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور لاكتفائه بترديد صيغة الاتهام بياناً للواقعة يكون ولا محل له .
3- لما كان البيِّن من الحكم المطعون فيه أنه بيَّن - خلافاً لما يقوله الطاعن - وصف التهمة الثانية المسندة إليه مما يكفي لتحقق الغاية التي توخاها القانون من إيجاب اشتمال الحكم على هذا البيان .
4- لما كان من المقرر أن جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات ، تتحقق إذا كانت الأموال أو الأشياء المختلسة قد وجدت في حيازة الموظف العام أو من في حكمه بسبب وظيفته ، يستوي في ذلك أن تكون هذه الأموال أو الأشياء قد سلمت إليه تسليماً مادياً أو وجدت بين يديه بمقتضى وظيفته ، وأنه لا يشترط لإثبات جريمة الاختلاس المعاقب عليها بالمادة 112 من قانون العقوبات طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة بل يكفي كما هو الحال في سائر الجرائم بحسب الأصل أن تقتنع المحكمة بوقوع الفعل المكوِّن لها من أي دليل أو قرينة تُقدم إليها ، وكان ما أورده الحكم كافياً وسائغاً في التدليل على ثبوت استلام الطاعن للأوراق المختلسة والتي أشار إليها
الحكم في مدوناته وعلى توافر جريمة الاختلاس بركنيها المادي والمعنوي ، إذ لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في هاتين الجريمتين ، بل يكفي أن يكون ما أورده الحكم من وقائع وظروف دالاً على قيامه - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قصور في التسبيب في هذا الصدد يكون غير سديد .
5- لما كان القانون رقم 63 لسنة 1975 نص في مادته الأولى على تعديل الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات ليشمل فصلاً عن جرائم اختلاس الأموال الأميرية والغدر والصور المختلفة الأخرى للعدوان على المال العام ، واستبدل بعنوان الباب المذكور عنوانه " اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر" ، بما يحقق التوسع في مدلولي المال العام والموظف العام ، وأدخل من التعديلات على نص المادة 112 من قانون العقوبات ، بحيث يتسع مدلولها للعقاب على اختلاس الموظف العام أو من في حكمه للأموال والأوراق ، سواء كانت تلك الأموال والأوراق مملوكة للدولة أو لإحدى الجهات المبينة بالمادة 119 من قانون العقوبات ، أم كانت أموالاً خاصة مملوكة للأفراد ، متى كان هذا المال موجوداً في حيازته بسبب وظيفته ، وذلك بالنسبة لجريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات ، وغلَّظ الشارع العقوبة المقررة في هذه الجريمة إذا ما اقترن الفعل بظرف من الظروف المشددة المنصوص عليها فيها ، كما أضاف القانون رقم 63 لسنة 1975 إلى أحكام ذلك الباب الرابع نص المادة 117 مكرراً ليقرر عقوبة السجن المؤبد أو المشدد لكل موظف عام يضع النار عمداً أو يخرب أو يتلف أموالاً ثابتة أو منقولة أو أوراقاً أو غيرها لإحدى الجهات التي يعمل بها أو يتصل بها بحكم عمله أو للغير متى كان معهوداً بها إلى تلك الجهة ، وقد استهدف الشارع من كل هذا التعديل مواجهة حالات سرقة واختلاس وإتلاف الأموال والأوراق التي تقع من الموظف الحافظ لها ، فشدَّد العقاب عليها ومن ثم فقد نصت المادة الثالثة من القانون رقم 63 لسنة 1975 على إلغاء الفقرة الثانية من المادة 152 من قانون العقوبات وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون - المار ذكره - . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة اختلاس أوراق محضري جلسة .... الخاصين بالقضيتين رقمي .... لسنة .... ، .... لسنة .... جنح مستأنف .... والحكمين الصادرين فيهما والمودعين ، وعاقبه عليها طبقاً للمادة 122من قانون العقوبات ، فإنه يكون قد طبَّق القانون تطبيقاً سليماً ، فإن النعي عليه بقالة الخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس .
6- لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجرائم الاختلاس والتزوير في محررات رسمية والتربح ، وأوقع عليه العقوبة المقررة في القانون لجريمة الاختلاس باعتبارها عقوبة الجريمة الأشد عملاً بنص المادة 32 من قانون العقوبات ، فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره في صدد قصور الحكم في بيان أركان جريمتي التربح والتزوير المسندتين إليه ، وفي التدليل على توافرهما في حقه ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير مقبول .
7- لما كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة التي مثل بها الطاعن والمدافعان عنه أن المحكمة قامت بفض الأحراز ، فغدت محتوياتها معروضة على بساط البحث والمناقشة بالجلسة ، وكان لا سند لإلزام المحكمة بأن تثبت ماهية المحررات المزورة التي تحتوي عليها الأحراز ومضمونها بمحضر جلسة المحاكمة وفي مدونات الحكم ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول ، هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه قد عين المحررات المزورة وأوضح ما انطوت عليه من بيانات تغاير الحقيقة - خلافاً لما يزعمه الطاعن - ومن ثم فإن النعي بإغفال بيان مضمون المحررات المزورة يكون في غير محله .
8- لما كان تناقض أقوال الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن منازعة الطاعن في القوة التدليلية لأقوال الشهود لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما لا يقبل التصدي له أمام محكمة النقض ، لما هو مقرر من أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها ، هذا فضلاً عما هو مقرر من أن تفصيل أسباب الطعن ابتداءً مطلوب على وجه الوجوب تحديداً للطعن وتعريفاً بوجهه ، وكان الطاعن لم يفصح عن أوجه التناقض بين أقوال شهود الإثبات التي عوَّل عليها الحكم في إدانتهم فإن منعاه في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً .
9- لما كان لا يجدي الطاعن ما يثيره بشأن خطأ الحكم فيما نسبه لشهود الإثبات بشأن اختلاس محاضر الجلسات المنوه عنها بأسباب الطعن – على فرض حصوله – ما دام قد ثبت في حقه تهمة اختلاس أوراق أخرى تكفي لحمل العقوبة المحكوم بها عليه ، ومن ثم فإنه ينحسر عن الحكم قاله الخطأ في الإسناد في هذا الخصوص .
10- لما كان القانون قد أوجب أن يكون بجانب كل متهم بجناية محامٍ يتولى الدفاع عنه أمام محكمة الجنايات إلا أنه لم يرسم للدفاع خططاً معينة لأنه لم يشأ أن يوجب على المحامي أن يسلك في كل ظرف خطة مرسومة بل ترك له - اعتماداً على شرف مهنته واطمئناناً إلى نُبل أغراضها - أمر الدفاع يتصرف فيه بما يرضي ضميره وعلى حسب ما تهديه خبرته في القانون ، وكان البيِّن من محضر جلسة المحاكمة أن محاميين موكلين من الطاعن ترافعا في موضوع الدعوى عنه وأبديا من أوجه الدفاع ما هو ثابت بهذا المحضر ، فإن ذلك يكفي لتحقيق غرض الشارع ويكون الجدل الذي يثيره الطاعن حول كفاية هذا الدفاع غير مقبول .
11- لما كان البيِّن من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الاعتراف المدعى ببطلانه وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات ومما ثبت من مذكرة رئيس وعضو .... دائرة جنح مستأنف .... ومن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله .
12- لما كان يبين من مطالعة محضر جلسة .... أن من بين ما أبداه الدفاع عن الطاعن وجود قصور في تحقيقات النيابة لقعودها عن طلب مذكرات تكميلية من باقي أعضاء دائرة الجنح المستأنفة مصدرة الحكمين المدعى باختلاسهما وعن ضم صورة من أجندة الجلسات الخاصة بتلك الدائرة عن يوم .... ، بيد أن الدفاع لم يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الخصوص ، ومن ثم فإن ما أثاره مما سلف لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ولا يعيبه إن أغفل الرد عليه .
13- لما كان ما يثيره الطاعن حول بطلان تحقيقات النيابة العامة لعدم حيدة المحقق فإنه غير صحيح في القانون ما يزعمه على نحو ما أشار إليه بأسباب طعنه ، ذلك بأنه ليس في القانون – قانون الإجراءات الجنائية - ما يجعل من مجرد قيام أحد أعضاء النيابة العامة بتمثيلها أمام محكمة الجنح المستأنفة قيداً عليه يمنعه من مباشرة إجراءات التحقيق عن جرائم محلها حكمين صادرين عن هذه المحكمة ، وليس في ذلك ما يفقده حيدته ، ومن ثم فإنه لا جناح على المحكمة إن هي الـتـفتت عن الـدفع ببطلان تحقيقات النيابة العامة ، إذ هو لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان ، فلا يستأهل من المحكمة رداً .
14- لما كان لا يفوت المحكمة أن تنوه إلي أن الحكم المطعون فيه وإن سكت في منطوقه عن القضاء بعقوبة مصادرة المحرر المزور إلا أن أسبابه التي يحمل المنطوق عليها والتي تُعد جزءاً لا يتجزأ منه قد تضمنت تلك العقوبة وهو بيانٍ كافٍ لما هو مقرر في القانون من أنه وإن كان الأصل في الأحكام ألا ترد الحجية إلا على منطوقها إلا أن هذه الحجية تمتد بالضرورة إلى ما يكون من الأسباب مكملاً للمنطوق ومرتبطاً به ، وتنوه أيضاً إلى أن الثابت من الاطلاع على الأوراق أنه ولئن جاء منطوق الحكم المطعون فيه ناصاً على معاقبة الطاعن بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات ، إلا أن الثابت برول الجلسة الموقع عليه من رئيس الهيئة – والمرفق صورة رسمية منه – وبمحضر الجلسة التي صدر فيها الحكم أن العقوبة هي السجن لمدة ثلاث سنوات ، وإذ كانت العبرة فيما يقضي به الحكم هي بما ينطق به القاضي بالجلسة العلنية ، فإن إثبات المنطوق على النحو المتقدم ، برول الجلسة وبمحضر تلك الجلسة دليل على النطق به على هذا النحو ، مما مؤداه أن المنطوق الوارد بورقة الحكم لا يعدو أن يكون من قبيل السهو والخطأ المادي الذي لا يغير من حقيقة الواقع ، مما يؤذن لهذه المحكمة أن تصحح العقوبة باستبدالها بعقوبة السجن ولذات المدة ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابـة العامـة الطاعن وآخر أنـهما :-
المتهم الأول: ـــ
1- بصفته موظفاً أمين سر محكمة جنح مستأنف .... اختلس أوراقاً وجدت في حيازته بسبب وظيفته بأن اختلس محضري جلسة .... الخاصين بالقضيتين الرقيمتين .... لسنة .... ، .... لسنة .... جنح مستأنف .... وكذا الحكمين الصادرين في ذات الدعويين المودعين بملف الدعويين اللتين وجدتا في حيازته كونه كاتب الجلسة المختص بأعمال الدائرة .... جنح مستأنف .... والمسلمة إليه لمباشرة أعمال الدائرة إلا أنه اختلسها لنفسه على النحو المبين بالتحقيقات وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمتي تزوير في محرر رسمي واستعماله ارتباطاً لا يقبل التجزئة هي أنه في الزمان والمكان آنفي البيان وبصفته السابقة ارتكب في أثناء تأدية وظيفته تزويراً في أحكام صادرة وكان ذلك بتغيير المحررات بأن عدَّل مدة العقوبة المقضي بها على المتهم الثاني في القضيتين الآنفتين البيان بطريقي المحو والإضافة بتعديل العقوبة من حبس لمدة شهر إلى حبس لمدة ٢٤ ساعة واستعمل هذين المحررين عقب تزويرهما بأن أودعهما ملف الدعويين الآنفتين البيان وقدمهما إلى كاتب التنفيذ المختص مع علمه بتزويرهما .
2- بصفته آنفة البيان حصل لغيره بدون وجه حق على ربح من عمل من أعمال وظيفته بأن ظفر المتهم الثاني بمنفعة وهي تخفيض مدة عقوبة الحبس المقضي بها في الدعويين الرقيمتين .... لسنة .... ، .... لسنة .... جنح مستأنف .... وذلك بحبسه لمدة ٢٤ ساعة بدلاً من حبسه لمدة شهر وكان ذلك بطريق التزوير محل الوصف الأول قاصداً تربيحه بغير حق بتلك المنفعة على النحو المبين بالتحقيقات .
المتهم الثاني : ـــــ اشترك بطريق الاتفاق مع المتهم الأول في ارتكاب الجرائم محل الوصف السابق بأن اتفق على تخفيض مدة الحبس المقضي بها في القضيتين آنفتي البيان فوقعت هاتان الجريمتان من المتهم الأول بناءً على ذلك الاتفاق على النحو المبين بالتحقيقات وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ ثانياً ، 41 ، 112 /1، 2/ ب ، 115 ، ۱۱۸ ، ۱۱۸ مكرر ، ۱۱۹/ أ ، ۱۱۹ مكرر/ أ من قانون العقوبات مع إعمال المادة ٣٢ من ذات القانون حضورياً للأول وغيابياً للثاني أولاً : بمعاقبة كلٍ من .... و .... بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليهما من اتهام . ثانياً : بمعاقبة .... بالعزل من وظيفته مدة ثلاث سنوات تبدأ من نهاية تنفيذ العقوبة المقضي بها ضده مع نشر منطوق الحكم بجريدتين يوميتين واسعتي الانتشار على نفقته . ثالثاً : إلزام المحكوم عليهما المصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليه الأول والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
------------------
المحكمة
أولاً: الطعن المقدم من النيابة العامة :-
ومن حيث إنه من المقرر أن تقرير الطعن ورقة شكلية من أوراق الإجراءات التي يجب أن تحمل بذاتها مقوماتها الأساسية باعتبارها السند الوحيد الذي يشهد بصدور العمل الإجرائي ممن صدر عنه على الوجه المعتبر قانوناً فلا يجوز تكملة أي بيان فيه بدليل خارج عنه غير مستمد منه . لما كان ذلك ، وكان التقرير بالطعن - كما رسمه القانون - هو الذي يترتب عليه دخول الطعن حوزة المحكمة واتصالها به بناءً على إفصاح ذي الشأن عن رغبته فيه ، فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة ، فلا تتصل به محكمة النقض ولا يغني عنه تقديم أسباب له ، وكان الثابت أن هذا الطعن وإن أودعت أسبابه في الميعاد موقعة من محام عام - إلا أن التقرير المرفق خلا من اسم المحكوم عليه ، ومن ثم فهو والعدم سواء ، مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً .
ثانياً : الطعن المقدم من المحكوم عليه / .... :
ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الاختلاس المرتبطة بالتزويرفي محررين رسميين واستعمالهما والتربح قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه قد اكتفى في بيان واقعة الدعوى على ما ورد عنها بوصف الاتهام ، وخلا من بيان وصف التهمة الثانية المسندة إليه ، كما خلا من الأسباب التي استند إليها في ثبوت واقعة الاختلاس في حقه إذ لم يبين الأعمال المادية التي قارفها وماهية الأوراق التي اختلسها ومضمونها وكيفية حصوله عليها ، ولم يستظهر نية الاختلاس ، كما أن واقعة الاختلاس المسندة إليه لا ينطبق عليها وصف الجناية المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات وإنما تعد من الجنح المعاقب عليها طبقاً للمادتين 151 ، 152 من القانون ذاته ، فضلاً عن ذلك فإن الحكم لم يستظهر أركان جريمتي التربح والتزوير ولم يدلَّل على ثبوتهما في حقه ، ولم يُشر إلى ما أسفر عنه اطلاع المحكمة على المحررات المزورة ولم يورد مضمونها وما انطوت عليه من تزوير واعتمد في إدانته بجريمة الاختلاس على أقوال شهود الإثبات ، مع ما شابها من تناقض ناسباً إليهم – خلافاً للثابت بالأوراق - القول بعدم وجود محاضر الجلسات الموقعة من رئيس الدائرة في كلتا القضيتين رقمي .... لسنة .... ، .... لسنة .... مستأنف .... ، كما أن المدافعين عنه لم يقدما دفاعاً جدياً بل اكتفيا بدفاع شكلي لا يواجه ما أسند إليه من اتهام ، ودفعا ببطلان الإقرار المنسوب إليه لأنه يخالف الحقيقة والواقع وبقصور تحقيقات النيابة العامة لقعودها عن طلب مذكرات تكميلية من باقي أعضاء دائرة الجنح المستأنفة مصدرة الحكمين المدعى باختلاسهما وعن ضم صورة من أجندة الجلسات الخاصة بتلك الدائرة عن يوم .... ، وببطلان التحقيقات ذاتها لعدم حيدة المحقق كونه هو من قام بتمثيل النيابة في محاكمة الطاعن التي جرت أمام محكمة جنح مستأنف .... بتاريخ .... وصدر فيها الحكمين المنوه عنهما وفي الوقت ذاته باشر إجراءات التحقيق التي أجريت في شأن الجرائم موضوع الدعوى الراهنة والمتعلقة بهما ، بيد أن الحكم المطعون فيه أغفل هذه الدفوع جميعها إيراداً ورداً . كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضهوحيث إن الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً أو نمطاً معيناً يصوغ الحكم فيه بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون ، وإذ كانت صيغة الاتهام المبينة في الحكم تعتبر جزءاً منه ، فيكفي في بيان الواقعة الإحالة عليها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور لاكتفائه بترديد صيغة الاتهام بياناً للواقعة يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من الحكم المطعون فيه أنه بيَّن - خلافاً لما يقوله الطاعن - وصف التهمة الثانية المسندة إليه مما يكفي لتحقق الغاية التي توخاها القانون من إيجاب اشتمال الحكم على هذا البيان . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات تتحقق إذا كانت الأموال أو الأشياء المختلسة قد وجدت في حيازة الموظف العام أو من في حكمه بسبب وظيفته ، يستوي في ذلك أن تكون هذه الأموال أو الأشياء قد سلمت إليه تسليماً مادياً أو وجدت بين يديه بمقتضى وظيفته ، وأنه لا يشترط لإثبات جريمة الاختلاس المعاقب عليها بالمادة 112 من قانون العقوبات طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة بل يكفي كما هو الحال في سائر الجرائم بحسب الأصل أن تقتنع المحكمة بوقوع الفعل المكوِّن لها من أي دليل أو قرينة تُقدم إليها ، وكان ما أورده الحكم كافياً وسائغاً في التدليل على ثبوت استلام الطاعن للأوراق المختلسة والتي أشار إليها الحكم في مدوناته وعلى توافر جريمة الاختلاس بركنيها المادي والمعنوي ، إذ لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في هاتين الجريمتين ، بل يكفي أن يكون ما أورده الحكم من وقائع وظروف دالاً على قيامه - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قصور في التسبيب في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان القانون رقم 63 لسنة 1975 نص في مادته الأولى على تعديل الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات ليشمل فصلاً عن جرائم اختلاس الأموال الأميرية والغدر والصور المختلفة الأخرى للعدوان على المال العام ، واستبدل بعنوان الباب المذكور عنوانه " اختلاس المال العام والعدوان عليه والغدر" ، بما يحقق التوسع في مدلولي المال العام والموظف العام ، وأدخل من التعديلات على نص المادة 112 من قانون العقوبات ، بحيث يتسع مدلولها للعقاب على اختلاس الموظف العام أو من في حكمه للأموال والأوراق ، سواء كانت تلك الأموال والأوراق مملوكة للدولة أو لإحدى الجهات المبينة بالمادة 119 من قانون العقوبات ، أم كانت أموالاً خاصة مملوكة للأفراد ، متى كان هذا المال موجوداً في حيازته بسبب وظيفته ، وذلك بالنسبة لجريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات ، وغلَّظ الشارع العقوبة المقررة في هذه الجريمة إذا ما اقترن الفعل بظرف من الظروف المشددة المنصوص عليها فيها ، كما أضاف القانون رقم 63 لسنة 1975 إلى أحكام ذلك الباب الرابع نص المادة 117 مكرراً ليقرر عقوبة السجن المؤبد أو المشدد لكل موظف عام يضع النار عمداً أو يخرب أو يتلف أموالاً ثابتة أو منقولة أو أوراقاً أو غيرها لإحدى الجهات التي يعمل بها أو يتصل بها بحكم عمله أو للغير متى كان معهوداً بها إلى تلك الجهة ، وقد استهدف الشارع من كل هذا التعديل مواجهة حالات سرقة واختلاس وإتلاف الأموال والأوراق التي تقع من الموظف الحافظ لها ، فشدَّد العقاب عليها ومن ثم فقد نصت المادة الثالثة من القانون رقم 63 لسنة 1975 على إلغاء الفقرة الثانية من المادة 152 من قانون العقوبات وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون - المار ذكره - . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة اختلاس أوراق محضري جلسة .... الخاصين بالقضيتين رقمي .... لسنة .... ، .... لسنة .... جنح مستأنف .... والحكمين الصادرين فيهما والمودعين وعاقبه عليها طبقاً للمادة 112 من قانون العقوبات ، فإنه يكون قد طبَّق القانون تطبيقاً سليماً ، فإن النعي عليه بقالة الخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجرائم الاختلاس والتزوير في محررات رسمية والتربح ، وأوقع عليه العقوبة المقررة في القانون لجريمة الاختلاس باعتبارها عقوبة الجريمة الأشد عملاً بنص المادة 32 من قانون العقوبات ، فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره في صدد قصور الحكم في بيان أركان جريمتي التربح والتزوير المسندتين إليه ، وفي التدليل على توافرهما في حقه ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة التي مثل بها الطاعن والمدافعان عنه أن المحكمة قامت بفض الأحراز ، فغدت محتوياتها معروضة على بساط البحث والمناقشة بالجلسة ، وكان لا سند لإلزام المحكمة بأن تثبت ماهية المحررات المزورة التي تحتوي عليها الأحراز ومضمونها بمحضر جلـسة المحاكمة وفي مدونات الحكم ، فإن ما يثيـره الطاعن في هـذا الشأن يكون غير مقبول ، هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه قد عين المحررات المزورة وأوضح ما انطوت عليه من بيانات تغاير الحقيقة - خلافاً لما يزعمه الطاعن - ومن ثم فإن النعي بإغفال بيان مضمون المحررات المزورة يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان تناقض أقوال الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن منازعة الطاعن في القوة التدليلية لأقوال الشهود لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما لا يقبل التصدي له أمام محكمة النقض ، لما هو مقرر من أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها ، هذا فضلاً عما هو مقرر من أن تفصيل أسباب الطعن ابتداءً مطلوب على وجه الوجوب تحديداً للطعن وتعريفاً بوجهه ، وكان الطاعن لم يفصح عن أوجه التناقض بين أقوال شهود الإثبات التي عوَّل عليها الحكم في إدانتهم فإن منعاه في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان لا يجدي الطاعن ما يثيره بشأن خطأ الحكم فيما نسبه لشهود الإثبات بشأن اختلاس محاضر الجلسات المنوه عنها بأسباب الطعن – على فرض حصوله – ما دام قد ثبت في حقه تهمة اختلاس أوراق أخرى تكفي لحمل العقوبة المحكوم بها عليه ، ومن ثم فإنه ينحسر عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكان القانون قد أوجب أن يكون بجانب كل متهم بجناية محامٍ يتولى الدفاع عنه أمام محكمة الجنايات إلا أنه لم يرسم للدفاع خططاً معينة لأنه لم يشأ أن يوجب على المحامي أن يسلك في كل ظرف خطة مرسومة بل ترك له - اعتماداً على شرف مهنته واطمئناناً إلى نُبل أغراضها - أمر الدفاع يتصرف فيه بما يرضي ضميره وعلى حسب ما تهديه خبرته في القانون ، وكان البيِّن من محضر جلسة المحاكمة أن محاميين موكلين من الطاعن ترافعا في موضوع الدعوى عنه وأبديا من أوجه الدفاع ما هو ثابت بهذا المحضر، فإن ذلك يكفي لتحقيق غرض الشارع ويكون الجدل الذي يثيره الطاعن حول كفاية هذا الدفاع غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الاعتراف المدعى ببطلانه وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات ومما ثبت من مذكرة رئيس وعضو .... دائرة جنح مستأنف .... ومن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان يبـيـن من مطالعة محضر جلسة .... أن من بين ما أبداه الدفاع عن الطاعن وجود قصور في تحقيقات النيابة لقعودها عن طلب مذكرات تكميلية من باقي أعضاء دائرة الجنح المستأنفة مصدرة الحكمين المدعى باختلاسهما وعن ضم صورة من أجندة الجلسات الخاصة بتلك الدائرة عن يوم .... ، بيد أن الدفاع لم يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الخصوص ، ومن ثم فإن ما أثاره مما سلف لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ولا يعيبه إن أغفل الرد عليه . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعنحول بطلان تحقيقات النيابة العامة لعدم حيدة المحقق فإنه غير صحيح في القانون ما يزعمه على نحو ما أشار إليه بأسباب طعنه ، ذلك بأنه ليس في القانون – قانون الإجراءات الجنائية - ما يجعل من مجرد قيام أحد أعضاء النيابة العامة بتمثيلها أمام محكمة الجنح المستأنفة قيداً عليه يمنعه من مباشرة إجراءات التحقيق عن جرائم محلها حكمين صادرين عن هذه المحكمة ، وليس في ذلك ما يفقده حيدته ، ومن ثم فإنه لا جناح على المحكمة إن هي التفتت عن الدفع ببطلان تحقيقات النيابة العامة ، إذ هو لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان ، فلا يستأهل من المحكمة رداً . لما كان ذلك ، وكان لا يفوت المحكمة أن تنوه إلى أن الحكم المطعون فيه وإن سكت في منطوقه عن القضاء بعقوبة مصادرة المحرر المزور إلا أن أسبابه التي يحمل المنطوق عليها والتي تُعد جزءاً لا يتجزأ منه قد تضمنت تلك العقوبة وهو بيانٍ كافٍ ، لما هو مقرر في القانون من أنه وإن كان الأصل في الأحكام ألا ترد الحجية إلا على منطوقها إلا أن هذه الحجية تمتد بالضرورة إلى ما يكون من الأسباب مكملاً للمنطوق ومرتبطاً به ، وتنوه أيضاً إلى أن الثابت من الاطلاع على الأوراق أنه ولئن جاء منطوق الحكم المطعون فيه ناصاً على معاقبة الطاعن بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات ، إلا أن الثابت برول الجلسة الموقع عليه من رئيس الهيئة – والمرفق صورة رسمية منه – وبمحضر الجلسة التي صدر فيها الحكم أن العقوبة هي السجن لمدة ثلاث سنوات ، وإذ كانت العبرة فيما يقضي به الحكم هي بما ينطق به القاضي بالجلسة العلنية ، فإن إثبات المنطوق على النحو المتقدم برول الجلسة وبمحضر تلك الجلسة دليل على النطق به على هذا النحو ، مما مؤداه أن المنطوق الوارد بورقة الحكم لا يعدو أن يكون من قبيل السهو والخطأ المادي الذي لا يغير من حقيقة الواقع ، مما يؤذن لهذه المحكمة أن تصحح العقوبة باستبدالها بعقوبة السجن ولذات المدة ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق