الصفحات

الاثنين، 25 سبتمبر 2023

الطعن 752 لسنة 4 ق جلسة 13 / 6 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 3 ق 130 ص 1514

جلسة 13 من يونيه سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة سيد علي الدمراوي والسيد إبراهيم الديواني ومحيي الدين حسن والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.

-----------------

(130)

القضية رقم 752 لسنة 4 القضائية

(أ) جامعات 

- ترقية إلى وظيفة أستاذ مساعد - تحدد شروطها وفقاً للقواعد الواردة في قرارات لجنة التنسيق بين جامعتي القاهرة والإسكندرية باعتبارها قواعد خاصة تقيد القواعد العامة في ترقيات الموظفين - مناط الترقية وفقاً للقرارات المذكورة هو الأفضلية في الإنتاج العلمي، على أن يعتد عند التساوي فيه بالأقدمية في وظيفة مدارس (أ).
(ب) جامعات 

- ترقية إلى أستاذ مساعد - تقدير النواحي العلمية الفنية المتصلة بكفاية المرشح للترقية، والترجيح بينه وبين غيره من المرشحين - من الملاءمات المتروكة لمجلس الجامعة.

----------------

1 - لئن صح ما يدعيه المدعي من أنه أقدم في تخرجه من بعض المرشحين للترقية في القرار المطعون فيه القاضي بترقية بعض المدرسين بكلية الهندسة إلى وظيفة أستاذ مساعد، إلا أنه لا محل لإعمال قاعدة الأقدمية ولو صاحبتها الجدارة عندما تجري بما يناهضها قاعدة أخرى أخص منها في مقام الترقية بالنسبة إلى فئة من الموظفين بذاتها، كأعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية الذين انتظمت ترقياتهم قواعد تنظيمية معينة أقرتها وضبطتها لجنة التنسيق الجامعية؛ فمن المبادئ المقررة أن الخاص يقيد العام، ولا عكس.والقواعد التي وضعتها لجنة التنسيق الجامعية إنما قصد بها ولا ريب التحلل من قواعد الترقية العامة، وسنّ ضوابط وأسس جديدة تجري على مقتضاها ترقيات أعضاء هيئة التدريس بالجامعات على نهج يحقق تناسقها مع طبيعة وظائفهم ورسالتهم.وقد قررت لجنة التنسيق بين جامعتي القاهرة والإسكندرية بجلساتها المنعقدة في 28 من يوليه و24 و31 من أغسطس سنة 1948 وضع قواعد تنظيمية عامة في هذا الشأن من مقتضاها "أنه عند الترقية من وظيفة مدارس ( أ ) إلى وظيفة أستاذ مساعد (ب) يرجح من كان أفضل في الإنتاج العلمي، فإذا تساوى المرشحون في الإنتاج العلمي يفضل الأقدم في وظيفة مدرس ( أ )، فإذا تساووا في وظيفة مدرس ( أ ) يفضل الأقدم في وظيفة مدرس (ب)"، كما قررت اللجنة أيضاً أنه "عند الترقية من أستاذ مساعد إلى أستاذ يفضل صاحب الإنتاج العلمي، فإذا تساوى المرشحون في الإنتاج العلمي فضل الأقدم في وظيفة أستاذ مساعد، وإذا تساووا في وظيفة أستاذ مساعد فضل الأقدم في الدرجة الثالثة...".ولما كانت لجنة التنسيق بين الجامعتين هي لجنة مشكلة بقرار وزاري لاقتراح ما تراه من القواعد للتنسيق بين الجامعتين، فاقترحت هذه القواعد في خصوص تنظيم ترقيات أعضاء هيئات التدريس، ثم عرضت اقتراحاتها على مجلس إدارة الجامعة فوافق عليها، وصدق وزير المعارف على ذلك باعتباره الرئيس الأعلى للجامعات، فأصبحت تلك الأصول قواعد تنظيمية عامة في هذا الشأن، أي بمثابة اللائحة أو القانون.
2 - إن السلطات الجامعية، وهي تباشر اختصاصها عند النظر في الترقية إلى وظيفة أستاذ مساعد (ب)، إنما تترخص في تقدير النواحي العلمية الفنية المتصلة بالكفاية والترجيح، وهذا من الملاءمات المتروكة لتقدير الجامعة بلا معقب عليها من هذه المحكمة، ما دام تقديرها قد خلا من إساءة استعمال السلطة، ولم يقيدها القانون بنظام معين يجب التزامه في كيفية تقدير هذه العناصر.


إجراءات الطعن

في 20 من يوليه سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 752 لسنة 4 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة "ب") بجلسة 22 من مايو سنة 1958 في الدعوى رقم 20 لسنة 9 القضائية المقامة من لبيب إقلاديوس ضد جامعة القاهرة، والذي قضى "برفض الدعوى، وبإلزام المدعي بالمصروفات".وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بإلغاء القرار المطعون فيه، مع إلزام الجامعة بالمصروفات" وقد أعلن هذا الطعن إلى جامعة القاهرة في 3 من أغسطس سنة 1958، وإلى المطعون لصالحه في 6 منه، وعين لنظره أمام هذه المحكمة جلسة 31 من يناير سنة 1959، وقد انقضت المواعيد القانونية دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته.وفي 17 من يناير سنة 1959 أعلن الطرفان بميعاد الجلسة، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقدم المطعون لصالحه في 15 من مارس سنة 1959 مذكرة بملاحظاته على صحيفة الطعن، خلص منها إلى طلب القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، وذلك فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى وظيفة أستاذ مساعد، مع إلزام جامعة القاهرة بالمصروفات ومقابل الأتعاب.ثم قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة 2 من مايو سنة 1959، ومنها مدت أجل النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون لصالحه أقام الدعوى رقم 20 لسنة 9 ق أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعها سكرتيرية تلك المحكمة في 4 من أكتوبر سنة 1954 طلب فيها الحكم بإلغاء قرار مجلس الجامعة الصادر في أول مارس سنة 1953 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى درجة أستاذ مساعد (ب)، مع إلزام جامعة القاهرة بالمصروفات ومقابل الأتعاب.وقال شرحاً لدعواه إنه قدم تظلماً إلى اللجنة القضائية المختصة قيد تحت رقم 4499 لسنة 1 قضائية طعناً في قرار مجلس كلية الهندسة الصادر في يناير سنة 1953 بتخطيه في الترقية إلى وظيفة أستاذ مساعد (ب)، وأقام تظلمه على أنه أمضى أربع سنوات ونصف في وظيفة مدرس ( أ )، وله أكثر من سبع سنوات في وظيفة مدرس، وهو يسبق أقدم المرشحين بأربع سنوات في التخرج؛ ذلك أنه تخرج في مايو سنة 1934، وقد حصل على درجة الماجستير سنة 1945، وله أبحاث منشورة في أشهر المجلات العلمية العالمية.وقال إنه لو روعيت القواعد التي اتخذت أساساً للترقية بين أعضاء هيئة التدريس في الجامعة وأهمها الأقدمية، فإنه يكون قد استوفى كل مسوغات الترقية، وأن الكلية وافقت في السنوات الأخيرة على ترقية بعض السادة الأساتذة من مدرسين إلى أساتذة مساعدين (ب) طبقاً للأقدمية المطلقة.ويقول المدعي إن الجامعة ردت على تظلمه فقالت إن أبحاثه، وهو حاصل على درجة الماجستير فقط، لم ترق إلى مرتبة البحوث التي تقدم بها من وافقت اللجنة على ترقيتهم إلى وظيفة أستاذ مساعد (ب) قبله، واستندت الكلية في هذا الرد على قرار أصدرته لجنة البحوث والترقيات المشكلة من ثلاثة من أساتذة الكلية.ويقول المدعي إنه قد فات مجلس الكلية أن هذه اللجنة الثلاثية هي بالذات وبنفس أعضائها قررت أن البحث الذي نشره المدعي في مجلة (الطبيعة) له جديته وأهميته الخاصة في الكيمياء العضوية.ويقول المدعي إن مجلس الكلية لم يراع في غالبية ترشيحاته القواعد التي اتخذت أساساً للترقية فيما مضى.ولا الأحكام التي أصدرها مجلس الدولة في القضايا المماثلة.وبجلسة 5 من إبريل سنة 1954 أصدرت اللجنة القضائية قرارها برفض طلب المدعي.فأقام المدعي أمام محكمة القضاء الإداري الدعوى رقم 20 لسنة 9 ق بإيداع صحيفتها سكرتارية تلك المحكمة في 4 من أكتوبر سنة 1954، وهو ينعى على قرار اللجنة القضائية برفض دعواه بما يأتي: "(1) فات اللجنة القضائية أن لجنة البحوث نفسها هي التي قدرت الإنتاج العلمي للمدعي، ولم يكن هناك مرشحون عندما قدرت هذا الإنتاج في المرة الثانية.(2) فات اللجنة أقدمية المدعي في التخرج وفي التعيين، ولهذا أهميته ودلالته؛ لأن لجنة التنسيق الجامعية قد راعت هذا الأمر وفضلته المحاكم الإدارية على الإنتاج، والذين تواضعوا على تسميته بالإنتاج الرفيع.(3) لا يجوز إطلاق يد مجلس الكلية في التقدير؛ وبذلك يتخطى الحقوق الثابتة لأربابها؛ إذ أن من الجائز أن الإدراك العلمي قد يفوته الغرض عن إصابة الواقع.وأنه لمن العجب أن كيمائياً متخصصاً كالمدعي يكون عرضة لهوى لجنة البحوث، فتارة تخذله، وتارة أخرى تنصره، وهذا يجعلنا في مقام الأخذ بالهوى، وهو أمر لا ترضى به محكمة القضاء الإداري".وخلص المدعي من استئنافه إلى طلب الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار مجلس الجامعة الصادر في أول مارس سنة 1953 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى وظيفة أستاذ مساعد (ب)، مع إلزام جامعة القاهرة بالمصروفات ومقابل الأتعاب.وقد ردت جامعة القاهرة على الدعوى فقالت إن من أهم واجبات أعضاء هيئة التدريس بالجامعة القيام بالبحوث العلمية الجديدة، والعمل على نشرها في المجلات العلمية المعترف بها، والاطلاع على ما قد يستجد من التطور في فروع تخصصهم؛ الأمر الذي دعا مجلس الجامعة إلى أن يطلب من الكليات مقارنة البحوث والإنتاج العلمي الذي يتقدم به أعضاء هيئة التدريس الذين استوفوا شرط المدة الزمنية للترقية، بعد آخر ترقية، عند النظر في ترقياتهم؛ ولذلك شكلت لجان ثلاثية لفحص البحوث المقدمة من السادة المدرسين ( أ ) بالكلية ممن استوفوا شرط المدة اللازمة للترقية إلى وظيفة أستاذ مساعد (ب).وقد قامت لجنة البحوث والترقيات بجلستها المنعقدة في 18 من ديسمبر سنة 1952، بعد أن اطلعت على كتاب الجامعة في أول يوليه سنة 1952 والذي تطلب فيه مقارنة الإنتاج العلمي بين السادة المدرسين المستوفين لشرط مدة الترقية، باستعراض أبحاث كل منهم، كما قامت اللجنة بالمقارنة بينها مستعينة بلجان الفحص التي ألفتها، والتي تضم كل منها ثلاثة من الأساتذة المتخصصين، ووازنت اللجنة بين الشهادات العلمية الحاصلين عليها، كما أخذت اللجنة بعين الاعتبار وفرة الإنتاج وجدية البحوث وقيمتها العلمية، وقررت اللجنة التقدم لمجلس الكلية بالتوصية على ترقية السادة المدرسين الآتية أسماؤهم إلى وظيفة أستاذ مساعد (ب) طبقاً للترتيب الآتي": (1) الدكتور خليل حسن خليل (2) الدكتور حسين كمال الدين (3) الدكتور يوسف محفوظ والي (4) الدكتور كمال الدين سامح (5) الدكتور فؤاد علي عسل (6) الدكتور عبد الكريم عطا (7) الدكتور أحمد عزت (8) الدكتور نصيف مرقص رأفت.ثم وافق مجلس الكلية بجلسته المنعقدة في 11 من يناير سنة 1953 على قرار لجنة البحوث والترقيات.وتقول الجامعة إن المدعي، وهو أخصائي في الكيمياء وحاصل على درجة الماجستير فقط، له بحوث في مادته، ولكن اللجنة لم تر أنها تصل إلى مرتبة البحوث التي تقدم بها السادة الذين وافقت اللجنة على ترقيتهم إلى وظيفة أستاذ مساعد (ب) من حيث القيمة العلمية.وللتدليل على ذلك تقول الجامعة إن المدعي لو أدرك أن لأبحاثه قيمة ذات مستوى علمي عال لما تردد في أن يتقدم بها للحصول على درجة الدكتوراه في مادته، ويقول عميد كلية الهندسة (الدكتور إبراهيم أدهم الدمرداش) في المذكرة المتضمنة دفاع الجامعة إنه طلب من المدعي الاستمرار في البحث الجدي، وأظهر له استعداد الكلية لمعاونته في السفر إلى الخارج في مهمة عملية، فبادر المدعي إلى تقديم طلب للعميد وافق عليه وأقره مجلس الكلية، وسافر المدعي فعلاً على مقتضاه إلى الخارج للحصول على درجة الدكتوراه في فرعه العلمي وللاستزادة من العلم ورفع مستوى أبحاثه حتى يكون أهلاً للترقية إلى وظيفة أستاذ مساعد (ب)، وهي مرتبة علمية رفيعة، ولها من القيمة الجامعية ما يجعلها تقرب من وظيفة الأستاذية.وتقول الجامعة إن القرار المطعون فيه بالإلغاء صدر بالتطبيق لقوانين الجامعة ولوائحها ولتوصيات لجنة التنسيق بين الجامعات التي قررت أن يفضل عند الترقية الأفضل إنتاجاً، فإذا تساوى الإنتاج فيفضل عندئذ الأقدم.وخلصت الجامعة إلى طلب رفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات.وقد قدمت هيئة مفوضي الدولة أمام محكمة القضاء الإداري تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى طلب الحكم بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه، وإلزام المدعي بالمصروفات.وفي 6 من إبريل سنة 1958 عقب المدعي على تقرير هيئة المفوضين بمذكرة شارحة أبان فيها أن له بحثاً مبتكراً بعد آخر ترقية نشر في مجلة علمية عالمية، وأن هذا البحث له أهميته الخاصة في الكيمياء العضوية، اعترف به كل من الدكاترة أحمد كامل وهبى ومحمود عمر ومحمد محمود إبراهيم، وعلى الرغم من ذلك فإنه لما أن شكلت لجنة البحوث والترقيات من رؤساء أقسام كلية الهندسة، ولكي تختار من تنطبق عليه شروط الترقية، فإذا بها تختار حملة الدكتوراه دون غيرهم، ودون أن يكون لفريق منهم بحث علمي مبتكر، وإذ ذكرت هذه اللجنة في قرارها أنها راجعت الأبحاث وقارنت بينها، وأخذت بعين الاعتبار وفرة الإنتاج وجدية البحوث وقيمتها العلمية، فإن هذه اللجنة على الرغم من ذلك تضم رؤساء الأقسام، وكل رئيس قسم لا يدري عن باقي الأقسام شيئاً، وإذ روجعت الأبحاث في لجان الفحص الثلاثية فما كان يجوز مراجعتها من جديد من أشخاص غير مختصين؛ إذ أن لجنة الترقيات على النحو الذي شكلت به لا تستطيع أن تؤدي مهمتها على الوجه الأكمل، كما أنها أبانت في تقريرها أنها وازنت بين الشهادات التي يحملها المرشحون للترقية واختارت حملة الدكتوراه؛ ومن ثم فقد خانها التوفيق في ذلك؛ لأن شرط الترقية هو الأقدمية والأبحاث العلمية، ولا شأن للشهادات إطلاقاً بالترقية.وخلص المدعي إلى أن لجنة الفحص الثلاثية أقرت ترقيته، وكان هو الوحيد الذي قرظته في تقرير مشرف، وأن أبحاث الدكتور عسل ومقالات الدكتور محفوظ لا تصل إلى مرتبة البحث العلمي المبتكر الذي قام المدعي بنشره.وبجلسة 22 من مايو سنة 1958 حكمت محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة "ب") "برفض الدعوى، وبإلزام المدعي بالمصروفات"، وأقامت قضاءها على أنه ولئن كان الثابت من الأوراق أن المدعي هو أقدم من كل من الدكاترة عطا وعسل وسامح وخليل ورأفت في وظيفة مدرس، إلا أن ما يتذرع به في شأن الأقدمية لا يصلح وحده سنداً فيما يذهب إليه من أحقيته في الترقية إلى وظيفة أستاذ مساعد (ب) بالقرار المطعون فيه؛ لأن الأساس الأول هو الكفاية العلمية مع توافر الشروط الأخرى، وأن الجهة الإدارية - إذ تباشر اختصاصها عند الترشيح للتعيين في وظيفة أستاذ أو أستاذ مساعد أو وظائف سائر أعضاء هيئة التدريس أو ترقيتهم - فإنها تترخص في تقدير النواحي الفنية، تلك المتصلة بالكفاية والبحوث المبتكرة، بلا معقب عليها، ما دام قد خلا تقديرها من إساءة استعمال السلطة.ولا يجدي المدعي الاحتجاج بأقدميته في هذا المجال؛ إذ لا اعتداد بالأقدمية إلا في حالة التساوي في الإنتاج العلمي والكفاية الفنية.والجهة الإدارية قد استعرضت حالة جميع المرشحين للترقية إلى وظيفة أستاذ مساعد (ب)، ولم ترشح المدعي بناء على ما ارتأته بمقتضى سلطتها التقديرية، بعد وزن كفايته بالمقارنة بينه وبين من رشحتهم.ولا حجة في أن مجلس الكلية عاد بعد ذلك، على حد زعم المدعي، وأوصى بجلسته المنعقدة في 3 من ديسمبر سنة 1953 بترقيته عند خلو أول وظيفة أستاذ مساعد (ب) لأقدميته ولإنتاجه العلمي؛ ذلك أن استبعاده في الترقية الأولى بالقرار المطعون فيه إنما كان بعد المفاضلة والموازنة بينه وبين المطعون في ترقيتهم، والترجيح بين أبحاث علمية تقدمت بها فئة معينة في فترة معينة، وبالتالي فإنه بداهة إذا لم يكن أهلاً للترقية في الحركة الأولى فليس ثمة ما يمنع أن يضحى المدعي أهلاً لترقية لاحقة بعد مقارنته بمرشحين آخرين غير من عقدت بينه وبينهم المقارنة الأولى والتي صدر على أساسها القرار المطعون فيه.وخلصت محكمة القضاء الإداري إلى أنه قد تخلف شرط جوهري في حالة المدعي يمنعه من الترقية في ذلك القرار؛ ومن ثم يكون قرار اللجنة القضائية الصادر بجلسة 5 من إبريل سنة 1954 برفض تظلم المدعي قد صادف وجه الحق، وصدر مطابقاً للقانون.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن حكم المادة الخامسة من القانون رقم 21 لسنة 1933 والمعدلة بالقانون رقم 97 لسنة 1935 يقتضي بالضرورة أن يقدم المدرس المرشح للترقية إلى أستاذ مساعد (ب) البحث أو البحوث التي يعتمد عليها في ترشيحه؛ لتبدي فيها الرأي الهيئة أو الهيئات المختصة.فإذا لم تكن هناك أبحاث علمية مبتكرة قد طرحت على لجان الفحص العلمي لتقديرها فقد تخلف بذلك أحد الشروط القانونية للترقية إلى وظيفة أستاذ مساعد (ب).والثابت أن أحد المرقين في القرار المطعون فيه - وهو الدكتور محمد فؤاد عسل - لم يقدم إلى لجنة البحوث والترقيات أي بحث، وكل ما قالته في شأنه لجنة فحص البحوث أنه قدم تلغرافاً ورد إليه حديثاً من مكتب تسجيل البحوث بمدينة ميونخ في ألمانيا يطلب فيه إرسال رسوم التسجيل اللازمة عن البحث الذي قام به بالاشتراك مع الأستاذ (سيدل)، ولم يثبت أن اللجنة قد فحصت بحثاً ما تقدم به الدكتور عسل، وفضلاً عن ذلك فالمفروض في البحوث العلمية المبتكرة التي يقدمها المدرس المرشح للترقية إلى أستاذ مساعد (ب) أن يكون قد قام بها خلال عمله كمدرس، بحيث لا يغني في هذا السبيل تقديم بحث الدكتوراه الذي على أساسه عين مدرساً؛ إذ يعد متخلفاً عندئذ شرط البحث العلمي؛ وهو شرط آخر مغاير لشرط الحصول على الدكتوراه، وثابت أن الدكتورين أحمد عزت ونصيف رأفت قد رقيا إلى وظيفة أستاذ مساعد (ب) على أساس بحث الدكتوراه وحده.وتأسيساً على ما تقدم فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر مخالفاً للقانون فيما تضمنه من ترقية بعض من لم يتوافر في شأنهم شرط تقديم أبحاث علمية مبتكرة، وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير ذلك يكون قد خالف القانون، ويتعين القضاء بإلغائه، والحكم بإلغاء القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن المدعي أودع في 15 من مارس سنة 1959 مذكرة بملاحظاته على تقرير هذا الطعن، ردد فيها دفاعه السابق إبداؤه في مذكراته المقدمة منه إلى محكمة القضاء الإداري، وقال إنه قدم بحثاً عرض على لجنة البحوث الثلاثية، وهي مكونة من متخصصين في الكيمياء، تلك المادة التي يباشر المدعي تدريسها، فوضعت اللجنة تقريراً جاء فيه أن "سيادته قدم بحثاً في مجلة الطبيعة Nature في عددها الصادر سنة 1950، وقد أوضح في هذا البحث طرقاً جديدة للتحضير العلمي.وأشار سيادته في ذات المقال المنشور إلى أنه سيقوم بتوضيح ميكانيكية التعامل في مقال آخر سوف ينشر قريباً في مجلة الجمعية الكيمائية بلندن".ويقول المدعي إنه لما كانت هذه المجلة العلمية الإنجليزية هي مجلة عالمية فإن نشر المقال فيها يعتبر خير ضمان لجدية البحوث.ثم يعرض المدعي إلى تقرير اللجنة عن الدكتور عسل، فيقول إنه تضمن العبارة الآتية "أن سيادته قدم تلغرافاً ورد إليه حديثاً من مكتب تسجيل البحوث بميونخ يطلب فيه أن يرسل رسوم التسجيل اللازمة عن البحث الذي قام به بالاشتراك مع البروفسور سيديل، ومن المقرر أن لا يقبل أمثال هذا المكتب تسجيل بحث لا يكون جديداً، فضلاً عن أن البحوث لا تسجل إلا إذا كانت لها قيمة تطبيقية".ويقول المدعي إن اللجنة ذكرت عن كل من الدكتورين أحمد عزت ونصيف رأفت "أنه قد حصل على درجة الدكتوراه بناء على بحث له، وحصوله على الدكتوراه شهادة كافية على قيمة البحث".ويقول المدعي إن الذي يلفت النظر هو أن اللجنة أوصت بترقية من يحملون درجة الدكتوراه العلمية دون غيرهم من باقي المرشحين، وقد اعتمد مجلس الكلية قرار اللجنة، ثم أقره مجلس الجامعة؛ وناقش المدعي نص المادة الخامسة من القانون رقم 21 لسنة 1933، وقال إن الدكتور عسل ليست له أبحاث مبتكرة، وأن الدكتوراه لا علاقة لها بالترقية إلى وظيفة أستاذ مساعد (ب)، وما دام أنه أقدم من أولئك جميعاً وأنه يفضلهم في البحث العلمي والابتكار فإن الحكم المطعون فيه يكون غير صائب وواجب الإلغاء على مقتضى تقرير هذا الطعن، ويطلب الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى وظيفة أستاذ مساعد (ب)، وإلزام جامعة القاهرة المصروفات ومقابل الأتعاب.
ومن حيث إنه في 26 من أغسطس سنة 1927 صدر القانون رقم 42 بإعادة تنظيم جامعة فؤاد الأول (القاهرة)، ونص في المادة الثانية منه على أنه "من اختصاص جامعة فؤاد الأول كل ما يتعلق بالتعليم العالي الذي تقوم به الكليات التابعة لها، وعلى وجه العموم فإن عليها مهمة تشجيع البحوث العلمية والعمل على رقي الآداب والعلوم في البلاد"، ونصت الفقرة الخامسة من المادة 11 من هذا القانون على أن ينظر في مسائل "تعيين الأساتذة وسائر أعضاء هيئة التدريس وترقيتهم تأديبهم ونقلهم من الجامعة" مجلس إدارة الجامعة، كما نصت المادة 18 من هذا القانون، معدلة بالقانون رقم 97 في 29 من أغسطس سنة 1935، على أن شروط توظف أعضاء هيئة التدريس وتأديبهم وشروط منح الدرجات العلمية والدبلومات وخطط الدراسة تصدر بقانون، وقد صدر هذا القانون برقم 21 في 30 من إبريل سنة 1933، ونصت المادة الثانية منه على أنه يشترط فيمن يعين مدرساً أن يكون حاصلاً على درجة دكتور من جامعة فؤاد الأول، وفي الجراحة وجراحة طب الأسنان والصيدلة على درجة ماجستير، أو أن يكون حاصلاً على درجة تعتبر معادلة لها من جامعة أجنبية أو معهد معترف بهما.ومع ذلك يجوز بصفة استثنائية أن يعفى المرشح من شرط حصوله على هذه الدرجة إذا كانت لديه إجازات علمية أخرى تعتبر كافية، واشترطت المادة الثالثة من هذا القانون فيمن يعين أستاذاً مساعداً أن يكون حاصلاً على درجة من الدرجات المذكورة في المادة السابقة، وهي المادة الثانية السالف ذكرها، وأن يكون قد شغل وظيفة مدرس مدة أربع سنوات على الأقل في إحدى كليات الجامعة أو في معهد على من طبقتها، وأن يكون قد قضى في خدمة الحكومة ثماني سنوات أو مضت عشر سنوات على حصوله على درجة بكالوريوس أو ليسانس، ويجوز استثناء أن يعين مرشحون من غير المدرسين، واستحدثت المادة الخامسة من هذا القانون - بعد تعديلها بالقانون رقم 97 الصادر في 29 من أغسطس سنة 1935 - شرطاً جديداً له أهميته البالغة في تحقيق رسالة الجامعة وبلوغ أهدافها، فأصبحت هذه المادة بعد تعديلها "علاوة على الشروط المتقدمة يشترط في المدرس الذي يرشح لوظيفة أستاذ مساعد وفي الأستاذ المساعد الذي يرشح لوظيفة أستاذ ذي كرسي، أن يكون له أبحاث قيمة مبتكرة"، وقصد المشرع من ذلك أن يدفع رجال التدريس بالجامعات إلى الاسترسال في الأبحاث الشخصية التي تكشف للعلم عن جديد وتخلق للبشرية فائدة محققة، فترقى العلوم والآداب في البلاد عن طريق الكتب القيمة والبحث المقارن العميق الذي قد يرقى به المجدّ إلى حد الابتكار ومرتبة الابتداع.وفي 23 من أغسطس سنة 1935 صدر المرسوم بقانون رقم 91 بإدماج مدرسة الهندسة الملكية في جامعة فؤاد الأول، وفي 10 من سبتمبر سنة 1938 صدر القانون رقم 80 بوضع اللائحة الأساسية لكلية الهندسة، وفي 19 من إبريل سنة 1948 صدر مرسوم بإنشاء دبلومات للدراسات العليا بكلية الهندسة بالجامعة المذكورة.
ومن حيث إنه إعمالاً لما تقدم من نصوص تشريعية، وبمناسبة خلو وظائف لأساتذة مساعدين بكلية الهندسة بجامعة القاهرة خلال عام 1952، أرسل السيد عميد كلية الهندسة في 4 من يونيه سنة 1952 إلى السادة المدرسين المرشحين للترقية كتاباً يقول فيه "بما أنكم استوفيتم المدة المشروطة لإمكان ترقيتكم للوظيفة التالية لوظيفتكم الحالية فالرجاء موافاتنا بأي بحوث تكونون قد قمتم بها بعد آخر ترقية علاوة على ما سبق أن قدمتموه لإمكان فحصها، واتخاذ اللازم نحو إجراء الترقية لمن يستحقها".وشكلت الكلية لجاناً ثلاثية من الأساتذة المتخصصين لفحص تلك البحوث.ويبين من استقراء محضر لجنة البحوث والترقيات المنعقدة يوم الخميس 18 من ديسمبر سنة 1952 أنها اجتمعت برياسة العميد الدكتور إبراهيم أدهم الدمرداش وحضور الأساتذة الدكتور الخولي والدكتور كامل إسكندر والدكتور وهبى والدكتور عبد العزيز صالح والأستاذ محمد محمود إبراهيم، واعتذر عن الاجتماع الأستاذ علي لبيب جبر"، واتخذت اللجنة القرار الآتي "راجعت اللجنة قراراتها السابقة وكذلك قرارات مجلس الكلية، واطلعت على كتاب الجامعة في أول يوليه سنة 1952 رقم م 18/ 592 والذي طلبت فيه الجامعة مقارنة الإنتاج العلمي بين السادة المدرسين المستوفين لشروط المدة وموافاتها بأبحاثهم، وقامت اللجنة باستعراض أبحاث السادة المدرسين فئة ( أ ) المستوفين لشرط المدة، كما قامت بالمقارنة بينها مستعينة بلجان الفحص من الأساتذة المتخصصين في الفروع المختلفة، كما وازنت بين الشهادات العلمية الحاصلين عليها من دكتوراه أو ماجستير أو دراسة عليا، كما أخذت بعين الاعتبار وفرة الإنتاج وجدية البحوث وقيمتها العلمية، وقررت التقدم للمجلس بالتوصية على ترقية السادة المدرسين فئة ( أ ) إلى وظيفة أستاذ مساعد فئة (ب) الآتي ذكرهم طبقاً للترتيب الآتي ليشغلوا الثماني درجات الخالية الآن، وهم (1) الدكتور خليل (2) الدكتور كمال الدين (3) الدكتور والي (4) الدكتور سامح (5) الدكتور عسل (6) الدكتور عطا (7) الدكتور عزت (8) الدكتور نصيف رأفت".كما يبين للمحكمة من الاطلاع على محضر الجلسة الثامنة لمجلس كلية الهندسة المنعقدة في 11 من يناير سنة 1953 أن المجلس انتقل إلى النظر في ترقية المدرسين ( أ ) إلى وظائف أستاذ مساعد (ب)، وبعد أن استعرض قرارات لجنة البحوث والترقيات وافق على ما جاء بها.وعرضت كلية الهندسة قراراتها على مجلس الجامعة فوافق عليها بجلسته المنعقدة في أول مارس سنة 1953 من غير أن يدخل عليها تعديلاً.وقد تضمنت المذكرة المقدمة من الكلية بطلب الموافقة على ترقية الثمانية من المدرسين ( أ ) بالكلية إلى وظيفة أستاذ مساعد (ب) بيان حالة كل منهم حسبما خلصت إليه لجان الفحص الثلاثية، وذكرت قرين كل اسم منهم مؤهلاته العلمية والعملية، ثم انتهت إلى ذكر بحوثه العلمية؛ فقالت عن (1) الدكتور خليل حسن خليل إنه حاصل على بكالوريوس في الهندسة الميكانيكية من جامعة القاهرة سنة 1942، وعلى ماجستير في الهندسة عام 1945، وعلى دكتور في الفلسفة من جامعة القاهرة سنة 1946، وأنه قدم رسالة للحصول على درجة أعلى من جامعة جلاسجو، وأنه من يوليه لغاية 2 من سبتمبر سنة 1944 أجرى تمريناً عملياً بورش الجيش البريطاني بالقاهرة، وأنه زار بعض المصانع بجلاسجو، وأن له بحوثاً علمية متعددة أشادت اللجنة بذكرها.وقالت اللجنة عن (2) الدكتور حسين كمال الدين إنه حاصل على بكالوريوس في الهندسة من جامعة القاهرة سنة 1938 وماجستير في الهندسة سنة 1944، ودكتور في الفلسفة عام 1950، وأنه من يوليه لغاية نوفمبر سنة 1938 عمل مهندساً بمصلحة السكك الحديدية، ثم انتدب للتدريس بجامعة الهندسة ببغداد من فبراير سنة 1945 لغاية سبتمبر سنة 1946، وأشارت اللجنة إلى أهم بحوثه وما نشر منها.وقالت اللجنة عن (3) الدكتور يوسف محفوظ والى أنه حاصل على بكالوريوس في العلوم من جامعة مانشستر سنة 1940، وماجستير من تلك الجامعة سنة 1941، ودكتور في الفلسفة في ديسمبر سنة 1943، وقام بدراسة عملية لمدة ثماني شهور بشركة الصناعات الكيماوية الإمبراطورية بمانشستر علاوة على قيامه بعدة زيارات لمصانع إنتاج الحرير الصناعي بإنجلترا، وتوصل سيادته إلى طريقة جديدة لقياس قوة الاختزال في المواد غير القابلة للذوبان، ومن ديسمبر سنة 1942 لغاية نوفمبر سنة 1944 عمل مدرساً لمادتي الكيمياء العضوية والصباغة بجامعة مانشستر، وخبير بحث كيماوي لشركة الصناعات الكيماوية الإمبراطورية، ومن ديسمبر سنة 1944 لغاية يونيه سنة 1945 عمل رئيساً للمعمل الكيمائي بشركة الملح والصودا بكفر الزيات، وأشارت اللجنة إلى بحوثه ومحاضراته التي ألقاها في الأوساط العلمية بالقاهرة والإسكندرية.وقالت اللجنة عن (4) الدكتور كمال الدين سامح إنه حاصل على بكالوريوس في العمارة من جامعة القاهرة سنة 1936، وعلى دبلوم معهد الآثار الإسلامية من كلية الآداب بجامعة القاهرة سنة 1941، وعلى دكتوراه في الآثار الإسلامية من كلية الآداب سنة 1947، وأشارت اللجنة إلى بحوثه المختلفة.وقالت عن (5) الدكتور فؤاد علي عسل إنه حاصل على دبلوم جامعة الهندسة بميونخ سنة 1942، ودكتوراه من جامعة الهندسة بميونخ عام 1944، وقالت اللجنة قرين اسمه إنه سجل بمصلحة التسجيل بمدينة ميونخ بألمانيا في أغسطس سنة 1951 بحثاً بالاشتراك مع البروفسور سيديل، وذكرت باللغة الألمانية موضوع هذا البحث.وقالت اللجنة عن (6) الدكتور عبد الكريم محمد عطا إنه حاصل على بكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة القاهرة سنة 1940، وماجستير في الهندسة عام 1945، ودكتوراه من جامعة (بيردو) سنة 1951، وعمل مهندساً بإدارة البلديات بوزارة الصحة من 13 من يوليه سنة 1940 لغاية ديسمبر سنة 1942، وأشارت اللجنة إلى بحوثه.وقالت عن (7) الدكتور أحمد عزت إنه حاصل على بكالوريوس في الهندسة من جامعة القاهرة سنة 1938، وماجستير في الهندسة سنة 1948، ودكتور في الفلسفة من جامعة لندن في 16 من يوليه سنة 1952، وأشارت في بحوثه إلى بحثه للدكتوراه، وذكرت بالإنجليزية موضوع هذا البحث العلمي الفني.وقالت عن (8) الدكتور نصيف مرقص رأفت إنه حاصل على دبلوم مدرسة الهندسة بالجيزة سنة 1934، وعلى دبلوم الكلية الإمبراطورية بلندن سنة 1941، ودكتور في الفلسفة من لندن في سبتمبر سنة 1952، وقام أثناء دراسته بالكلية الإمبراطورية في المدة من أكتوبر سنة 1937 لغاية سنة 1938 - بعمل تجارب على آلات القياس الموجودة بالكلية، وقام بدراسة علم جديد في التصوير عقب حصوله على دبلوم الكلية بلندن من يوليه سنة 1941 إلى سنة 1942، وأشارت اللجنة في بحوثه إلى بحثه للدكتوراه سنة 1952.وقد وقع هذا التقرير، المقدم من اللجنة إلى مجلس الكلية ثم إلى مجلس الجامعة، السيد عميد الكلية الدكتور الدمرداش.وقد بان للمحكمة، من الاطلاع على كتاب الآثار العلمية لأعضاء هيئة التدريس بكلية الهندسة بجامعة فؤاد الأول والمطبوع في ديسمبر سنة 1950 (صفحة 40)، أن المدعي "لبيب أقلاديوس أفندي مدرس حاصل على بكالوريوس علوم سنة 1934، وماجستير في العلوم سنة 1945، وأنه قام بعدة أبحاث عن الفيتامين ( أ ) في الأغذية المصرية، وتقديرات جديدة للكاروتين (الجزر) في الأطعمة المصرية وبعض الخضروات، وكتب العجالة رقم 45 لوزارة الزراعة عن الزبدين سنة 1936، والعجالة رقم 46 عن السابوتا سنة 1936".ولا شك أن هذه البحوث كانت تحت نظر لجنة فحص البحوث عند المفاضلة بينها، فلم تشد اللجنة بذكرها، وأغفلت اسم صاحبها في كشف الترشيح للترقية؛ ذلك لأنها قدرت أن مثل هذه الأبحاث المألوفة العادية لم تأت في مجال الكيمياء الزراعية بجديد، ولم تر اللجنة المختصة الارتقاء بها إلى مدارج الكشف والابتكار.وتلاحظ المحكمة أن اسم المدعي قد جاء ذكره بعد ذلك في مجلد الآثار العلمية لأعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة طبعة سنة 1958 صفحة 622، وأضيف إلى مؤهلاته العلمية لقب دكتوراه في العلوم وقد حصل عليها سنة 1956.وأشير إلى عدد جديد من البحوث العلمية نشرها المدعي على التعاقب في المجلات العلمية العالمية باللغات الأجنبية خلال السنوات الأخيرة، وبعد تخطيه في الترقية بالقرار المطعون فيه، وبلغ عددها ستة بحوث فيما بين سنة 1954 وسنة 1958.ولا شك أنها كانت كلها تحت نظر لجنة الفحص بالكلية للترقيات التي أعقبت صدور القرار محل هذا الطعن؛ فقد بلغ من حرص المشرع على أن يجعل من معيار (الأبحاث القيمة المبتكرة) المناط الأول في الترقية من "وظيفة المدرس" إلى "وظيفة الأستاذ المساعد" بين أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية، وأن يضبط الطريقة التي يقدر بها هذا الإنتاج العلمي، إن أصدر في 20 من ديسمبر سنة 1953 القانون رقم 633 بإنشاء اللجان العلمية الدائمة، واستند في ديباجته إلى القانون رقم 21 لسنة 1933 بشروط توظيف أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة وترقياتهم وتأديبهم والقوانين المعدلة له؛ فنصت المادة الأولى من هذا القانون على أن "تنشأ لجان علمية دائمة تخصص كل لجنة منها لعلم من العلوم الجامعية، وتلحق هذه اللجان من الناحية الإدارية بالمجلس الاستشاري للجامعات، ويجوز عند الضرورة أن تؤلف لجنة واحدة لأكثر من علم من العلوم المتقاربة".وجاء في الفقرة الأولى من المادة الثانية "تؤلف اللجنة العلمية الدائمة من عدد من العلماء البارزين في العلم الذي تخصصت له اللجنة، لا يقل عن ثلاثة ولا يزيد على عشرة، يمثلون بقدر الإمكان فروع العلم المختلفة، ويشترط في عضو اللجنة أن يكون ضليعاً في علمه، وأن يكون مقيماً في مصر"، وحددت المادة الرابعة من القانون اختصاص هذه اللجان العلمية الدائمة وأوضحت معالم ولايتها، فنصت على أن "تختص اللجان العلمية الدائمة في حدود العلوم التي تخصصت لها بالمسائل الآتية: أولاً - النظر في الإنتاج العلمي الذي يقدمه المرشحون للتعيين في هيئات التدريس بالجامعات المصرية، والمرشحون للترقية إلى لقب أعلى في هذه الهيئات، وكذلك في تقدير كفايتهم العلمية بوجه عام، وتؤلف اللجنة الدائمة لجاناً مؤقتة لفحص ما يعرض عليها من إنتاج.ويجوز أن يكون من بين أعضاء اللجنة المؤقتة أعضاء من اللجنة الدائمة.وتنظر اللجنة الدائمة في تقارير اللجان المؤقتة، ويكون حكم اللجنة نهائياً من حيث القيمة العلمية للإنتاج والكافية.ولا يجوز الطعن فيه أمام أية هيئة قضائية.ثانياً - اقتراح منح أعضاء هيئات التدريس بالجامعات المصرية إجازات لمهمات علمية مؤقتة، بعد التثبت من مقدرتهم على الإنتاج العلمي الممتاز.ثالثاً - تقديم المشورة العلمية في المسائل التي تلتمس فيها مشورتها بناء على طلب وزير المعارف العمومية أو طلب إحدى الجامعات.رابعاً - اقتراح ما تراه مفيداً لتقدم العلم والتعليم على الهيئات المختلفة".وغني عن القول إن هذه المادة جاءت مقننة للقاعدة التي جرت عليها الجامعة من قبل في مجال تقدير الأبحاث العلمية المبتكرة بين أعضاء هيئة التدريس فيها منذ أن أدخل هذا المعيار بالقانون رقم 97 لسنة 1935 للمفاضلة بين المرشحين للترقية من وظيفة مدرس ( أ ) إلى وظيفة أستاذ مساعد (ب)، وكذلك للترقية من هذه الوظيفة الأخيرة إلى وظيفة أستاذ ذي كرسي، وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 633 لسنة 1953 ما يؤكد هذه المعاني؛ إذ قالت "رأت لجنة التعليم الجامعي ضمن ما اقترحته في تقريرها أن تنشأ هيئة علمية عليا تضم أقطاب العلماء المتخصصين من المصريين والأجانب لتبدي رأيها في المسائل العلمية، وتقضي في قيمة الإنتاج العلمي لأعضاء هيئات التدريس، وحددت المادة الرابعة اختصاصات هذه اللجان، وأهمها النظر في الإنتاج العلمي الذي يقدمه المرشحون للتعيين في هيئات التدريس بالجامعات المصرية والمرشحون للترقية إلى لقب أعلى، وكذلك في تقدير كفايتهم العلمية بوجه عام.وقد نص على أن تقوم بفحص كل إنتاج يقدم لجنة مؤقتة تؤلفها اللجنة الدائمة، ويكون حكم اللجنة الدائمة على أساس التقرير المقدم من اللجنة المؤقتة نهائياً من حيث القيمة العلمية للإنتاج والكفاية، ولا يجوز الطعن فيه أمام أية هيئة قضائية.كذلك نصت المادة الخامسة على أن يقسم أعضاء اللجان العلمية الدائمة، قبل مباشرة أعمالهم، يميناً أمام رئيس الجمهورية بأنهم يؤدون أعمالهم بالأمانة والصدق".
ومن حيث إن ما ينعاه المدعي على ترقية بعض من زملائه المدرسين من الفئة ( أ ) إلى وظائف أساتذة مساعدين من الفئة (ب) بالقرار الصادر من مجلس الجامعة في 29 من مارس سنة 1953 ينحصر في أقدميته على بعض المرقين، وفي أنه لا يشترط للترقية إلى تلك الوظائف الخالية الحصول على درجة الدكتوراه، وفي أن لجنة الترقيات المكونة من رؤساء الأقسام ليس من حقها مراجعة الأبحاث المقدمة.
ومن حيث إنه ولئن صح ما يدعيه المدعي من أنه أقدم في تخرجه من بعض المرشحين للترقية في القرار المطعون فيه؛ إذ حصل على بكالوريوس العلوم في مايو سنة 1934، وأمضى أربع سنوات ونصف في وظيفة مدرس ( أ )، وقضى سبع سنوات في وظيفة مدرس بوجه عام، إلا أنه لا محل لإعمال قاعدة الأقدمية - ولو صاحبتها الجدارة - عندما تجرى بما يناهضها قاعدة أخرى أخص منها في مقام الترقية بالنسبة إلى فئة من الموظفين بذاتها كأعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية الذين انتظمت ترقياتهم قواعد تنظيمية معينة أقرتها وضبطتها لجنة التنسيق الجامعية، فمن المبادئ المقررة أن الخاص يقيد العام، ولا عكس.والقواعد التي وضعتها لجنة التنسيق الجامعية إنما قصد بها، ولا ريب، التحلل من قواعد الترقية العامة وسن ضوابط وأسس جديدة تجري على مقتضاها ترقيات أعضاء هيئة التدريس بالجامعات على نهج يحقق تناسقها مع طبيعة وظائفهم ورسالتهم.وقد قررت لجنة التنسيق بين جامعتي القاهرة والإسكندرية بجلساتها المنعقدة في 28 من يوليه و24 و31 من أغسطس سنة 1948 وضع قواعد تنظيمية عامة في هذا الشأن من مقتضاها "أنه عند الترقية من وظيفة مدارس ( أ ) إلى وظيفة أستاذ مساعد (ب) يرجح من كان أفضل في الإنتاج العلمي، فإذا تساوى المرشحون في الإنتاج العلمي يفضل الأقدم في وظيفة مدرس ( أ ) فإذا تساووا في وظيفة مدرس ( أ ) يفضل الأقدم في وظيفة مدرس (ب)"، كما قررت اللجنة أيضاً أنه "عند الترقية من أستاذ مساعد إلى أستاذ يفضل صاحب الإنتاج العلمي، فإذا تساوى المرشحون في الإنتاج العلمي فضل الأقدم في وظيفة أستاذ مساعد، وإذا تساووا في وظيفة أستاذ مساعد فضل الأقدم في الدرجة الثالثة...".ولما كانت لجنة التنسيق بين الجامعتين هي لجنة مشكلة بقرار وزاري لاقتراح ما تراه من القواعد للتنسيق بين الجامعتين، وقد اقترحت هذه القواعد في خصوص تنظيم ترقيات أعضاء هيئات التدريس، ثم عرضت اقتراحاتها على مجلس إدارة الجامعة فوافق عليها وصدق وزير المعارف على ذلك باعتباره الرئيس الأعلى للجامعات، فأصبحت تلك الأصول قواعد تنظيمية عامة في هذا الشأن، أي بمثابة اللائحة أو القانون وقد التزمتها إدارة الجامعة مع المدعي وطبقتها على من شملهم القرار المطعون فيه تطبيقاً سليماً.
ومن حيث إن السلطات الجامعية، وهي تباشر اختصاصها عند النظر في الترقية إلى وظيفة أستاذ مساعد (ب)، إنما تترخص في تقدير النواحي العلمية الفنية المتصلة بالكفاية والترجيح، وهذا من الملاءمات المتروكة لتقدير الجامعة بلا معقب عليها من هذه المحكمة، ما دام تقديرها قد خلا من إساءة استعمال السلطة، ولم يقيدها القانون بنظام معين يجب التزامه في كيفية تقدير هذه العناصر، ولا تثريب على لجان الفحص العلمي إن هي راعت المؤهل العلمي، وأدخلت في عناصر تقديرها درجة الدكتوراه والبحث العلمي المقدم للحصول على تلك الدرجة العلمية العالية، ووفرة الإنتاج وجدية البحوث وقيمتها الفنية.ولا جناح على لجنة البحوث والترقيات إن هي راجعت الأبحاث بعد لجنة الفحص التي لا تعدو أن تكون فرعاً منها وتمهيداً لما يصدر عنها من ترشيحات.وكل أولئك ما دامت لجنة البحوث والترقيات قد ترخصت في استعمال ولايتها الفنية في الحدود التي أملتها المصلحة العلمية العامة؛ إعمالاً لنص القانون وروحه.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون القرار المطعون فيه قد صدر سليماً بالتطبيق لأحكام اللوائح والقوانين، ويكون الحكم محل هذا الطعن قد أصاب الحق فيما قضى به من رفض الدعوى، وإلزام المدعي بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق