الصفحات

الأربعاء، 27 سبتمبر 2023

الطعن 604 لسنة 5 ق جلسة 5 / 11 / 1960 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 1 ق 8 ص 50

جلسة 5 من نوفمبر سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة مصطفى كامل إسماعيل ومحمود إبراهيم وحسني جورجي ومحمد مختار العزبي المستشارين.

-------------------

(8)

القضية رقم 604 لسنة 5 القضائية

(أ) كادر العمال 

- امتحان - وجوب امتحان العامل عند التعيين أو الترقية أو النقل من فئة إلى أخرى - ضرورة أدائه أمام اللجنة الفنية المختصة بالوزارة أو المصلحة - حكمة ذلك - الاستيثاق من قدرة العامل ودرجة كفايته لتحديد الدرجة والأجر اللذين يستحقهما - عدم تحقق هذه الحكمة بامتحان يجرى في جهة أخرى ولو كانت رسمية لغرض آخر - أساس ذلك.
(ب) كادر العمال 

- امتحان - التعيين في وظيفة سائق سيارة - وجوب أداء العامل امتحاناً في القيادة أمام اللجنة الفنية المختصة - الترخيص لسائق السيارة من قلم المرور - لا يقوم مقام الامتحان الذي يتطلبه كادر العمال - أساس ذلك.

------------------
1 - يبين من مطالعة كادر عمال اليومية الحكوميين أنه أقام تفرقة في القواعد التي قضي بأن تبنى عليها تسويات حالات العمال الخاضعين لأحكامه سواء الافتراضية منها وهي السابقة على أول مايو سنة 1945 أو الواقعية وهي اللاحقة لهذا التاريخ وجعل أساس هذه التفرقة المؤهل الدراسي والامتحان المهني الفني، وغاير في الوضع والمدد اللازمة للترقية والتدرج في الوظيفة والمعاملة بين العمال تبعاً للمؤهل وأداء الامتحان على تفصيل فيما إذا توافر للعامل أحدهما أو كلاهما، وأوجب أن يؤدى هذا الامتحان أمام "لجنة فنية يصدر بتشكيلها قرار من الوزير المختص" وناط بهذه اللجنة "تحديد وظيفة العامل ودرجته" على مقتضى النتيجة التي يسفر عنها امتحانه من حيث نوع الحرفة التي يصلح لها ودرجة مهارته الفنية فيها، وذلك عند تعيين العامل ابتداء من الخارج في وظائف الصناع التي نص عليها أو عند ترقيته من بعض هذه الوظائف إلى التي تليها، أو عند نقله إلى وظيفة أعلى أو من إحدى فئات الوظائف إلى الأخرى. وإذا كان تشكيل اللجنة الفنية المشار إليها على النحو المتقدم واختصاصها الذي أسنده إليها واضع الكادر إنما ينصرف بالأثر الحال لهذا الكادر إلى الحالات التي تجد بعد نفاذه فإن الحكمة التي يقوم عليها تطلب أداء هذا الامتحان أمام الهيئة الفنية المختصة بذلك في كل وزارة أو مصلحة لا تختلف قبل نفاذ كادر العمال عنها بعد نفاذه وهي توحيد معيار التقدير في يد هيئة رسمية فنية متعددة الأعضاء ذات تخصص مهني في الجهة الإدارية التي يجرى تعيين العامل فيها للاستيثاق من مدى قدرته وتحديد درجة كفايته وخبرته الفنية في الحرفة التي تثبت صلاحيته لها وهي العناصر التي تبنى عليها معاملته من حيث تعيين مهنته ودرجته وأجره، الأمر الذي لا يتحقق بامتحان يجرى في جهة أخرى - وإن تكن رسمية - لغرض آخر، ويوزن بميزان مختلف بقدر هذا الغرض، بعيداً عن رقابة الجهة صاحبة الشأن ودون تقيد بمعاييرها أو ضوابطها أو مستوياتها الفنية، أو تحديد لدرجة الصلاحية أو مرتبة المهارة الفنية القائمة بالشخص الذي امتحن.
2 - إن كادر العمال - في خصوص سائقي السيارات من العمال - قد أقام تبايناً في أسس إنصاف هؤلاء السائقين تبعاً لدخولهم الخدمة بامتحان وعدم استثنائهم من هذا الامتحان أو إعفائهم منه ولو كانوا حاصلين على رخص للقيادة وفقاً للائحة السيارات بل افترض لزوم أدائهم إياه في الوزارة أو المصلحة التي يعينون فيها. ومن ثم فإن الترخيص لسائق السيارة من قلم المرور بالقيادة لا يقوم مقام الامتحان الذي يتطلبه كادر العمال لاعتبار العامل ممتحناً وفقاً لأحكامه الامتحان الذي تترتب عليه الآثار التي قررها لذلك، ولا سيما أن الترخيص قد يمنح - وبخاصة في الماضي - بشيء من التسامح وأنه قد تمضي بين الحصول عليه والتعيين في الوظيفة فترة من الزمن - كما هو الحال في شأن المدعي - يفقد فيها المرخص له الصلاحية للقيادة أو للدراية عليها، للعجز أو لعدم المزاولة الفعلية بما يسقط كل قيمة للإثبات الذي يمكن افتراض أن هذا الترخيص شاهد به.


إجراءات الطعن

في أول إبريل سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هيئة المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 604 لسنة 5 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية والقروية بجلسة 9 من فبراير سنة 1959 في الدعوى رقم 21 لسنة 5 القضائية "محاكم" المقامة من: مصطفى حسين حجاج ضد وزارة الشئون البلدية والقروية (بلدية القاهرة) القاضي "بأحقية المدعي في تسوية حالته وفقاً لكادر العمال بأن يوضع في الدرجة (300/ 500) بأجر يومي 300 مليم يومياً اعتباراً من 7 من يوليه سنة 1926 وفي درجة الدقة الممتازة (360/ 700) اعتباراً من 7 من يوليه سنة 1932 وما يترتب على ذلك من آثار وبصرف الفروق المالية اعتباراً من 4 من ديسمبر سنة 1950 وألزمت بلدية القاهرة المصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة" وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام المدعي المصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون عليه في 30 من إبريل سنة 1959، وإلى وزارة الشئون البلدية والقروية في 5 من مايو سنة 1959. وبعد أن انقضت المواعيد القانونية المقررة دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 12 من يونيه سنة 1960. وفي 18 من مايو سنة 1960 أبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة، وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة العليا لنظره بجلسة 5 من نوفمبر سنة 1960 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى آخر جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 21 لسنة 5 القضائية "محاكم" ضد وزارة الشئون البلدية والقروية (بلدية القاهرة) أمام المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية والقروية بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة في 7 من نوفمبر سنة 1957 ذكر فيها أنه عين في أول يوليه سنة 1918 في وظيفة سائق "موتوسيكل" ونقل في أول يوليه سنة 1926 إلى وظيفة سائق سيارة، وظل شاغلاً هذه الوظيفة حتى صدر كادر العمال في سنة 1945 فسويت حالته بالتطبيق له تسوية خاطئة ثم رقي إلى درجة صانع ممتاز (360/ 800) في أول مايو سنة 1956 وقد كان الواجب تطبيق الكادر المذكور في حقه على الوجه الصحيح بوضعه في الدرجة (240/ 500) اعتباراً من أول يوليه سنة 1918 ثم في الدرجة (300/ 500) بأول مربوطها اعتباراً من أول يوليه سنة 1926 تاريخ نقله إلى وظيفة سائق سيارة، وترقيته ترقية فرضية إلى درجة الدقة الممتازة (360/ 700) بعد ست سنوات من وضعه في درجة صانع دقيق، ثم ترقيته لدرجة صانع ممتاز بأجر يومي قدره 660 مليماً من أول مايو سنة 1956 مع منحه العلاوات الدورية المستحقة له على هذا الأساس في كل مراحل تدرجه بيد أن الإدارة درجت أجره حتى بلغ 580 مليماً بعلاوة الترقية لصانع ممتاز في أول مايو سنة 1956 وهذا يغاير التدرج الصحيح المطابق لأحكام الكادر، ولذا فإنه يطلب "صدور حكم المحكمة باستحقاقه لأن تسوى مدة خدمته تسوية صحيحة حسب قواعد الكادر كالبيان الموضح بالعريضة، مع ما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية المستحقة له اعتباراً من أول مايو سنة 1945 مع إلزام المدعى عليها المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة". وقد ردت بلدية القاهرة على هذه الدعوى بأن المدعي دخل الخدمة في أول يوليه سنة 1918 في مهنة سائق "بأجر يومي قدره 60 مليماً، ثم نقل إلى سلك الخدمة السائرة في الدرجة الرابعة بماهية شهرية قدرها 2.520 ج اعتباراً من أول إبريل سنة 1920. وفي أول يوليه سنة 1926 عين في وظيفة سائق سيارة بأجر يومي قدره 170 مليماً نقلاً من الخدمة السائرة وظل شاغلاً هذه الوظيفة حتى نفاذ كادر العمال حيث سويت حالته على أساس أحكامه في أول مايو سنة 1945 بوضعه في الدرجة (360/ 700) بأجر يومي قدره 440 مليماً اعتباراً من ذلك التاريخ ثم تدرج أجره بالعلاوات حتى بلغ 540 مليماً يومياً في أول يوليه سنة 1955 ورقي إلى درجة صانع ممتاز (360/ 800) اعتباراً من أول مايو سنة 1956 بأجر يومي مقداره 580 م ولم يثبت أنه أدى امتحاناً فنياً سواء عند تعيينه في وظيفة سائق موتوسيكل أو عند تعيينه في وظيفة سائق سيارة ومن ثم فإنه يكون حاصلاً على حقه كاملاً، إذ أن تسوية حالته تكون من أول يوليه سنة 1926 تاريخ تعيينه في وظيفة سائق سيارة باليومية، ثم تفترض له مدة خدمة كصبي ثماني سنوات فيوضع من التاريخ التالي لانقضاء هذه السنوات الثماني - أي في أول يوليه سنة 1934 - في درجة صانع غير دقيق (200/ 360) وتدرج علاواته وترقياته بعد ذلك على النحو الذي تم في حقه. ودفعت البلدية بصفة احتياطية بالتقادم الخمسي وفقاً للمادة 375 من القانون المدني فيما يتعلق بالفروق التي قد تستحق طالبة الحكم أصلياً "برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصاريف ومقابل الأتعاب". وقد أودع السيد مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً انتهى فيه لما أبداه به من أسباب إلى أنه يرى "الحكم بأحقية المذكور في تسوية حالته طبقاً لأحكام كادر العمال على أساس اعتباره في الدرجة (300/ 400) المعدلة إلى (300/ 500) من 7 من يوليه سنة 1926 وفي الدرجة (360/ 700) من 7 من يوليه سنة 1932 وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية اعتباراً من أول مايو سنة 1945 على أن يراعى إسقاط ما انقضى عليه منها خمس سنوات سابقة على رفع الدعوى أو آخر تظلم". وقد عقب المدعي على دفاع البلدية بمذكرة قال فيها إنه عمل رخصة سائق عمومي من 16 من أكتوبر سنة 1924 وأن هذه الرخصة تحل محل الاختبار إذ أن السائق يختبر في مهنته قبل منحه الرخصة فإذا أدى الاختبار بنجاح حصل على الرخصة التي تعتبر بمثابة وثيقة امتحان، وانتهى إلى حصر طلباته "في استحقاقه لدرجة صانع دقيق بأجر 300 مليم في أول يوليه سنة 1926 ثم ترقيته لدرجة الدقة الممتازة (360/ 700) في أول يوليه سنة 1932 ثم تدرج أجره بالعلاوات الدورية مع ما يترتب على ذلك من آثار". وقدمت البلدية مذكرة أوضحت فيها أن أجره بحسب التسوية الصحيحة التي يستحقها وفقاً لأحكام كادر العمال ما كان ليصل إلا إلى 264 مليماً في اليوم بعد خصم الـ 12% في أول مايو سنة 1945 وأنها مع ذلك منحته في التاريخ المذكور أجراً يومياً قدره 440 مليماً في الدرجة (360/ 700) أي أزيد مما يستحق. وبجلسة 9 من فبراير سنة 1959 قضت المحكمة الإدارية "بأحقية المدعي في تسوية حالته وفقاً لكادر العمال بأن يوضع في الدرجة (300/ 500) بأجر 300 مليم يومياً اعتباراً من 7 من يوليه سنة 1926 وفي درجة الدقة الممتازة (360/ 700) اعتباراً من 7 من يوليه سنة 1932 وما يترتب على ذلك من آثار وبصرف الفروق المالية اعتباراً من 4 من ديسمبر سنة 1950 وألزمت بلدية القاهرة المصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة". وأسست قضاءها على أن المدعي حصل على الرخصة رقم 6614 محافظة مصر سواق سيارة عمومي في 16 من أكتوبر سنة 1924 أي قبل تعيينه في وظيفة سائق سيارة الحاصل في 7 من يوليه سنة 1926، وأنه طبقاً لنص المادة 40 من لائحة السيارات الصادرة في 16 من يوليه سنة 1913 والمعدلة في 3 من سبتمبر سنة 1930 لا تمنح الرخصة لسائقي السيارات المعدة للأجرة إلا بعد أن يكون السائق قديراً على أن يثبت لإدارة السيارات كفايته الفنية والعملية بعد امتحان يجريه مهندس إدارة المرور، ومن ثم فإن هذا الامتحان الذي تجريه هيئة حكومية من إدارة المرور عند منح ترخيص القيادة يقوم مقام الامتحان المطلوب بكادر العمال لوظيفة سائق سيارة حكومية. وعلى هذا فإن تسوية حالة المدعي يجب أن تتم على أساس اعتبار أنه قد دخل الخدمة بامتحان وفقاً للقاعدة المقررة لذلك في كادر العمال. وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة في أول إبريل سنة 1959 طلب فيها "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام المدعي المصروفات. واستند في أسباب طعنه إلى أن المناط في اعتبار أن الصانع دخل الخدمة بامتحان هو بأن يؤدي امتحاناً أمام الجهة الإدارية التي عين بها ولا تتقيد هذه الجهة بما يكون الصانع قد أداه من اختبارات أخرى أمام جهات أخرى لغرض آخر كما هو الحال في الخصوصية المعروضة، وذلك حتى تطمئن بنفسها على مدى قدرته وخبرته الفنية التي تقيم عليها معاملته وتحديد درجته وأجره، ولا يفهم من نصوص كادر العمال أنه يكتفي بالنسبة إلى السائق أن يكون حاصلاً على ترخيص حسب لائحة السيارات. وربما كان الاختبار الذي تجريه جهة الترخيص لسائقي السيارات أقل في مرتبته الفنية من ذلك الذي تتطلبه جهة الإدارة لتعيين هؤلاء السائقين بها، وليس يجوز التعقيب على سلطتها التقديرية في ذلك كما أن المرخص له بقيادة السيارات قد يترك التدريب عليها فترة من الزمن قبل تعيينه فيفقد الكفاية المطلوبة لهذا التعيين وقد حصل المدعي على الترخيص في سنة 1924 وقام بعد ذلك بعمل سائق موتوسيكل حتى عين سائق سيارة في شهر يوليه سنة 1926 مما لا يسمح بالقول بأن هذا الاختبار القديم يقوم مقام الامتحان الذي يعول عليه لتسوية حالته باعتباره ممتحناً عند التعيين. وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر، فإنه يكون قد خالف القانون فيما انتهى إليه.
ومن حيث إنه يظهر من الاطلاع على ملف خدمة المدعي أنه غير حاصل على أي مؤهل دراسي، وأنه التحق بخدمة الحكومة بوظيفة سائق موتوسيكل في مصلحة المجاري الرئيسية في أول يوليه سنة 1918 بأجر يومي قدره 60 مليماً، ونقل إلى سلك الخدمة السائرة في الدرجة الرابعة بماهية شهرية قدرها 2.520 ج اعتباراً من أول إبريل 1920 ثم عين باليومية نقلاً من الخدمة السائرة في مهنة سائق سيارة بأجر يومي قدره 170 م اعتباراً من 7 من يوليه سنة 1926 وليس في الأوراق ما يدل على أدائه امتحاناً فنياً ما سواء في هذه المهنة لدى تعيينه فيها أو في مهنة سائق موتوسيكل السابقة وعند تطبيق أحكام كادر العمال سويت حالته في الدرجة (360/ 700) بأجر يومي قدره 440 مليماً اعتباراً من أول مايو سنة 1945 ومنح علاواته الدورية التي بلغ بها أجره اليومي 540 مليماً في أول يوليه سنة 1955. ورقي إلى الدرجة (360/ 800) المخصصة لصانع ممتاز بأجر يومي قدره 580 مليماً بعلاوة ترقية اعتباراً من أول مايو سنة 1956.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة كادر عمال اليومية الحكوميين أنه أقام تفرقة في القواعد التي قضى بأن تبنى عليها تسويات حالات العمال الخاضعين لأحكامه سواء الافتراضية منها وهي السابقة على أول مايو سنة 1945 أو الواقعية وهي اللاحقة لهذا التاريخ وجعل أساس هذه التفرقة المؤهل الدراسي والامتحان المهني الفني، وغاير في الوضع والمدد اللازمة للترقية والتدرج في الوظيفة والمعاملة بين العمال تبعاً للمؤهل وأداء الامتحان على تفصيل فيما إذا توافر للعامل أحدهما أو كلاهما، وأوجب أن يؤدى هذا الامتحان أمام "لجنة فنية يصدر بتشكيلها قرار من الوزير المختص" وناط بهذه اللجنة "تحديد وظيفة العامل ودرجته" على مقتضى النتيجة التي يسفر عنها امتحانه من حيث نوع الحرفة التي يصلح لها ودرجة مهارته الفنية فيها، وذلك عند تعيين العامل ابتداء من الخارج في وظائف الصناع التي نص عليها أو عند ترقيته من بعض هذه الوظائف إلى التي تليها، أو عند نقله إلى وظيفة أعلى أو من إحدى فئات الوظائف إلى الأخرى. وإذا كان تشكيل اللجنة الفنية المشار إليها على النحو المتقدم واختصاصها الذي أسنده إليها واضع الكادر إنما ينصرف بالأثر الحال لهذا الكادر إلى الحالات التي تجد بعد نفاذه فإن الحكمة التي يقوم عليها تطلب أداء هذا الامتحان أمام الهيئة الفنية المختصة بذلك في كل وزارة أو مصلحة لا تختلف قبل نفاذ كادر العمال عنها بعد نفاذه وهي توحيد معيار التقدير في يد هيئة رسمية فنية متعددة الأعضاء ذات تخصص مهني في الجهة الإدارية التي يجرى تعيين العامل فيها للاستيثاق من مدى قدرته وتحديد درجة كفايته وخبرته الفنية في الحرفة التي تثبت صلاحيته لها وهي العناصر التي تبنى عليها معاملته من حيث تعيين مهنته ودرجته وأجره الأمر الذي لا يتحقق بامتحان يجرى في جهة أخرى - وإن تكن رسمية - لغرض آخر، ويوزن بميزان مختلف بقدر هذا الغرض، بعيداً عن رقابة الجهة صاحبة الشأن ودون تقيد بمعاييرها أو ضوابطها أو مستوياتها الفنية، أو تحديد لدرجة الصلاحية أو مرتبة المهارة الفنية القائمة بالشخص الذي امتحن ومصداق هذا في خصوص سائقي السيارات من العمال ما أقامه كادر العمال من تباين في أسس إنصاف هؤلاء السائقين تبعاً لدخولهم الخدمة بامتحان، وعدم استثنائهم من هذا الامتحان أو إعفائهم منه ولو كانوا حاصلين على رخص للقيادة وفقاً للائحة السيارات بل افترض لزوم أدائهم إياه في الوزارة أو المصلحة التي يعينون فيها - ومن ثم فإن الترخيص لسائق السيارة من قلم المرور بالقيادة لا يقوم مقام الامتحان الذي يتطلبه كادر العمال لاعتبار العامل ممتحناً وفقاً لأحكامه الامتحان الذي تترتب عليه الآثار التي قررها لذلك، ولا سيما أن الترخيص قد يمنح - وبخاصة في الماضي - بشيء من التسامح وأنه قد تمضى بين الحصول عليه والتعيين في الوظيفة فترة من الزمن - كما هو الحال في شأن المدعي - يفقد فيها المرخص له الصلاحية للقيادة أو الدراية عليها، للعجز أو لعدم المزاولة الفعلية بما يسقط كل قيمة للإثبات الذي يمكن افتراض أن هذا الترخيص شاهد به.
ومن حيث إنه متى تبين مما سلف إيضاحه أن المدعي لم يدخل الخدمة بامتحان فإن الأساس الذي أقام عليه الحكم المطعون فيه قضاءه في التسوية التي أجراها والتي طبق عليه فيها أحكام كادر العمال باعتبار أنه دخل الخدمة بامتحان، هذا الأساس يكون مخالفاً للواقع وللقانون، وينبني عليه تبعاً لذلك خطأ هذه التسوية وإذ كانت الجهة الإدارية قد سوت حالة المدعي على أساس دخوله الخدمة بغير امتحان وطبقت في حقه أحكام الكادر وفقاً لذلك على الوجه الصحيح، كما يظهر من التسوية التي عاملته بها، فإنه يكون على غير حق في دعواه، ويكون طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في محله، ويتعين - والحالة هذه - إلغاء حكم المحكمة الإدارية المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المدعي بمصروفاتها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق