الصفحات

الأحد، 17 سبتمبر 2023

الطعن 1926 لسنة 50 ق جلسة 29 / 4 / 1981 مكتب فني 32 ج 1 ق 240 ص 1316

جلسة 29 من إبريل سنة 1981

برئاسة السيد/ المستشار حافظ رفقي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: يوسف أبو زيد ومصطفى صالح سليم، درويش عبد المجيد وعزت حنوره.

-----------------

(240)
الطعن رقم 1926 لسنة 50 القضائية

(1) قضاة. أمر على عريضة.
الأمر على عريضة، ماهيته. إصدار القاضي له. لا يحول دون إصداره أمراً آخر على نقيضه عدم فقدانه صلاحيته للفصل في موضوع خصومة ذات الحق. علة ذلك.
(2) حكم. طعن.
القبول المانع من الطعن على الحكم. ماهيته.

----------------
1 - مفاد عبارة "قد سبق له نظره قاضياً" المنصوص عليها في البند الخامس من المادة 146 من قانون المرافعات هو أن يكون القاضي قد سبق له نظر خصومة النزاع حول أصل الحق في درجة سابقة من درجات التقاضي وصدر منه فيها ما يجعل له رأياً في موضوع الدعوى، والأمر على عريضة لا يصدر في خصومة قضائية وإنما يأمر به القاضي بسلطته الولائية في غير مواجهة بين طرفي الإجراء المطلوب، كما أنه مؤقت لا يحسم موضوعاً أو يمس أصل الحق فيه، والقاضي الآمر نفسه لا يتقيد بما أمر أو يستنفذ به ولايته، ولذا أجاز له المشرع بالمادة 195 من قانون المرافعات إصدار أمر جديد مسبب على خلاف أمر سبق صدوره، وأجاز بالمادة 199 من القانون المذكور أن يرفع التظلم من الأمر إلى نفس القاضي الآمر، ومن ثم فإنه لا يفقد القاضي صلاحيته للفصل في موضوع خصومة الحق سبق إصداره أمراً على عريضة في شأن يتعلق بهذا النزاع.
2 - يشترط في القبول المانع من الطعن في الحكم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون قاطع الدلالة على رضاء المحكوم عليه بالحكم وتركه الحق في الطعن فيه دون شك أو تأويل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم الأولى والثانية والسادس والسابع وكذلك المطعون ضدها الثالثة بصفتها وصية على قصر المرحوم....... ومن بينهم الرابع والخامس، أقاموا الدعوى رقم 47 سنة 1968 مدني كلي قنا ضد الطاعن الأول ومورث باقي الطاعنين بطلب إلزامهما بأداء مبلغ 750 جنيهاً قيمة ربع نصيبهم في الأطيان المخلفة عن مورثهم المرحومين........، ........ وذلك عن سنتي 67 و1968 الزراعيتين، وإذ ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى قدم الطاعن الأول ومورث باقي الطاعنين ثماني عقود عرفية تفيد شرائهما تلك الأطيان من المورثين، وبعد أن قدم الخبير تقريره دفع رافعوا الدعوى من المطعون ضدهم بعدم العلم بما نسب من توقيعات لمورثيهم على العقود المذكورة، قضت المحكمة بتاريخ 20/ 12/ 1970 برفض الدفع المذكور وبصحة توقيعات المورثين وحددت جلسة لنظر الموضوع وفيها دفع الحاضر عن المدعين المذكورين بأن العقود المشار إليها تخفي وصايا فقضت المحكمة بتاريخ 20/ 3/ 1971 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت هؤلاء أن تلك العقود ليست منجزة وأنها وصايا، وبالجلسة المحددة للتحقيق قرر الحاضر عنهم ببلوغ كل من المطعون ضدهما الرابع والخامس سن الرشد فقضت المحكمة بانقطاع سير الخصومة، ولدى تجديد السير فيها قرر المطعون ضده الرابع بالادعاء بتزوير توقيعات المورث الأصلي...... على العقود المنسوب صدورها منه، فندبت المحكمة قسم أبحاث التزييف والتزوير لتحقيق هذا الادعاء وبتاريخ 15/ 12/ 1974 قضت برد وبطلان تلك العقود ثم قضت بتاريخ 23/ 5/ 1975 في موضوع الدعوى بإلزام الطاعن الأول ومورث باقي الطاعنين بأن يدفعا مبلغ 273.755 جنيه للمطعون ضدهم. استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 76 سنة 50 ق طالبين إلغاءه ورفض دعوى المطعون ضدهم، كما أقام المطعون ضدهم استئنافاً فرعياً برقم 75 سنة 52 ق طالبين إلغاء الحكم الصادر بتاريخ 20/ 12/ 1970 وبتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعنين بدفع مبلغ 750 جنيهاً. وبتاريخ 17/ 6/ 1980 قضت محكمة الاستئناف برفض الاستئناف الأصلي وبإلغاء الحكم الصادر في 20/ 12/ 1970 وبتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب ينعى الطاعنون بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان لمخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقولون أن السيد/ المستشار....... عضو يمين الدائرة التي أصدرت الحكم المطعون فيه سبق له بوصفه رئيس محكمة بمحكمة قنا الابتدائية أن أصدر في 13/ 6/ 1976 الأمر الولائي رقم 70 سنة 1976 بتعيين المطعون ضده الرابع مديراً لإدارة الأموال الشائعة محل التداعي وبذلك يكون قد سبق له نظر النزاع بين نفس الخصوم وعن ذات الموضوع وبالتالي لم يكن صالحاً للمشاركة في إصدار الحكم المطعون فيه عملاً بالمادة 146 من قانون المرافعات ويكون هذا الحكم باطلاً عملاً بالمادة 147 من القانون المذكور بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان مفاد عبارة "قد سبق له نظرها قاضياً" المنصوص عليها في سبق البند الخامس من المادة 146 من قانون المرافعات هو أن يكون القاضي قد سبق له نظر خصومة النزاع حول أصل الحق في درجة سابقة من درجات التقاضي وصدر منه فيها ما يجعل له رأياً في موضوع الدعوى، وكان الأمر على عريضة لا يصدر في خصومة قضائية وإنما يأمر به القاضي بسلطته الولائية في غير مواجهة بين طرفي الإجراء المطلوب كما أنه مؤقت لا يحسم موضوعاً أو يمس أصل الحق فيه، فإن القاضي الآمر نفسه لا يتقيد بما أمر أو يستنفذ به ولايته ولذا أجاز له المشرع بالمادة 195 من قانون المرافعات إصدار أمر جديد مسبب على خلاف أمر سبق صدوره، وأجاز بالمادة 199 من القانون المذكور أن يرفع التظلم من الأمر إلى نفس القاضي الآمر، ومن ثم فإنه لا يفقد القاضي صلاحيته للفصل في موضوع خصومة الحق سبق إصداره أمراً على عريضة في شأن يتعلق بهذا النزاع، لما كان ذلك وكان مجرد إصدار السيد/ عضو يمين الدائرة التي أصدرت الحكم المطعون فيه أمراً ولائياً على عريضة بتعيين مديراً للأموال محل التداعي لا يفقده صلاحيته للفصل في الاستئناف المرفوع بشأن النزاع حول الحق في تلك الأموال، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان لهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم الصادر من محكمة أول درجة بتاريخ 20/ 12/ 1970 القاضي بصحة التوقيعات لم يكن قابلاً للاستئناف مع الحكم الذي فصل في الموضوع لأنه كان قد حاز قوة الشيء المحكوم فيه قبل ذلك لأمرين أولهما سقوط حق المطعون ضدهم في استئنافه لعدم طعنهم فيه عقب صدوره لأنه مما يستأنف على استقلال إذ أنه حكم قطعي قابل للتنفيذ وثانيهما أن المطعون ضدهما بلسان وكيلهم أقروا بجلسة 13/ 2/ 1971 بصحة تلك التوقيعات ودفعوا بأن العقود تخفي وصايا، وهذا الإقرار يعتبر قبولاً للحكم المذكور مانعاً من الطعن فيه، وإذ اعتبر الحكم المطعون فيه أن الاستئناف المرفوع من المطعون ضدهم يجوز شموله لذلك الحكم وقضى بإلغائه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد المادة 212 من قانون المرافعات أن المشرع وضع قاعدة عامة مقتضاها أن الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة كلها لا يجوز الطعن فيها إلا مع الحكم المنهي للخصومة سواء كانت تلك الأحكام قطعية أم متعلقة بالإثبات، ولم يستثن من ذلك إلا الأحكام التي بينها بيان حصر وهي الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى والقابلة للتنفيذ الجبري، وكان يشترط في القبول المانع من الطعن في الحكم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون قاطع الدلالة على رضاء المحكوم عليه بالحكم وتركه الحق في الطعن فيه دون شك أو تأويل، لما كان ذلك، وكان قضاء محكمة أول درجة بتاريخ 20/ 4/ 1970 بصحة التوقيعات المنسوبة لمورثي المطعون ضدهم قد صدر أثناء سير الدعوى ولم تنته به الخصومة كلها، وهو من غير الأحكام التي أجازت المادة 212 المشار إليها الطعن فيها استثناء على استقلال إذ هو غير قابل للتنفيذ الجبري، فمن ثم لا يصبح نهائياً حائزاً قوة الأمر المقضي إلا مع الحكم المنهي للخصومة كلها في الدعوى. ولما كان محضر الجلسة 13/ 2/ 1971 - المقدمة صورته الرسمية من الطاعنين - قد خلا من أي قرار بصحة التوقيعات المذكورة أو قبول للحكم سالف الذكر وكان قيام المطعون ضدهم أثر صدور حكم بصحة توقيعات مورثيهم على العقود بالدفع بأن هذه العقود تخفي وصايا، ليس قاطع الدلالة على رضائهم بالحكم بصحة التوقيعات وتنازلهم عن حقهم في الطعن فيه عندما يحين قانوناً ميعاد استئنافه، لما كان ذلك كذلك، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون لإلغائه الحكم المؤرخ 20/ 12/ 1970 مع أنه حائز لقوة الأمر المقضي، يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه التناقض، وفي بيان ذلك يقولون إنه حتى مع إلغائه الحكم الصادر من محكمة أول درجة بتاريخ 20/ 12/ 1970 وتأييد ما عداه يكون قد أبقى الحكم الصادر بتاريخ 20/ 3/ 1971 الذي قضى بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضدهم بأن العقود تخفي وصايا وهو حكم قطع بصحة التوقيعات على تلك العقود مما يتناقض مع الحكم الصادر في 15/ 12/ 1974 الذي قضى بتزوير ذات التوقيعات، وبذلك يكون هذا التناقض قد لحق بالحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة عدم قبول النعي المفتقر إلى الدليل، وكان الطاعنون لم يقدموا صورة رسمية من أسباب الحكم المؤرخ 20/ 3/ 1971 المشار إليه للتدليل على أنه فصل في نزاع انتهى هو فيه إلى صحة التوقيعات على العقود المذكورة وأنه لم يكن مجرد منطوق بالتحقيق استجابة للدفاع الجديد المبدى من المطعون ضدهم إتباعاً للحكم السابق عليه، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالتناقض لهذا السبب يكون عارياً عن الدليل وبالتالي غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسببين الرابع والخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت في الأوراق وفي بيان ذلك يقولون إن المطعون ضده الرابع كان من بين خصوم الدعوى أمام محكمة أول درجة منذ البداية إذ رفعت الدعوى من المطعون ضدها الثالثة بصفتها وصية عليه وظلت تمثله حتى جلسة 11/ 3/ 1972 التي قيل فيها أنه بالغ سن الرشد، ذلك أنه سبق بلوغه لا ينفي استمرار صفتها في تمثيله كنائبة اتفاقية عنه وبالتالي يكون كل ما صدر في الدعوى نافذاً في حقه، وإذ لم يعتبر الحكم المطعون فيه بالإقرار الصادر بجلسة 13/ 2/ 1971 بصحة العقود ولكنها تخفي وصية ولا بالحكم الصادر بتاريخ 20/ 3/ 1971 بإحالة الدعوى إلى التحقيق المتضمن صحة التوقيع على تلك العقود وإثبات ونفي أنها تخفي وصية على سند من أن المطعون ضده الرابع لا يحاج بذلك لكونه لم يكن ممثلاً تمثيلاً قانونياً حينذاك، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وخالف الثابت في الأوراق بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه لما كان البين من الرد على السببين الثاني والثالث أنه لم يثبت صدور إقرار بجلسة 13/ 2/ 1971 بصحة صدور العقود من مورثي المطعون ضدهم، أو أن الحكم المؤرخ 20/ 3/ 1971 قد انطوى على قضاء قطعي حاسم حتى يحاج به المطعون ضده الرابع أو غيره من الخصوم ليتعارض بقاؤه مع تأييد ما تلاه من أحكام أو يمنع من استئناف الحكم الصادر بصحة التوقيع فإن النعي بهذين السببين في هذا الخصوص - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولون أنهم قدموا مستندات تمسكوا بدلالتها في تأييد صحة صدور العقود المشار إليها من مورثي المطعون ضدهم كما قدموا تقريراً من خبير استشاري وطلبوا ندب خبير مرجح أو ثلاثة خبراء إلا أن الحكم المطعون فيه لم يشر إلى تلك المستندات أو يلتفت إلى هذا الطلب وبذلك قد أخل بحقهم في الدفاع وعاره القصور بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب كل حجة للخصوم والرد عليها استقلالاً إذ حسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، لأن قيام هذه الحقيقة فيه الرد الضمني والمسقط لكل حجة تخالفها، كما أن محكمة الموضوع غير ملزمة بالاستجابة إلى طلب ندب خبير آخر في الدعوى متى رأت في تقرير الخبير السابق ندبه وفي أوراق الدعوى وعناصرها ما يكفي لتكوين عقيدتها، لما كان ذلك وكانت المحكمة - في حدود سلطتها الموضوعية - قد أخذت بالنتيجة التي انتهى إليها الخبير المنتدب للأسباب التي أوضحتها في تقريره وهي أسباب سائغة تكفي لحمل قضائها، فلا على الحكم المطعون فيه إن هو لم يرد على المستندات التي قدمها الطاعنون ورفض ندب خبير آخر ومن ثم يكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق