الصفحات

الخميس، 31 أغسطس 2023

الطعن 767 لسنة 47 ق جلسة 14 / 2 / 1981 مكتب فني 32 ج 1 ق 94 ص 487

جلسة 14 من فبراير سنة 1981

برئاسة السيد/ المستشار نائب رئيس المحكمة: الدكتور إبراهيم علي صالح، وعضوية السادة المستشارين: محمد طه سنجر، محمود حسن رمضان، عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل، وجهدان حسين عبد الله.

-----------------

(94)
الطعن رقم 767 لسنة 47 القضائية

إيجار "إيجار الأماكن" "التزامات المؤجر". إثبات "الإثبات بالبينة". نظام عام.
عقد إيجار الأماكن. وجوب إفراغه كتابة. المادة 16 من القانون رقم 52 لسنة 1969. تعلق ذلك بالنظام العام. مخالفة المؤجر أو احتياله لستر التعاقد أو أحد شروطه. أثره. للمستأجر إثبات حقيقة التعاقد بكافة طرق الإثبات.

----------------
مفاد نص المادتين 16، 44 من القانون رقم 52 لسنة 1969 يدل على أن المشرع اعتبر الالتزام بإفراغ التعاقد على الإيجار في عقد مكتوب من مسائل النظام العام، وأجاز للمستأجر في حالة مخالفة المؤجر لهذا الالتزام أو في حالة الاحتيال لستر العقد أو شرط من شروطه في صورة مخالفة، إثبات حقيقة التعاقد بجميع طرق الإثبات، ولما كان المطعون عليه قد طعن في عقد الاتفاق المؤرخ بأنه قصد به الاحتيال لإخفاء حقيقة أنه عقد إيجار لغرفة النزاع بأجرة سنوية هي المبلغ الثابت به على أنه مقابل استشارات قانونية يؤديها الطاعن للمطعون عليه فلا على الحكم المستأنف فيما قضى به من إحالة الدعوى إلى التحقيق لتمكن المستأجر (المطعون عليه) من إثبات حقيقة الواقع فيه بشهادة الشهود، وإذ أقام الحكم قضاءه بثبوت العلاقة الإيجارية على خلاف الثابت بالاتفاق المذكور على ما اطمأن إليه من البينات، فلا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر؛ والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 2098 لسنة 1975 مدني كلي شمال القاهرة ضد المطعون عليه بطلب الحكم بطرده من الغرفة المبينة بالصحيفة وتسليمها له. وقال في بيانها إنه بموجب اتفاق مؤرخ 16/ 8/ 1971 تعهد أن يعمل مستشاراً قانونياً للمطعون عليه وعملائه من الممولين، لمدة سنة تبدأ من 1/ 9/ 1971 مقابل مبلغ 120 جنيهاً كأتعاب، ونص في الاتفاق على السماح للمطعون عليه باستعمال إحدى الغرف بمكتب الطاعن لمقابلة عملائه بلا مقابل، وإذ امتنع المطعون عليه عن إخلاء الغرفة بعد إنذاره بتاريخ 2/ 6/ 1974 بعدم رغبة الطاعن في تجديد الاتفاق سالف البيان، فقد أقام الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه أنه كان يستأجر غرفة النزاع وأن ما أثبت بالاتفاق المبرم بينهما لا يطابق الطاعن الحقيقة, وبعد سماع الشهود حكمت برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 3332 لسنة 93 ق القاهرة، وبتاريخ 21/ 3/ 1977 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. قدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الثاني والثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المستأنف المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أحال الدعوى إلى التحقيق لإثبات قيام علاقة إيجارية بينه وبين المطعون عليه استناداً إلى نص المادة 16 من القانون رقم 52 لسنة 1969 التي تجيز إثبات حقيق الاتفاق المبرم بينهما بجميع طرق الإثبات ومن بينها البينة والقرائن، وإلى أن كلمة إيجار الواردة بالإيصال المؤرخ 5/ 4/ 1966 تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة، في حين أنه اعترض أمام محكمة أول درجة على تنفيذ هذا الحكم وتمسك أمام محكمة الاستئناف بعدم جواز إثبات ما يخالف الاتفاق المؤرخ 16/ 8/ 1971 بغير الكتابة عملاً بنص المادة 61 من قانون الإثبات، هذا إلى أنه لا وجه لاعتبار الإيصال سالف البيان مبدأ ثبوت بالكتابة ما دام أن العلاقة بينه وبين المطعون عليه ينظمها اتفاق مكتوب وغير مشوب بالغموض.
وحيث إن النعي مردود في شقه الأول بأنه لما كان النص في المادة 16 من القانون رقم 52 لسنة 1969 على أنه "اعتباراً من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون تبرم عقود الإيجار كتابة........ ويجوز للمستأجر عند المخالفة إثبات واقعة التأجير وجميع شروط العقد بكافة طرق الإثبات" والنص في المادة 44 من ذات القانون على معاقبة من يخالف حكم المادة سالفة البيان، يدل على أن المشرع اعتبر الالتزام بإفراغ التعاقد على الإيجار كتابة من مسائل النظام العام. وأجاز للمستأجر في حالة مخالفة المؤجر لهذا الالتزام أو حالة الاحتيال على شرط من شروطه في صورة مخالفة، إثبات حقيقة التعاقد بجميع طرق الإثبات، لما كان ذلك, وكان المطعون عليه قد طعن في عقد الاتفاق المؤرخ 16/ 8/ 1971 بأنه قصد به الاحتيال لإخفاء حقيقة أنه عقد إيجار لغرفة النزاع بأجرة سنوية هي المبلغ الثابت به على أنه مقابل استشارات قانونية يؤديها الطاعن للمطعون عليه, فلا على الحكم المستأنف فيما قضى به من إحالة الدعوى إلى التحقيق لتمكين المستأجر "المطعون عليه" من إثبات حقيقة الواقع فيه بشهادة الشهود وإن الحكم المطعون فيه إذ أقام الحكم قضاءه بثبوت العلاقة الإيجارية على خلاف الثابت بالاتفاق المذكور على ما اطمأن إليه من البينات لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. ولما كان لا يبين من حكم الإحالة إلى التحقيق أو الحكم المطعون فيه أن أيهما قد أسس جواز إثبات واقعة التأجير على اعتبار ما تضمنه إيصال 5/ 4/ 1966 مبدأ ثبوت بالكتابة، فإن الشق الثاني من النعي يكون غير صحيح لوروده على غير محل من الحكم.
وحيث إن الطاعن ينعى بالأسباب الأول والرابع والخامس على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن الاتفاق المعقود بين الطرفين قصد به التحايل على أحكام قوانين الإيجار واستدل على ذلك بأوراق الشكوى رقم 1818 لسنة 1970 إداري الأزبكية، وأثبت في مدوناته أن الطاعن لم يشهد أحداً وأنه لم يطعن على شهادة شاهدي المطعون عليه، في حين أنه تمسك في دفاعه بأن قانون إيجار الأماكن يجيز له تأجير مثل غرفة النزاع مفروشة ولا يخضع عقدها عندئذ لقواعد تحديد الأجرة أو الامتداد القانوني، ومع ذلك التفت الحكم عن الرد على هذا الدفاع، في حين أن الثابت من أوراق الشكوى سالفة البيان أن الطاعن كان يشارك المطعون عليه في استعمال غرفة النزاع وأنه إذ رغب في تأجير غرفة أخرى كان يستعملها المطعون عليه لآخر فقد انتقل إلى غرفة النزاع، كما أن الإيصالات المقدمة من المطعون عليه هي بصريح عباراتها مقابل استشارات قانونية، حالة أن المطعون عليه لم يثبت أنها لقاء إيجار غرفة النزاع، كذلك فإنه قد اعترض على تنفيذ الحكم الصادر بالإحالة على التحقيق وفند شهادة شاهدي المطعون عليه.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها بأن عقد الاتفاق المؤرخ 16/ 8/ 1971 هو في حقيقته إجارة عين النزاع مقابل المبلغ المحدد به، استناداً إلى ما شهد به شاهدي المطعون عليه ومما تضمنته أوراق الشكوى رقم 1818 لسنة 1971 إداري الأزبكية من محاولة إدخال منقولات بها في بداية النزاع، وما ورد بإيصال 5/ 4/ 1966 من أنه مقابل أجرة شهر أبريل، فإنها تكون قد أقامت قضاءها على ما استظهرته في سداد من أوراق الدعوى وأوردت أسباباًَ سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وتكفي لحمل النتيجة التي خلص إليها، فتكون في حدود سلطتها الموضوعية في تقدير الأدلة وهو ما تستقل به دون رقابة أو تعقيب عليها في ذلك من محكمة النقض، كما أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بتتبع أقوال الخصوم والرد على كل منها استقلالاً متى كانت أقامت قضاءها على ما يكفي لحمله، ويعتبر ما أورده من أسباب رداً ضمنياً مسقطاً لما أثاره الطاعن، وترتيباً على ما سلف البيان فإن النعي بهذه الأسباب يكون في غير محله.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق