الصفحات

الخميس، 3 أغسطس 2023

الطعن 31 لسنة 2022 تمييز دبي مدني جلسة 24 / 3 / 2022

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 24-03-2022 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 31 لسنة2022 طعن مدني
طاعن:
راشد محمد صقر الشاعر العلى
حميد محمد صقر الشاعر العلي
حسناء احمد مصطفى حليمة
عبدالله محمد صقر الشاعر العلى
ريم محمد صقر الشاعر العلى
منصور محمد صقر الشاعر العلى
سلامة محمد صقر الشاعر العلى
شمسه محمد صقر الشاعر العلى
عوشه محمد صقر جمعه  الشاعر
فاطمة محمد صقر الشاعر العلي
مطعون ضده:
سمية محمد صقر الشاعر العلى
ليلى محمد صقر جمعه  الشاعر
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2021/1171 استئناف مدني
بتاريخ 15-11-2021
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بجلسة المرافعة السيد القاضي المقرر _أحمد محمد عامر_ وبعد المداولة.
حيث إن الوقائـع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعنين أقاموا على المطعون ضدهما الدعوى رقم 38 لسنة 2021 مدني كلي أمام محكمة دبي الابتدائية بطلب الحكم بفسخ عقد الهبة المؤرخ 17/1/2006 والموقع من مورثهم لصالح أبنتيه (المطعون ضدهما) وببطلانه وبطلان ما ترتب عليه من أثار لمخالفته النظام العام وبالزام المطعون ضدهما بنقل ملكية قطعة الارض رقم 257-الكائنة بمنطقة ام سقيم الاولى -والبالغ مساحتها 7,344,00 بإسم الورثة الشرعيين للمرحوم بإذن الله/ محمد صقر جمعه الشاعر العلى ، والتأشير بذلك فى السجل المبدئي بدائرة الأراضي والأملاك بإمارة دبى ، وذلك تأسيساً على أنهم والمطعون ضدهما الورثة الشرعيين للمذكور وأنه حال حياته قام بتحرير عقد الهبة سالف الذكر تضمن هبته لهما قطعة الارض المشار إليها إلا أنه بتاريخ 28/6/2006 قام بالرجوع في الهبة بموجب خطاب رسمى مقدم الى دائرة الأراضي والاملاك بدبى بغية عدم المفاضلة بين أولاده إلا أن المطعون ضدهما قامتا بنقل ملكية قطعة الارض محل ذلك العقد بإسميهما لدى تلك الدائرة رغم رجوع والدهما في هبته ، وحيث أن قطعة الارض محل عقد الهبة كانت قد آلت الى المورث عن طريق المنحة من سمو الشيخ حاكم دبى مما يبطل معه أي تصرف ناقل للملكية خاص بها ، ومن ثم فقد أقاموا الدعوى ، وبتاريخ 26/05/2021 حكمت المحكمة ببطلان عقد الهبة المؤرخ فى 17/1/2006 ونقل ملكية قطعة الارض رقم 257-الكائنة بمنطقة ام سقيم الاولى -والبالغ مساحتها 7,344,00 باسم الورثة الشرعيين والتأشير بذلك فى سجل دائرة الأراضي والاملاك بإمارة دبى ، استأنفت المطعون ضدهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 1171 لسنة 2021 مدني ، وبتاريخ 15/11/2021 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف والحكم مجدداً برفض الدعوى ، طعن الطاعنون في هذا الحكم بالتمييز الماثل بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى لدى هذه المحكمة بتاريخ 202 2 / 1 / 11 طلبوا فيها نقضه ، قدم محامي المطعون ضدهما مذكرة بدفاعه -في الميعاد- طلب فيها رفض الطعن .
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم من سبب واحد ينعي به الطاعن و ن علي الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطاء في تطبيقه والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق إذ قضى بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعواهم تأسيساً علي ما ورد برسالة دائرة الأراضي والاملاك بإمارة دبى من تفويض هذه الدائرة من قبل صاحب السمو الشيخ مكتوم بن راشد رحمه الله عليه بالنظر في طلبات الهبة على الأراضي والمنح حسبما تراه مناسباً ، في حين أن ملكية قطعة الارض -موضوع الدعوى- قد ألت الى مورثهم عن طريق الهبة الممنوحة من الدولة مما ي ُ عد كل تصرف عليها باطلاً بطلاناً مطلقاً لمخالفته للنظام العام ، فالرسالة سالفة الذكر جاءت مبهمة وغير دقيقة الفحوى و خلت من ثمة اذن خاص صادر من سمو الحاكم يبيح التصرف بالهبة في قطعة الأرض -موضوع الدعوى -، ولا يوجد دليل مادى على صحة وجود التعليمات الشفوية المذكورة بتلك الرسالة خلافاً إلى أنه لا يمكن تصور وجود تشريعات صادرة شفوياَ لتنظيم مثل هذه الحالات أو لمخالفة قرار أو تشريع متعلق بالنظام العام ، وإنما عبارات تلك الرسالة تدُل علي أن للدائرة بحث طلبات الهبة المقدمة إليها من الأشخاص دون البت في نقل الملكية من شخص لآخر أو إقرار الهبة ، ف التعليمات الصادرة من سموه تستوجب وجود إذن خاص بالتصرف في الأراضي الممنوحة للمواطنين وليس تفويضاً شفوياً ، وكانت الرسالة الواردة من دائرة الأراضي والاملاك بإمارة دبى قد خلت من ثمة إذن خاص من سمو الحاكم يبيح من خلاله عقد الهبة المؤرخ فى 17/1/2006 ، كما أن الأذن الشفوي الصادر من سمو الشيخ مكتوم بن راشد (رحمه الله عليه) بالنظر في طلبات الهبة والموافقة عليها الوارد برسالة دائرة الأراضي والاملاك قد زال بوفاة سموه بتاريخ 4/1/2006 قبل صدور عقد الهبة في 17/1/2006 ، ولذا كان يجب وجود إذن خاص جديد من سمو الشيخ محمد بن راشد يبيح من خلاله عقد الهبة -موضوع الدعوى -، وكان ال ثابت من الخطاب الصادر من دائرة الأراضي والاملاك بإمارة دبى والمؤرخ فى 28/6/2006 واستمارة طلب قبول دعوى بدون رسوم وصحيفتها في 2006/7/1 أن مورث الطاعنين عملاً بالمادتين (652) ، (653) قد رجع في الهبه -موضوع الدعوى - حال حياته رغبة منه فى عدم المفاضلة بين أولاده الشرعيين وحتى لا يؤدي إلى الضغينة والغيرة بينهم ، إلا أنه لم يتمكن من قيد دعواه أنذاك لعدم قدرته على دفع رسومها القضائية ، فإذا ما قضى الحكم برفض دعواهم فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي مردود ، ذلك أنه من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن النصوص في المواد (614 ، 615 ، 632 ، 634 ، 636 ، 646 ، 649) من قانون المعاملات المدنية تدل مجتمعه على أن الهبه عقد بموجبه يتصرف الواهب في مال له دون عوض بنيه التبرع ويراد به التمليك الفوري ، وأنها تنعقد بمجرد الايجاب والقبول إلا أنها لا تنفذ إلا بقبض المال الموهوب وذلك بتسليم المال الموهوب إلى الموهوب له فعلياً أو حكمياً بحيث تنتقل حيازة هذا المال حيازة كامله إلى الموهوب له بوصفه مالكاً للمال الموهوب وذلك على النحـو الذي يتفق مع طبيعة الشيء محل الهبه ، وأنه ليس ثمة ما يمنع الواهب قبل قبض الموهوب له المال الموهوب أن يرجع في الهبه دون رضاء الموهوب له ما دام لا يوجد مانع من موانع الرجوع المنصوص عليها في المادة (649) المشار إليها ومنها إذا مات أحد طرفي العقد قبل قبض الموهوب له المال الموهوب ، أما بعد القبض فلا يجوز له ذلك إلا بالتراضي مع الموهوب له أو بالتقاضي دون رضاء الموهوب له إذا كان عنده عذر مقبول للرجوع مالم يوجد مانع من الرجوع ، ومن المقرر أيضاً أنه وفقا لمفهوم نصوص المواد 636 ، 1275 ، 1277 من قانون المعاملات المدنية أنه يشترط لنفاذ عقد الهبة الوارد على عقار اتخاذ إجراءات تسجيله وفقاً لأحكام القوانين الخاصة به فإذا لم يتم تسجيله فإن ملكية العقار الموهوب أو الحقوق العينية الأخرى الواردة عليه لا تنتقل بين الواهب والموهوب له أو في حق الغير وتظل الملكية على ذمة الواهب وله وحده حق الانتفاع بالعين المملوكة له والتصرف فيها قصداً واستغلالاً ثم تؤول من بعد وفاته إلى ورثته ، وأن عقد الهبة متى توافرت أركانه القانونية وفقا ً لمفهوم نصوص المواد سالفة الذكر فإنه يقع صحيحاً وتترتب عليه آثاره القانونية التي اتجهت إليها إرادة المتعاقدين ، و يشترط أن لا يكون العقد أو آثاره مخالفاً للنظام العام كأن يكون القانون قد نص على بطلانه لاعتبارات تتعلق بالمصلحة العامة أو اشترط لنفاذه اتخاذ إجراءات قانونية لازمة لنقل ملكية المال محل العقد ، ومن المقرر أيضاً أن النص في البند الأول من تعليمات سمو حاكم دبي الصادرة في 20/9/1994 بشأن الأراضي الممنوحة من الحكومة للمواطنين في إمارة دبي والمعمول بها من تاريخ نشرها في 8/11/1994 على أن ((يحظر التصرف بالأراضي الممنوحة أو التي تمنح من الحكومة للمواطنين في إمارة دبي بطريق البيع أو الرهن أو الهبة أو المبادلة أو الإستثمار بالإشتراك مع الغير أو الإجاره لمدة تزيد على ثلاث سنوات إلا بإذن خاص من الحاكم)) والنص في البند الثاني منها على أن (( يقع باطلاً بطلاناً مطلقاً أي تصرف يتم خلافاً لأحكام البند الأول)) مفاده أن الدعوى بصحة ونفاذ أي من التصرفات المشار إليها في هذه التعليمات ومن ضمنها الهبه أو ثبوت ملكية المال الموهوب أو بطلان التصرف في المال بالهبة يقتضي الفصل فيها بحث ما عسى أن يثار من منازعات بشأن ملكية الشيء الموهوب وانتقال ملكية الأرض الموهوبه إلي الموهوب له ، والبحث أيضا فيما إذا كان الواهب قد تملك الأرض موضوع الهبة وما إذا كانت منحة من صاحب السمو حاكم دبي بحيث لا يجوز التصرف فيها بالهبة إلا بإذن خاص من سموه ، إعمالاً للتعليمات المشار إليها ، وإلا كان التصرف باطلاً بطلاناً مطلقاً ، وانه متى صدر إذن سمو الحاكم أضحى التصرف صحيحاً لا يلحقه أي بطـلان. وأن ه وفقاً لما تقضي به المادة الثالثة من قانون المعاملات المدنية -وعلى ما قررته هذه المحكمة- أن الاحكام المتعلقة بتداول الثروات وقواعد الملكية الفردية تعتبر من النظام العام ، وأن المراد بالقانون هو القانون بمعناه الأعم ، فيدخل في هذا المجال كافة ما يصدره صاحب السمو حاكم امارة دبي من أوامر ، أياً كان الشكل الذي تصدر به ، يستوي في ذلك اصدار سموه له في شكل قانون أو مرسوم أو تعليمات كتابية أو شفهية وتُعد كلها في مرتبة واحدة لصدورها من سموه وهو صاحب السلطة في إصدار كافة التشريعات بإمارة دبي ، وتظل قائمة وسارية طالما لم تلغى بتشريع آخر لاحق ، ومن المقرر أيضاً أن المدعي وفق ما تقضي به المادة الأولى من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية هو الذي يقع عليه عبء إثبات صحة ما يدعيه ، ولا تثريب على المحكمة إن هي التفتت عن دفاع للخصم لم يقدم إليها دليله ، وأن الدفاع الجديد الذي يكون بسبب قانوني يخالطه واقع والذي لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع لا تجوز اثارته لأول مره أمام محكمة التمييز لان القصد من الطعن هو تجريح الحكم المطعون فيه ، ولا يتصور ثمة خطأ ينسب الى الحكم المطعون فيه في أمر لم يعرض على محكمة الاستئناف ، ومن المقرر كذلك أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وفي بحث حقيقة المحرر وتفسيره واستظهار مدلوله بما تضمنته عباراته على ضوء الظروف التي أحاطت بتحريره واستخلاص الواقع الصحيح في الدعوى ولا رقابة لمحكمة التمييز عليها في ذلك متى كان استخلاصها سائغاً وله معينه الثابت في الأوراق وأقامت حكمها على أسباب سائغة تكفى لحمله . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلغاء حكم محكمة أول درجة القاضي ببطلان عقد الهبة -موضوع الدعوى- والحكم مجدداً برفض دعوى الطاعنين على ما أورده بمدوناته من أن ((... الثابت من صورة خطاب دائرة الأراضي والاملاك بدبي-الذي لم ينازع فيه المستأنف ضدهم (الطاعنين)- المؤرخ 07/07/2021 (أن المغفور له صاحب السمو الشيخ مكتوم بن راشد ال مكتوم قد فوض دائرة الأراضي والاملاك آنذاك بموجب تعليمات شفوية بالنظر في طلبات الهبه على الأراضي المنح والموافقة عليها حسب ما تراه الدائرة مناسبا في هذا الشأن) ، وان الثابت من صورة شهادة ملكية الأرض موضوع الهبه أن دائرة الأراضي والاملاك قامت بتسجيل ملكيتها باسم المستأنفتين -المطعون ضدهما- وبينت بالشهادة أن الأرض آلت اليهما بالهبة بموجب العقد المحدد وبينت بأن الأرض منحة لا يجوز التصرف فيها إلا بأمر من سمو الحاكم , يدل على صحة ونفاذ عقد الهبة والملكية على الأرض المنحة موضوع الدعوى ، وأن دائرة الأراضي والاملاك -وهي عالمة بتعليمات سمو الحاكم بشأن التصرفات على الأراضي المنح- قامت بإنفاذ العقد ونقل الملكية بناء على الأذن الخاص الممنوح لها من سمو الحاكم بشأن طلبات الهبه على الأراضي المنح , ولا ينال من ذلك دفع المستأنف ضدهم برجوع مورثهم عن الهبه ، إذ أن المستأنفتين قد قبضتا الهبة وانتقلت ملكيتها لهما قبل الرجوع عن الهبه ، ولم يتم التراضي مع الموهوب لهما أو التقاضي بشأن الرجوع عن الهبه ، ولا ينال من ذلك دفعهم بسقوط الأذن الصادر من المغفور له صاحب السمو الشيخ مكتوم بن راشد ال مكتوم بوفاته ، اذ أن الأذن الصادر عن سموه يعتبر ساري المفعول ما لم يصدر أمر مخالف له ، سيما أن التعليمات المنشورة بالجريدة الرسمية بالعدد رقم (215) الصادر في 8/11/ 1994 بشأن الأراضي الممنوحة من الحكومة للمواطنين في إمارة دبي صادرة من سموه وفي عهده ، مما يتعين معه القضاء بإلغاء الحكم المستأنف والحكم مجدداً برفض الدعوى ...)) ، وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم المطعون فيه سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق ولا مخالفة فيه للقانون ، ومما يدخل في نطاق سلطة محكمة الموضوع في تفسير كتاب دائرة الأراضي والأملاك بدبي المؤرخ 07/07/2021 بتفويضها في النظر والبت في طلبات الهبه على الأراضي المنح ، وكافياً لحمل قضائه ويتضمن الرد المسقط لكل حجج الطاعنين وأوجه دفاعهم الواردة بوجه النعي ، وكان لا يقبل من الطاعنين القول من عدم و جود دليل مادى على صحة وجود التعليمات الشفوية المذكورة برسالة دائرة الأراضي والأملاك بدبي المؤرخة 07/07/2021 الأوراق ذلك أن أوراق الدعوى قد خلت مما يفيد تمسك الطاعنين أمام محكمة الموضوع بهذا الدفاع القانوني الذي يخالطه واقع وبالتالي فلا يجوز لهما التحدى بهذا السبب _أيا كان وجه الرأي فيه_ لأول مرة أمام محكمة التمييز ، ومن ثم فإن النعي برمته يكون علي غير أساس.
وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: برفض الطعن وبإلزام الطاعنين بالمصروفات ، ومبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة ، مع مصادره مبلغ التأمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق