الصفحات

السبت، 26 أغسطس 2023

الطعن 160 لسنة 47 ق جلسة 26 / 1 / 1981 مكتب فني 32 ج 1 ق 65 ص 321

جلسة 26 من يناير سنة 1981

برئاسة السيد/ المستشار نائب رئيس المحكمة الدكتور مصطفى كيره، وعضوية السادة المستشارين صلاح عبد العظيم، سيد عبد الباقي، الدكتور أحمد حسني وحافظ السلمي.

---------------

(65)
الطعن رقم 160 لسنة 47 القضائية

(1) نقض "السبب المجهل" حكم.
النعي بعدم جواز تجزئة كشف الحساب دون بيان فحواه وما هو مطلوب إضافته أو خصمه ولا ماهية التجزئة. نعي مجهل. غير مقبول.
(2) نقض "ما لا يعد قصوراً". حكم.
إغفال الحكم الرد على دفاع الطاعنة بأنها تمسك دفاتر تجارية منتظمة دون أن تقدمها. لا قصور.
(3) عقد "تفسير العقد". محكمة الموضوع.
لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تفسير المستندات وصيغ العقود بما تراه أوفى بمقصود العاقدين.
(4) خبرة. حكم "تسبيب الحكم".
اعتداد الحكم بتقرير الخبير. إيراد الخبير تقريرات زائدة لا تأثير لها على النتيجة التي انتهى إليها. لا عيب.
(5) إثبات "العرف. العادة التجارية".
العرف أو العادة التجارية. على المدعي بقيامها إثبات وجودها وأن المتعاقدين قصدا الالتزام بها واتباعها
(6) حكم. دعوى "تقديم مذكرات ومستندات".
إيداع الخصم بملف الدعوى مستنداً في غير جلسات المرافعة. إشارته إليه في مذكرة تالية سلمت صورتها للخصم الآخر. النعي على الحكم بالبطلان لا محل له. علة ذلك. إتاحة المحكمة الفرصة للرد.
(7) خبرة. محكمة الموضوع.
عدم التزام محكمة الموضوع بتعيين خبير آخر في الدعوى. علة ذلك. للمحكمة أن تأخذ بتقرير الخبير محمولاً على أسبابه دون أن ترد استقلالاً على الطعون الموجهة إليه.

-----------------
1 - إذ كانت الطاعنة قد اكتفت بالقول بعدم تجزئة بيانات كشف الحساب المؤرخ....... ووجوب الأخذ بجميع بياناته من دائنية ومديونية لم تبين فحوى هذا الكشف وما به من دائنية ومديونية ولا ما تطلب إضافته أو خصمه منها ولا ماهية التجزئة التي لحقت الحساب الذي تضمنه حتى يتسنى الوقوف على مدى صحة ما تتحدى به ولا يغني عن ذلك الإحالة المجملة على ما حوته المذكرة المقدمة منها لمحكمة الدرجة الثانية فإن نعيها هذا يكون مجهلاً. ومن ثم فهو غير مقبول..
2 - إذ كان البين من الأوراق أن الطاعنة قصرت دفاعها على مجرد القول بأنها تمسك دفاتر تجارية منتظمة تركن إليها في تصفية حسابها دون أن تقدمها إلى الخبير أو أمام المحكمة، فلا على المحكمة إن هي التفتت عن دفاع الطاعنة العاري عن الدليل.
3 - لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تفسير المستندات وصيغ العقود والشروط المختلف عليها بما تراه أوفى بمقصود المتعاقدين، وفي استخلاص ما يمكن استخلاصه منها ولا سلطان لمحكمة النقض عليها متى كانت عبارة الورقة تحمل المعنى الذي حصلته محكمة الموضوع.
4 - إذ كان الخبير قد أورد أن الطاعنة لم تقدم ما يدل على حدوث التأخير وهو يكفي وحده لحمل النتيجة التي انتهى إليها فإنه لا يعيبه ما يكون قد استطرد إليه بعدئذ من ذكر أنه لم يحصل إنذار أو طلب سرعة إنهاء الأعمال لأن ذلك من قبيل التزيد الذي يستقيم التقرير بدونه وليس من شأنه أن يغير من الأساس الذي أقام عليه نتيجته.
5 - على من يدعي قيام العرف أو العادة التجارية إثبات وجودها، وإثبات أن المتعاقدين كليهما قصداً الالتزام بها واتباعها.
6 - النص في المادة 168 من تقنين المرافعات على أن "لا يجوز للمحكمة أثناء المداولة أن تسمع أحد الخصوم أو وكيله إلا بحضور خصمه، أو أن تقبل أوراقاً من أحد الخصوم دون اطلاع الخصم الآخر عليها وإلا كان العمل باطلاً". والنص في الفقرة الثانية من المادة 20 من ذات القانون على أن "ولا يحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء" يدل على أن الشارع رأي حماية لحق الدفاع منع المحكمة من الاستماع أثناء المداولة لأحد الخصوم أو وكيله في غيبه خصمه ومن قبول مستندات أو مذكرات من أحدهم دون اطلاع الخصم الآخر عليها ورتب على مخالفة ذلك البطلان وإذ ثبت تحقق الغاية التي قصد الشارع إلى تحقيقها من خلال واقعة المعروضة رغم تخلف هذا الشكل أو البيان، فإن من التمسك بالشكليات القضاء بالبطلان. فإذا كان الثابت من الصورة الرسمية لمحضر جلسة 28 أكتوبر سنة 1976 المودعة من الطاعنة أن طرفي الخصومة حضرا بتلك الجلسة وقدم كل منهما مذكرة بدفاعه سلمت صورتها للآخر وتضمنت مذكرة المطعون ضده - المودعة صورة رسمية منها بملف الطعن - الإشارة إلى فحوى الشهادة الرسمية الصادرة من هيئة التأمينات الاجتماعية بعدم وجود مستحقات على المطعون ضده قبل الهيئة والتي قدمها بتاريخ 25 أكتوبر سنة 1976 والمعلاة تحت رقم 15 دوسيه، وكان مفاد ذلك أن الطاعنة قد أحيطت علماً بإيداع هذا المستند وأتيحت لها فرصة الرد على ما جاء بمذكرة المطعون ضده في خصوصه وذلك بتصريح من المحكمة بتقديم المذكرات خلال أسبوع من حجز الدعوى للحكم لجلسة 30 نوفمبر سنة 1976 وقد كان في مكنة الطاعنة أن تتقدم بما قد يعن لها من دفاع خاصة وقد مد أجل الحكم إدارياً إلى جلسة 16 ديسمبر سنة 1976 دون أن تطلب من المحكمة فتح باب المرافعة فإنه لا يعاب على المحكمة إن هي عولت في قضائها على هذا المستند المطروح في الدعوى إذ قد أتيحت للطاعنة فرصة للرد عليه وبذلك تحققت الغاية التي قصدها الشارع باطلاع الخصم على ما يقدمه خصمه من دفاع أو أوراق أو مذكرات مع تمكينه من الرد عليه فإن النعي على الحكم بالبطلان في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
7 - مؤدى نص المادة 154 من تقنين الإثبات أن تعيين خبير أو ثلاثة خبراء إنما هو رخصة منحها الشارع للمحكمة فلا يعاب عليها عدم استعمالها ما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى تقرير الخبير الذي عينته في الدعوى ولم تر لزوماً لتعيين خبير آخر فلا رقيب عليها في ذلك. ومتى رأت محكمة الموضوع الأخذ بتقرير الخبير لاقتناعها بصحة أسبابه فإنها لا تكون ملزمة بالرد استقلالاً على الطعون التي وجهت إليه إذ في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 1026 لسنة 1971 تجاري جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدي له مبلغ 34145.657 جنيه وفوائده بواقع 5% وقال شرحاً لدعواه أنه خلال السنوات 1964، 1965، 1966 اتفق مع شركة مصر للمقاولات المباني العامة التي أصبحت بعد التأميم الشركة الطاعنة - على توريد وتركيب أعمال التجارة الخاصة بعدد من عمليات البناء وقام بتنفيذ جميع أعماله وسلمت إلى الجهات المختصة، وإذ ما طلت الطاعنة في تسليمه قيمة ما يستحقه عن هذه الأعمال، فقد أقام دعواه بالطلبات سالفة الذكر وبتاريخ 26 مارس سنة 1970 حكمت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل لتصفية الحساب بين الطرفين وبورود تقرير الخبير عدل المطعون ضده طلباته إلى المطالبة بمبلغ 35306.326 جنيه وبتاريخ 26 أبريل سنة 1973 حكمت المحكمة بإلزام الشركة الطاعنة بأن تدفع له المبلغ المطلوب. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 350 لسنة 90 ق القاهرة وبتاريخ 31 يناير سنة 1974 حكمت المحكمة بإعادة المأمورية إلى مكتب الخبراء لفحص الاعتراضات التي وجهتها الطاعنة وبورود التقرير الأخير حكمت المحكمة بتاريخ 16 ديسمبر سنة 1976 بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضده مبلغ 31166.409 جنيه والفوائد بواقع 5% سنوياً اعتباراً من 11 نوفمبر 1969 بالنسبة لمبلغ 28125.572 جنيه واعتباراً من 28 أكتوبر سنة 1976 بالنسبة لباقي المبلغ المحكوم به، طعنت الشركة الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة بالرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وذلك من ثلاث وجوه، وفي بيان الوجه الأول تقول إن الحكم أقام قضاءه بإلزام الشركة الطاعنة بأن تؤدي إلى المطعون ضده مبلغ 131166.409 جنيه استناداً إلى ما جاء بتقرير الخبير المعين في الدعوى والذي أخذ ببعض تقريرات في كشف حساب إجمالي مؤرخ 9 ديسمبر سنة 1967 موقعاً عليه من أحد العاملين بالشركة الطاعنة، في حين أن - المطعون ضده قد تمسك بهذا الكشف وأراد أن يستخلص منه دليلاً لنفسه فيجب أن يؤخذ الكشف بجميع مشتملاته أساساً للمحاسبة تطبيقاً لمبدأ عدم تجزئة الإقرار كما طلبت الطاعنة من الخبير الاطلاع على دفاتر الشركة الطاعنة واتخاذها أساساً للإثبات خاصة أنها دفاتر منتظمة ومتعمدة تطبيقاً لمبدأ حجية الدفاتر التجارية.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول غير سديد، ذلك أنه متى كانت الطاعنة قد اكتفت بالقول بعدم جواز تجزئة بيانات كشف الحساب المؤرخ 9 ديسمبر سنة 1976 ووجوب الأخذ بجميع بياناته من دائنية ومديونية ولا ما تطلب إضافته أو خصمه منها ولا ماهية التجزئة التي لحقت الحساب الذي تضمنه حتى يتسنى الوقوف على مدى صحة ما تتحدى به ولا يغني عن ذلك الإحالة المجملة على ما حوته المذكرة المقدمة منها لمحكمة الدرجة الثانية فإن نعيها هذا يكون مجهلاً ومن ثم فهو غير مقبول.
وحيث إن النعي في شقه الثاني مردود، ذلك أنه يبين من الأوراق أن الطاعنة قصرت دفاعها على مجرد القول بأنها تمسك دفاتر تجارية منتظمة تركن إليها في تصفية حسابها دون تقدمها إلى الخبير أو أمام المحكمة فلا على المحكمة إن هي التفتت عن دفاع الطاعنة العاري عن الدليل ويكون النعي عليه بالقصور في التسبيب على غير أساس.
وفي بيان النعي بالوجه الثاني من السبب الأول تقول الطاعنة أن الحكم أقام قضاءه بعدم أحقيتها في احتساب مبلغ "التشطيبات" أو تحميل المطعون ضده بغرامات التأخير على أساس ما انتهى إليه الخبير في تقريره من أن الطاعنة لم تقدم ما يفيد تقاعس المطعون ضده عن القيام بجميع الأعمال المسندة إليه وتشطيبها نهائياً وما يفيد قيامها بأعمال التشطيبات على حسابه أو إنذاره للقيام بها كما لم تقدم أي دليل على تأخره في أعمال النجارة المسندة إليه فلم تقدم أي إنذار أو طلب سرعة إنهاء أعمال النجارة في حين أن البند الثالث من العقود المبرمة بين الطرفين تقضي بحق الشركة الطاعنة في التشغيل على حساب المطعون ضده بدون إنذار.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تفسير المستندات وصيغ العقود والشروط المختلف عليها بما تراه أوفى بمقصود المتعاقدين وفي استخلاص ما يمكن استخلاصه منها ولا سلطان لمحكمة النقض عليها متى كانت عبارة الورقة تحمل المعنى الذي حصلته محكمة الموضوع، وكان الحكم المطعون فيه لم يعول على ما أثارته الطاعنة بمذكرتها المقدمة أمام محكمة الدرجة الثانية بجلسة 28 أكتوبر سنة 1976 في خصوص دفاعها المتعلق بتفسير العقود المبرمة بينها وبين المطعون ضده، وانتهى الحكم استناداً إلى ما جاء بتقرير الخبير الذي أخذ به - إلى رفض احتساب قيمة التشطيبات وغرامات التأخير على حساب المطعون ضده لأن الطاعنة لم تقدم ما يدل على أن المطعون ضده قد تأخر في القيام بالأعمال المسندة إليه وتشطيبها نهائياً في المواعيد المحددة، وكان ما أورده التقرير واعتمده الحكم يتفق مع عبارات العقد الواضحة ومن شأنه أن يؤدي إلى ما انتهى إليه من أن بنود العقد المشار إليها لا تخول الطاعنة التشغيل على حساب المطعون ضده دون إنذار وتحميله فروق الأثمان وغرامات التأخير إلا إذا تأخر أو أهمل في تنفيذ الأعمال في المواعيد المحددة وقد أورد الخبير قد أن الطاعنة لم تقدم ما يدل على حدوث التأخير وهو يكفي وحده لحمل النتيجة التي انتهى إليها, فإنه لا يعيبه ما يكون قد استطرد إليه بعدئذ من ذكر أنه لم يحصل إنذار أو طلب سرعة إنهاء الأعمال لأن ذلك من قبيل التزيد الذي يستقيم التقرير بدونه وليس من شأنه أن يغير من الأساس الذي أقام عليه نتيجته في هذا الخصوص.
وفي بيان النعي بالوجه الثالث من السبب الأول تقول أن الحكم قضى بعدم تحميل المطعون ضده المصاريف الإدارية في حين أن هناك عرفاً جارياً متميزاً وعلى الأقل عادة اتفاقية تجارية في قطاع المقاولات تقضي بتحميل المقاول بنسبة تتراوح بين 10% و15% من المصاريف الإدارية بالنسبة لما يتسلمه من خامات أولية وقد طلبت الطاعنة ذلك أمام الخبير المعين في الدعوى وأمام محكمة الدرجة الثانية إلا أنها لم تتحقق من وجود هذا العرف أو نفيه مما يشوب حكمها بالقصور والخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن على من يدعي قيام العرف أو العادة التجارية إثبات وجودها - وإثبات أن المتعاقدين كليهما قصدا الالتزام بها واتباعها لما كان ذلك وكانت الطاعنة قد قصرت دفاعها على مجرد القول بوجود عرف أو عادة تجارية في قطاع المقاولات دون تقديم ما يؤيد ذلك فلا على الحكم إن هو التفت عن هذا الدفاع العاري عن الدليل.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه البطلان وفي بيان ذلك تقول أن الحكم أقام قضاءه بإلزامها بأن تؤدي إلى المطعون ضده مبلغ 3040.837 قيمة ما احتجزته لحساب مستحقات هيئة التأمينات الاجتماعية على أساس ما ثبت من الشهادة المقدمة بجلسة 28 - 10 - 1976 الصادر من الهيئة والتي تتضمن عدم وجود مستحقات على المطعون ضده قبلها، في حين أن الثابت من الصورة الرسمية لمحضر تلك الجلسة خلوه مما يفيد المطعون ضده هذا المستند فيها.
ومن حيث إن هذا النعي مردود عليه بأن النص في المادة 168 من تقنين المرافعات على أن "لا يجوز للمحكمة أثناء المداولة أن تسمع أحد الخصوم أو وكيله إلا بحضور خصمه، أو أن تقبل أوراقاً من أحد الخصوم دون اطلاع الخصم الآخر عليها وإلا كان العمل باطلاً" والنص في الفقرة الثانية من المادة 20 من ذات القانون على أن "ولا يحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء "يدل على أن الشارع رأى حماية لحق الدفاع منع المحاكم من الاستماع أثناء المداولة لأحد الخصوم أو وكيله في غيبة خصمه ومن قبول مستندات أو مذكرات من أحدهم دون اطلاع الخصم الآخر عليها ورتب على مخالفة ذلك البطلان وإذ ثبت تحقق الغاية التي قصد الشارع إلى تحقيقها من خلال الواقعة المعروضة رغم تخلف هذا الشكل أو البيان فإن التمسك بالشكليات القضاء بالبطلان فإذا كان الثابت من الصورة الرسمية لمحضر جلسة 18 - 10 - 1976 المودعة من الطاعنة أن طرفي الخصومة حضرا بتلك الجلسة وقدم كل منهما مذكرة بدفاعه سلمت صورتها للآخر وتضمنه مذكرة المطعون ضده - المودعة صورة رسمية منها بملف الطعن - الإشارة إلى فحوى الشهادة الرسمية الصادرة من هيئة التأمينات الاجتماعية بعدم وجود مستحقات على المطعون ضده قبل الهيئة والتي قدمها بتاريخ 25 - 10 - 1976 والمعلاة تحت رقم 15 دوسيه، وكان مفاد ذلك أن الطاعنة قد أحيطت علماً بإيداع هذا المستند, وأتيحت لها فرصة الرد على ما جاء بمذكرة المطعون ضده في خصوصه وذلك بتصريح من المحكمة بتقديم المذكرات خلال أسبوع من حجز الدعوى للحكم لجلسة 30 - 11 - 1976 وقد كان في مكنة الطاعنة أن تتقدم بما قد يعن لها من دفاع خاصة وقد مد أجل الحكم إدارياً إلى جلسة 16 - 12 - 1976 دون أن تطلب من المحكمة فتح باب المرافعة فإنه لا يعاب على المحكمة إن هي عولت في قضائها على هذا المستند المطروح في الدعوى إذ قد أتيحت للطاعنة فرصة للرد عليه وبذلك تحققت الغاية التي قصدها الشارع باطلاع الخصم على ما يقدمه خصمه من دفاع أو أوراق أو مذكرات مع تمكينه من الرد عليه, فإن النعي على الحكم بالبطلان في هذا الخصوص يكون على غير أساس.
ومن حيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول أن الحكم التفت عن الاعتراضات القانونية العديدة الواردة بمذكرتها أمام المحكمة الاستئنافية بجلسة 28 أكتوبر سنة 1976 وطلبت فيها إعادة المأمورية إلى مكتب الخبراء ليندب ثلاثة خبراء لبحث الاعتراضات المبنية بهذه المذكرة على أن يكون اثنين منهم من المهندسين المعماريين إذ أن موضوع النزاع يغلب عليه الطابع الفني الهندسي كما ذكر الحكم على خلاف الواقع أن الخبير انتقل إلى كافة الأعمال التي ساهم فيها المطعون ضده وقام بمعاينتها.
ومن حيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت العبرة في تفصيل أسباب الطعن هي بما جاء في صحيفة الطعن وحدها، وكانت الطاعنة فيما تنعاه على الحكم بهذا السبب قد اكتفت بالقول بأن الخبير لم يشر إلى الاعتراضات التي أبدتها أمامه طبقاً لأوجه دفاعها ومستنداتها المقدمة إليه وأن الحكم بدوره لم يعول على اعتراضاتها المبينة بالمذكرة المقدمة منها أمام محكمة الدرجة الثانية - فإن النعي عليه في هذا الصدد يكون مجهلاً ومن ثم فهو غير مقبول. لما كان ذلك، وكان ما نصت عليه المادة 154 من تقنين الإثبات أن تعيين خبير آخر أو ثلاثة خبراء إنما هو رخصة منحها الشارع للمحكمة فلا يعاب عليها عدم استعمالها ما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى تقرير الخبير الذي عينته في الدعوى ولم تر لزوماً لتعيين خبير آخر فلا رقيب عليها في ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن محكمة الموضوع قد رأت في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير لاقتناعها بصحة أسبابه ومن ثم فإنها وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تكون ملزمة من بعد بالرد استقلالاً على الطعون التي وجهت إلى التقرير إذ في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير. لما كان ذلك وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد عول في قضائه على تقرير الخبير المؤرخ 9 مايو سنة 1976 المقدم أمام محكمة الدرجة الثانية واعتماده والأخذ بالنتيجة التي انتهى إليها ورفض ندب خبير آخر في الدعوى، وكان ما أورده الحكم يكفي لحمل قضائه في هذا الخصوص، فإن النعي على ما ورد من تقريرات أخرى زائدة وهي أن الخبير انتقل إلى أماكن الأعمال وقام بمعاينتها، يكون غير منتج.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق