الصفحات

السبت، 1 يوليو 2023

الطعن رقم 74 لسنة 18 ق دستورية عليا "دستورية" جلسة 10 / 6 / 2023

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت العاشر مـن يونيه سنة 2023م، الموافق الحادي والعشرين من ذي القعدة سنة 1444 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 74 لسنة 18 قضائية دستورية

المقامة من
منير حكيم شحاتة
ضد
1- رئيس الجمهوريـــــة
2- رئيس مجلس الشعب (النواب حاليًّا)
3- رئيس مجلس الوزراء
4- وزير العــــــــــدل
5- النائب العـــــــــام

--------------------
" الإجـراءات "
بتاريخ الرابع من يوليه سنة 1996، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى
قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص المادتين
(43 و 44 / بند 10) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبيَّن بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

----------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.‏
حيث إن الوقائـع تتحصل - علـى ما يتبيـن مــن صحيفــة الدعـــوى وسـائــر الأوراق - ‏في أن النيابة العامة قدمت المدعي إلى المحاكمة الجنائية فــي القضية رقم ‏‏3761 لسنة 1994 جنح الجمالية، بوصف أنه في خلال الفترة من شهر فبراير وحتى شهر نوفمبر سنة 1992، بصفته ممولًا خاضعًا لأحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات - صاحب ورشة تصنيع مَصُوغَات ذهبية - تهرَّب من أداء الضريبة المقررة قانونًا والمستحقة على أرباحه؛ وذلك ببيعه سلعة دون الإقرار عنها وسداد الضريبة المستحقة، كما تهرب من أداء تلك الضريبة بانقضاء المدة المحددة قانونًا لسدادها دون الإقرار عنها وسدادها، وطلبت عقابه بالمادتين (43 و44/ بند10) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، وبجلسة 1/1/1996، حكمت المحكمة حضوريًّا بحبس المدعي سنة مع الشغل، وألزمته بأن يؤدي ‏للمدعي بالحق المدني - وزير المالية - مبلغ 91627,90 جنيهًا قيمة الضريبة الأصلية، وثلاثة أمثالها، والضريبة الإضافية والتعويض. طعن المدعي ‏على هذا الحكم أمام محكمة جنح مستأنف ‏الجمالية، بالاستئناف رقم 1360 لسنة 1996، وبجلسة 22/4/1996، دفع بعدم دستورية نص المادتين (43 و44 / بند10) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، وإذ قدَّرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت للمدعي باتخاذ إجراءات ‏الطعن بعدم الدستورية، فأقام الدعوى المعروضة.‏
وحيث إن الفقرة الأولى من المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 تنص على أنه مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد، يقضي بها قانون آخر، يعاقب على التهرب من الضريبة أو الشروع فيه بالحبس مدة لا تقــل عــن ستة أشهر وبغرامة لا تقــل عــن ألف جنيه ولا تجــاوز خمســة آلاف جنيــه أو بإحدى هاتين العقوبتين، ويحكم على الفاعلين والشركاء متضامنين بالضريبة والضريبة الإضافية وتعويض لا يجاوز ثلاثة أمثال الضريبة، وإذا تعذر تقدير الضريبة قدرت المحكمة التعويض بما لا يجاوز خمسين ألف جنيه.
وتنص المادة (44/ بند 10) من القانون ذاته على أنه يعد تهربًا من‏ الضريبة يعاقب عليه بالعقوبات المنصوص عليها في المادة السابقة ما يأتي :... 10- ‏انقضاء ثلاثين يومًا على انتهاء المواعيد المحددة لسداد الضريبة دون الإقرار عنها‏ وسدادها .‏
وتنص المادة (43 / فقرة أولى)‏: بعد تعديلها بالقانون رقم 91 لسنة 1996 على أنه مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد يقضي بها قانون آخر، يعاقب على التهرب ‏من الضريبة بالحبس مدة لا تقل عن شهر وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز ‏خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، ويحكم على الفاعلين متضامنين ‏بالضريبة والضريبة الإضافية وتعويض لا يجاوز مثل الضريبة.‏
وينص البند رقم (10) من المادة (44) المشار إليها، بعد تعديله بالقانون رقم 91 لسنة 1996 على أنه انقضاء ستين يومًا على انتهاء المواعيد المحددة لسداد الضريبة دون الإقرار ‏عنها وسدادها .‏
وحيث إن المدعي ينعى على النصين المطعون فيهما إخلالهما بعدالة توزيع الأعباء والتكاليف العامة، والعدالة الضريبية، وعدوانهما على الحق في الملكية الخاصة، والحرية الشخصية، إذ اعتبرا انقضاء ثلاثين يومًا على انتهاء المواعيد المقررة للإقرار عـــن الضريبة وسدادهـــا تهربًا من أدائهـــا، ورصـــد لهـــا عقوبـــات متعـــددة تتسم بالغلـــو ولا تتناسب مع الفعل المؤثَّم، مما يتأدى إلى تآكل رأس المال المحمل بالضريبة، وهو ما يقع مخالفًا لنصوص المواد (23 و32 و38 و41) من دستور 1971.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وإن كان مبدأ عدم رجعية القوانين يقيد السلطة التشريعية إعمالاً لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات, وصونًا للحرية الشخصية بما يرد كل عدوان عليها، إلا أن هذا المبدأ لا يعمل منفردًا، بل تكمله وتقوم إلى جانبه قاعدة أخرى؛ هي رجعية القانون الأصلح للمتهم، وهي قاعدة مؤداها إفادته من النصوص التي تمحو عن الفعل صفته الإجرامية، أو تنزل بالعقوبة المفروضة؛ جزاءً على ارتكابه، إلى ما دونها، وهو ما قررته المادة (5) من قانون العقوبات التي تقضي بأن يعاقب على الجرائم بمقتضى القوانين المعمول بها وقت ارتكابها، ومع ذلك إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الحكم فيه نهائيًّا، قانون أصلح للمتهم فهو الذي يتبع دون غيره ......... متى كان ذلك، وكان مؤدى رجعية النصوص العقابية الأصلح للمتهم هو سريانها بأثر رجعي - ومنذ صدورها - على الجريمة التي ارتكبها من قبل، وذلك لانتفاء الفائدة الاجتماعية التي كان يرجى بلوغها من وراء تقرير العقوبة وتوقيعها عليه. ولئن كان الدستور لا يتضمن بين أحكامه مبدأ رجعية القوانين الأصلح للمتهم، إلا أن القاعدة التي يرتكز عليها هذا المبدأ، تفرضها المادة (41) من الدستور - دستور 1971 - وتقابلها المادة (54) من دستور 2014، التي تقرر أن الحرية الشخصية حق طبيعي، وأنها مصونة لا تمس. ذلك أن مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات وما اتصل به من عدم جواز تقرير رجعية النصوص العقابية، غايته حماية الحرية الفردية وصونها من العدوان عليها، في إطار من الموازنة بين موجباتها من ناحية، وما يعتبر لازمًا لحماية مصلحة الجماعة والتحوط لنظامها العام من ناحية أخرى، وفي إطار هذه الموازنة وعلى ضوئها، تكون رجعية القوانين الأصلح للمتهم ضرورة حتمية، يقتضيها صون الحرية الفردية، بما يرد عنها كل قيد غدا تقريره مفتقرًا إلى أية مصلحة اجتماعية.
وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان مؤدى الفقرة الأولى من المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، أن يكون الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وغرامة لا تقل عن ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين هو الحد الأدنى للعقوبة الأصلية المقررة لجريمة التهرب من الضريبة، ثم صدر القانون رقم 91 لسنة 1996 معدلًا هذه العقوبة بالنزول بالحد الأدنى للحبس إلى شهر بدلًا من ستة أشهر، كما أنقص مقدار التعويض من مبلغ لا يجاوز ثلاثة أمثال الضريبة إلى مثل واحد لها، وكان البند (10) من المادة (44) من قانون الضريبة العامة على المبيعات قبل تعديله بالقانون رقم 91 لسنة 1996 يجعل من انقضاء مدة ثلاثين يومًا على انتهاء المواعيد المحددة لسداد الضريبة دون الإقرار عنها وسدادها؛ صورة من صور التهرب التي عددتها هذه المادة، فجاء تعديلها بالقانون رقم 91 لسنة 1996، مضاعفًا المدة المذكورة وجعلها ستين يومًا، بما لازمه أن ينتفي وقوع جريمة التهرب الضريبي قبل انقضاء المدة الجديدة.
متى كان ذلك، فإن نص الفقرة الأولى من المادة (43)، والبند (10) من المادة (44) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، بعد تعديلهما بالقانون رقم 91 لسنة 1996 يكونان أصلح للمدعي من النصين ذاتهما قبل التعديل، ويضحى تطبيق النصين المعدلين على الدعوى الموضوعية لازمًا، إذ لم يصدر فيها حكم نهائي بعد، وبهما يتحدد نطاق الدعوى المعروضة.
وحيث إن الجزاءات الواردة في المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات رقم 11 لسنة ‏‏1991 معدَّلًا بالقانون رقم 91 لسنة 1996، تنقسم إلى قسمين رئيسين، في ضوء الأغراض التي توخاها المشرع من تقريرها؛ أولهما: عقوبات جنائية بحتة هي الحبس والغرامة، وثانيهما: العقوبات التي تجمع بين فكرتي الجزاء والتعويض، وتتمثل في إلزام المحكوم عليه بأداء الضريبة والضريبة الإضافية وتعويض لا يجاوز مثل الضريبة.
وحيث إن حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 4/11/2007، في ‏الدعوى رقم 9 لسنة 28 قضائية دستورية ، قضى بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات‏ الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996، فيمــا ‏تضمنته مــن وجــوب الحكــم على الفاعليــن متضامنين بتعويض لا يجاوز مثل ‏الضريبة، وإذ نُشر هذا الحكم في ‏الجريدة الرسمية بعددها رقم 45 (مكررًا) في 13/11/2007. ومن ثم فقد غدا نص هذه الفقرة - اعتبارًا من اليوم التالي لنشر الحكم في الجريدة الرسمية - مقروءًا على النحو ‏الآتي: مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد يقضي بها قانون آخر، يعاقب على التهرب ‏من الضريبة بالحبس مدة لا تقل عن شهر وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز ‏خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، ويحكم على الفاعلين متضامنين ‏بالضريبة والضريبة الإضافية.‏ متى كان ما تقدم، فإن مؤدى قضاء هذه المحكمة المارَّ بيانه - في شأن عدم دستورية جزاء التعويض المنصوص عليه بالفقرة الأولى من المادة (43) من قانون الضريبة على المبيعات العامة الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 بعد تعديله بالقانون رقم 91 لسنة 1996 - اعتبار الخصومة منتهية فـي شأن ما تضمنه النص من وجوب الحكم على الفاعلين متضامنين بتعويض لا يجاوز مثل الضريبة.
وحيث إن البين من مدونات حكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 9 لسنة 28 قضائية دستورية، المار بيانه، قضاؤه بدستورية عقوبتي الحبس والغرامة، وجزاء الإلزام بالضريبة والضريبة الإضافية المبينة بنص الفقرة الأولى من المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996، والذي تحدد به نطاق الدعوى المعروضة، فإن لازم ذلك القضاء بعدم قبول الدعوى في هذا الشق منها.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق أن حسمت - أيضًا - المسألة الدستورية المثارة بالنسبة إلى المادة (44 / بند 10) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 بعد تعديلها بالقانون رقم 91 لسنة 1996، وذلك بحكمهـــا الصادر بجلسة 14/5/2022، في ‏الدعوى رقم 86 لسنة 22 قضائية دستورية، القاضي برفض الدعوى المقامة طعنًا على دستورية ذلك النص، وقد نُشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بعددهــا رقم 20 (تابع) بتاريخ 19/5/2022. ومن ثم فقد أصبح قضاؤها المشار إليه ملزمًا للكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، وتكون له حجية مطلقة بالنسبة إليهم، باعتبـــاره قـــولًا فصلًا في المسألـــة المقضي فيها، لا يقبل تأويلًا ولا تعقيبًا من أية جهة كانت، وهى حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيها أو إعــادة طرحها على هذه المحكمة من جديد لمراجعتها؛ وذلك نزولًا على مقتضى نص المادة (195) من الدستور القائم، ونص المادتين (48 و 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979. الأمر الذي يكون معه القضاء بعدم قبول الدعوى في هذا الشق منها متعينًا.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة باعتبار الخصومة منتهية بشأن الطعن على نص الفقرة الأولى من المادة (43) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 1996، فيما تضمنه من وجوب الحكم على الفاعلين متضامنين بتعويض لا يجاوز مثل الضريبة، وبعدم قبول الدعوى فيما عدا ذلك من طلبات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق