الصفحات

السبت، 29 يوليو 2023

الطعن 52 لسنة 25 ق جلسة 12 / 11 / 1959 مكتب فني 10 ج 3 ق 97 ص 641

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1959

برياسة السيد محمد فؤاد جابر المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، ومحمد رفعت، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

-----------------

(97)
الطعن رقم 52 لسنة 25 القضائية

(أ) بيع "أركانه" "المحل" "شرط وجود المبيع" "بيع الأموال المستقبلة". محكمة الموضوع. قطن "بيع أقطان".
جواز بيع المحاصيل المستقبلة. م 131 مدني. مثال لبيع محصول قطن.
سلطة محكمة الموضوع في تحصيل أن العاقدين قصدا بيع كذا قنطاراً من القطن محددة على الأقل استناداً لأسباب سائغة.
(ب) بيع "البيع في البورصة" "العمليات الآجلة". محكمة الموضوع.
لا محل للتحدي بالمادة 73/ 2 من القانون التجاري إذا كانت محكمة الموضوع قد استبانت أن البيع وارد على صفقة من القطن مزروعة فعلاً ووقع البيع خارج البورصة ولم يكن معقوداً بين طرفين من التجار ولا على سبيل المقامرة وخلصت في قضائها إلى أن العقد لا ينطوي على أعمال المضاربة المكشوفة المقصود بها مجرد الإفادة من فروق السعر.
(ج) بيع "آثار عقد البيع". "التزامات البائع" "الالتزام بالتسليم". قطن "بيع أقطان". محكمة الموضوع.
استظهار محكمة الموضوع نية المتعاقدين واستخلاصها من أوراق الدعوى وظروفها أن يوماً معيناً هو الميعاد الذي تخلف البائع فيه عن توريد باقي كمية القطن المبيعة والذي يحق فيه للمشتري ممارسة حقه في الشراء. تقدير موضوعي.
(د) التزام "آثار الالتزام" "التنفيذ بطريق التعويض" "الشرط الجزائي" "شروط استحقاق الشرط الجزائي" "الضرر" "عبء إثبات الضرر". شرط جزائي.
وجود الشرط الجزائي يجعل الضرر واقعاً في تقدير المتعاقدين ولذلك يفترض وقوع الضرر ولا يكلف الدائن إثباته، على المدين إذا ادعى أن الدائن لم يلحقه أي ضرر أن يثبت ذلك.

-----------------
1- إذا كان الواقع في الدعوى أن الطاعنين باعا المطعون عليه الأقطان الناتجة من زراعتهما في سنة 1950 البالغة 750 قنطاراً تحت العجز والزيادة بسعر 13 جنيهاً و520 مليماً للقنطار بحسب إقفال البورصة في 28 فبراير سنة 1950 لعقود شهر أكتوبر سنة 1950 ودفع الثمن مقدماً على أن يكون التسليم في ميعاد غايته 20 أكتوبر سنة 1950 فإن زاد الناتج عن هذا المقدار تكون الزيادة على أساس سعر العقود المؤجلة لشهر أكتوبر سنة 1950 في يوم إقفال البورصة الذي يحدده البائع مع زيادة جنيه و400 مليم في القنطار وفي حالة العجز يقدر ثمن الكمية الناقصة على أساس سعر تلك العقود في يوم تسليم أخر رسالة من المحصول بحيث إذا قل هذا السعر عن السعر المقطوع به فلا رجوع لأحد على الآخر - أما إذا زاد السعر عن ذلك فإن الفرق يرجع به المشتري على البائع - فإن هذا العقد هو تعاقد على بيع محصول في المستقبل وهو جائز بحكم المادة 131 من القانون المدني، فإذا حصلت محكمة الموضوع أن العاقدين قصدا بيع 750 قنطاراً من القطن محددة على الأقل واستندت في ذلك إلى أسباب سائغة، فإن هذا مما يدخل في سلطتها الموضوعية التي لا تخضع لرقابة محكمة النقض.
2 - إذا استبانت محكمة الموضوع أن البيع وارد في صفقة من القطن كانت مزروعة فعلاً في أرض الطاعنين ووقع البيع خارج البورصة ولم يكن معقوداً بين طرفين من التجار ولا على سبيل المقامرة - وخلصت في قضائها إلى أن العقد لا ينطوي على أعمال المضاربات المكشوفة والتي يقصد بها مجرد الإفادة من فرق السعر فأعملت الشرط الإضافي في عقد البيع وأوجبت تنفيذه عيناً بتسليم كمية القطن المتفق عليها أو دفع فروق الأسعار عن الجزء الذي لم يسلم منها - فإنه لا محل للتحدي بالفقرة الثانية من المادة 73 من القانون التجاري التي تنص على أنه لا تقبل أي دعوى أمام المحاكم بخصوص عمل يؤول إلى مجرد دفع فروق إذا انعقدت على ما يخالف النصوص المتقدمة.
3 - إذا كانت محكمة الموضوع قد استظهرت نية المتعاقدين واستخلصت من أوراق الدعوى وظروفها أن يوماً معيناً هو الميعاد الذي تخلف البائع فيه عن توريد باقي كمية القطن المبيعة والذي يحق فيه للمشتري ممارسة حقه في الشراء - لأنه هو اليوم الذي سلم فيه البائع أخر رسالة من المحصول ولم يسلم للمشتري أو يعرض بعده رسالة أخرى - فإن هذا الذي انتهت إليه المحكمة يعتبر تقديراً موضوعياً سائغاً.
4 - إذا كان الشرط الإضافي الوارد في العقد قد ألزم البائع بدفع فرق السعر عن الكمية التي لا يوردها فإن تحقق مثل هذا الشرط يجعل الضرر واقعاً في تقدير المتعاقدين فلا يكلف الدائن بإثباته ويقع على عاتق المدين (البائع) في هذه الحالة عبء إثبات انتفاء الضرر إعمالاً للشرط الجزائي - على ما جرى به قضاء محكمة النقض.


المحكمة

من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائع النزاع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه بصفته أقام الدعوى الابتدائية رقم 1966 سنة 1951 كلي القاهرة قال في بيانها أن الطاعنين باعاه بعقد مؤرخ أول مارس سنة 1950 الأقطان الناتجة عن زراعتهما في سنة 1950 البالغة 750 قنطاراً من القطن الأشموني تحت العجز والزيادة بسعر القنطار 13 جنيه، 520 مليماً بحسب سعر إقفال البورصة في يوم 28 فبراير سنة 1950 لعقود شهر أكتوبر سنة 1950 وهو 60.60 ريالاً مضافاً إليها 1 جنيه، 400 مليماً ودفع الثمن مقدماً على أن يكون التسليم في ميعاد غايته 20 أكتوبر سنة 1950. فإن زاد الناتج عن هذا المقدار تكون الزيادة على أساس سعر العقود المؤجلة لشهر أكتوبر سنة 1950 في يوم إقفال البورصة الذي يحدده البائع مع زيادة 1 جنيه، 400 مليماً في القنطار. وفي حالة العجز يقدر ثمن الكمية الناقصة على أساس سعر تلك العقود في يوم تسليم أخر رسالة من المحصول بحيث إذا قل هذا السعر عن السعر المقطوع به وهو 60.60 ريالاً فلا رجوع لأحد على الآخر. أما إذا زاد السعر عن ذلك فإن الفرق يرجع به المشتري على البائع لأن المشتري يكون مضطراً إلى شراء ما يعادل هذا العجز برغم زيادة سعره للوفاء بالتزاماته التي رتبها على العقد المذكور. وقد بلغت كمية القطن المباعة من الطاعنين حتى أخر رسالة سلماها للمطعون عليه 428 قنطاراً، 22 رطلاً وتبقى من القدر المبيع 321 قنطاراً، 78 رطلاً. ولما كان المطعون عليه قد أخطر الطاعنين برسالة برقية في يوم 28 فبراير سنة 1950 تاريخ قبض معجل الثمن بأنه قطع سعر كمية القطن المبيعة له بسعر 60.60 ريالاً وهو سعر إقفال البورصة في ذلك اليوم للعقود المؤجلة لشهر أكتوبر سنة 1950 فقد أبرق للطاعنين في 9 نوفمبر سنة 1950 بأنه سوف يشتري الكمية الباقية على حساب البائعين في اليوم التالي وأكد هذا برسالة أرسلها إليهما في 10 نوفمبر سنة 1950 بأنه اشترى 321 قنطاراً، 78 رطلاً بسعر إقفال البورصة في ذلك اليوم وهو 107.75 ريالاً وأرسل المطعون ضده كشفاً بالحساب لم يقره الطاعنان. وإنما سددا للمطعون ضده مبلغ 626 جنيهاً، 166 مليماً وهو مقابل ثمن المقدار الذي لم يسلم. وطلب المطعون ضده الحكم له بالباقي ومقداره 3037 جنيهاً، 500 مليم مع فوائده القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد، ودفع الطاعنان هذه الدعوى بعدم قبولها لأن الاتفاق المبرم مع المطعون ضده انصرف إلى بيع جملة المحصول الناتج من زراعتهما أياً كان مقداره. ولم تنتج هذه الزراعة سوى القدر المسلم أما الشرط الإضافي الملحق بالعقد والمتضمن إلزامهما بالمحاسبة على الفرق بين المحصول الناتج وبين التقدير المبين بالعقد وهو 750 قنطاراً فهو شرط باطل ينطوي على مقامرة ممنوعة قانوناً فلا يلتزمان بثمن هذا الفرق. وقد أصدرت المحكمة الابتدائية حكمها في 19 سبتمبر سنة 1953 بإلزام الطاعنين بأن يدفعا للمطعون عليه مبلغ 2408 جنيه، 269 مليماً مع الفوائد والمصروفات. استأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 259 سنة 71 ق كما استأنفته شركة الإسكندرية للأقطان وقيد استئنافها برقم 312 سنة 71 ق وضم الاستئنافان إلى بعضهما وأصدرت محكمة الاستئناف حكمها في 16 نوفمبر سنة 1954 بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الطاعنين بأن يدفعا للمطعون ضده مبلغ 3034 جنيهاً، 385 مليماً مع الفوائد والمصروفات المناسبة - فطعن الطاعنان على هذا الحكم بطريق النقض، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 27 من مايو سنة 1959 وطلب الطاعنان إحالته إلى الدائرة المدنية والتجارية وصممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها المتضمنة طلب رفض الطعن. وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 15 أكتوبر سنة 1959 حيث صمم كل من طرفي الخصومة على طلباته - كما أصرت النيابة العامة على طلباتها.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعنان بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه أنه خالف العقد وهو شريعة العاقدين كما خالف القانون، ذلك أنه ثابت من العقد أن التزام الطاعنين قاصر على محصول القطن الناتج من زراعتها والمقدر بـ 75 قنطاراً تحت العجز والزيادة والمفهوم من طبيعة هذا العقد ومن كون الطاعنين من غير التجار أنهما غير مكلفين إلا بتسليم الناتج من زراعتهما وهو لم يتجاوز 428 قنطاراً ولم يزعم المطعون عليه أنهما أخفيا أية كمية أخرى، فإنهما إذ سلما هذا الناتج فقد أوفيا بالتزامهما. ويكون الحكم المطعون فيه بقضائه بثمن العجز في الحصول من غير أن يعرض لبيان ما وقع فعلاً من الخسارة على المطعون عليه قد خالف نصوص العقد، أما الشرط الإضافي فلا يقوم إلا على مجرد افتراض شراء الكمية الناقصة وهو فرض لم يقم عليه دليل. ويكون القصد من هذا الشرط هو مجرد الحصول على فرق الأسعار دون أن يكون لدى العاقدين نية تسليم وتسلم الكمية المحددة وهو شرط لا يصح طبقاً للمادة 73 تجاري إلا بين المشتغلين بالتجارة ويحصل بواسطة السماسرة داخل البورصة، ويكون الطاعنان على حق في الدفع بعدم قبول الدعوى لاستنادها إلى هذا الشرط الباطل. وهو فضلاً عن ذلك يتعارض مع النصوص الأصلية للعقد. ويجب إعمالاً لقواعد التفسير البحث عن الإرادة المشتركة للعاقدين لا إرادة كل منهما على انفراد، ويبين من استقراء قصد العاقدين وظروف التعاقد وباقي نصوص العقد أن النية الحقيقية هي بيع محصول الأرض بالغاً ما بلغ تحت الزيادة والعجز مع وجوب تفسير العقد عند الشك لمصلحة المدين. وقد جاء العجز في المحصول نتيجة آفات طبيعية. ولذلك تبرأ ذمة الطاعن بتسليم الناتج من المحصول وإن قل عن القدر المحدد بالعقد ما دام لم يقع منهما تقصير يستوجب التعويض.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد أورد في خصوص هذا النعي ما يلي: "ليس في الشرط الإضافي ما يخالف القانون أو الآداب العامة فقد جاء هذا النص منظماً لحالتي الزيادة والنقص في المحصول من حيث السعر والتزام التسليم، ذلك أن البيع حصل في 1/ 3/ 1950 أو على وجه التحقيق في يوم 28/ 2/ 1950 تاريخ الشيك المسحوب على البنك الأهلي بمقدم الثمن واحتسب السعر على أساس يوم 28/ 2/ 1950 في وقت كانت الزراعة في بدء نموها وأنصب على الناتج من زراعة البائعين ومساحتها 80 فداناً تقريباً. وإذا كانت المعاينة لا تتوفر فيها عوامل التقدير الأكيد فقد قدر الناتج من الزراعة 750 قنطاراً تحت العجز والزيادة واشترط في البند الأول وجوب تسليم المشتري المحصول بالغاً ما بلغ دون نقله من جانبه وأشير فيه إلى معاينته المعاينة التامة - وفي البند الثاني أشير إلى التزام الشركة بإرسال أكياس الفوارغ. وجاء البند الرابع موضحاً كيفية دفع ثمن القطن الذي يجري تسليمه كما أشار البند الخامس إلى حالة امتناع المشتري عن استلام القطن. وجاء البند السادس منظماً حقوق الطرفين بالنسبة للبذرة، ثم أضيف إلى العقد بنود إضافية واجهت حالة الزيادة والعجز في المحصول وحددت حقوق الطرفين في كل حالة على حدة بطريقة حاسمة إذ لا يخفى أن تاجر القطن وهو يعلم بمفاجآت البورصة يحرص في أن يغطي نفسه ضد المخاطر التي تترتب على قطع السعر بواسطة البائعين. ذلك بأن يبيع هو نفسه في بورصة العقود. وفي وقت التعاقد كمية مساوية لتلك التي اشتراها. وهذا البيع هو نتيجة حتمية لشراء أي كمية من محصول القطن. وقد جرى العمل في مثل هذه العقود على مواجهة تلك الحالة باتفاقات خاصة، ومثل هذه الاتفاقات واجبة التطبيق باعتبارها شريعة المتعاقدين ولا تخالف النظام العام أو الآداب. إذ ما ترمي إليه المادة 73/ 2 تجاري هو أعمال المضاربات المكشوفة التي تجرى خارج البورصة، ولا دخل له في العقود المدنية بين المنتجين والمشترين على قطن مزروع فعلاً قصد منه تسليمه في مواعيد محددة. وقد تسلم فعلاً الجانب الأكبر منه. وما المبلغ المطالب به إلا نتيجة للالتزامات العينية التي كانت تقع على البائعين من وجوب تسليم الكمية الناقصة - مثل هذا البيع - كما هو الشأن في حالتنا يقع سليماً صحيحاً وينتج آثاره كاملة. ولا تلقي المحكمة بالاً إلى ما يقوله البائعان من أنه في حالة عجزهما عن توريد الكمية المبيعة لا يستفيدان من انخفاض السعر عند التسليم عن السعر الذي تم به البيع. ذلك أنهما ملتزمان أصلاً بتوريد القطن من زراعتهما على أساس الثمن المتفق عليه بينهما. فإن عجزا عن الوفاء بما التزما به حق عليهما فرق السعر كنص العقد في حالة ارتفاع الأسعار وإن كانت الأسعار منخفضة وقت التزامهما عند هذا الحد إذ تكون الشركة في مركز يمكنها من تغطية موقفها دون أن تدفع فروقاً فلا تعود عليهما بشيء، ومن هذا يبين أن الدفع بعدم قبول الدعوى في غير محله ويتعين تأييد حكم محكمة أول درجة فيما قضى به من رفضه.
وحيث إنه فيما يتعلق بمطالبة الشركة بفروق الأسعار عن الكمية التي لم تسلم فهذا الطلب في محله وهو التزام ترتب في ذمة البائعين بمجرد البيع حتى في حالة عدم وجود اتفاق من الطرفين لمواجهة تلك الحالة، إذ أن هذا لا يخرج عن كونه تنفيذاً للعقد عيناً على حساب البائعين لأن عدم التسليم في حالة بيع المحصول يتولد عنه ضرر محقق للمشتري ويخوله التعويض ليس فقط عن الخسارة التي لحقت من جراء ارتفاع الأسعار بل تعويضه أيضاً عن حرمانه من الكسب الذي فاته بسبب التقصير في الوفاء، فإن وجد اتفاق بين الطرفين كان هذا الاتفاق واجب التطبيق لأن العقد شريعة العاقدين" وهذا الذي أورده الحكم المطعون فيه هو قول سديد ويتفق والقواعد القانونية السليمة، ذلك أن العقد المبرم بين الطرفين هو تعاقد على بيع محصول في المستقبل وهو جائز بحكم المادة 131 من القانون المدني التي تنص على أنه يجوز أن يكون محل الالتزام شيئاً مستقبلاً وقد حصلت محكمة الموضوع من فهمها للبند الإضافي الوارد بالعقد موضوع النزاع أن العاقدين قصدا بيع 750 قنطاراً من القطن محددة على الأقل وأسندت هذا التحصيل إلى أسباب سائغة وهو ما يدخل في سلطتها الموضوعية التي لا تخضع لرقابة هذه المحكمة. أما التحدي بالفقرة الثانية من المادة 73 من القانون التجاري والتي تنص على أنه لا تقبل أي دعوى أمام المحاكم بخصوص عمل يؤول إلى مجرد دفع فروق إذا انعقد على ما يخالف النصوص المتقدمة. فلا محل له بعد أن استبانت المحكمة من وقائع الدعوى أن البيع وارد على صفقة من القطن كانت مزروعة فعلاً في أرض الطاعنين ووقع البيع خارج البورصة ولم يكن معقوداً بين طرفين من التجار ولا على سبيل المقامرة، ولذلك خلصت في قضائها إلى أن العقد لا ينطوي على أعمال المضاربات المكشوفة والتي يقصد بها مجرد الإفادة عن فرق الأسعار، بل أعملت الشرط الإضافي في عقد البيع وأوجبت تنفيذه عيناً بتسليم كمية القطن المتفق عليها أو دفع فروق الأسعار عن الجزء الذي لم يسلم منها. ومتى كان ذلك وكانت نية الطرفين واضحة في هذا المعنى ونصوص العقد صريحة لا تقبل تأويلاً فإنه لا جدوى من التمسك بقاعدة تفسير العقد عند الشك لمصلحة المدين كما أنه لا محل للتعلل بحصول آفات طبيعية تسبب عنها عجز المحصول لأن حصول الآفات في محصول القطن كما قدرته محكمة الموضوع لم يكن من قبيل الحوادث الاستثنائية الهامة التي لم يكن في الوسع توقعها ولا تعفي الطاعنين من المسئولية فما ينعاه الطاعنان في غير محله.
وحيث إن محصل ما ينعاه الطاعنان في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه أنه خالف قواعد الإثبات القانونية وعاره قصور في التسبيب إذ قضى بالتعويض للمطعون عليه دون أن يقدم الدليل على مقدار الخسارة أو الضرر. ذلك أن المطعون عليه أسس دعواه على أن الطاعنين وقد عجزا عن توريد كمية القطن المتفق عليها قد اضطر إلى شراء مقابل هذا الفرق بسعر يحقق له المطالبة بالمبلغ المرفوع به الدعوى فكان يتعين عليه أن يقدم الدليل على شراء هذا الفرق من البورصة في اليوم المحدد للتسليم. وقد سبق لمحكمة الدرجة الأولى أن كلفت المطعون عليه بجلسة 28 من فبراير سنة 1959 تقديم هذا الدليل كما طلبه الطاعنان ولم يقدم المطعون عليه ما يحاج به الطاعنين، إذ لا قيمة للدفاتر المقدمة من المطعون عليه في الإثبات ضد الطاعنين فضلاً عما ظهر فيها من أن ما باعه المطعون عليه مقدماً يقل عما سلمه له الطاعنان من القطن ولم يثبت أنه اشترى الكمية الناقصة من القطن في ميعاد التسليم المتفق عليه. وليس فيما ذهب إليه الحكم من شراء القدر الناقص في تاريخ لاحق في 10 من نوفمبر سنة 1950 ما يقيم الحكم على أساس سليم، لأن تراخي المطعون عليه في الشراء كان ملحوظاً فيه مصلحته لا مصلحة الطاعنين وكان بوسعه الشراء بغير خسارة قبل أن يرتفع سعر القطن. والمطعون عليه هو المكلف بإثبات أن التراخي في الشراء إلى ذلك التاريخ لم يسبب إساءة لمركز الطاعن وما يقوله الحكم من أنهما لم يقدما دليلاً على أن التأخير قد أضر بهما هو قلب للقواعد القانونية التي تحمل المدعي عبء الإثبات فضلاً عن قصور الحكم في الرد على ما تمسك به الطاعنان في هذا الخصوص وفي الرد على دفاعهما الذي فندا فيه رد الشركة المطعون عليها بأنها اشترت لحسابها 161 قنطاراً وأن شركة أخرى (هرلنج) شاركتها في الصفقة اشترت 165 قنطاراً من القطن.
وحيث إن هذا النعي مردود بما أورده الحكم المطعون فيه في قوله "أما ما يثيره البائعان من أن الاتفاق يقضي بوجوب التسليم حتى يوم 20 من أكتوبر سنة 1950 وكان يتعين على الشركة قطع الأقطان يوم 21/ 10/ 1950 لا يوم 10 من نوفمبر سنة 1950. هذا القول غير منتج من جانبهما ما دام أنه لم يثبت أن الأسعار في يوم 10/ 11/ 1950 كانت أكثر ارتفاعاً عنها في يوم 21 من أكتوبر سنة 1950 على أن الثابت من الأوراق أن الشركة ظلت تستنجز البائعين الوفاء بالتزامهما من وقت لآخر بالإشارات البرقية والتلغرافات والمكاتبات فلما أيقنت من عجزهما في يوم 9 من نوفمبر سنة 1950 وهو تاريخ أخر دفعة في تسلم القطن بادرت بتغطية العجز من جانبها حفظاً على سمعتها في السوق، فالتقصير جاء من جانب البائعين والشركة إذ أمسكت عن اتخاذ هذا الإجراء في حينه إنما كانت سبيل إمهالها في الوفاء بالتزامهما ولم يترتب على ذلك أية خسارة مادية" وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه هو قول سديد ذلك أن تحديد اليوم الذي يظهر فيه عجز المطعون ضدهما عن التسليم إنما يكون باستظهار نية المتعاقدين وما تستخلصه المحكمة من أوراق الدعوى وظروفها. وقد خلصت محكمة الموضوع إلى أن يوم 9 من نوفمبر سنة 1950 هو الميعاد الذي ثبت فيه عجز الطاعنين عن الوفاء لأنه هو اليوم الذي سلمت فيه أخر رسالة ولم يسلم الطاعنان أو يعرضا رسالة أخرى بعد هذا التاريخ. وهو تقدير موضوعي سائغ، أما ممارسة المطعون عليه حقه في الشراء بعد ثبوت هذا العجز فهو حق مكفول له بنص البند الإضافي في العقد المبرم بين الطرفين على الوجه السالف بيانه. وأما ما تمسك به الطاعنان من أن المطعون ضده لم يقدم الدليل على شراء كمية القطن الباقية فمردود بأن الشرط الإضافي في العقد قد ألزم الطاعنين بدفع فرق السعر عن الكمية التي لا يوردانها وتحقق مثل هذا الشرط يجعل الضرر واقعاً في تقدير المتعاقدين فلا يكلف الدائن بإثباته بل أن عبء إثبات انتفاء الضرر يقع في هذه الحالة على عاتق الطاعن إعمالاً للشرط الجزائي وهو ما جرى به قضاء هذه المحكمة.
وحيث إنه لما تقدم يكون النعي على غير أساس بما يستوجب رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق