الصفحات

الاثنين، 24 يوليو 2023

الطعن 50 لسنة 25 ق جلسة 4 / 6/ 1959 مكتب فني 10 ج 2 ق 69 ص 461

جلسة 4 من يونيه سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

----------------

(69)
الطعن رقم 50 لسنة 25 القضائية

ملكية "أسباب كسب الملكية" "الاستيلاء" "الاستيلاء على عقار ليس له مالك".
تملك الأراضي غير المزروعة بوسيلتين. الترخيص من الدولة أو التعمير. م 57 مدني قديم، 874 مدني جديد. الوسيلة الأولى مقيدة بترخيص مطابق وفقاً للوائح. نص م 2 من الأمر العالي الصادر في سنة 1884 أخرج الأراضي الداخلة في زمام البلاد من نطاق الأراضي غير المزروعة التي يجوز تملكها بالاستيلاء. جريان حكم هذا النص سواء أكانت وسيلة التملك هي الترخيص أو التعمير.

-------------------
إن المشرع وإن أباح تملك الأراضي غير المزروعة بإحدى الوسيلتين المبينتين في المادة 57 من القانون المدني القديم (874 من التقنين المدني الجديد) وهما الترخيص من الدولة أو التعمير إلا أنه في خصوص الوسيلة الأولى قيد الترخيص بلزوم مطابقته لما نص عليه في اللوائح الصادرة في هذا الشأن - ويبين من الاطلاع على الأمر العالي الصادر بتاريخ 9 سبتمبر سنة 1884 أن نص المادة الثانية منه أخرج الأراضي الداخلة في زمام البلاد من نطاق الأراضي غير المزروعة التي يجوز تملكها بالاستيلاء. وحكم هذا النص لا شك أنه يجري سواء أكانت وسيلة التملك هي الترخيص أو التعمير وبذلك لا ينصب التملك بالاستيلاء على الأراضي الداخلة في الزمام أياً كانت وسيلة التملك.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أنه بتاريخ 28/ 4/ 1951 أقامت الطاعنة الدعوى رقم 158 لسنة 1951 كلي بور سعيد على المطعون عليهما - وذكرت في صحيفتها أنها تسلمت قطعة الأرض الموضحة الحدود والمعالم بالصحيفة من مصلحة الحدود بتاريخ 15 أغسطس سنة 1937 بمقتضى محضر تسليم حرر في ذلك التاريخ لإقامة مبنى جديد عليها يصلح لأن يكون مقراً لجمرك العريش، وفي 14/ 1/ 1948 لاحظ مأمور الجمرك أثناء مروره أن بعض الأهالي يقيمون مباني على تلك الأرض فلما أبلغ الأمر إلى قسم سيناء تبين أن المطعون عليهما هما اللذان كانا يقيمان هذه المباني فضبطت لذلك واقعة حرر عنها محضر وأقامت الطاعنة الدعوى المذكورة طالبة الحكم فيها بتثبيت ملكيتها لقطعة الأرض المذكورة باعتبارها من المنافع العامة وكف منازعة المطعون عليهما لها فيها وتسليمها إليها وإزالة ما عليها من مبان في مدى خمسة عشر يوماً من تاريخ النطق بالحكم وإلا أزالتها المصلحة الطاعنة بمصاريف من طرفها ترجع بها على المطعون عليهما مع إلزامهما بالمصروفات والأتعاب إلخ. واستندت الطاعنة في إثبات دعواها إلى محضر التسليم المشار إليه آنفاً والذي يفيد استلام باشكاتب الجمرك ومعاونه لقطعة الأرض وأنه أجرى تحديدها بوضع قطع من الطوب في كل من الأركان الأربعة مؤقتاً وعلى رسم تخطيطي لها، وذكرت أن هذا المحضر يعتبر تخصيصاً لقطعة الأرض المذكورة التي هي أصلاً من أملاك الحكومة المخصصة للمنفعة العامة بدليل الشهادة الصادرة من مصلحة الحدود المؤرخة 24/ 12/ 1952 والتي تفيد ملكية الحكومة لهذه الأرض، كما استندت إلى محضر ضبط الواقعة المحرر في 9/ 2/ 1948 بشأن إقامة المطعون عليهما المباني في هذه القطعة، وبتاريخ 12 من إبريل سنة 1953 حكمت المحكمة الابتدائية برفض الدعوى وإلزام الطاعنة بالمصروفات. فاستأنفت هذا الحكم إلى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 150 لسنة 5 مدني المنصورة طالبة قبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والحكم لها بالطلبات المبينة بصحيفة افتتاح الدعوى مع إلزام المستأنف عليهما (المطعون عليهما) بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وبتاريخ 24 من نوفمبر سنة 1954 حكمت محكمة استئناف المنصورة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وإلزام المستأنفة (الطاعنة) بالمصروفات و300 قرش أتعاب المحاماة. وبتاريخ 9 من فبراير سنة 1955 طعنت الطاعنة في الحكم بالنقض وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها طلبت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 11 من مارس سنة 1959 وفيها صممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها وطلبت رفض الطعن، وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 30 من إبريل سنة 1959 وفيها صممت النيابة العامة على رأيها السالف ذكره.
وحيث إن مما نعت به الطاعنة على الحكم المطعون فيه في الوجه الثاني من وجهي الطعن الخطأ في القانون ذلك أنه أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنة على أن المطعون عليهما قد تملكا أرض النزاع بطريق الاستيلاء بالتطبيق للمادة 874 مدني جديد (57 مدني قديم) مع أنه لا مجال لأعمال حكم هذه المادة بشأن واقعة النزاع، ذلك أن الأرض التي تتملك بالاستيلاء إنما هي الأرض الموات التي لا مالك لها وتعتبر حكماً على ملكية الحكومة وإذ ذاك يسوغ تملكها بوسيلة الاستيلاء بالتعمير بالبناء أو الغراس أو الزرع بينما أن أرض النزاع ليست بالأرض الموات التي لا مالك لها أو التي لا يحوزها أحد بل أنها من أملاك الحكومة وفي حيازتها ويمتنع لذلك تملكها بالاستيلاء.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه قد أورد في أسبابه في هذا الخصوص ما يلي: "ومن حيث أن المستأنفة قد أبانت في المذكرة المقدمة منها وجهة نظرها في تفسير الفقرة الثالثة من المادة 874 من القانون المدني قائلة بأنه هذه الفقرة مقصود بها الأراضي التي لا مالك لها كالأراضي الصحراوية أو الأراضي الخارجة عن الزمام أي الأراضي الموات وأن الأراضي البور الداخلة في الزمام والمملوكة لأفراد الناس أو للشركات أو الحكومة فلا يمكن بحال أن يقال أن النص ينطبق عليها ومن حيث أن هذا التفسير لا يستقيم مع ما جاء بمذكرة المشرع التمهيدي ص 197 من مجموعة الأعمال التحضيرية (الجزء السادس) بأنه يشمل المباح الأراضي غير المزروعة التي ليست ملكاً عاماً ولا ملكاً خاصاً - وذلك كالصحاري والجبال والأراضي المتروكة وتعتبر هذه الأراضي ملكاً للدولة ولكنها مملوكة لها ملكية ضعيفة إذ يجوز الاستيلاء عليها - فالأراضي المتروكة وإن كانت تعتبر ملكاً للدولة إلا أنه يجوز تملكها إذ توفرت الشروط التي نصت عليها الفقرة الثالثة من المادة 874 مدني وهي أنه "إذا زرع مصري أرضاً غير مزروعة أو غرسها أو بنى عليها تملك في الحال الجزء المزروع أو المغروس أو المبني ولو بغير ترخيص من الدولة. ولكنه يفقد ملكيته بعدم الاستعمال مدة خمس سنوات متتالية خلال الخمس عشر سنة التالية للتملك" ومن ثم فلم يفرق القانون بين أنواع الأراضي غير المزروعة سواء أكانت داخلة الزمام أم خارجة عنه فهذه وتلك يجوز تملكها إذ توفرت الشروط الواردة بالفقرة الثالثة من المادة 874 مدني سالفة الذكر". ويبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أطلق حكم التملك بالاستيلاء على الأراضي غير المزروعة دون التفرقة بين ما إذا كانت تلك الأراضي داخل الزمام أو خارجه، وهذا الإطلاق غير صحيح في القانون، ذلك أن المشرع وإن أباح تملك الأراضي غير المزروعة بإحدى الوسيلتين المبينتين في المادة 57 من القانون المدني القديم (874 من التقنين المدني الجديد) وهما الترخيص من الدولة أو التعمير، إلا أنه في خصوص الوسيلة الأولى قيد الترخيص بلزوم مطابقته لما نص عليه في اللوائح الصادرة في هذا الشأن، ويبين من الاطلاع على الأمر العالي الصادر بتاريخ 19 من ذي القعدة سنة 1301 - 9 سبتمبر سنة 1884 - أنه بعد أن نص في المادة الأولى على أن تلك الأراضي تنقسم إلى ثلاث درجات نص في المادة الثانية من هذا الأمر على أنه "لا يدخل في الثلاث درجات المذكورة أراضي الجزائر... ولا كافة الأراضي الداخلة ضمن زمام البلاد..." ولا شك أن إخراج الأراضي الداخلة في زمام البلاد من نطاق الأراضي غير المزروعة التي يجوز تملكها بالاستيلاء - يجري حكمه - سواء أكانت وسيلة التملك هي الترخيص أو التعمير، وبذلك لا ينصب التملك بالاستيلاء على الأراضي الداخلة في الزمام أياً كانت وسيلة التملك، ولما كان قضاء الحكم المطعون فيه مؤسساً على نظر قانوني خاطئ - مخالف لما سبق بيانه - وقد حجبه ذلك عن تحري حقيقة الواقع في شأن أرض النزاع على النحو السالف ذكره، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق