الصفحات

الثلاثاء، 25 يوليو 2023

الطعن 39 لسنة 25 ق جلسة 25 / 6 / 1959 مكتب فني 10 ج 2 ق 75 ص 494

جلسة 25 من يونيه سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحسن العباسي، وعبد السلام بلبع المستشارين.

------------------

(75)
الطعن رقم 39 لسنة 25 القضائية

(أ) عمل "فسخ عقد العمل".
حق رب العمل في فسخ عقد العمل لإخلال العامل بأحد التزاماته الجوهرية في العقد المحدد المدة. مرده أن العقد ملزم لطرفيه ويرتب في ذمتهما التزامات متبادلة.
(ب) عمل "التزامات العامل الجوهرية". حكم "تسبيب معيب".
إيضاح المادة 685 مدني التزامات العامل الجوهرية. منها تأديته العمل بنفسه وبذله فيه من العناية ما يبذله الشخص المعتاد. تمسك رب العمل في تبرير فصله للعامل بعدم بذلك العناية اللازمة. عدم الرد على هذا الدفاع الجوهري. نفي جهل العامل بالعمل والتنويه بكفاءته - لا يدل بذاته على نفي ما تمسك به رب العمل ولا يصلح رداً على هذا الدفاع. قصور.

-------------------
1 - حق رب العمل في فسخ العقد لإخلال العامل بأحد التزاماته الجوهرية في العقد المحدد المدة يرجع في أصله إلى أن عقد العمل ملزم لطرفيه ويرتب في ذمتهما التزامات متبادلة تسوغ لأحدهما التحلل من رابطة العقد إذا امتنع الطرف الآخر عن تنفيذ التزامه أو أخل به.
2 - أوضحت المادة 685 من القانون المدني التزامات العامل الجوهرية ومنها ما أوجبته على العامل في فقرتها الأولى من "أن يؤدي العمل بنفسه وأن يبذل فيه من العناية ما يبذله الشخص المعتاد" - فإذا كان الطاعن قد تمسك في دفاعه تبريراً لفصل المطعون عليه إخلال الأخير بالتزاماته بعدم بذله في العمل المتعاقد عليه العناية اللازمة مما سبب للطاعن خسارة، وكان الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع ولم يعن بالرد عليه، وكان ما أورده بأسبابه من نفي جهل الطاعن بالعمل المتعاقد عليه أو التنويه بكفاءته لا يدل بذاته على نفي ما تمسك به الطاعن من إخلال المطعون عليه بالتزاماته الناشئة عن عقد العمل ولا يصلح رداً على هذا الدفاع الجوهري الذي قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد عاره قصور في التسبيب يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليه أقام على الطاعن الدعوى رقم 344 سنة 1952 مدني كلي ببور سعيد وقال في بيان دعواه إنه بمقتضى عقد مؤرخ 10/ 2/ 1952 تعاقد مع المطعون عليه على أن يعمل لديه في وظيفة مراقب لإدارة أشغال صيانة مباني شركة قناة السويس التي رسا عطاؤها على الطاعنة وذلك براتب شهري قدره 350 جنيهاً لمدة سنتين بدايتهما تاريخ تحرير العقد الذي نص فيه على أنه لا يجوز إلغاؤه بغير اتفاق الطرفين وبإخطار سابق لمدة شهر مقدماً. ولكنه فوجئ في 26/ 5/ 1952 بإخطار الطاعن بالاستغناء عنه دون بيان الأسباب. ولما كان هذا الفصل قد صدر بغير مبرر فإن من حقه المطالبة بالتعويض عما لحقه من ضرر يكتفي في تقديره بقيمة المرتب عن باقي مدة العقد أي مبلغ 735 جنيهاً طلب الحكم بإلزام الطاعن بأن يدفعه له والمصاريف والأتعاب والنفاذ. وقد دفع الطاعن هذه الدعوى بأنه لم يتعسف في فصل المطعون عليه وبأن هذا الفصل إنما يرجع إلى أسباب تبرره منها جهل المطعون عليه بالعمل الذي تعاقد عليه وأنه لم يبذل فيه ما يبذله الشخص المعتاد مما سبب للطاعن في مدة الشهور الثلاثة التي باشر المطعون عليه العمل خلالها خسارة تقدر بنحو ألف جنيه. وبتاريخ 29/ 10/ 1935 قضت محكمة بور سعيد الابتدائية في هذه الدعوى حضورياً بإلزام المدعى عليه (الطاعن) بأن يدفع للمدعي (المطعون عليه) مبلغ 105 جنيهاً والمصروفات المناسبة ومبلغ 300 قرش أتعاب محاماة والنفاذ. فاستأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 6 سنة 6 ق المنصورة كما استأنفه المطعون عليه بالاستئناف رقم 19 سنة 6 ق المنصورة. وبعد أن قررت محكمة الاستئناف ضم الاستئنافين قضت فيهما بتاريخ 16/ 12/ 1954 بقبولهما شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليه مبلغ 735 جنيهاً والمصروفات عن الدرجتين و10 جنيهات مقابل أتعاب المحاماة عنهما. وقد طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وعرض الطعن على الدائرة فحص الطعون بجلسة 6/ 5/ 1959 وأصر الطاعن على طلباته وصممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها التي انتهت فيها إلى طلب نقض الحكم المطعون فيه، فقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وحددت لنظره جلسة 11 من يونيه سنة 1959 وفيها أصر كل من طرفي الخصومة على طلباته وصممت النيابة على رأيها سالف الذكر.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه في الوجه الرابع من السبب الثاني من سببي الطعن أنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن المطعون عليه يجهل العمل المتعاقد عليه وأنه لم يبذل في أدائه من العناية ما يبذله الشخص المعتاد إذ طلب أكثر من مرة خامات وأدوات تبين بعد إرسالها إليه في موقع العمل أنها تزيد بكثير عن مقتضيات العمل مما ألحق بالطاعن أضرار مادية كبيرة بلغت الألف جنيه وطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذه الوقائع، ولكن المحكمة رفضت هذا الطلب استناداً إلى ما استخلصته من الأوراق التي قدمها لها المطعون عليه والخاصة بعمله لدى شركة قناة السويس قبل التحاقه بخدمة الطاعن كملاحظ لعمليات مباني الشركة في حين أنه لا علاقة بين هذه الأوراق وبين الوقائع التي تمسك الطاعن بإثباتها والتي تفيد أن المطعون عليه فوق كونه جاهلاً بالعمل لم يبذل في تأديته ما يبذله الشخص المعتاد فجاء حكمها مشوباً ببطلان جوهري يستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الصورة الرسمية طبق الأصل من المذكرة التي قدمها الطاعن لمحكمة الاستئناف لجلسة 24/ 6/ 1954 أنه تمسك فيها بما نص به في هذا الوجه إذ جاء بالصحيفة 5 من هذه المذكرة ما يأتي: "سبق القول أن سبب الفصل يرجع إلى أسباب ثلاثة نلخصها في أن المدعي (المستأنف عليه) أولاً - يجهل العمل الذي تم التعاقد معه بشأنه ثانياً - ولأنه لم يبذل في تأديته من العناية ما يبذله الشخص المعتاد - فقد طلب أكثر من مرة خامات وأدوات تبين بعد إرسالها إليه في مكان العمل أنها تزيد بكثير عن مقتضيات العمل مما ألحق بالمستأنف أضراراً مادية بلغت ألف جنيه في مدة خدمته القصيرة". ومؤدى ذلك أن الطاعن في هذا الشق من الدفاع قد استند في نفي دعوى المطعون عليه إلى أمرين: الأول - أنه يجهل العمل المتعاقد عليه - الثاني - أنه لم يبذل فيه ما يبذله الشخص المعتاد مما سبب له خسارة تقدر بألف جنيه.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه رد على هذا الدفاع بقوله: "ومن حيث إن الحاج محمد عبد الفتاح أبو النجا ينعى على الحكم المستأنف أن محكمة أول درجة قد رفضت إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات جهل جيوفاني بارجيلي بالعمل الذي تم التعاقد بشأنه وبعدم ائتماره بأوامره - ومن حيث إن هذه المحكمة ترى عن المبرر الأول من أسباب فصل جيوفاني بارجيلي وهو جهله بالعمل الذي تم التعاقد عليه وعدم كفاءته فإن الثابت من الاطلاع على المستندات المقدمة من جيوفاني أنه كان يعمل بشركة قناة السويس كملاحظ لعمليات الشركة من 1/ 1/ 1930 إلى 1/ 8/ 1940 وهو تاريخ الاستغناء من خدمته بسبب حالة الحرب القائمة في ذلك الوقت كما أنه اشتغل قبل ذلك بورش الشركة لحساب المقاول في المدة من فبراير سنة 1923 حتى 1/ 1/ 1930 وهو تاريخ تعيينه بالشركة ثم عين لمدة شهرين بتاريخ 21/ 3/ 1950 حتى 20/ 5/ 1950 وصار العقد المذكور يتجدد من مدة لأخرى كملاحظ لعمليات مباني الشركة الجديدة وبلغ كسبه عن أخر شهر تقاضاه 50 جنيهاً و808 مليماً فشخص هذا حالة ليس من السهل بعد ذلك القول بجهله وعدم كفاءته في العمل الذي تم التعاقد عليه وهو من نفس نوع العمل الذي مارسه من قبل كل تلك السنين الطويلة، ولا يؤثر في ذلك القول بأنه لو كان كفئاً لهذا العمل لألحقته شركة القنال بالعمل لديها إذ من الجائز ألا يكون لديها في الوقت الحاضر مكاناً له".
ومن حيث إن حق رب العمل في فسخ العقد لإخلال العامل بأحد التزاماته الجوهرية في العقد المحدد المدة يرجع في أصله إلى أن عقد العمل ملزم لطرفيه ويرتب في ذمتهما التزامات متبادلة تسوغ لأحدهما التحلل من رابطة العقد إذا امتنع الطرف الآخر عن تنفيذ التزامه أو أخل به. ولما كانت المادة 685 من القانون المدني قد أوضحت التزامات العامل الجوهرية ومنها ما أوجبته على العامل في فقرتها الأولى من "أن يؤدي العمل بنفسه وأن يبذل فيه من العناية ما يبذله الشخص المعتاد"، وكان الطاعن قد تمسك في دفاعه تبريراً لفصل المطعون عليه إخلال الأخير بالتزاماته بعدم بذله في العمل المتعاقد عليه العناية اللازمة مما سبب للطاعن خسارة بلغت الألف جنيه، وكان الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع ولم يعن بالرد عليه، وكان ما أورده بأسبابه السابق الإشارة إليها من نفي جهل الطاعن بالعمل المتعاقد عليه أو التنويه بكفاءته لا يدل بذاته على نفي ما تمسك به الطاعن من إخلال المطعون عليه بالتزاماته الناشئة عن عقد العمل ولا يصلح رداً على هذا الدفاع الجوهري الذي قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى. لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد عاره قصور في التسبيب يستوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق