الصفحات

الاثنين، 24 يوليو 2023

الطعن 386 لسنة 24 ق جلسة 11 / 6/ 1959 مكتب فني 10 ج 2 ق 70 ص 466

جلسة 11 من يونيه سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

----------------

(70)
الطعن رقم 386 لسنة 24 القضائية

ضرائب "ضريبة التركات" "لجان تقدير التركات".
اعتبار لجنة تقدير التركات هيئة إدارية ذات اختصاص قضائي قبل تعديلها بالقانون رقم 217 لسنة 1951. وعدم جواز رجوعها في التقدير. ليس لمصلحة الضرائب أن تعقب على هذا التقدير أو تعيده إليها لمعاودة النظر فيه من جديد.

-----------------
مفاد نص المادة 37 من القانون رقم 142 لسنة 1944 - قبل تعديلها بالقانون رقم 217 لسنة 1951 - أن المشرع قد جعل لجان تقدير التركات التي نظمها في القرار الوزاري 126 لسنة 1944 هي جهة التقدير الأصلية إذ هي أداة المصلحة ووسيلتها الوحيدة في التقدير ولم يرسم القانون أي طريق للتعقيب على هذا التقدير، ومن ثم فإن قراراتها تعتبر صادرة من هيئة إدارية ذات اختصاص قضائي تستنفذ به سلطة التقدير فلا يجوز لها الرجوع فيه ولا لمصلحة الضرائب أن تعقب عليه أو تعيده إليها لمعاودة النظر فيه من جديد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى شكله القانوني.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أنه على أثر وفاة الرئيس الأسبق إسماعيل صدقي باشا انعقدت لجنة تقدير ضرائب التركات في 2 مايو سنة 1951 للنظر في تقدير تركته وحضر أمامها وكيلا الورثة (السيدان مفيد عطا الله وحسن القطان) وطلبا استبعاد قيمة الفيلات المقامة بأعلى العمارة رقم 17 بشارع الأمير سعيد بالزمالك والمقدرة بمبلغ 27600 جنيه بسبب تخصيصها لسكنى أسرة المتوفى إذ يقيم بها أنجال المورث وكريماته. وقد أصدرت اللجنة قرارها في 10 من مايو سنة 1951 في مواجهة وكيلي الورثة بتقدير التركة بمبلغ 203257 جنيهاً وبالموافقة على طلب استبعاد قيمة الفيلات وإعفائها من الضريبة عملاً بالمادة 12 من القانون 142 لسنة 1941، وأسست قرارها على أن الفيلات مشغولة بسكنى أربعة من الورثة ومتصلة جميعها من الداخل ويغلق عليها جميعها باب واحد وأن تخصيصها للسكن العائلي متوافر ولأنها مقامة على أرض واحدة في أعلا العمارة ولها دون باقي العمارة ربط خاص بالعوائد. وقد وافق وكيلا الورثة على ما تضمنه القرار من ربط وتقدير ووقعا القرار وتأشر بإحالته على المأمور المختص لتنفيذه. ولكن مصلحة الضرائب لم توافق على قرار اللجنة وردت الملف إليها لإعادة النظر في قرارها وإدخال الفيلات ضمن تقدير التركة، واستدعت لجنة التقدير وكيلي الورثة مرة أخرى للحضور في أول يوليه سنة 1951 وقد حضرا واعترضا بأنهما "لا يوافقان على ما أشار به مدير إدارة التركات حيث إن الموضوع قد فصلت فيه اللجنة بحضورهما وأنه ليس لأي شخص الحق في تغيير قرار اللجنة واحتفظا بحقهما في إبداء وجه الخطأ في تنفيذ إشارة مدير التركات عندما يرفع الأمر للقضاء" - وفي ذلك التاريخ أصدرت اللجنة قرارها معدلاً لقرارها السابق وقدرت قيمة التركة بمبلغ 230857 جنيهاً بعد إضافة قيمة الفيلات الأربعة السابق إعفاؤه وقدرت نصيب كل وارث على هذا الأساس وقام الورثة بسداد رسم الأيلولة بما فيه قيمة الزيادة ومقدارها 1844 جنيهاً و932 مليماً. وبتاريخ 22 من سبتمبر سنة 1951 أقام الطاعنون الدعوى رقم 1682 سنة 1951 تجاري لدى محكمة القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليهما طلبوا فيها الحكم بقبول الطعن شكلاً وببطلان قرار اللجنة الصادر في أول يوليه سنة 1951 وإلغائه وإلزام المطعون عليهما متضامنين بأن يردوا للورثة مبلغ 1844 جنيهاً و632 مليماً مع فوائده من تاريخ رفع الدعوى حتى السداد. وقد أصدرت محكمة القاهرة حكمها في 8 من يناير سنة 1953 بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفض الدفع ببطلان قرار اللجنة الصادر في أول يوليو سنة 1951 وبصحته وبرفض الطعن وتأييد قرار لجنة تقدير التركات المشار إليه. واستأنف الورثة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 146 سنة 7 ق تجاري وقضى في الاستئناف بتاريخ 11 من مارس سنة 1954 برفضه وتأييد الحكم المستأنف فقرر الطاعنون الطعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 24 من ديسمبر سنة 1958 وفيها صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها طالبة إحالة الطعن إلى الدائرة المدنية والتجارية لتقرير مبدأ فيه والقضاء برفض الطعن. وقد صدر قرار دائرة الفحص بإحالة الطعن إلى هذه الدائرة.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المذكور في السبب الأول خطأ الحكمين الابتدائي والاستئنافي المؤيد له في تطبيق القانون وتأويله ذلك أن اللجنة قد استنفدت ولايتها بإصدارها قرارها الأول فلا يجوز مراجعتها من أي جهة أخرى كما يدل على ذلك نص المادتين 37 و38 من القانون 142 لسنة 1944 قبل تعديله ونصوص اللائحة التنفيذية الصادر بها قرار وزير المالية رقم 126 لسنة 1944 وأن اختصاص مأمور الضرائب قاصر على جميع عناصر التركة وعرضها على اللجنة مشفوعة برأيه، وتختص اللجنة بعملية تقدير قيمة التركة وتحديد نصيب كل وارث واستبعاد ما يقضي القانون باستبعاده منها ولا معقب عليها في ذلك من المصلحة إذ لم يجعل القانون للمصلحة إشرافاً على اللجنة بل أن اللجنة بحكم تكوينها من رجال مصلحة الضرائب تعتبر هي المصلحة نفسها. ويؤيد ذلك تنظيم العمل أمام اللجنة وطبيعة الإجراءات التي تتبعها من إعلان ذوي الشأن بتاريخ الجلسة وإبداء أقوالهم أمامها وإصدار القرار في مواجهتهم (المادتان 66 و67 من اللائحة) ولو صح وجود الإشراف لكان مقتضاه جواز الرجوع من جانب المصلحة في كل قرار تصدره اللجان ولا يغير من هذا النظر القول بأن للورثة حق الطعن في القرار لدى المحاكم مقابل حق المصلحة في مراجعة قرار اللجان ذلك لأن المصلحة ممثلة في اللجان ولا يقبل منها الطعن على قراراتها ويؤكد ذلك خلو نصوص القانون ولائحته قبل تعديلهما من الإشارة إلى حق المصلحة في الإشراف على قرارات لجان التقدير واعتمادها أو إعادتها إلى اللجنة من جديد كما فعل المشرع عند تعديل نص المادة 37 من القانون رقم 217 لسنة 1951 إذ عهد بتقدير قيمة التركات إلى المأمورين المختصين ونص على وجوب اعتماد التقدير قبل إعلانه لذوي الشأن من مصلحة الضرائب وقد استحدثت اللائحة التنفيذية الصادرة في 8 من مايو سنة 1952 نصوصاً تساير هذا الاتجاه في المادة 28 مما يؤكد أنه لم يكن لمراجع أن يتعرض لقرار اللجنة في ظل النصوص القديمة.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه أنه قد أقام قضاءه برفض الدفع ببطلان قرار اللجنة الصادر في أول يوليه سنة 1951 على أن المستفاد من المادتين 37، 38 من القانون رقم 142 لسنة 1944 أن تقدير التركات مخول لمصلحة الضرائب بواسطة لجانها ولهذا كان لها أن تراجع عمل اللجنة وأن تصحح ما يقع فيه من أخطاء قانونية أو موضوعية ومن ثم لا يصح للمصلحة الطعن في قرارات اللجان بل ترك ذلك لأصحاب الشأن ويكون قرار اللجنة خاضعاً لمراجعة المصلحة حتى تاريخ إعلانه وتعلق حق أصحاب الشأن به.
وحيث إن هذا الذي أورده الحكم وأقام عليه قضاءه غير صحيح في القانون ذلك أن القانون 142 لسنة 1944 نص في المادة 37 على أن مصلحة الضرائب تقوم بتقدير التركات الخاضعة لرسم الأيلولة بواسطة لجان تؤلف طبقاً لما يقرر في اللائحة التنفيذية ونصت المادة العاشرة من اللائحة التنفيذية الصادر بها القرار الوزاري رقم 142 لسنة 1944 على قيام مأمور الضرائب باتخاذ التدابير الموصلة لحصر التركة حصراً شاملاً وتكليفه بعرض كافة العقود والمستندات والمحاضر والأوراق وغيرها على لجنة تقدير التركات مشفوعة برأيه على أن يكون للجنة وحدها استبعاد ما يقضي القانون باستبعاده من التركة، ونصت المادة 62 من هذه اللائحة على أن مأمور الضرائب يحيل ملف التركة مرفقاً به كل المستندات والمحاضر والأوراق إلى لجنة تقدير التركات المختصة بعد الفراغ من حصر التركة وجرد كل عناصرها، ونصت المادة 63 على أن تتولى تقدير التركات لجان مؤلفة من ثلاثة أعضاء من موظفي مصلحة الضرائب يكون أحدهم مأمور الضرائب المختص أو مساعده والثاني مأمور آخر أو مفتش والثالث رئيساً لها، وورد في المواد التالية أن انعقاد اللجنة لا يكون صحيحاً إلا إذا حضره أعضاؤها الثلاثة وكاتب الجلسة ويصدر قرارها بأغلبية الآراء ويوضح في القرار أسبابه بالتفصيل وتعلن اللجنة أصحاب الشأن بتاريخ الجلسة قبل انعقادها بخمسة أيام على الأقل بخطابات موصى عليها ويجوز لصاحب الشأن إبداء أقواله أمام اللجنة بنفسه أو بوكيل عنه إذا شاء فإذا أصدرت اللجنة قرارها بتقدير التركة تحدد نصيب كل وارث وفقاً لما جاء في الإعلام الشرعي بثبوت الوفاة والوراثة مع مراعاة ما يكون قد أجراه المورث من تصرفات، وتعيد اللجنة بعد صدور قرارها بتقدير التركة وتحديد أنصبة الورثة إلى مدير مصلحة الضرائب المحلية ملف التركة مرفقاً به قرار التقدير والتقسيم، ويتولى المأمور المختص إعلان قرار التقدير إلى ذوي الشأن بالطريق الإداري أو بخطاب موصى عليه. ويستفاد من هذه النصوص أن القانون 142 لسنة 1944 قد جعل لجان تقدير التركات التي نظمها في القرار الوزاري 126 لسنة 1944 هي جهة التقدير الأصلية إذ هي أداة المصلحة ووسيلتها الوحيدة في التقدير، ولم يرسم القانون أي طريق للتعقيب على هذا التقدير - ولا يغير من هذا النظر أن قرارات اللجان تعلن بواسطة المأمور المختص بعد إرسالها إلى مدير الضرائب المحلية لأن هذه الإحالة لم يقصد بها قيام حق للمصلحة في التعقيب على قرارات اللجان أو تعديلها بعد أن كفل المشرع حق المصلحة بما نص عليه من تشكيل هذه اللجان من رجال مصلحة الضرائب أنفسهم - وليس صحيحاً في القانون أن حرمان المصلحة من الطعن على قرارات اللجان يرجع إلى حقها في التعقيب عليها بل أن علة هذا المنع أن هذه اللجان إنما تشكل من رجال مصلحة الضرائب دون تمثيل لأصحاب الشأن فيها - ويؤكد هذا النظر ما صرحت به المادة العاشرة من القرار الوزاري 126 لسنة 1944 من أن للجنة وحدها حق استبعاد ما يقضي القانون باستبعاده من التركة، وما نصت عليه المادة 54 من أن اللجنة تعلن تقديرها إلى صاحب الشأن بمجرد إصدار قرارها بتقدير قيمة السندات والأوراق المالية غير المقيدة بالتسعيرة بإحدى البورصات - ويؤيد ذلك أيضاً أن الشارع عندما أصدر القانون 217 لسنة 1951 معدلاً لبعض أحكام القانون 142 لسنة 1944 نص في المادة 37 معدلة على أنه يعهد بتقدير قيمة التركات الخاضعة لرسم الأيلولة إلى المأمورين المختصين ويجب اعتماد التقدير قبل إعلانه إلى ذوي الشأن من مصلحة الضرائب بالكيفية التي تنص عليها اللائحة التنفيذية مما يفيد أن تقدير التركة بواسطة اللجان المنصوص عليها في القانون 142 لسنة 1944 لم يكن يخضع لأي تعقيب من قبل مصلحة الضرائب. ولما كان ذلك فإن قرار لجنة تقدير ضريبة التركات المؤرخ 10 مايو سنة 1951 يكون صادراً من هيئة إدارية ذات اختصاص قضائي تستفيد به سلطة التقدير فلا يجوز لها الرجوع فيه ولا للمصلحة أن تعقب عليه أو تعيده إلى اللجنة لإصدار قرار جديد، ومن ثم فإن إعادة المصلحة قرار التقدير إلى اللجنة لإعادة النظر فيه على أسس جديدة هو إجراء باطل هو وما تلاه من صدور قرار اللجنة في أول يوليه سنة 1951 على نقيض القرار الأول. ويكون الدفع ببطلان ذلك القرار في محله، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض هذا الدفع قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقض الحكم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق