الصفحات

الاثنين، 31 يوليو 2023

الطعن 279 لسنة 25 ق جلسة 19 / 11 / 1959 مكتب فني 10 ج 3 ق 106 ص 695

جلسة 19 من نوفمبر سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: الحسيني العوضي، ومحمد رفعت، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

-------------------

(106)
الطعن رقم 279 لسنة 25 القضائية

مسئولية "المسئولية التقصيرية" "الخطأ" "تطبيقات مختلفة لفكرة الخطأ" "مسئولية الحكومة عن تفريق المظاهرات وإصابة شخص غير متظاهر". حكم "عيوب التدليل" "فساد الاستدلال" "ما لا يعد كذلك".
تأسيس الحكم قضاءه برفض دعوى التعويض عن إصابة الطاعنة التي كانت في شرفة منزلها أثناء تفريق رجال البوليس لمظاهرة على نفي وقوع خطأ من جانبهم وإيراده الاعتبارات السائغة المبررة لقضائه. النعي عليه بالخطأ في القانون وفساد الاستدلال يكون على غير أساس.

-----------------
إذا كان الحكم المطعون فيه بعد أن سرد وقائع الدعوى عرض لما أوردته محكمة الدرجة الأولى في حكمها من أسباب أقامت عليها مسؤولية الحكومة عن فعل تابعيها من رجال البوليس أثناء قيامهم بتفريق المظاهرات التي قامت يوم وقوع الحادث الذي أصيبت فيه الطاعنة وما أسنده ذلك الحكم إليهم من خطأ يتمثل في إطلاقهم الأعيرة النارية على غير هدى وبدون دقة - مع وجود متسع من الفضاء أمامهم وإحداثهم نتيجة لذلك ولعدم إحكام الرماية إصابة الطاعنة التي كانت في شرفة منزلها في الدور الثاني منه، وكان الحكم المطعون فيه قد تناول بالتفنيد ما ورد في هذه الأسباب فأوضح - مما حصله من الوقائع - أنه لم يكن ثمت - في مكان وقوع الحادث - فضاء متسع وأنه لم يثبت أن رجال البوليس كانوا يطلقون النار جزافاً - وأسس قضاءه برفض دعوى الطاعنة على نفي وقوع خطأ ما من جانب رجال البوليس - مورداً في ذلك من الاعتبارات السائغة ما يبرر قضاءه فإن النعي عليه بالخطأ في القانون وفساد الاستدلال يكون على غير أساس.


المحكمة

حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن الطاعنة أقامت على المطعون عليهم الدعوى رقم 469 لسنة 1951 كلي بمحكمة الإسكندرية الابتدائية طالبة الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا لها مبلغ ألف جنيه والمصاريف والأتعاب، وذكرت في دعواها أن هذا المبلغ تعويض لها عن إصابتها بعيار ناري من رجال بوليس مدينة الإسكندرية أثناء مطاردتهم المتظاهرين في الطرقات في يوم 4 مارس سنة 1946، وقد تسبب عن هذه الإصابة جروح في جبهتها وعينيها نشأ عنها فقد عينها اليسرى. وبتاريخ 4/ 5/ 1952 قضت المحكمة الابتدائية بإلزام المطعون عليهم بأن يدفعوا لها متضامنين مبلغ 500 جنيه والمصروفات وألف قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المطعون عليهم هذا الحكم إلى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 275 سنة 8 ق كما استأنفته الطاعنة بالاستئناف رقم 276 سنة 8 ق وضم الاستئنافان ثم قضت فيهما محكمة استئناف إسكندرية بتاريخ 16 مارس سنة 1955 بقبولهما شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى وألزمت الطاعنة بالمصروفات وبمبلغ ثلثمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة - وبتاريخ 7 يونيه سنة 1955 طعنت الطاعنة في هذا الحكم بالنقض وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها طلبت فيها إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لتقضي فيه بنقض الحكم المطعون فيه. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 19 مايو سنة 1959 وفيها صممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 22 أكتوبر سنة 1959 وأبدت النيابة العامة رأيها بطلب نقض الحكم المطعون فيه.
وحيث إن محصل ما تنعى به الطاعنة في السبب الأول على الحكم المطعون فيه أنه قد أخطأ في القانون، ذلك أن الواقعة الثابتة في ذلك الحكم هي أن الطاعنة قد أصيبت بالعيار الناري أثناء وجودها في مسكنها، ومع ذلك فقد رفع الحكم المطعون فيه المسئولية عن المطعون عليهم تأسيساً على أن العمل الذي قام به رجال البوليس وهو إطلاق الأعيرة النارية لفض المظاهرة هو عمل مشروع مهما كانت النتائج المترتبة عليه، وهذا التأسيس خاطئ قانوناً لأن القانون وإن كان أباح للفرد أو للحكومة استعمال الحق إلا أن هذا الاستعمال مقيد بألا يلابسه خطأ أو رعونة أو عدم تبصر أو مجانبة للحيطة فإذا لابس استعمال الحق شيء من ذلك وأصاب الغير ضرر نتيجة له حقت المسئولية ووجب التعويض، وقد خالفت محكمة الاستئناف بقضائها ما قررته محكمة النقض في قضاء سابق لها وقد أوجبت فيه على رجال الحفظ عند القيام بالمحافظة على الأمن اتخاذ الوسائل الكفيلة بتحقيق هذا الغرض دون ارتكاب أعمال خارجة عما يكون لازماً لتحقيقه.
وحيث إن حاصل ما تنعى به الطاعنة في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه أنه مشوب بفساد الاستدلال إذ شوه الواقعة التي طرحتها الطاعنة على محكمة الموضوع بياناً له لما اكتنف فعل رجال البوليس من خطأ مبني على عدم التبصر وفقدان الحيطة، ذلك أنها ذكرت في هذا الخصوص أن الأعيرة النارية كانت تطلق في الهواء جزافاً وبغير تبصر وبطريقة تعرض الآمنين في مساكنهم للخطر ما أدى إلى إصابة واجهات المنازل وقد كانت إصابتها على هذا النحو وبهذا السبب. وقد آخذ الحكم المطعون فيه الطاعنة بهذا القول ذاكراً في أسبابه أنها لم تثبت أن رجال البوليس كانوا يطلقون الأعيرة النارية على واجهات المنازل بالذات مع أنها لم تذكر في دفاعها أن رجال البوليس قد عمدوا إلى إطلاق النار في واجهات المنازل حتى تطالبها المحكمة بإثبات ذلك.
وحيث إن النعي بما ورد في هذين السببين مردود بأنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه بعد سرده لوقائع الدعوى عرض لما أوردته محكمة الدرجة الأولى في حكمها من أسباب أقامت عليها مسئولية الحكومة عن فعل تابعيها من رجال البوليس أثناء قيامها بتفريق المظاهرات التي قامت في الإسكندرية يوم وقوع الحادث الذي أصيبت فيه الطاعنة وما أسنده ذلك الحكم إليه من خطأ يتمثل في إطلاقهم الأعيرة النارية على غير هدى وبدون دقة مع وجود متسع من الفضاء أمامها وإحداثهم نتيجة لذلك ولعدم إحكام الرماية إصابة الطاعنة التي كانت في شرفة منزلها في الدول الثاني منه، وقد تناول الحكم المطعون فيه بالتفنيد ما ورد في هذه الأسباب فأوضح مما حصله من الوقائع أنه لم يكن ثمت في مكان وقوع الحادث فضاء متسع، وأنه لم يثبت أن رجال البوليس كانوا يطلقون النار جزافاً وتأسس قضاؤه برفض دعوى الطاعنة على نفي وقوع خطأ ما من جانب رجال البوليس. ولما كان يبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه لم يقم قضاءه برفض مسئولية الحكومة عن أعمال تابعيها من رجال البوليس على الزعم بأن لهؤلاء حقاً مطلقاً في فض المظاهرات بالقوة وبإطلاق الأعيرة النارية تأسيساً على أنه فيما يتخذونه في هذا السبيل إنما يقومون بعمل مشروع فلا يسألون عما ينتج للغير من جراء ذلك من أضرار، بل أقامه على نفي وقوع خطأ من جانبه مورداً في ذلك من الاعتبارات السائغة ما يبرر قضاءه، فإن النعي عليه بالخطأ في القانون وفساد الاستدلال يكون على غير أساس.
وحيث إن النعي بما ورد في السبب الثالث مردود بما سلف ذكره إذ هو منطو فيما أوردته الطاعنة بسبب النعي الأول.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق