الصفحات

السبت، 15 يوليو 2023

الطعن 248 لسنة 46 ق جلسة 21 / 12 / 1981 مكتب فني 32 ج 2 ق 428 ص 2346

جلسة 21 من ديسمبر سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ د. عبد الرحمن عياد - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عبد الحميد المنفلوطي، محمد زغلول عبد الحميد، د. منصور وجيه ومحمد ماضي أبو الليل.

------------------

(428)
الطعن رقم 248 لسنة 46 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن".
عدم تقديم الطاعن الدليل على ما تمسك به من أوجه الطعن. نعي لا دليل عليه.
(2) حكم "ما لا يعد قصوراً".
دفاع الطاعن. عدم استناده إلى أساس قانوني صحيح. إغفال الحكم الرد عليه. لا قصور.
(3) نقض "السبب الجديد".
طلب تطبيق نظرية الظروف الطارئة. م 147 - 2 مدني. عدم جواز إثارة لأول مرة أمام محكمة النقض.
(4) إثبات "القرائن". محكمة الموضوع.
لمحكمة الموضوع التعويل في حكمها على ما ورد بشكوى إدارية. اعتبار ذلك قرينة قضائية.
(5) دعوى "إعادة الدعوى للمرافعة".
طلب إعادة الدعوى للمرافعة. عدم التزام المحكمة بإجابته متى استبانت أن القصد منه المماطلة.

-----------------
1 - إذ كان الطاعنان لم يقدما رفق طعنهما صورة رسمية من المحضر الإداري الذي يقولان أن الحكم المطعون فيه استخلص منه نتائج لا تتفق مع ما جاء به حتى تستطيع المحكمة أن تتحقق من صحة هذا النعي على الحكم المطعون فيه، فإن قولهما في هذا الخصوص يكون عارياً عن الدليل.
2 - إذا كان الثابت بملحق عقد الإيجار التزام الطاعنين باستعمال الغاز الأبيض في إدارة آلات الفرن، ولما كان قرار وزير التموين رقم 116 لسنة 1968 بحظر استعمال هذا الغاز قد ألغي بالقرار رقم 64 لسنة 1969 فبذلك يعود التزام الطاعنين سالف الذكر، ويكون تمسكهما بنفاذ القرار رقم 116 لسنة 1968 في مدة تالية لإلغائه لا يستند إلى أساس قانوني صحيح، ومن ثم فإن إغفال الحكم الرد عليه لا يعد قصوراً مبطلاً له.
3 - إذ لم يطلب الطاعن أمام محكمة الموضوع تطبيق نظرية الظروف الطارئة التي نصت عليها المادة 147/ 2 من القانون المدني فلا يجوز له إبداء هذا الطلب لأول مرة أمام محكمة النقض.
4 - من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع أن تعتمد في استجلاء الحقيقة على أية قرينة تطرح أمامها حتى ولو استخلصتها من تحقيق شكوى إدارية.
5 - إن طلب إعادة الدعوى إلى المرافعة ليس حقاً للخصوم تتحتم إجابتهم إليه بل هو متروك لمحكمة الموضوع التي تستقل بتقدير مدى الجد فيه ولا محل للطعن على حكمها بأنه أخل بحق الدفاع متى رأت للأسباب السائغة التي أوردتها أن هذا الطلب غير جدي ولم يقصد به غير إطالة أمد الخصومة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 1581 سنة 1974 مدني كلي الإسكندرية ضد الطاعنين بطلب الحكم بإخلائهما من المحل المبين بصحيفة الدعوى وتسليمه لها خالياً مما يشغله، وقالت بياناً للدعوى أنه بموجب عقد مؤرخ 1 - 3 - سنة 1961 استأجر الطاعنان منها هذا المحل لاستعمال "حلواني ومخبز أفرنجي" غير أنهما خالفاً شروط العقد بأن استعملا بالمحل ماكينة للعجين تنبعث منها أصوات مقلقة للراحة وتحدث اهتزازات خطيرة تؤثر على العقار كما استعملا في إدارة آلات المخبز سائل المازوت مما يؤدي إلى انبعاث دخان أسود يتسرب إلى مساكن باقي المستأجرين ومن ثم أقامت الدعوى بطلباتها. وبتاريخ 6 - 11 - 1974 حكمت المحكمة بإخلاء الطاعنين من العين المؤجرة المبينة بصحيفة الدعوى وبعقد الإيجار المؤرخ 1 - 3 - 1961 وتسليمها خالية مما يشغلها للمطعون عليها. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 988 سنة 30 ق الإسكندرية، وبتاريخ 15 - 1 - 1975 حكمت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل بالإسكندرية لمعاينة العين المؤجرة وبيان مدى مطابقة استعمال الطاعنين لها مع شروط عقد الإيجار وما إذا كان قد ترتب على هذا الاستعمال ضرر لهذه العين، وبعد أن قدم مكتب الخبراء تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 21 - 2 - 1976 بتأييد الحكم المستأنف.
طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب، ينعى الطاعنان بالسببين الأول والرابع وبالوجه الثاني من السبب الخامس منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال ومخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقولان أنهما تمسكا في دفاعهما أمام محكمة الموضوع بأن الاستعمال الحالي للمخبز لم يؤثر على العقار ولم يترك بسببه أي من المستأجرين مسكنه بما ينفي أي ضرر للمطعون عليها من هذا الاستعمال، غير أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع وأقام قضاءه بإخلائهما من العين المؤجرة على ما استخلصه من الشكوى الإدارية المنضمة ومن تقرير الخبير من استعمالهما بها ماكينة للعجين تحدث ضجيجاً وينبعث من المدخنة دخان إلى الشقق السكنية ورتب على ذلك أن هذا الاستعمال يخالف شروط الإيجار المعقولة المتفق عليها ويضر بمصلحة المطعون عليها المؤجرة بما يبيح لهذه الأخيرة الحكم بإخلائهما، مع أن الثابت بالشكوى الإدارية أن محررها لم يذكر بها أنه سمع مثل الصوت المذكور، وخلا تقرير الخبير من ثبوت انبعاث أصوات من ماكينة الفرن تقلق السكان وانبعاث دخان من الفرن يتأثر به المبنى إلا فيما نقله عن إحدى المستأجرات لبعض العقار الكائنة به عين النزاع، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه وتقرير الخبير الذي استند إليه لم يبينا نوع الضرر الذي أصاب المطعون عليها من استعمالها للعين المؤجرة، فيكون الحكم المطعون فيه معيباً بالقصور في التسبيب وبمخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال وبمخالفة القانون.
وحيث إنه لما كان الطاعنان لم يقدما رفق طعنهما صورة رسمية من المحضر الإداري الذي يقولان أن الحكم المطعون فيه استخلص منه نتائج لا تتفق مع ما جاء به حتى تستطيع المحكمة أن تتحقق من صحة هذا النعي على الحكم المطعون فيه، فإن قولهما في هذا الخصوص يكون عارياً عن الدليل. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما أورد في مدوناته من أن "الثابت من المحضر الإداري رقم 2329 سنة 1974 المنتزة أن المعاينة التي أجراها الضابط المحقق في 9 - 5 سنة 1974 أسفرت عن أن مستأجر المخبز قام بمحاولة تركيب مدخنة حديثة بالمحل ولكنها لم تستكمل بعد كما قرر له شفاهة وأنها حتى الآن غير صالحة للعمل، كما أثبت المحقق ما ورد على لسان المستأنف الأول من أنه قام بإنزال آلة إدارة ماكينة العجين من مكانها بالسقف ووضعها من أرض المخبز حتى يتلافى الضجيج الذي تحدثه وأضاف الضابط في معاينته أن واجهة العمارة من الخارج مغطاة بطبقة سوداء من الهباب الناتج عن استعمال غاز غير نظيف وعدم وجود مدخنة وأن تلك الطبقة السوداء تغطي الجدار الخارجي حتى الدور الثالث للعقار وقد تأيد كل ذلك بأقوال من أدلوا بأقواهم بالشكوى المذكورة من سكان العقار، فإذا أضيف إلى ما تقدم ما ضمنه الخبير في تقريره من واقع اطلاعه على محضر الترخيص رقم 307934 بمكتب العمل بتاريخ 17 - 10 - 1973 من وجود بعض مخالفات... وما أثبته أيضاً من اطلاعه على تقرير التفتيش بتاريخ 11 - 5 - 1974 وهو تاريخ معاصر لتاريخ معاينة ضابط الشرطة التي تمت في 9 - 5 - 1974 من عدم توافر خزان هباب وهو ما يقوي يقين المحكمة بصحة معاينة ضابط الشرطة وما أثبته في محضره، وإذ كان كل ما سلف من مخالفات يتوافر معه حق المؤجر (المستأنف عليها) من إخلاء المستأنفين من العين المؤجرة لاستعمالها بطريقة تتنافى شروط الإيجار المعقولة المتفق عليها والتي يتوافر معها الإضرار بمصلحة المستأنف عليها، خاصة مع ما ثبت من تقرير الخبير وعلى لسان سكان العقار من أن صوت ماكينة العجين يحدث ضجيجاً وما أثبته أيضاً الخبير من واقع معاينته من تصاعد الدخان من المدخنة إلى الشقق السكنية أعلى الفرن وهو ما تأيد بأقوال المستأجرين لها.....، ومفاد هذا أن الحكم المطعون فيه رد على دفاع الطاعنين بما استخلصه من أن المطعون عليها أصيبت بضرر من استعمالها للعين المؤجرة وأفصح عن أن هذا الضرر يتمثل في الضجيج التي ينبعث من صوت ماكينة العجين وفي الدخان الذي يتصاعد من المدخنة إلى الشقق السكنية أعلى الفرن، وقام في ذلك على أسباب سائغة تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، مما يكون معه النعي بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة القانون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب أن الطاعنين تمسكا في دفاعهما أمام محكمة الاستئناف بأنهما ملزمان باستعمال المازوت في إدارة الفرن نفاذاً لقرار وزير التموين رقم 116 لسنة 1968 وأنهما يستعملان المازوت منذ بدء استئجارهما للفرن في سنة 1961 كما يستعمل في إدارة جميع المخابز أخذاً بأقوال مفتش العمل وبما حققه الخبير بنفسه، غير أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع وأخذ بأسباب الحكم الابتدائي فيما قرره من مخالفة هذا الاستعمال لشروط عقد الإيجار فيكون معيباً بالقصور في التسبيب وبالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الثابت بملحق عقد الإيجار التزام الطاعنين باستعمال الغاز الأبيض في إدارة آلات الفرن، ولما كان قرار وزير التموين رقم 116 لسنة 1968 بحظر استعمال هذا الغاز قد ألغي بالقرار رقم 64 لسنة 1969 فبذلك يعود التزام الطاعنين سالف الذكر ويكون تمسكهما بنفاذ القرار رقم 116 لسنة 1968 في مدة تالية لإلغائه لا يستند إلى أساس قانوني صحيح ومن ثم فإن إغفال الحكم الرد عليه لا يعد قصوراً مبطلاً له.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث أن الطاعنين تمسكا في دفاعهما أمام محكمة الاستئناف بأن أزمة الطاقة العالمية بما ترتب عليها من ارتفاع في أسعار المواد البترولية - مع ثبات سعر الخبز بالتسعير الجبري يجعل من استعمال الكيروسين الأبيض في إدارة ماكينات المخبز أمر باهظ التكلفة مما يبطل الشرط الموجب لاستعماله في العقد طبقاً لنص المادة 147/ 2 من القانون المدني، غير أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفاع الجوهري الذي من شأنه أن يغير وجه الرأي في الدعوى، فيكون قد أخطأ في تطبيق القانون وعابه القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول. ذلك أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إذا لم يطلب الطاعن أمام محكمة الموضوع تطبيق نظرية الظروف الطارئة التي نصت عليها المادة 147/ 2 من القانون فلا يجوز له إبداء هذا الطلب لأول مرة أمام محكمة النقض؛ لما كان ذلك وكان كل ما تمسك به الطاعنان أمام محكمة الاستئناف أن سعر الكيروسين الأبيض قد ارتفع ارتفاعاً كبيراً يترتب عليه تكبيد المخبز نفقات باهظة وأنه لذلك يعتبر الشرط الوارد في عقد الإيجار الخاص بالتزامها باستعمال هذا النوع من الوقود شرطاً تعسفياً لا تجيز مخالفته الحكم بالإخلاء، فإن هذا القول لا يفهم منه التمسك بإعمال المادة 147/ 2 والتي لم يذكراها في تمسكهما المشار إليه إذ أن قوامها أن تطرأ حوادث استثنائية عامة لم يكن في الواسع توقعها كما وأن الجزاء المترتب على توافر شروطهما هو رد التزام المرهق إلى الحد المعقول لا بطلانه.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الأول من السبب الخامس أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون لأنه استند في قضائه إلى ما ثبت بمحضر إداري مع أن هذا المحضر لا قيمة له في الإثبات.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع أن تعتمد في استجلاء الحقيقة على أية قرينة تطرح أمامها حتى ولو استخلصتها من تحقيق شكوى إدارية، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استند إلى ما جاء بأقوال شهود في تحقيق إداري كقرينة إلى جانب ما استخلصه من تقرير الخبير وهي في مجموعها تؤدي إلى ما انتهى إليه من أن استعمال الطاعنين للعين المؤجرة جاء مخالفاً لشروط عقد الإيجار المعقولة وأضر بالمطعون عليها على التفصيل الوارد أنفاً فإن هذا النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب السادس أن الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنين قدما طلباً لإعادة الدعوى إلى المرافعة لحدوث تغيير في تقرير الخبير بانتزاع الصفحات الأخيرة منه المشتملة على عبارة "أن الضرر غير موجود" وطلب آخر للطعن بالتزوير على هذا التقرير غير أن الحكم المطعون فيه قد صادر على المطلوب بما قرره من أن هذا التقرير صحيح، فيكون قد أخل بحقهما في الدفاع.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن طلب إعادة الدعوى إلى المرافعة ليس حقاً للخصوم تتحتم إجابتهم إليه بل هو متروك لمحكمة الموضوع التي تستقل بتقدير مدى الجد فيه ولا محل للطعن على حكمها بأنه أخل بحق الدفاع متى رأت للأسباب السائغة التي أوردتها أن هذا الطلب غير جدي ولم يقصد به غير إطالة أمد الخصومة، وإذ كان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنين قدما طلبين لإعادة الدعوى إلى المرافعة قراراً في أولهما بحصول تغيير في تقدير الخبير بانتزاع صفحات منه وإحلال أخرى محلها وأبديا في الثاني رغبتهما في الطعن بالتزوير على هذا التقرير، وقد رفض الحكم المطعون فيه إعادة الدعوى إلى المرافعة تأسيساً على أن ما ورد بهذين الطلبين من حصول تغيير في تقرير الخبير يتنافى مع ماديات التقرير ذاته ومع تسلسل العبارات واتساقها، ورأى في حدود سلطته الموضوعية، عدم جدية هذين الطلبين للأسباب السائغة التي أوردها، فيكون النعي عليه بالإخلال بحق الدفاع على غير أساس ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق