الصفحات

الخميس، 27 يوليو 2023

الطعن 222 لسنة 25 ق جلسة 15 / 10 / 1959 مكتب فني 10 ج 3 ق 86 ص 567

جلسة 15 من أكتوبر سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت، ومحمود القاضي المستشارين.

----------------

(86)
الطعن رقم 222 لسنة 25 القضائية

(أ، ب) بيع "آثار عقد البيع" "الالتزام بتسليم المبيع" "موضوعه - المبيع بوصفه المتفق عليه" "البيع بالعينة". القرار الوزاري 81/ 42.
(أ) وجوب تسليم مبيع مطابق للعينة المتفق عليها. ليس للبائع الذي لم يف بهذا الالتزام أن يطالب المشتري بالثمن. م 420 مدني.
نص م 34 من القرار الوزاري 81/ 42 بشأن تنظيم التعامل بالجملة في (ب) سوق البصل بالإسكندرية لا يتأدى منه أن المبيع وقد أصبح معلوماً للمشتري بمعاينته إياه فإنه يمتنع عليه الادعاء بعد ذلك أن البيع كان بيعاً بالعينة.
(جـ) قانون "تفسيره" "التفسير القضائي". عرف. تفسير. محكمة الموضوع.
لا على محكمة الموضوع إن هي أخذت في تفسير النص بما تدل عليه عبارته الواضحة والتفتت عن طلب الإحالة إلى التحقيق لإثبات قيام عرف تجاري يتحدد به مراد الشارع من النص.
(د) إثبات "طرق الإثبات" "طرق الإثبات ذات القوة المحدودة" "الإثبات بالبينة". محكمة الموضوع.
حق محكمة الموضوع في رفض طلب الإحالة إلى التحقيق على أن تبين سبب الرفض.

----------------
1 - تنص المادة 240 من التقنين المدني على أنه "إذا كان البيع بالعينة وجب أن يكون المبيع مطابقاً لها" ومؤدى ذلك أن يقع على عاتق البائع الالتزام بتسليم شيء مطابق للعينة المتفق عليها، فإذا لم يف بهذا الالتزام لم يكن له أن يطالب المشتري بأداء المقابل وهو الثمن.
2 - تنص المادة 34 من القرار الوزاري رقم 81 لسنة 1942 الخاص بتنظيم التعامل بالجملة في سوق البصل بالإسكندرية على أنه "تحصل المزايدة في كل رسالة بالمكان الذي توجد فيه على أساس العينات التي تستخرج طبقاً لأحكام هذا القرار"، ولا يتأدى من ذلك النص أن المبيع وقد أصبح معلوماً للمشتري بمعاينته إياه فإنه يمتنع عليه بعد ذلك ادعاء أن البيع كان بيعاً "بالعينة" ذلك أنه وإن كان المشتري يعتبر عالماً بالمبيع علماً كافياً باطلاعه على العينة إلا أنه يتحتم مطابقة محتويات الرسالة أو الرسائل للعينات المستخرجة منها. فإذا تبين عدم مطابقتها لها كان المشتري في حل من الوفاء بالتزامه بالثمن.
3 - لا تثريب على محكمة الموضوع إذا هي رفضت الاستجابة إلى ما طلبه الطاعن من إحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت ما ادعاه من قيام عرف تجاري مبناه أن التعامل في سوق البصل بالإسكندرية يجري على أساس معاينة المبيع وأن البيع لا يتم على مقتضى عينة خاصة - ذلك أن دفاع الطاعن في هذا الخصوص لم يكن مبناه أن ثمت عرفاً تجارياً يناهض نصاً مفسراً وإنما كان مبناه أن هذا العرف هو الذي يتحدد به مراد الشارع من نص المادة 34 من القرار الوزاري رقم 81 لسنة 1942 وإذ كان هذا هو ما استهدفه الطاعن بطلب الإحالة إلى التحقيق فإنه لا حرج على محكمة الموضوع إذا هي التفتت عنه وأخذت في تفسير ذلك النص بما تدل عليه عبارته الواضحة.
4 - لا مأخذ على محكمة الموضوع إن هي رفضت الإحالة إلى التحقيق ما دام أنها قد رأت من ظروف الدعوى والأدلة التي استندت إليها ما يكفي لتكوين عقيدتها، وحسبها أن تبين في حكمها الأسباب التي اعتمدت عليها في رفض هذا الطلب.


المحكمة

حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن الطاعن أقام على المطعون عليه الدعوى رقم 2 لسنة 1950 تجاري كلي الإسكندرية طالباً فيها الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 396 جنيهاً و937 مليماً ومصاريف البروتستو والفوايد القانونية من تاريخ البروتستو حتى السداد والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ... إلخ وذكر شرحاً لدعواه إنه بتاريخ 8 مايو سنة 1949 باع للمطعون عليه 777 جوالاً من البصل بثمن قدره 396 جنيهاً و937 مليماً وحررت بالبيع ثلاثة عقود وقع عليها من الطرفين ومن السمسار وسجلت بسجلات سوق البصل بالقباري وتسلم المطعون عليه البضاعة المبيعة له بعد أن قام بوزنها مندوب وزارة التجارة ولم يقم المطعون عليه بالوفاء بثمنها رغم استلام البضاعة والمطالبة الودية وعمل البروتستو في 3 مايو سنة 1949 وبتاريخ 26 نوفمبر سنة 1950 قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية برفض الدعوى وإلزام الطاعن بالمصروفات ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة، فاستأنف الطاعن هذا الحكم إلى محكمة استئناف الإسكندرية المقيد بجدولها برقم 24 لسنة 7 ق تجاري طالباً إلغاء الحكم الابتدائي والقضاء له بطلباته. وبتاريخ 23 مارس سنة 1955 حكمت محكمة استئناف الإسكندرية بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف (الطاعن) بالمصروفات ومبلغ خمسمائة قرش مقابلاً لأتعاب المحاماة. وبتاريخ 8 مايو سنة 1955 طعن الطاعن بالنقض في هذا الحكم - وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها رأيها برفض الطعن، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 3 مايو سنة 1959 وصممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها، وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة، وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة العامة على رأيها السالف ذكره.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تفسير القانون - وفي بيان ذلك ذكر أن دعواه قبل المطعون عليه قامت على أساس أن الصفقة قد عرضت للبيع بالمزاد العلني وبيعت للمطعون عليه بعد معاينته لها وارتضائه إياها وتسلمها فعلاً وقصها إلى مخازنه وحررت عنها ثلاثة عقود يختلف الثمن في الواحد منها عن الآخر وفقاً لحالة كل كمية من الكميات المبيعة وصنفها وجودته ونوعه، وإذ كان الطاعن قد خلى بينه وبين البضاعة لتتم للمشتري معاينتها فإن البيع في هذه الحالة يعتبر ناجزاً في حق الطرفين ويلتزم المشتري بالوفاء بالثمن، وليس له أن يتحلل من الصفقة بدعوى أن البيع تم على أساس العينة وأنه إذ تبين عدم مطابقة العينة للبضاعة فقد كان في حل من عدم الوفاء بالثمن - ومع أن الواقعة التي أقام الطاعن دعواه على أساسها قد حصلها الحكم المطعون فيه وأثبتها عند سرد الوقائع وضمنها أسبابه - إلا أنه أهدر إعمال حكم القانون في شأنها واستند في قضائه إلى القرار الوزاري رقم 81 لسنة 1942 - وهو لا يلغي حكم القواعد العامة وقد أريد به تنظيم التعامل بالجملة في سوق البصل - وقد أخطأت المحكمة في تفسيره - ذلك أنه يبين من المادة 34 منه أن ما نص عليه فيها من أن المزايدة تحصل في كل رسالة بالمكان الذي توجد به على أساس العينات التي تستخرج طبقاً لأحكام القرار - إنما يراد به أن يكون البيع والشراء على ضوء المعاينة - لا على مجرد عينة خاصة - وقد تحدثت تلك المادة أيضاً عن استخراج عدة عينات من الرسالة الواحدة. وفي ذلك ما يفيد أن الأمر لا يقتصر على عينة واحدة وأن استخراج العينات المتعددة إنما يراد منه المعاينة لا البيع على مقتضى عينة، وهذا الفهم الصحيح لمعاني ذلك النص يطابق العرف الجاري في تجارة الجملة - ومن ذلك يبين خطأ الحكم المطعون فيه - في إعمال القواعد القانونية الصحيحة - وفي تفسير القرار الوزاري المشار إليه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أن الواقعة التي حصلتها محكمة الموضوع وأنزلت عليها حكم القانون هي أن البيع الذي انعقد بين الطاعن والمطعون عليه كان بيعاً "بالعينة" وأنه إذ تحقق لها عدم مطابقة البيع للعينة فقد أحلت المشتري من التزامه بالوفاء بالثمن - وقضت برفض دعوى الطاعن قبله - وهي في ذلك لم تخطئ في القانون، ذلك أن المادة 420 من التقنين المدني تنص على أنه "إذا كان البيع بالعينة وجب أن يكون المبيع مطابقاً لها" ومؤدى ذلك أن يقع على عاتق البائع التزام بتسليم شيء مطابق للعينة المتفق عليها، فإذا لم يف بهذا الالتزام - وهو ما حققت محكمة الموضوع في خصوص النزاع الحالي ثبوته - لم يكن له أن يطالب المشتري بالأداء المقابل وهو الثمن، كذلك لم تخطئ محكمة الموضوع في تأويل نص المادة 34 من القرار الوزاري رقم 81 لسنة 1942 "الخاص بتنظيم التعامل بالجملة في سوق البصل بالإسكندرية" كما ذهب إليه الطاعن في سبب الطعن. ذلك أن المادة 34 من القرار المشار إليه إذ تنص على أنه "تحصل المزايدة في كل رسالة بالمكان الذي توجد فيه على أساس العينات التي تستخرج طبقاً لأحكام هذا القرار" فإنه لا يتأدى من ذلك النص أن المبيع وقد أصبح معلوماً للمشتري بمعاينته إياه فإنه يمتنع عليه بعد ذلك ادعاء أن البيع كان بيعاً "بالعينة" ذلك أنه وإن كان المشتري يعتبر عالماً بالبيع علماً كافياً باطلاعه على العينة إلا أنه يتحتم مطابقة محتويات الرسالة أو الرسائل للعينات المستخرجة منها - فإذا تبين عدم مطابقتها لها كان المشتري في حل من الوفاء بالتزامه بالثمن.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه أنه طلب إلى محكمة الموضوع إحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت أن العرف في تجارة ذلك الصنف من عروض التجارة يجري على أن يكون بيعها بالمعاينة - وليس على أساس عينة خاصة - وإن ذلك هو ما تم في الصفقة المتنازع عليها - وتمسك بذلك في مذكراته - أمام المحكمة الاستئنافية فرفضت طلبه وتعللت بما أوردته في أسبابها من القول بأنها لا تعول على أن البيع قد حصل بعد المعاينة "لعدم استناد ذلك القول إلى أساس مقبول من القانون أو الواقع، وأنه لا محل للتحري عن العرف الجاري عليه العمل بسوق البصل" وكان على المحكمة أن تتحرى واقع الأمر في هذا الخصوص، وقد سعى الطاعن إلى ذلك فرفضت طلبه بما يعد إخلالاً بحق الدفاع - كذلك رفضت المحكمة ما طلبه الطاعن من @الإحالة إلى التحقيق لسماع أقوال السماسرة الذين استند المطعون عليه في دفاعه إليهم - بالإقرار الذي قدمه منسوباً صدوره لهم - وما ورد في هذا الإقرار من عدم مطابقة البضاعة التي عاينوها للعينة الخاصة المتفق عليها - كما طلب سماع شهادة السمسار الذي تمت الصفقة على يده - إذ هو أدرى بظروف البيع. والأساس الذي قام عليه - وتمسك الطاعن بذلك كله في مذكرته للمحكمة الاستئنافية ورفضت محكمة الاستئناف ما طلبه من هذا وذاك - محتجة بما ذكرته من أن ظروف الدعوى وملابساتها الأخرى تنبئ بما لا يدع مجالاً للشك بصدق الأقوال الواردة بالشهادة المتقدم ذكرها، لأن المشتري بادر بالإبلاغ عن تلف البضاعة فور استلامها فضلاً عما أثبته الخبير المنتدب بمعرفة محكمة الأمور المستعجلة في دعوى إثبات الحالة من أنه بمعاينته للبضاعة وجدت "شرك" ولا يمكن تصديرها ولا تصلح إلا للاستهلاك المحلي. وما أشارت إليه تلك العبارة من الحكم المطعون فيه - عن الظروف والملابسات - لا يصلح سبباً سائغاً مقبولاً لرفض الإحالة إلى التحقيق - وعلى أية حال فإن ما طلب الطاعن إثباته ليس هو كون البضاعة سليمة من التلف - وإنما كان همه إثبات كنة التعاقد وحقيقته - وأنه لم يتم وفقاً لعينة خاصة - وإنما كان تمامه بعد حصول المعاينة بمعرفة المطعون عليه.
وحيث إن النعي بما ورد في هذين السببين مردود بأنه لا تثريب على محكمة الموضوع إذا هي رفضت الاستجابة إلى ما طلبه الطاعن من إحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت ما ادعاه من قيام عرف تجاري مبناه أن التعامل في سوق البصل بالإسكندرية يجري على أساس معاينة المبيع وأن البيع لا يتم على مقتضى عينة خاصة - ذلك أن دفاع الطاعن في هذا الخصوص لم يكن مبناه أن ثمت عرفاً تجارياً يناهض نصاً مفسراً، إنما كان مبناه أن هذا العرف هو الذي يتحدد به مراد الشارع من نص المادة 34 من القرار الوزاري 81 لسنة 1942. وإذ كان هذا هو ما استهدفه الطاعن بطلبه الإحالة إلى التحقيق فإنه لا حرج على محكمة الموضوع إذا هي التفتت عنه وأخذت في تفسير ذلك النص بما تدل عليه عبارته الواضحة، كذلك لا مأخذ عليها في رفضها الإحالة إلى التحقيق لإثبات الوقائع التي أراد الطاعن إثباتها بشهادة الشهود - ذلك أنها - وقد رأت من ظروف الدعوى والأدلة التي استندت إليها ما يكفي لتكوين عقيدتها - لا تلتزم بإجراء مثل هذا التحقيق - وحسبها أنها قد بينت في حكمها الأسباب التي اعتمدت عليها في رفض هذا الطلب.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق