جلسة 19 من نوفمبر سنة 1959
برياسة السيد محمد فؤاد جابر المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.
--------------
(104)
الطعن رقم 201 لسنة 25 القضائية
حوالة "حوالة الحق" "شروط النفاذ" "شروط النفاذ قبل المدين". التزام "انتقال الالتزام" "حوالة الحق".
قبول المدين للحوالة حتى تنفذ قبله. هو القبول الذي يصدر منه وقت الحوالة أو بعدها. لا يعد قبولاً بالمعنى الذي قصده المشرع بالمادة 305 مدني تصريح المدين في سند الدين أنه يقبل مقدماً حوالة الحق للغير.
المحكمة
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن المطعون عليهم الثلاثة الأول باعتبارهم ورثة المرحوم زكي علي الحو أقاموا الدعوى رقم 135/ 228 سنة 1952 كلي طنطا مختصمين الطاعن والمطعون عليهم الرابع والخامس، وذكروا في بيانها أن الطاعن مدين بمبلغ 3000 جنيه بموجب سند محرر في 14 من يونيه سنة 1951 لمصلحة المطعون عليهما الرابع والخامس، ومستحق السداد في 25 من أكتوبر سنة 1951 وثابت به أن قيمته دفعت نقداً وأنه إذا تأخر المدين عن السداد استحقت عليه فوائد بواقع 8% سنوياً من تاريخ الاستحقاق حتى السداد، وقد حول هذا السند إلى مورثهم في 16 من يونيه سنة 1951 وثبت في التحويل أن المحيلين تسلما قيمة السند نقداً وأنهما ضامنين متضامنين في السداد، وقد أقام المطعون عليهم هذه الدعوى بسبب امتناع المدين الأصلي والمحيلين عن سداد قيمة السند رغم مطالبتهم بها، وطلبوا الحكم بإلزام الطاعن باعتباره مديناً والمطعون عليهما الرابع والخامس باعتبارهم ضامنين متضامنين بأن يدفعوا لهم قيمة هذا السند ومقدارها 3000 جنيه والفوائد بواقع 8% من تاريخ الاستحقاق حتى السداد - وانحصر دفاع الطاعن فيما ردده من أنه أوفى الدين إلى الدائنين الأصليين بمقتضى مخالصة مؤرخة في الأول من ديسمبر سنة 1951، وأن الحوالة المدعى بها حررت بورقة مستقلة، وهي في حقيقتها لاحقة على سداد الدين وغير نافذة في حقه لعدم قبولها أو إعلانه بها، وطلب الطاعن إخراجه من الدعوى واحتياطياً الحكم له على المطعون عليهما الرابع والخامس بما عساه أن يحكم به عليه. وبتاريخ 2 من يونيه سنة 1953، قضت محكمة أول درجة في الدعوى الأصلية بإلزام الطاعن باعتباره مديناً والمطعون عليهما الرابع والخامس باعتبارهما ضامنين متضامنين بأن يدفعوا للمطعون عليهم الثلاثة الأول مبلغ 3000 جنيه والفوائد بواقع 7% سنوياً من تاريخ الاستحقاق حتى السداد، وفي دعوى الضمان بإلزام المطعون عليهما الرابع والخامس بأن يدفعا للطاعن نفس المبلغ وفوائده على الوجه السالف بيانه في الدعوى الأصلية. فاستأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 448 سنة 3 ق لدى محكمة استئناف طنطا وطلب إلغاءه فيما قضى به من إلزامه بأن يدفع للمطعون عليهم الثلاثة الأول مبلغ 3000 جنيه والفوائد والحكم برفض دعواهم قبله. وقضت المحكمة الاستئنافية في 24 من نوفمبر سنة 1953 بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف، فطعن الطاعن في هذا الحكم بالنقض، وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم، وبتاريخ 22 من يونيه سنة 1959 عرض الطعن على دائرة فحص الطعون، فقررت إحالته إلى الدائرة المدنية لنظره بجلسة 5 من نوفمبر سنة 1959، وفيما صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، ذلك أنه وقد تمت حوالة الحق بورقة مستقلة عن سند الدين دون الحصول على قبوله وبغير أن تعلن إليه طبقاً للقانون، فهي غير نافذة في حقه ويجوز له أن يتمسك قبل المحال إليه بالسداد الحاصل منه إلى الدائن الأصلي. أما قبوله الحوالة بوجه عام عند تحرير سند الدين فلا يفيد علمه بانتقال الحق لغير دائنه الأصلي، وبما أنه لم يخطر وقت الاستحقاق أو قبله بانتقال ملكية الحق إلى المحال إليه وهو مورث المطعون عليهم الثلاثة الأول، فإن ذمته تبرأ من الدين بسداده إلى الدائنين الأصليين وهما المطعون عليهما الرابع والخامس، ويرتب الطاعن على ذلك القول بأن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون إذ اعتبر الحوالة المشار إليها نافذة في حقه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في خصوص ما يثيره الطاعن في سبب النعي على ما ورد فيه: "ومن حيث إن المستأنف - أي الطاعن - يحتج بأنه لم يقبل الحوالة أو يعلن بها، وهذا الدفاع مردود بأن عبارة السند تضمنت تخويل الدائن الحق في تحويل السند لمن يشاء بدون توقف على رضا المدين" وهذا الذي أقيم عليه الحكم مخالف للقانون، ذلك أن المادة 305 من القانون المدني، إذ نصت على ألا تكون حوالة الحق المدني نافذة قبل المدين إلا إذا قبلها أو أعلن بها، فإن مؤدى ذلك أن القبول الذي يعتد به في هذا الخصوص هو ذلك الذي يصدر من المدين وقت الحوالة أو بعدها بحيث ينم عن عمله بها فيكف عن سداد الدين إلى الدائن الأصلي ولا يعامل بشأنه إلا الدائن الجديد. أما إذا تضمنت عبارة السند تخويلاً للدائن بتحويل الحق موضوع السند لمن يشاء بغير توقف على رضا المدين، فإن ذلك لا يعد قبولاً بالمعنى الذي قصده المشرع بالمادة 305 من القانون المدني، إذ أن إطلاق عبارة السند على هذا النحو وورودها فيه سابقة على الحوالة لا يتحصل معه علم المدين بشخص المحال إليه وبتاريخ الحوالة، فلا يغني عن إعلانه بها وقت إتمامها أو بعده أو الحصول على قبوله لها، حتى يتحقق الغرض الذي يستهدفه المشرع من وجوب اتخاذ أحد هذين الإجراءين بما يرفع الشك لدى المدين بالنسبة للشخص الذي يجب أن يوفى له الدين عن حلول ميعاد الاستحقاق. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد جانب هذا النظر فإنه يكون معيباً مما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق