الصفحات

الخميس، 6 يوليو 2023

الطعن 157 لسنة 41 ق جلسة 26 / 6 / 1979 مكتب فني 30 ج 2 ق 331 ص 770

جلسة 26 من يونيه سنة 1979

برئاسة السيد المستشار صلاح الدين حبيب نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد جلال الدين هلالي، حسن النسر، صلاح الدين عبد العظيم ويحيى العموري.

-----------------

(331)
الطعن رقم 157 لسنة 41 القضائية

حكم. "حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية".
القضاء نهائياً ببراءة المتهم من جريمة القتل الخطأ وقيادته السيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر. القضاء من بعد للمضرور بالتعويض عما أصابه من ضرر من جراء تلف سيارته نتيجة الحادث. لا مخالفة فيه لحجية الحكم الجنائي السابق. علة ذلك.

-----------------
مؤدى المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 406 من القانون المدني المطابقة لنص المادة 102 من قانون الإثبات أن الحكم الصادر في المواد الجنائية لا تكون له حجية في الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية إلا إذا كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله. ولما كان البين من الأوراق أن محكمة الجنح المستأنفة قضت في الدعوى رقم 96 لسنة 1968 جنح غرب الإسكندرية ببراءة قائد سيارة الطاعنين من تهمة القتل الخطأ وقيادته سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر وسبقه السيارة التي تتقدمه دون التأكد من أن حالة الطريق تسمح بذلك، وقضت بمعاقبته عن تهمة قيادة سيارة بدون رخصة. وكان المطعون عليه قد طلب الحكم له بتعويض عن الضرر الذي أصابه من جراء تلف سيارته نتيجة اصطدام سيارة الطاعنين بها، وهي واقعة لم ترفع بها الدعوى الجنائية، وما كانت لترفع بها لأن القانون الجنائي لا يعرف جريمة إتلاف المنقول بإهمال. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ بنى قضاءه بالتعويض على أساس ما ثبت لدى المحكمة من تحقيقات الدعوى الجنائية ومن المعاينة لا يكون قد خالف حجية الحكم الجنائي سالف الذكر (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 260 لسنة 1968 مدني الإسكندرية الابتدائية ضد الطاعنين بصفتيهما وطلب الحكم بإلزامهما بأن يدفعا له مبلغ 4200 ج، وقال بياناً للدعوى إنه بتاريخ 1/ 11/ 1966 صدمت سيارتهما بقيادة....... سيارة نقل مملوكة له فحدث بها تلف قدره الخبير في دعوى إثبات الحالة رقم 5403 لسنة 1966 مدني مستعجل الإسكندرية بمبلغ 3300 جنيه، وإذ فاته فضلاً عن هذا ريع يقدر بمبلغ 1000 جنيه فقد أقام الدعوى بطلبه سالف البيان، أدخل الطاعنان قائد سيارتهما خصماً في الدعوى للحكم عليه بما عسى أن يقضي به ضدهما. وفي 22/ 5/ 1969 حكمت المحكمة بإلزام الطاعنين بأن يؤديا للمطعون عليه مبلغ 1500 جنيه وبإلزام الخصم المدخل بأن يدفع للطاعنين المبلغ المذكور. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 885 لسنة 25 مدني الإسكندرية كما استأنفه المحكوم عليه الثالث بالاستئناف رقم 1039 لسنة 25 مدني الإسكندرية. وبتاريخ 19/ 12/ 1970 حكمت المحكمة في الاستئنافين بعد ضمهما بتعديل المبلغ المقضي به إلى 500 جنيه. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنان بالأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقولان إن المحكمة الجنائية قضت ببراءة تابعهما من تهمة قيادة السيارة بحالة تعرض الأشخاص والأموال للخطر لعدم كفاية الأدلة قبله ولما ساور المحكمة من شك في صحة إسناد التهمة إليه، إلا أن محكمة الاستئناف أهدرت حجية هذا الحكم الجنائي رغم أن الفعل موضوع تلك التهمة هو الذي نجم عنه التلف المفضي بالتعويض عنه، مما يعيب الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن مؤدى المادة 455 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 406 من القانون المدني المطابقة لنص المادة 102 من قانون الإثبات أن الحكم الصادر في المواد الجنائية لا تكون له حجية في الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية إلا إذا كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، ولما كان البين من الأوراق أن محكمة الجنح المستأنفة قضت في الدعوى رقم 96 لسنة 1968 جنح غرب الإسكندرية ببراءة قائد سيارة الطاعنين من تهمة القتل الخطأ وقيادته سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر وسبقه السيارة التي تتقدمه دون التأكد من أن حالة الطريق تسمح بذلك، وقضت بمعاقبته عن تهمة قيادة سيارة بدن رخصة، وكان المطعون عليه قد طلب الحكم له بتعويض عن الضرر الذي أصابه من جراء تلف سيارته نتيجة اصطدام سيارة الطاعنين بها، وهي واقعة لم ترفع بها الدعوى الجنائية، وما كانت لترفع بها، لأن القانون لا يعرف جريمة إتلاف المنقول بإهمال، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ بنى قضاءه بالتعويض على أساس ما ثبت لدى المحكمة من تحقيقات الدعوى الجنائية ومن المعاينة، لا يكون قد خالف حجية الحكم الجنائي سالف الذكر، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب من وجهين الأول: إن البين من المعاينة أن سيارة النقل المملوكة للمطعون عليه وجدت بعرض الطريق وتهشمت مقدمتها تماماً كما تهشمت مقدمة سيارتهما أيضاً وأنه لوحظ وجود آثار فرامل لكل من السيارتين بطول نحو خمس خطوات، مما مؤداه فساد ما انتهت إليه المحكمة من أن سيارتهما انحرفت يساراً تجاه السيارة النقل واصطدمت بها، إذ لو كان ذلك صحيحاً لكانت هذه السيارة الأخيرة قد أصيبت في جانبها الأيسر لا في مقدمتها ولاختلف طول آثار فرامل إحدى السيارتين عن الأخرى، والوجه الثاني أن الحكم المطعون فيه قدر التعويض المقضى به بمبلغ 500 ج دون أن يورد أسباباً سائغة لهذا التقدير أو يبين عناصر الضرر الذي قدر التعويض على أساسها، رغم ما هو ثابت في ملف السيارة بقلم المرور من أن المطعون عليه اشتراها بمبلغ 200 ج.
وحيث إن النعي في وجهه الأول مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بالتعويض على أساس ما ثبت من التحقيقات التي تمت والمعاينة التي أجريت من أن قائد سيارة الطاعنين أخطأ إذ حاول التقدم على السيارة التي أمامه قبل أن يتأكد من أن الطريق يسمح له بذلك فانحرفت إلى أقصى اليسار وصدم سيارة المطعون عليه التي كانت قادمة من الاتجاه المضاد، ولما كان هذا الذي استخلصته المحكمة له أصله الثابت في الأوراق وكان لمحكمة الموضوع السلطة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير ما يقدم لها من أدلة، فإن ما أثاره الطاعنان بهذا الوجه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التي انتهى إليها الحكم مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. والنعي في وجهه الثاني مردود أيضاً ذلك أن الحكم المطعون فيه أورد في أسبابه في خصوص تقدير التعويض أنه استبان من مطالعة تقرير الخبير أن "السيارة ماركة فورد موديل 1949...... وأن الموتور قد تلف كلياً ولا يمكن إصلاحه، وأن الشاسيه كسر من الأمام من الجانبين وهذا الكسر لا يمكن علاجه باللحام. ومن ثم فقد قدر قيمتها (قيمة السيارة) قبل التلف بمبلغ 4000 ج، كما قدر قيمة ما لم يتلف من السيارة بمبلغ 800 ج فيكون النقص الذي اعترى السيارة من قيمتها بسبب تلك الإتلافات مبلغ 3300 جنيه" - ثم أضافت المحكمة إلى ذلك أنه وقد تبين لها من ملف السيارة بقلم المرور أن المطعون عليه اشتراها في 17 إبريل سنة 1965 بمبلغ 200 جنيه فقد رأت تقدير التعويض المستحق لهذا الأخير بمبلغ 500 جنيه. وإذ يبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه قد حدد عناصر الضرر الذي ادعاه المطعون عليه وقدر التعويض الذي يستحقه مقابل ذلك، وكان تقدير التعويض بالجابر للضرر هو من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع ولا معقب عليه من محكمة النقض في ذلك ما دام قد بين عناصر الضرر ووجه أحقية طالب التعويض فيه، فإن النعي بهذا الوجه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) قارن جلسة 23/ 1/ 1975 السنة 26 ص 233.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق