الصفحات

الاثنين، 24 يوليو 2023

الطعن 154 لسنة 25 ق جلسة 21 / 5 / 1959 مكتب فني 10 ج 2 ق 67 ص 441

جلسة 21 من مايو سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

-----------------

(67)
الطعن رقم 154 لسنة 25 القضائية

تموين. تسعير جبري. ضرائب. استيلاء. زيت. قانون "دستورية القوانين".
تحديد وزارة التموين بواسطة لجان التسعيرة الجبرية سعراً لبذرة القطن وإضافة زيادة عليه تقتضيها عن كل طن من الزيت يسلم للمصابن في ظل الدستور الملغي. هذه الزيادة ليست جزءاً من الثمن. هي فرض ضرب على المشتري لا مصلحة للبائع فيه ليس لوزارة التموين سند من القانون في تحصيلها لحساب الحكومة ولو صدر بها قرار من مجلس الوزراء. خطأ الحكم إذ اعتبر هذه الزيادة فروق أسعار وأجاز للحكومة تحصيلها.

------------------
اختصاص وزارة التموين ولجانها قاصر على تنظيم تداول الزيت وتحديد أسعاره فلا يتعداه إلى تحصيل فروق أسعار عن سلعة ليست مملوكة لها فإذا كانت وزارة التموين بواسطة لجان التسعيرة الجبرية قد حددت في ظل الدستور الملغي سعراً لبذرة القطن يلزم به البائع وأضافت إليه زيادة تقتضيها عن كل طن من الزيت يسلم إلى المصابن فإن هذه الزيادة لا تعد جزءاً من الثمن وإنما هي فرض ضرب على المشتري لا مصلحة للبائع فيه ليس لوزارة التموين سند من القانون في تحصيلها لحساب الحكومة ولو استهدفت من ذلك تغطية ما تتحمله من بيع الزيوت المخصصة لشئون التموين بأقل مما تتكلفه فعلاً - ذلك أنها لا تملك فرض رسوم أو ضرائب على السلع عند تداولها ولو صدر بها قرار من مجلس الوزراء إذ أن المادة 134 من الدستور الملغي الذي كان سارياً وقت فرض هذه الزيادة لا تجيز إنشاء ضريبة أو تعديلها أو إلغاءها إلا بقانون ولا تكليف الأهالي بتأدية شيء من الأموال أو الرسوم إلا في حدود القانون. ولم يخول القائمون على إجراء الأحكام العرفية وقتذاك سلطة فرض ضريبة أو رسم ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ اعتبر الزيادة فروق أسعار يجوز للحكومة تحصيلها قد أخطأ في تطبيق القانون مما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن وزارة التموين - المطعون عليها - أقامت الدعوى رقم 2000 سنة 1951 مدني كلي الإسكندرية طلبت فيها الحكم بإلزام الطاعنة بأن تدفع لها مبلغ 4073 جنيهاً و600 مليم وبتثبيت الحجز التحفظي الموقع تحت يدها وفاء لهذا المبلغ. وقالت في بيان دعواها إن الطاعنة كانت قد اشترت في النصف الثاني من عام 1944 كميتين من بذرة القطن الأولى مقدارها 7991 أردباً والثانية 3318 أردباً، ووافقت وزارة التموين في 22/ 7/ 1944 و1/ 8/ 1944 على نقل كميتي البذرة إلى مصانع الشركة الطاعنة لعصرها واستخراج الزيت منها واستعماله في إنتاج الصابون. وبتاريخ 2/ 10/ 1944 قرر مجلس الوزراء تحصيل مبلغ 12 جنيهاً و800 مليم لحساب الحكومة زيادة عن السعر الرسمي عن كل طن من الزيت يسلم للمصابن. ولما كانت كمية الزيت المستخرج من بذرة القطن المشار إليها 214400 أقة، استعملتها الطاعنة في إنتاج الصابون، فإن ما يستحق عليها بالتطبيق للقرار الوزاري المشار إليه يكون مبلغ 4073 جنيهاً و600 مليم وأردفت المطعون عليها قائلة إنها طالبت الطاعنة بسداد هذا المبلغ، فلما رفضت وكان لها في ذمة وزارة التموين مبلغ مساو في مقداره للمبلغ المطالب به تستحقه تعويضاً عن الزيت المباع بواسطتها بالسعر المخفض حتى أخر ديسمبر سنة 1950، استصدرت في 1/ 12/ 1951 أمراً من قاضي الأمور الوقتية بمحكمة الإسكندرية الابتدائية بتوقيع الحجز التحفظي تحت يدها على المبلغ المشار إليه وفاء للمبلغ المطالب به وأعلن هذا الأمر إلى الطاعنة في 8/ 12/ 1951 بتكليفها بالحضور لجلسة 21/ 12/ 1951 التي تحددت لنظر الدعوى، وأقامت الشركة الطاعنة دعوى فرعية على المطعون عليها طلبت فيها إلزامها بدفع مبلغ 4073 جنيهاً و600 مليم المستحق لها والمحجوز عليه لدى المطعون عليها مع فوائد هذا المبلغ بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 22/ 3/ 1952 حتى السداد وإلغاء الحجز الموقع عليه. وبتاريخ 9/ 10/ 1952 قضت محكمة أول درجة بإلزام الطاعنة بالمبلغ المطالب به وبتثبيت الحجز التحفظي الواقع تحت يد المطعون عليها وجعله نافذاً وبرفض الدعوى الفرعية فاستأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية وقيد استئنافها برقم 19 سنة 9 قضائية طالبة إلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المطعون عليها والحكم في الدعوى الفرعية بالمبلغ المطلوب بها وملحقاته، ودفعت بسقوط حق المطعون عليها في المطالبة تأسيساً على أن المبلغ المطالب به إن هو إلا رسم يسقط الحق فيه بمضي ثلاث سنوات طبقاً للمادة 377 من القانون المدني. وبتاريخ 24/ 2/ 1955 قضت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفض الدفع بالتقادم وتأييد الحكم المستأنف وأسست قضاءها على أن المبلغ موضوع المطالبة ليس رسماً ينطوي تحت المادة 377 مدني، وإنما هو فرق سعر تحصله الحكومة لتستطيع بما لها من الولاية العامة أن توازن بين أثمان ما يستهلك من الزيوت في شئون التموين وبين الأثمان التي تتكلفها فعلاً، فلا يسقط حق المطالبة بهذا الفرق إلا بمضي المدة الطويلة. فقررت الشركة الطاعنة بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وأبدت النيابة رأيها بنقض الحكم للسبب الأول من أسباب الطعن، وقررت دائرة الفحص بجلسة 14 من مارس سنة 1959 إحالة الطعن إلى هذه الدائرة بجلسة 7 من مايو سنة 1959 وفيها صممت النيابة على رأيها الوارد بمذكرتها.
وحيث إن الطعن يقوم على أسباب ثلاثة يتحصل أولها في النعي على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتقول الطاعنة في شرح هذا السبب إن المبلغ الذي قرر مجلس الوزراء تحصيله وقدره 12 جنيهاً و800 مليم عن كل طن من الزيت يسلم إلى المصابن إن هو إلا رسم ينطوي تحت نص المادة 377 من القانون المدني وليس فوق سعر تحصله الحكومة للموازنة بين أثمان ما يستهلك من الزيوت في شئون التموين وبين الأثمان التي تتكلفها فعلاً على ما ذهب إليه خطأ الحكم المطعون فيه، ذلك أن شئون التموين قائمة على النفع العام وتدبير وسائل مقاومة الغلاء، وقد فرض الرسم المذكور لصالح الخزانة وحدها، وليس من شأن تحديد الأسعار رسمياً أن يكون علاقة تعاقدية بين الشركة الطاعنة ووزارة التموين حتى يقال إن المبلغ الذي تجري الحكومة تحصيله فرق سعر. وتستطرد الطاعنة قائلة إنه لما كانت كمية بذرة القطن قد استعملت في مصانع الشركة لإنتاج الصابون في المدة من أكتوبر عام 1944 حتى مارس سنة 1945، في حين أنها لم تعلن بالدعوى إلا في 8/ 12/ 1951 أي بعد ست سنوات تقريباً، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى برفض الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم المنصوص عليه في المادة 377 من القانون المدني وهو ثلاث سنوات.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه في خصوص رفض الدفع المشار إليه على أن المبلغ المطالب به استناداً إلى ما قرره مجلس الوزراء في 2/ 10/ 1944 من تحصيل مبلغ 12 جنيهاً و800 مليم لحساب الحكومة زيادة على السعر الرسمي عن كل طن من الزيت يسلم للمصابن - هذا المبلغ "ليس إلا فروقاً في الأسعار تحصله الحكومة لتستطيع بما لها من الولاية العامة أن توازن بين أثمان ما يستهلك في شئون التموين وبين الأثمان التي تتكلفها فعلاً هذه الزيوت.... ذلك أن وزارة التموين قد نظمت الأمر على أن تبيع الزيت في شئون التموين بسعر مخفض يقل عن ثمن التكلفة، ويحصل هذا الفرق من أثمان الزيت الذي يستهلك في شئون الصناعات الأخرى كالصابون" ومفاد ذلك أن الحكم المطعون فيه اعتبر المبلغ موضوع مطالبة وزارة التموين فروق أسعار يجوز تحصيلها لحساب الحكومة لتغطية ما تتحمله من بيع الزيوت المخصصة لشئون التموين بسعر مخفض يقل عن سعر التكلفة.
وحيث إن هذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه غير صحيح، ذلك أن الثابت من الوقائع المبينة في الحكم أن الشركة الطاعنة اشترت كميتين من بذرة القطن الأولى مقدارها 7991 أردباً والثانية مقدارها 3318 أردباً، وقد تم الشراء عن طريق جهات الاختصاص في وزارتي المالية والتموين في نطاق الأمر العسكري رقم 337 الصادر في 7 أكتوبر سنة 1942 الذي استولت الحكومة بموجبه على بذرة القطن، وانتهت الصفقتان بالموافقة في 22/ 7/ 1944، 1/ 8/ 1944 على نقل كميتي بذرة القطن المشار إليها إلى معاصر الشركة لاستخراج الزيت منها واستعماله في إنتاج الصابون، وأصبحت بذلك الطاعنة مالكة لبذرة القطن موضوع الصفقتين وللزيوت المستخرجة منها، لا تخضع بشأنهما إلا للقيود التنظيمية التي فرضت بالأمر رقم 438 الصادر في 23 من أكتوبر سنة 1943 بتنظيم تداول الزيوت النباتية بواسطة اللجنة التي شكلت لهذا الغرض في وزارة التموين، والأمر رقم 413 الصادر في 13 من يوليه سنة 1943 بتنظيم تداول السلع التي تصنع محلياً أو تستورد من الخارج، والمرسوم بقانون رقم 101 الصادر في 5 سبتمبر سنة 1939 بتحديد أقصى الأسعار للأصناف الغذائية ومواد الحاجيات الأولية بواسطة لجان تشكل بقرار من وزير التجارة والصناعة بالاتفاق مع وزير الداخلية والجدول الملحق به، ومؤدى ذلك أن اختصاص وزارة التموين ولجانها قاصر على تنظيم تداول الزيت وتحديد أسعاره، فلا يتعداه إلى تحصيل فروق أسعار عن سلعة ليست مملوكة لها، فإذا حددت وزارة التموين بواسطة لجان التسعيرة الجبرية سعراً يلتزم به البائع وأضافت إليه زيادة تقتضيها فإن هذه الزيادة لا تعد جزءاً من الثمن وإنما هي فرض ضرب على المشتري لا مصلحة للبائع فيه وليس لوزارة التموين سند من القانون في تحصيل هذه الزيادة لحساب الحكومة ولو استهدفت من ذلك تغطية ما تتحمله من بيع الزيوت المخصصة لشئون التموين بأقل مما تتكلفه فعلاً ذلك أنا لا تملك فرض رسوم أو ضرائب على السلع عند تداولها ولو صدر بها قرار من مجلس الوزراء، إذ أن المادة 134 من الدستور السابق الذي كان سارياً وقت فرض هذه الزيادة تنص على أنه "لا يجوز إنشاء ضريبة أو تعديلها أو إلغاؤها إلا بقانون ولا يجوز تكليف الأهالي بتأدية شيء من الأموال أو الرسوم إلا في حدود القانون ولم يخول القائمون على إجراء الأحكام العرفية وقتذاك سلطة فرض ضريبة أو رسم، ذلك أن نصوص القانون رقم 15 لسنة 1923 الخاص بنظام الأحكام العرفية لم تنفذ إلى نص المادة 134 من الدستور بما يؤدي إلا المساس به. وعلى ذلك فإن فرض مبلغ تقتضيه وزارة التموين لحساب الحكومة من ثمن الزيت المملوك للطاعنة يعد نوعاً من الضريبة المفروضة بغير الطريق الدستوري، ولو صدر قرار من مجلس الوزراء بتحصيل هذا المبلغ - وعلى ذلك يكون الحكم المطعون فيه إذ اعتبر هذه الزيادة فروق أسعار يجوز للحكومة تحصيلها قد أخطأ في تطبيق القانون، مما يستوجب نقضه.
وحيث إن الدعوى صالحة للحكم فيها.
وحيث إنه وقد قضت محكمة أول درجة بإلزام الطاعنة بأن تدفع لوزارة التموين مبلغ 4073 جنيهاً و600 مليم وبتثبيت الحجز التحفظي الموقع تحت يدها وبرفض الدعوى الفرعية المرفوعة من الطاعنة، وتبين حسبما تقدم أنه ليس لوزارة التموين حق في المبلغ المحكوم لها به ابتدائياً وأصبح حق الطاعنة في المبلغ المستحق لها لدى وزارة التموين قائماً فإنه يتعين إلغاء الحكم الابتدائي بجميع أجزائه والحكم في دعوى وزارة التموين برفضها، وفي الدعوى الفرعية بإلزام وزارة التموين بأن تدفع للطاعنة مبلغ 4073 جنيهاً و600 مليم وفوائده بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 22/ 3/ 1952 حتى السداد، وبإلغاء الحجز التحفظي الموقع من وزارة التموين على هذا المبلغ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق