الصفحات

الاثنين، 12 يونيو 2023

الطعن 48 لسنة 37 ق جلسة 16 / 11 / 1971 مكتب فني 22 ج 3 ق 149 ص 895

جلسة 16 من نوفمبر سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ بطرس زغلول نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، وأحمد ضياء الدين حنفي، وأحمد فتحي مرسي.

---------------

(149)
الطعن رقم 48 لسنة 37 القضائية

(أ) تأمين. "بدء سريان عقد التأمين". عقد. "تفسير العقد".
الأصل أن مفعول وثيقة التأمين يسري من وقت إبرامها. جواز الاتفاق على وقت آخر لبدء سريانها. تفسير نصوصها يجري عليه ما يجري على تفسير سائر العقود.
(ب) إثبات. "الإقرار". محكمة الموضوع. "سلطتها في استخلاص الإقرار الضمني".
سلطة محكمة الموضوع في استخلاص أو نفي الإقرار بالحق ضمناً من الأوراق والأعمال الصادرة من الخصم. وجوب بيان كيف أفادت الأوراق والأعمال معنى ما استخلصته وأن يكون هذا البيان سائغاً.

-----------------
1 - الأصل في وثيقة التأمين أنه وإن كان مفعولها يسري من وقت إبرامها إلا أنه يجوز أن يتفق المؤمن والمؤمن له على وقت آخر لبدء سريانها وإنتاج آثارها، ويجري في هذه الحالة بالنسبة لتفسير نصوصها ما يجري على تفسير سائر العقود بما لا يخرج به عن عبارتها الظاهرة.
2 - استخلاص الإقرار بالحق ضمناً من الأوراق والأعمال الصادرة من الخصم ونفي ذلك هو من شئون محكمة الموضوع بشرط أن تبين كيف أفادت هذه الأوراق والأعمال معنى ما استخلصته، وأن يكون هذا البيان سائغاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 2040/ 63 تجاري كلي القاهرة ضد شركة النيل للتأمين المندمجة فيها شركة الادخار للتأمين والتوفير والتي اندمجت بدورها في شركة الشرق للتأمين (المطعون عليها). وقالا بياناً للدعوى إنه بموجب عقد تاريخه 29 من إبريل سنة 1961 أمنا لدى شركة التأمين للادخار والتوفير على مصبغة المقطم التي يشتركان في ملكيتها بمبلغ 15000 ج ابتداء من تاريخ العقد المشار إليه، وأنهما قاما بدفع قسط التأمين عن السنة الأولى التي تنتهي في 21 من إبريل سنة 1962، وحدث أن شب حريق في المصبغة المشار إليها في مساء يوم 10 من أغسطس سنة 1962 أخطرت عنه الجهة المختصة، ثم قاما بدفع قسط التأمين عن السنة التالية في 11 أغسطس سنة 1962 وهو اليوم التالي لحصول الحريق، وعهدت المطعون عليها إلى المكتب المصري للملاحظة والخبرة بتقدير الخسائر الناجمة عن الحادث فقدر تلك الخسائر بمبلغ 10295 ج و550 م، وإذ امتنعت المطعون عليها بعد ذلك عن الوفاء لهما بهذا المبلغ فقد أقاما الدعوى للمطالبة به، وبتاريخ 28 من إبريل سنة 1965 قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 453/ 82 ق، وبتاريخ 29 نوفمبر سنة 1966 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وفي الجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى بهما الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم ذهب إلى أن عقد التأمين سند الدعوى هو عقد عيني وأن أثره قد توقف بعدم دفع قسط التأمين في الميعاد المحدد له وهو يوم 29 من إبريل سنة 1962 وأن حادث الحريق موضوع الدعوى قد وقع يوم 10 أغسطس سنة 1962 في وقت كانت فيه آثار عقد التأمين موقوفة بعدم قيام الطاعنين بسداد قسط التأمين، ويقول الطاعنان إن سداد ذلك القسط بعد إبرام العقد - ولو تم بعد وقوع الحادث المؤمن من أجله - لا يوقف سريان العقد بل يظل منتجاً لآثاره ولو كان ذلك السداد قد تم بعد الميعاد المحدد له ما دامت المطعون عليها لم تنذرهما بالوفاء، وأن العقد لا يفسخ أو تتوقف آثاره إلا رضاء أو قضاء وهو ما لا يكون معه لشركة التأمين سوى الحق في المطالبة بالقسط المتأخر، واستطرد الطاعنان إلى القول إنهما تمسكا بأن القسط يدفع في مركز أعمالهما وإن المطعون عليها لم توفد من قبلها من يطالبهما بقسط التأمين على المصبغة المؤمن عليها عن السنة اللاحقة على 29 من إبريل سنة 1962، بل انتظرت منهما أن يحملاه إليها في مقرها رغم أن هذا القسط مطلوب وليس محمولاً طبقاً للقاعدة التي تقضي بأن يكون الوفاء بالالتزام في محل المدين ورغم مخالفة ذلك لما درجت عليه شركات التأمين من إيفاد مندوبيها إلى عملائها لمطالبتهم بسداد أقساط التأمين المستحقة عليهم، وهو ما أصبح عرفاً يجب العمل به ولو كان مشترطاً في عقد التأمين التزام المؤمن بدفع أقساط التأمين في مقر الشركة، ويضيف الطاعنان أنهما تمسكا لذلك بأن المطعون عليها أظهرت رغبتها في تعويضهما بأن ندبت مكتباً للخبرة لتقدير الخسارة الناجمة عن الحريق وقامت بالإعلان عن طرح ما أتلفه ذلك الحريق للبيع وأنها أشرفت على هذا البيع. غير أن الحكم المطعون فيه إذ لم يرد على هذا الدفاع، وذهب إلى أن ما قامت به المطعون عليها من إجراءات للتحقق من قيمة الخسائر الناجمة عن الحريق هو من قبيل الإجراءات التحفظية. فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه مع تسليمه بامتداد وثيقة التأمين المعقودة بين الطاعنين والمطعون عليها بعد السنة الأولى طبقاً لما تطلبته نصوصها فقد حصل الحكم مما ورد في نص تلك الوثيقة الذي تجري عبارته بأنه بعد تمام سداد القسط تقوم الشركة (المطعون عليها) بتعويض المؤمن له (الطاعنين) عن الأضرار المادية نتيجة حريق أو صاعقة وذلك في أي وقت خلال مدة التأمين أو أية مدة لاحقة، بشرط أن يكون المؤمن له قد سدد عنها ما يستحق من قسط لتجديد هذه الوثيقة، وأن تكون الشركة قد قبلته فإن المطعون عليها لا تعوض المؤمن لهما عن الحادث المبين بالعقد إلا بعد دفع القسط المستحق بما يعني توقف آثار العقد حتى يقوم المؤمن لهما بالوفاء بهذا القسط، وأن المقصود بكلمة القسط في الوثيقة ليس هو القسط الأول وحده، وانتهى الحكم من ذلك، ومما حصله من وقائع الدعوى من أن الطاعنين لم يقوما بسداد القسط الذي استحق لشركة التأمين المطعون عليها عن السنة التي تبدأ يوم 29 من إبريل سنة 1962 وتنتهي في 29 من إبريل 1963 إلا في يوم 11 من أغسطس سنة 1962 وهو اليوم التالي للحريق الذي شب في المصبغة في مساء يوم 10 من أغسطس سنة 1962 وهو الخطر المؤمن من أجله مع كتمام أمر هذا الحادث عن المطعون عليها. لما كان الحكم قد انتهى إلى ذلك، وكان الأصل في وثيقة التأمين أنه وإن كان مفعولها يسري من وقت إبرامها إلا أنه يجوز أن يتفق المؤمن والمؤمن له على وقت آخر لبدء سريانها وإنتاج آثارها، ويجري في هذه الحالة بالنسبة لتفسير نصوصها ما يجري على تفسير سائر العقود بما لا يخرج به عن عبارتها الظاهرة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أعمل نص وثيقة التأمين السالفة البيان فيما قرره من أنه بعد تمام سداد القسط المحدد لها تقوم المطعون عليها بتعويض الطاعن عن الحادث المؤمن من أجله، وكان الحكم قد أخذ بما هو واضح من ظاهر عبارته على النحو المتقدم البيان، فإنه يكون قد التزم القانون ولا عليه بد ذلك إن هو لم يعرض إلى ما يقول به الطاعنان من أنه كان يجب على الطاعنة إعذارهما بدفع القسط، طالما أن عبارة النص المتقدم الذكر لم تستلزم حصول هذا الإعذار، ومن ثم يكون النعي على الحكم بمخالفة القانون على غير أساس. وما ينعاه الطاعنان على الحكم من إغفاله الرد على ما تمسكا به من أنه خالف القاعدة التي تقضي بدفع قسط التأمين في مقر عملهما، وأن هذه القاعدة قد أكدها العرف الذي جرى بذلك، فمرود بأن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه، وأحال إلى أسبابه قد استخلص من شروط وثيقة التأمين أنه كان على الطاعنين أن يسعيا إلى المطعون عليها للوفاء بقسط التأمين في محلها بما يجعل هذا القسط محمولاً وليس مطلوباً، ولما كان الحكم المطعون فيه قد فسر نصوص وثيقة التأمين في هذا الخصوص تفسيراً تحتمله عبارتها فإنه يكون غير مجد ما يثيره الطاعنان حول قيام عرف في انتقال مندوبي شركات التأمين إلى محال المؤمن لهم للمطالبة بدفع أقساط التأمين، لما كان ما تقدم وكان الحكم قد واجه ما أثاره الطاعنان بشأن ما استدلا به على أن المطعون عليها قبلت ضمناً المسئولية عن الحادث المؤمن من أجله من أنها عملت على إثبات حالة المصبغة بعد حصول الحريق ورد الحكم على ذلك بأن مسلك المطعون عليها في هذا الخصوص لم يكن إلا من قبيل الإجراءات التحفظية كيما تضمن حقوق ذوي الشأن، وأن ذلك لا يعني منها قبولاً لمسئوليتها عن تعويض الحادث. وكان استخلاص الإقرار بالحق ضمناً من الأوراق والأعمال الصادرة من الخصم أو نفي ذلك هو من شئون محكمة الموضوع بشرط أن تبين كيف أفادت هذه الأوراق والأعمال معنى ما استخلصته وأن يكون هذا البيان سائغاً، وكان الحكم المطعون فيه قد استبعد لأسباب سائغة وعلى النحو السالف البيان إقرار المطعون فيها بتغطية الحادث المؤمن من أجله، فإن النعي عليه بالقصور في التسبيب وبالفساد في الاستدلال يكون على غير أساس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق