الصفحات

الخميس، 29 يونيو 2023

الطعن 39 لسنة 45 ق جلسة 16 / 4 / 1979 مكتب فني 30 ج 2 ق 207 ص 118

جلسة 16 من أبريل سنة 1979

برئاسة السيد المستشار مصطفى الفقي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حافظ رفقي، محمود حسن حسين، عاصم المراغي ويوسف أبو زيد.

-----------------

(207)
الطعن رقم 39 لسنة 45 القضائية

(1، 2، 3) عقد. التزام. تعويض. فوائد.
(1) طلب التعويض عن إخلال المتعاقد بالتزامه. لا يمنع من طلب الفوائد القانونية عن هذا التعويض للتأخر في الوفاء به. علة ذلك. اختلاف الأساس في كل منهما.
(2) القضاء نهائياً بإلزام المتعاقد بالتعويض مع الفوائد القانونية بواقع 5% باعتبار أن المادة تجارية. عدم جواز المنازعة في تجارية المعاملة أو سعر الفائدة عند نظر المطالبة بباقي التعويض.
(3) سريان الفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية. شرطه. القضاء بالتعويض لإخلال المتعاقد بالتزامه. سريان الفوائد القانونية عن التأخير في الوفاء من تاريخ صدور الحكم النهائي.

-------------------
1 - إذ كان أساس المطالبة بالتعويض عما فات المطعون ضده من كسب جبراً للضرر الذي أصابه نتيجة إخلال الطاعنة بالتزامها التعاقدي يختلف عن أساس المطالبة بالفوائد القانونية عن هذا التعويض بسبب تأخر الطاعنة عن الوفاء به، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى للمطعون ضده بالفوائد عن مبلغ التعويض المقضى به لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
2 - تحدد المادة 226 من القانون المدني سعر الفائدة القانونية في المسائل التجارية بواقع 5% وإذ كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الحكم الصادر من محكمة أول درجة قضى في مادة تجارية بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضده جزء من التعويض الذي طالب به وفائدته القانونية بواقع 5% وقد تأيد هذا الحكم استئنافياً وارتضته الطاعنة ولم تطعن فيه بطريق النقض، فإن القضاء المشار إليه يكون قد حاز حجية بين الطرفين تمنع الطاعنة من المنازعة في تجارية المعاملة وسعر الفائدة عنها وذلك عند نظر المطالبة بباقي التعويض.
3 - مفاد نص المادة 226 من القانون المدني أنه لا تسري الفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية إلا على المبالغ التي تكون معلومة المقدار وقت رفع الدعوى والمقصود بمحل الالتزام معلوم المقدار هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون تحديد مقداره قائماً على أسس ثابتة لا يكون معها للقضاء سلطة في تقديره، وإذ كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على إخلال الطاعنة في تنفيذ التزامها بتسليم المطعون ضده كميات الأرز المتفق عليها مقابل كميات الذرة التي تسلمها منه بالفعل...... وكان ما قضى به الحكم لا يعدو أن يكون تعويضاً عن إخلال الطاعنة في تنفيذ تعاقدها مع المطعون ضده، وهذا التعويض لم يكن معلوم المقدار وقت رفع الدعوى بل يخضع تقديره لسلطة القضاء، ومن ثم فإن الفائدة القانونية التي تستحق عن التأخير في الوفاء به لا تسري إلا من تاريخ الحكم النهائي به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده بصفته أقام الدعوى رقم 845 سنة 1950 تجاري كلي القاهرة على الطاعنة طالباً الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 3816 ج وفوائده القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية ومبلغ 1000 جنيه على سبيل التعويض وقال شرحاً لدعواه أنه بموجب عقد اتفاق مؤرخ 24/ 6/ 1948 اتفق مع وزارة التموين الطاعنة على أن يستورد لها 500 طن من الذرة السودانية مقابل السماح له بتصدير ما يقابلها من الأرز المصري للخارج على أساس سعر الطن من الذرة مبلغ 28 جنيه واتفق في العقد على أن يتسلم 1.1 طناً من الأرز المسموح مقابل كل 2 طن من الذرة المستوردة على أساس سعر الطن من الأرز مبلغ 50 جنيه وأنه نفاذاً لهذا الاتفاق استورد 480 طناً من الذرة تسلمت الوزارة الطاعنة منها 398 طناً وسلمته مقابلها 211 طناً من الأرز وتبقى له ثمانية أطنان من الأرز بعد أن تسلمت منه 82 طناً أخرى من الذرة عادت فأخطرته برفضها تلك الكمية ثم عادت مرة أخرى فأخطرته بقبولها على أساس أن يتسلم مقابلها أرزاً قدره طناً واحداً مقابل كل 2.5 من الذرة فرفض وتمسك بالاتفاق المبرم بينهما وإذ امتنعت الطاعنة عن دفع ما يستحقه نفاذاً لهذا الاتفاق فقد أقام هذه الدعوى للمطالبة باستحقاقه وبتعويض عما لحقه من أضرار أجابت الطاعنة بأنها رفضت استلام القدر المتنازع عليه لعدم مطابقته للمواصفات ولوروده بعد الميعاد المتفق عليه وأنها تسلمت من المطعون ضده ما يجاوز الكمية المتفق عليها. وبتاريخ 21/ 3/ 1959 قضت محكمة القاهرة الابتدائية بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضده مبلغ 100 جنيه وفوائده القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 22/ 2/ 1950 ورفض ما عدا ذلك من الطلبات فاستأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 318/ 76 ق طالباً القضاء بطلباته الأصلية كما استأنفته الطاعنة بالاستئناف رقم 21/ 77 ق وبعد أن قررت محكمة استئناف القاهرة ضم الاستئنافين ليصدر فيهما حكم واحد قضت بتاريخ 27/ 5/ 1960 برفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف فطعن المطعون ضده في هذا الحكم بطريق النقض بطعن قيد برقم 277/ 30 ق وبتاريخ 22/ 2/ 1966 قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به من تأييد الحكم الابتدائي في رفض طلب مقابل 82 طناً من الذرة وطلب التعويض وأحالت الدعوى إلى محكمة استئناف القاهرة استناداً إلى قصور الحكم عن الرد على دفاع المطعون ضده بشأن تسلم الكمية محل النزاع وبتاريخ 7/ 4/ 1970 قضت محكمة استئناف القاهرة بندب خبير لتحقيق دفاع المطعون ضده وتقدير ثمن الكمية محل النزاع وما قد يستحقه المطعون ضده من تعويض وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة في 21/ 11/ 1974 بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب مقابل 82 طناً من الذرة وطلب التعويض وبإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضده مبلغ 3289 جنيه وفوائده القانونية بواقع 5% سنوياً اعتباراً من 23/ 2/ 1950. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض ودفع المطعون ضده ببطلان إعلان صحيفة الطعن وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع ونقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون ضده ببطلان إعلان صحيفة الطعن لإعلانها في مكتب محاميه دون إعلانها لشخصه أو في موطنه بالمنيا كما توجب ذلك المادة 214 من قانون المرافعات بما يبطل معه الطعن.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله، ذلك أنه لما كانت الفقرة الثانية من المادة 20 من قانون المرافعات الحالي الذي رفع الطعن في ظله قد نصت على أنه لا يحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء وكان الثابت أن المطعون ضده قد علم بالطعن المقرر به في الميعاد وقدم مذكرة في الميعاد القانوني بما تتحقق به الغاية التي يبتغيها المشرع من إعلانه فإن الدفع ببطلان إعلان صحيفة الطعن - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير مقبول.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بأولها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت في مذكرتها المقدمة بجلسة 9/ 10/ 1974 بأن الخبير المنتدب في الدعوى قد أخطأ في احتساب قيمة الذرة محل النزاع رغم ثبوت عدم صلاحيتها وعدم مطابقتها للمواصفات وما طرأ عليها من نقض نتيجة تبخيرها وأنه احتسب فروق الربح عند تقدير التعويض بأكثر مما قدرها المطعون ضده إذ احتسب ثمن الأرز في الخارج بواقع 72 جنيه و28 مليماً للطن في حين أن المطعون ضده كان قد قدره بواقع 72 جنيه للطن كما احتسب الفرق المذكور ربحاً خالصاً دون تقدير ما يتحمله المصدر المطعون ضده من مصاريف الشحن للخارج ورغم أن هذا الدفاع جوهري إلا أن الحكم المطعون فيه قد أغفل الرد عليه فجاء مشوباً بالقصور بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه متى كانت محكمة الموضوع قد رأت في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى لاقتناعها بصحة أسبابه فإنها لا تكون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ملزمة بعد ذلك بالرد استقلالاً على الطعون التي وجهت إلى هذا التقرير لأن في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنه التقرير ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني والوجه الأول من السبب الثالث مخالفة القانون والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك تقول أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن الطاعنة تسلمت الذرة محل النزاع بوضعها تحت تصرفها بحيث تتمكن من حيازتها وذلك عملاً بأحكام المادة 435 من القانون المدني في حين أن البند الرابع من عقد الاتفاق المبرم بين الطرفين يشترط تسليم البضاعة تسليماً فعلياً وأن الثابت من خطاب المطعون ضده المؤرخ 21/ 11/ 1949 والموجه إلى بنك التسليف الزراعي إقراره بأنه حتى هذا التاريخ لم يتم استلام الذرة فيكون الحكم فضلاً عن مخالفة الثابت بالأوراق قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه لما كان لمحكمة الموضوع السلطة في تقدير الأدلة والموازنة بينها للأخذ بما تطمئن إليه وإطراح ما لا تراه منها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على ما ثبت من المستندات المقدمة في الدعوى ومنها مذكرة بنك التسليف الزراعي المؤرخة 22/ 4/ 1951 ومذكرة مراقبة الإدارة العامة بوزارة التموين المؤرخة 19/ 7/ 1950 - أن بنك التسليف الزراعي الذي كان نائباً عن الطاعنة في العملية موضوع التداعي قد قام بناء على إذن من الطاعنة باستلام الذرة محل النزاع استلاماً فعلياً بعد إنهاء الإجراءات الجمركية المتعلقة بها وإيداعها مخازن الاستيداع لحساب الطاعنة وإخطار المطعون ضده بذلك في 16/ 4/ 1949 وإذ كانت هذه الأسباب سائغة ولها أصل ثابت بالأوراق وتكفي لحمل قضاء الحكم فإن المجادلة في هذا الصدد تعتبر مجادلة موضوعية تنحسر عنها رقابة محكمة النقض ولا يعيب الحكم المطعون فيه ما استطرد إليه تزيداً في أسبابه من أن الطاعنة قد تسلمت الذرة بوضعها تحت تصرفها بحيث تتمكن من حيازتها إذ يستقيم الحكم بدون هذا الاستطراد الزائد، ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
حيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت بأن رفضها استلام الذرة يرجع إلى تأخر المطعون ضده عن توريدها في الميعاد المتفق عليه إلا أن الحكم أطرح هذا الدفاع بمقولة أنه ورد على غير محل في حين أن الاتفاق المبرم بينهما قد نص صراحة في بنده الثالث على تعهد المطعون ضده بتسليم الطاعنة الذرة خلال شهرين من تاريخ الاتفاق الحاصل في 24/ 6/ 1948 ومن ثم فإن عرض المطعون ضده لكمية من الذرة بعد انقضاء الميعاد المتفق عليه يعتبر إيجاباً جديداً يكون للطاعنة أن ترفضه أو تقبله بالسعر الذي تراه وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه انتهى - آخذاً بما اطمأن إليه من المستندات ومن تقرير الخبير - إلى أن الطاعنة قد تسلمت الذرة محل النزاع بالفعل على النحو الموضح في الرد على السبب السابق فإنه إذ لم يعتد بالرفض اللاحق لهذا الاستلام لوروده على غير محل يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن حاصل الوجه الثالث من السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه قضى للمطعون ضده بالتعويض مرتين إذ قضى له بتعويض عما فاته من كسب ثم عاد فقضى له بتعويض آخر ممثلاً في الفوائد عن التعويض السابق بما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه لما كان أساس المطالبة بالتعويض عما فات المطعون ضده من كسب جبراً للضرر الذي أصابه نتيجة إخلال الطاعنة بالتزامها التعاقدي يختلف عن أساس المطالبة بالفوائد القانونية عن هذا التعويض بسبب تأخر الطاعنة عن الوفاء به فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى للمطعون ضده بالفوائد عن مبلغ التعويض المقضى به لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن حاصل الوجه الخامس من السبب الثالث الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول الطاعنة أنه لما كانت المادة 226 من القانون المدني تحدد سعر الفائدة القانونية في المسائل المدنية بواقع 4% وكان التعاقد المبرم بين الطرفين عملية مختلطة تعتبر مدنية بالنسبة للطاعنة فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بفوائد التعويض المقضى به بواقع 5% يكون أخطأ في تطبيق القانون لقضائه بفوائد تزيد عن الحد المقرر قانوناً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كانت المادة 226 من القانون المدني تحدد سعر الفائدة القانونية في المسائل التجارية بواقع 5% وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الحكم الصادر من محكمة أول درجة بتاريخ 21/ 3/ 1959 قضى في مادة تجارية بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضده جزء من التعويض الذي طالب به وفوائده القانونية بواقع 5% وقد تأيد هذا الحكم استئنافياً وارتضته الطاعنة ولم تطعن فيه بطريق النقض فإن القضاء المشار إليه يكون قد حاز حجية بين الطرفين تمنع الطاعنة من المنازعة في تجارية المعاملة وسعر الفائدة المقررة عنها وذلك عند نظر المطالبة بباقي التعويض ويكون النعي بهذا الوجه لا محل له.
وحيث إن حاصل الوجه الرابع من السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه قضى للمطعون ضده بالفوائد عن المبلغ المقضى به من تاريخ المطالبة القضائية في حين أن مبلغ التعويض المطالب به لا يكون معلوم المقدار وقت الطلب وفقاً للمادة 226 من القانون المدني بل يكون للقاضي سلطة تقديره فلا تستحق الفوائد القانونية عن هذا التعويض من تاريخ المطالبة القضائية بل تستحق من التاريخ الذي يصيح فيه معلوم المقدار بعد تحديده بحكم نهائي وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بقضائه بفوائد التعويض المقضى به من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 23/ 2/ 1950 فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي سديد ذلك أنه لما كان مفاد نص المادة 226 من القانون المدني أنه لا تسري الفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية إلا على المبالغ التي تكون معلومة المقدار وقت رفع الدعوى وكان المقصود بمحل الالتزام معلوم المقدار هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون تحديد مقداره قائماً على أسس ثابتة لا يكون معها للقضاء سلطة في تقديره وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على إخلال الطاعنة في تنفيذ التزامها بتسليم المطعون ضده كميات الأرز المتفق عليها مقابل كميات الذرة التي تسلمتها منه بالفعل وانتهى إلى إلزامها بأن تدفع له مبلغ 2296 جنيهاً قيمة الذرة التي وردها ومبلغ 993 جنيهاً قيمة ما فاته من كسب عن الأرز الذي امتنعت عن تسليمه له وكان ما قضى به الحكم لا يعدو أن يكون تعويضاً عن إخلال الطاعنة في تنفيذ تعاقدها مع المطعون ضده وهذا التعويض لم يكن معلوم المقدار وقت رفع الدعوى بل يخضع تقديره لسلطة القضاء ومن ثم فإن الفائدة القانونية التي تستحق عن التأخير في الوفاء به لا تسري إلا من تاريخ الحكم النهائي به وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضده الفوائد القانونية عن المبلغ المقضى به على سبيل التعويض عما لحقه من ضرر وما فاته من كسب وأرجع استحقاق تلك الفائدة إلى تاريخ المطالبة القضائية فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه نقضاً جزئياً في هذا الخصوص.
وحيث إن حاصل الوجه السادس من السبب الثالث الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول الطاعنة أنه لما كانت المادة 232 من القانون المدني تحظر تقاضي فوائد تزيد على رأس المال فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بفوائد التعويض المقضى به اعتباراً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 23/ 2/ 1950 يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بقضائه بفوائد تجاوز رأس المال بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه وقد انتهت المحكمة إلى أن الفوائد القانونية عن مبلغ التعويض المقضى به لا تسري إلا من تاريخ الحكم النهائي على النحو الموضح في الرد على الوجه السابق، وإذ كان الحكم النهائي المطعون فيه الذي حدد مقدار التعويض قد صدر بتاريخ 21/ 11/ 1974 وكان يترتب على ذلك أن تكون الفوائد المقضى به لا تجاوز رأس المال فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون قد أصبح غير منتج، ولما كان الموضوع صالحاً للفصل فيه، ولما تقدم فإنه يتعين تعديل الحكم المطعون فيه يجعل بدء سريان الفائدة اعتباراً من 21/ 11/ 1974 الذي تحدد به مقدار التعويض نهائياً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق