الصفحات

الأحد، 4 يونيو 2023

الطعن 355 لسنة 36 ق جلسة 4 / 2 / 1971 مكتب فني 22 ج 1 ق 30 ص 172

جلسة 4 من فبراير سنة 1971

برياسة السيد المستشار إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، وعلي عبد الرحمن.

---------------

(30)
الطعن رقم 355 لسنة 36 القضائية

(أ) تعويض. "عناصر الضرر" نقض. "رقابة محكمة النقض" محكمة الموضوع.
تقدير التعويض. مسألة واقع. تعيين عناصر الضرر. مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض.
(ب، جـ، د) نقل بحري. "التعويض عن عجز البضاعة". تعويض. "تقدير التعويض". معاهدات. "معاهدة بروكسيل".
(ب) هلاك البضاعة أو فقدها أثناء الرحلة البحرية. معاهدة بروكسيل وضعت حداً أقصى للتعويض ولم تبين طريقة تقديره. وجوب الرجوع للقواعد العامة.
(ج) تقدير التعويض عن هلاك البضاعة أو فقدها بمقدار ثمن بيعها في ميناء الوصول بالسوق الحرة، دون السعر الجبري الذي تفرضه وزارة التموين.
(د) مناط اعتبار الضرر متوقعاً. أن يتوقعه الشخص العادي في مثل الظروف الخارجية التي وجد فيها المدين.

---------------
1 - إنه وإن كان تقدير التعويض عن الضرر من المسائل الواقعية التي يستقل بها قاضي الموضوع، إلا أن تعيين عناصر الضرر التي يجب أن تدخل في حساب التعويض هو من المسائل القانونية التي يخضع فيها لرقابة محكمة النقض.
2 - لم يبين القانون البحري طريقة تقدير التعويض الذي يلتزم به الناقل عن عجز البضاعة المنقولة وهلاكها. كما خلت معاهدة بروكسل الخاصة بسندات الشحن والصادر بها مرسوم بقانون في 31/ 1/ 1944 من بيان طريقة تقدير هذا التعويض واكتفت بوضع حد أقصى للتعويض عن الهلاك والتلف اللذين يلحقان البضائع التي يتضمن سند الشحن بيان جنسها وقيمتها، لما كان ذلك فإنه يتعين تقدير التعويض وفقاً للقواعد العامة الواردة في القانون المدني في شأن المسئولية التعاقدية بصفة عامة، على ألا يجاوز التعويض المقضي به الحد الأقصى المقرر في المعاهدة في حالة عدم بيان جنس البضاعة وقيمتها في سند الشحن.
3 - تقضي المادة 221 من القانون المدني بأن يشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام، ومقتضى ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - أن الناقل يكون مسئولاً عن هلاك البضاعة أو فقدها أثناء الرحلة البحرية بمقدار الثمن الذي ينتج من بيعها في ميناء الوصول بالسوق الحرة التي تخضع لقواعد العرض والطلب، دون السعر الذي تفرضه وزارة التموين للبيع، ذلك لأن الضرر الذي لحقها نتيجة عدم بيعها البن الذي فقد أو تلف بالسعر الجبري الذي تفرضه، ليس مما كان يمكن توقعه وقت التعاقد، لأن هذا السعر الجبري - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو سعر تحكمي فرضته الوزارة نفسها، ودخلت في تحديده عوامل غربية عن التعاقد، علاوة على أنه قابل للتغير في أي وقت، لأن تحديده يخضع للظروف الاستثنائية التي دعت إلى فرضه.
4 - يجب لاعتبار الضرر متوقعاً أن يتوقعه الشخص العادي في مثل الظروف الخارجية التي وجد فيها المدين وقت التعاقد. ولا يمكن للناقل العادي أن يتوقع مقدار الكسب الذي قد يفوت الطاعنة (وزارة التموين) نتيجة فرضها السعر الجبري في حالة تلف البضاعة أو فقدها لأنه لا يستطيع الإلمام بالأسعار الجبرية التي تفرض في البلاد التي يرسل إليها سفنه وما يطرأ عليها من تغيير، لما كان ذلك، فإن الناقل لا يكون مسئولاً عن فوات هذا الكسب المحدد بسعر جبري، وإنما يسأل فقط عما فات الطاعنة من كسب بسبب زيادة سعر البضاعة التالفة أو الفاقدة في السوق الحرة في ميناء الوصول على سعر شرائها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن وزارة التموين أقامت الدعوى رقم 235 سنة 1964 كلي الإسكندرية ضد شركة مصر للتجارة الخارجية والشركة المتحدة لأعمال النقل البحري تطلب الحكم بإلزامهما متضامنتين بدفع مبلغ 1700 جنيه على سبيل التعويض المؤقت مع الفوائد القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد. وقال شرحاً لدعواها إنه بتاريخ 26/ 1/ 1964 وصلت إلى ميناء الإسكندرية الباخرة بورجاس محملة بشحنة من البن البرازيلي واردة لحساب الوزارة تنفيذاً لتعاقد تم بينها وبين شركة مصر للتجارة الخارجية. وأنه عند تفريغ الشحنة تبين أن بها عجزاً وعوارية فاحتجت الوزارة لدى الشركتين، وأن مسئولية شركة مصر للتجارة تقوم على أساس أنها البائعة للشحنة، وأنه لما كانت سندات الشحن قد صدرت خالية من أية تحفظات فإن ذلك مما يفيد أن الرسالة قد سلمت للباخرة بحالة سليمة وكاملة وأن ما وقع بها من عجز قد حدث خلال الرحلة البحرية وبفعل السفينة، وتكون الشركة العربية المتحدة للنقل البحري مسئولة عن تعويض الوزارة عما لحقها من أضرار. وأنها تقدر التعويض المؤقت عن ذلك بالمبلغ المطالب به إلى حين تحديد الضرر بصفة نهائية على ضوء تقرير الخبير الذي انتدب لمعاينة الشحنة. ثم عدلت الوزارة طلباتها إلى الحكم أصلياً بإلزام شركة الملاحة الناقلة بدفع مبلغ 1771 جنيهاً و150 مليماً مع باقي الطلبات واحتياطياً وفي حالة ما إذا تبين أن الشركة المستورة هي المسئولة عن التعويض، الحكم بإلزامها بالطلبات الموجهة للشركة الناقلة. وبتاريخ 20 فبراير 1965 حكمت المحكمة "أولاً" برفض الدعوى بالنسبة للطلبات الموجهة لشركة مصر للتجارة الخارجية "ثانياً" وبالنسبة للطلبات الموجهة إلى الشركة العربية المتحدة لأعمال النقل البحري بإلزامهما بأن تؤدي للوزارة مبلغ 1352 دولاراً أمريكياً مقومة بالعملة المصرية على أساس السعر الرسمي في 26/ 1/ 1964 مضافاً إليه 18 جنيهاً و750 مليماً والفوائد عن المبلغ جميعه بواقع 5% من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً حتى السداد. واستأنفت وزارة التموين هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية طالبة تعديله على أساس أن التعويض يشمل ما لحقها من خسارة وما فاتها من كسب وباعتبار أن سعر السلعة قد تم تحديده بمقتضى القانون، ومن باب الاحتياط إذا اعتبرت المحكمة أن التسعير الجبري لا يعتبر نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام فيتعين إضافة الربح التجاري الذي جرى به العرف وهو لا يقل عن 15% من مجموع التكاليف وهي ثمن الشراء والنولون والتأمين والمصاريف والدمغة وعمولة الخزانة والمصروفات الإدارية، وقيد هذا الاستئناف برقم 170 سنة 21 ق إسكندرية، كما استأنفت شركة النقل بدورها طالبة تعديل الحكم المستأنف إلى تحديد مسئولتها بمبلغ 118.968 دولاراً أمريكياً أو ما يعادله بالعملة المصرية ومصروفاته المناسبة ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وقيد استئنافها برقم 173 سنة 21 ق. وبتاريخ 27/ 4/ 1966 حكمت المحكمة برفض الاستئنافين وتأييد الحكم المستأنف. وطعنت وزارة التموين في هذا الحكم بطريق النقض للسبب المبين بالتقرير، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وبالجلسة المحددة لنظره أمام هذه الدائرة صممت الوزارة الطاعنة على طلب نقض الحكم، وطلبت الشركة المطعون عليها رفض الطعن، وصممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد تنعى فيه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله. وفي بيان ذلك تقول إن الحكم قدر التعويض عن العجز في البضاعة على أساس سعر الشراء في ميناء الشحن.
بينما يجب تقدير التعويض اللازم لجبر الضرر بتمامه بالقيمة السوقية للبضاعة في ميناء الوصول عملاً بالمادة 221 من القانون المدني التي تقضي بتقدير التعويض على أساس ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب، لأن هذه القيمة هي التي تمثل الخسارة التي لحقت الطاعنة والكسب الذي فاتها نتيجة عدم وفاء الناقل بالتزامه بنقل البضاعة إلى ميناء الوصول بينما سعر شراء البضاعة في ميناء الشحن لا يمثل إلى الخسارة وحدها، وليس في نصوص معاهدة سندات الشحن ما يؤدي إلى استبعاد الكسب الذي فات الطاعنة من عناصر التعويض، إذ أن هذه المعاهدة لم تخالف القواعد العامة إلا في أنها وضعت حداً أقصى له لا يجوز تجاوزه وهو مائة جنيه استرليني عن كل طرد أو وحدة أو ما يعادل هذه القيمة بنقد عملة أخرى، وهذا النص وإن كان يمنع القاضي من الحكم بتعويض يزيد على هذا الحد إلا أنه لا يرخص له في مخالفة قواعد التقدير التي وضعتها المادة 221 من القانون المدني في نطاق الحد الأقصى الذي تقرره المعاهدة، ولما كان الحكم قد استبعد من عناصر التعويض ما فات الطاعنة من ربح ولم يحتسب التعويض على أساس القيمة السوقية للبن في ميناء الوصول وهي لا تخضع للعرض والطلب. أو في القليل على أساس وضع تحديد معقول لقيمة الربح في البن في ميناء الوصول وهو ما طلبته الطاعنة احتياطياً، فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه على ما قرره من أن "التعويض يحتسب على أساس قيمة العجز وقت الشحن، إذ أن هذا هو ما يتمشى مع نص المادة 221 من القانون المدني باعتباره الضرر الذي يمكن توقعه عادة وقت التعاقد طالما أن الالتزام مصدره العقد وأن المدين لم يرتكب غشاً أو خطأً جسيماً، فلهذا ولأن الالتزام بالتعويض مصدره عقد النقل، ولأن الثابت في الدعوى أن الشركة الناقلة لم ترتكب غشاً أو خطأً جسمياً فإن التزامها بالتعويض عن العجز في البضاعة يكون في حدود ما كانت تتوقعه وقت إبرام عقد النقل أي قيمة العجز وقت الشحن وهو في نطاق ثمن الشحن شامل التأمين والنولون لأنه يمثل الخسارة الفعلية التي تحملتها وزارة التموين". وهذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه بتقدير التعويض غير صحيح في القانون، ذلك أنه وإن كان تقدير التعويض عن الضرر من المسائل الواقعية التي يستقل بها قاضي الموضوع إلا أن تعيين عناصر الضرر التي يجب أن تدخل في حساب التعويض هو من المسائل القانونية التي يخضع فيها لرقابة محكمة النقض، ولما كان القانون البحري لم يبين طريقة تقدير التعويض الذي يلتزم به الناقل عن عجز البضاعة المنقولة وهلاكها، كما خلت معاهدة بروكسل الخاصة بسندات الشحن والصادر بها مرسوم بقانون في 31/ 1/ 1944 من بيان طريقة تقدير هذا التعويض واكتفت بوضع حد أقصى للتعويض عن الهلاك والتلف اللذين يلحقان البضائع التي يتضمن سند الشحن بيان جنسها وقيمتها، فإنه يتعين لذلك تقدير التعويض وفقاً للقواعد العامة الواردة في القانون المدني في شأن المسئولية التعاقدية بصفة عامة على ألا يجاوز التعويض المقضي به الحد الأقصى المقرر في المعاهدة في حالة عدم بيان جنس البضاعة وقيمتها في سند الشحن. ولما كانت
المادة 221 من القانون المدني تقضي بأن يشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام، ومقتضى ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الناقل يكون مسئولاً عن هلاك البضاعة أو فقدها أثناء الرحلة البحرية بمقدار الثمن الذي ينتج من بيعها في ميناء الوصول بالسوق الحرة التي تخضع لقواعد العرض والطلب دون السعر الذي تفرضه وزارة التموين للبيع، ذلك لأن الضرر الذي لحقها نتيجة عدم بيعها البن الذي فقد أو تلف بالسعر الجبري الذي تفرضه ليس مما كان يمكن توقعه وقت التعاقد لأن هذا السعر الجبري - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو سعر تحكمي فرضته الوزارة نفسها ودخلت في تحديده عوامل غربية عن التعاقد، علاوة على أنه قابل للتغير في أي وقت لأن تحديده يخضع للظروف الاستثنائية التي دعت إلى فرضه. ولما كان يجب لاعتبار الضرر متوقعاً أن يتوقعه الشخص العادي في مثل الظروف الخارجية التي وجد فيها المدين وقت التعاقد ولا يمكن للناقل العادي أن يتوقع مقدار الكسب الذي قد يفوت الوزارة الطاعنة نتيجة فرضها السعر الجبري في حالة تلف البضاعة أو فقدها لأنه لا يستطيع الإلمام بالأسعار الجبرية التي تفرض في البلاد التي يرسل إليها سفنه وما يطرأ عليها من تغيير، فإن الناقل لا يكون مسئولاً عن فوات هذا الكسب المحدد بسعر جبري، وإنما يسأل فقط عما فات الطاعنة من كسب بسبب زيادة سعر البضاعة التالفة أو الفاقدة في السوق الحرة في ميناء الوصول على سعر شرائها. إذ كان ذلك وكانت الطاعنة قد طلبت احتياطياً أمام محكمة الموضوع أن يشمل التعويض احتساب الربح المعقول الذي كان يصيبها لو باعت البن الفاقد في ميناء الوصول بسعر عادي، وكان الحكم المطعون فيه لم يحتسب في تقديره التعويض عن العجز أو الفاقد في البضاعة، عنصر ما فات الطاعنة من كسب طبقاً لنسبة الربح العادي المناسب لبيع البن في ميناء الوصول، فإنه يكون قد خالف القانون في هذا الخصوص بما يوجب نقضه.


(1) نقض 12/ 6/ 1969 مجموعة المكتب الفني السنة 20 ص 939.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق