الصفحات

الجمعة، 2 يونيو 2023

الطعن 266 لسنة 27 ق جلسة 21 / 2 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 40 ص 270

جلسة 21 من فبراير سنة 1963

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، وأميل جبران، ومحمد ممتاز نصار، وحافظ محمد بدوي.

-----------------

(40)
الطعن رقم 266 لسنة 27 القضائية

(أ) وقف. "أحوال الرجوع أو التغيير". "الشروط العشرة". "الاستحقاق بعوض مالي". إثبات. "الإثبات بالقرائن". "القرائن القانونية القاطعة".
ليس للواقف الرجوع أو التغيير في وقفه قبل العمل بالقانون 48 لسنة 1946 في حالتين: الأولى إذا كان قد حرم نفسه وذريته من الاستحقاق ومن الشروط العشرة بالنسبة له. والثانية إذا ثبت أن هذا الاستحقاق كان بعوض مالي أو لضمان حقوق ثانية قبل الواقف. النص على الحرمان في حالة الأولى قرينة قاطعة على أن تصرف الواقف كان بمقابل يمنعه من الرجوع دون حاجة إلى تحقيق أو إثبات. إثبات تلقي الواقف العوض ممن له الاستحقاق في الحالة الثانية يكون بكافة الطرق ومنها القرائن.
(ب) وقف. "إلغاء الوقف على غير الخيرات". ملكية. "أيلولة الملكية للواقف أو المستحقين".
ما انتهى إليه الوقف على غير الخيرات بصبح ملكاً للواقف إن كان حياً وله حق الرجوع فيه فإن لم يكن آلت الملكية للمستحقين الحاليين كل بقدر حصته في الاستحقاق. استثناء من ذلك لا تؤول الملكية إلى الواقف إذا ثبت أن استحقاق من سيخلفه كان بعوض مالي أو لضمان حقوق ثابتة قبل الواقف: في هذه الحالة يؤول ملك الرقبة إلى من سيخلف الواقف من المستحقين كل بقدر حصته ويكون للواقف حق الانتفاع مدى حياته.
(ج) وقف. "الاستحقاق بعوض مالي". إثبات. "طرق الإثبات" "الإثبات بالكتابة". "أوراق رسمية". صورية. وارث.
إثبات تلقي الواقف العوض بعد إنهاء الوقف على غير الخيرات. استحدث القانون 180 لسنة 1952 في هذا الشأن حكماً جديداً. اعتباره إقرار الواقف بإشهاد رسمي بتلقي العوض أو ثبوت الحقوق قبله حجة على ذوى الشأن جميعاً متى صدر خلال الثلاثين يوماً التالية للعمل بهذا القانون. صدر الإقرار في هذا الميعاد ممن يملكه لا يقبل نفي ما تضمنه ويعد حجة على ذوى الشأن ممن لهم مصلحة في أيلولة المال الذي انحل عنه للوقف إلى الواقف. ليس لوارث الواقف أن يطعن بالصورية على إقرار الواقف الذي اشهد بتلقي عوض مالي أو ثبوت حقوق قبله.
(د) وصية. "التصريف المضاف إلى ما بعد الموت". "الاستحقاق بعوض مالي". "الإقرار به". وقف "أيلولة الملكية بعد إلغائه".
ملكية رقبة العين الموقوفة - بعد إلغاء الوقف - لا تؤول إلى المستحق عن الواقف الذي أصدر الإقرار بتلقي العوض وإنما تؤول إلى المقر له بإجازة من القانون.
التصرف الذي يعتبر مضافاً إلى ما بعد الموت ويأخذ حكم الوصية طبقاً للمادة 917 مدني هو تصرف الشخص لأحد ورثته تصرفاً يرد على ملكية العين أو على حق عيني فيها. إقرار الواقف بتلقي العوض لا ينصب إلا على تلقى العوض ولا يرد على الملكية. عدم خضوعه لحكم المادة 917 مدني.

----------------
1 - إذا كانت المادة 11 من القانون 48 لسنة 1946 تحظر على الواقف الرجوع أو التغيير في وقفه قبل العمل بهذا القانون وجعل استحقاقه لغيره في حالتين الأولى: إذا كان قد حرم نفسه وذريته من هذا الاستحقاق ومن الشروط العشرة بالنسبة له والثانية: إذا ثبت أن هذا الاستحقاق كان بعوض مالي أو لضمان حقوق ثابتة قبل الواقف، فقد دل ذلك - وهو ما يبين من المذكرة التفسيرية للقانون المذكور - على أن حرمان الواقف نفسه وذريته من الاستحقاق ومن شروط العشرة يعتبر قرينة قاطعة (1) على أن هذا التصرف كان بمقابل يمنعه من الرجوع دون حاجة إلى تحقيق أو ثبات بل يكفى وجود هذا المظهر في كتاب الوقف أو إشهاد التغيير، أما الحالة الثانية فإن إثبات تلقي الواقف العوض ممن له الاستحقاق في الوقف يكون بكافة الطرق القانونية في الإثبات بما في ذلك القرائن.
2 - يصبح ما انتهى فيه الوقف على غير الخيرات ملكاً للواقف إن كان حياً وله الرجوع فيه فإن لم يكن آلت الملكية للمستحقين الحالتين كل بقدر حصته في الاستحقاق، على أن المادة الرابعة من القانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء الوقف قد نصت - استثناء من هذه القاعدة - على أن الملكية لا تؤول إلى الواقف متى ثبت أن استحقاق من سيخلفه في الاستحقاق كان بعوض مالي أو بضمان حقوق ثابتة قبل الواقف - وفقاً لأحكام المادة 11 من القانون 48 لسنة 1946 - إذ يؤول في هذه الحالة ملك الرقبة إلى من سيخلف الواقف من المستحقين كل بقدر حصته ويكون للواقف حق الانتفاع مدى حياته.
3 - استحدث الشارع عند إنهاء الوقف حكماً جديداً بشأن إثبات تلقي الواقف العوض فنصت المادة 4/ 2 من القانون 180 لسنة 1952 على أنه "يعتبر إقرار الواقف بإشهاد رسمي بتلقي العوض أو ثبوت الحقوق قبله حجة على ذوى الشأن جميعاً متى صدر خلال الثلاثين يوماً التالية للعمل بهذا القانون" ومؤدى ذلك أن الإقرار إذا صدر ممن يملكه وفي خلال هذا الميعاد فإنه لا يقبل نفي ما تضمنه وتمتد حجته إلى ذوى الشأن ممن لهم مصلحة في أيلولة المال الذي انحل عنه الوقف إلى الواقف كالورثة والمستحقين وغيرهم وذلك لضمان استقرار الحقوق وحسم المنازعات وينبني على ذلك أنه ليس لوارث الواقف أن يطعن بالصورية على إقرار الواقف الذي اشهد فيه بتلقي عوض مالي أو ثبوت حقوق قبله.
4 - لا تؤول ملكية رقبة العين الموقوفة - بعد إلغاء الوقف طبقاً للقانون رقم 180 لسنة 1952 - إلى المستحق عن الواقف الذي أصدر الإقرار بتلقي العوض، لأنه لم يكن يملك هذا المال حتى ينقله إلى غيره وإنما تؤول ملكية المال إلى المقر له بإجازة من القانون. وعلى ذلك فإذا كان التصرف المقصود بالمادة 917 من القانون المدني - الذي يعتبر مضافاً إلى ما بعد الموت ويأخذ حكم الوصية إذا احتفظ المتصرف بحيازة العين التي تصرف فيها وبحقه في الانتفاع بها مدى حياته - هو تصرف الشخص لأحد ورثته تصرفاً يرد على ملكية العين أو على حق عيني فيها، فإن إقرار الواقف بتلقي العوض لا ينصب إلا على تلقي العوض وبالتالي فلاً يخضع لحكم المادة 917 من القانون المدني سالفة الذكر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائع النزاع تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن المطعون عليه أقام الدعوى الابتدائية رقم 1591 لسنة 1955 كلي مصر قال فيها إن المرحوم محمد محمد مصطفى الشامي توفى في 30 يونيه سنة 1954 وترك منزلين وانحصر الإرث فيه بوصفه أخاً لأب وفي ابنته الطاعنة الأولى وزوجته الطاعنة الثانية وأن الطاعنتين امتنعتا عن أداء نصيبه في الريع وقدمتا لمحكمة الوايلي الجزئية التي كانت تنظر قضية الريع حجة وقف صادرة من المورث في 21 أكتوبر سنة 1940 ومذكور بها أنه أوقف هذين المنزلين على نفسه حال حياته ومن بعده على المدعى عليهما( الطاعنتين) بحق ثلاثة أرباح للأولى والرابع للثانية كما قدمتا إشهاداً مؤرخاً 29 سبتمبر سنة 1953 أشهد المورث فيه على نفسه أنه كان قد أنشأ وقفه على الطاعنتين نظير عوض مالي مقداره 8100 جنيه كان ديناً في ذمته لهما قبل إنشاء الوقف منه مبلغ 6075 ج للطاعنة الأولى، 2025 ج للطاعنة الثانية وأنه قام بتحرير هذا الإشهاد محتفظاً فيه بحق المنفعة لنفسه طول حياته وأيلولة الرقبة إلى الموقوف عليهما وذلك طبقاً للمادة الرابعة من القانون رقم 180 لسنة 1952 الخاص بإلغاء الوقف على غير الخيرات - وسجل هذا الإشهاد مع إشهاد إلغاء الوقف بالشهر العقاري وقد أوقفت دعوى الريع - ولذلك أقام هذه الدعوى - وذكر في دعواه - أن الواقف كان حياً وقت صدور القانون رقم 180 لسنة 1952 وكان له حق الرجوع في الوقف طبقاً لنص الحجة ولذلك تؤول الملكية فيما انتهى فيه الوقف إلى أخيه المتوفى دون المستحقين (الطاعنتين) عملاً بالمادة الثالثة من ذلك القانون - وأن إقرار الواقف بأنه تلقى عوضاً من ابنته وزوجته هو إقرار صوري يستر وصية ويحق إبطاله عملاً بالمادة 245 مدني كما أن الواقف وقت إقراره هذا كان مريضاً مرض الموت مما يجعل إقراره تصرفاً مضافاً إلى ما بعد الموت وتسرى عليه أحكام الوصية فلاً ينفذ إلا في الثلث وتسرى عليه أحكام المادتين 916، 917 من القانون المدني وطلب المطعون عليه الحكم بإبطال إشهاد إلغاء الوقف الصادر من المورث فيما تضمن من تلقيه عوضا مالياً من المدعى عليهما (الطاعنتين) نظير إنشائه وقفه وبعدم نفاذ ذلك التصرف في مواجهته فيما زاد عن الثلث شيوعاً في العقارين. وبتاريخ 18 مارس سنة 1956 أصدرت المحكمة الابتدائية حكمها برفض الدعوى تأسيسا على أن الواقف أشهد بأن وقفه على المدعى عليها (الطاعنتين) كان في نظير عوض مالي وأنه طبقاً للفقرة الأولى من المادة الرابعة من القانون رقم 180 لسنة 1952 تكون ملكية ما انتهى فيه الوقف قد آلت للمدعى عليهما (الطاعنتين) دون الواقف الذي لا يكون له سوى حق الانتفاع طول حياته وعلى أساس أن الإقرار الذي صدر من الواقف في 29 سبتمبر سنة 1952 وفي خلال الثلاثين يوماً من تاريخ صدور القانون رقم 180 يعتبر حجة على ذوى الشأن جميعاً ومنهم المدعي لأنه يعتبر خلفاً عاماً للمورث وذلك طبقاً للفقرة الثانية من المادة الرابعة من القانون وأن هذا الإقرار يعتبر قاعدة قانونية موضوعية لا قرينة قانونية فلاً يدحض بالإقرار ولا باليمين ولا يقبل الطعن عليه بالصورية. أما الطعن عليه بأنه صدر في مرض الموت فإنه لم يقيم عليه دليل - وقد استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 656 سنة 73 ق وبتاريخ 25/ 4/ 1957 قضت المحكمة بإلغاء لحكم المستأنف وبإبطال إشهاد إلغاء الوقف الصادر من المرحوم محمد محمد مصطفى السروجي فيما تضمنه من إقراره بتقلبه عوضاً مالياً من المستأنف عليهما (الطاعنتين) نظير إنشاء وقفه عليهما من بعده المؤرخ 15 ديسمبر سنة 1952 وبعدم نفاذ ذلك التصرف في مواجهة المستأنف فيما زاد عن الثلث شيوعاً في العقارين موضوع الدعوى - وأسست قضاءها على أن الإقرار يتضمن قرينة قانونية بسيطة يصح إثبات عكسها وهو ما تفيده المادة 404 مدني وأن المشرع في الفقرة الثانية من المادة الرابعة من القانون رقم 180 سنة 1952 لم يذكر نصاً مانعاً من إثبات عكس حجية الإقرار واثبات ما يناقضه. كما أن هذا الإقرار ينطوي على تصرف لأن ملكية المنزلين الموقوفين توقف على ماهية هذا الإقرار ومداه من الصحة أو الصورية - وما دام أنه ينطوي على تصرف فإنه يصح الطعن عليه بكافة الطعون التي يمكن أن توجه لكل تصرف كالطعن بالصورية أو بالبطلان لانعدام السبب أو لعدم مشروعية السبب أو لمخالفته للنظام العام أو لصدوره في مرض الموت أو لاعتباره تصرفاً مضافاً إلى ما بعد الموت. هذا فضلاً عن أن هذا التصرف ضار بالمستأنف وهو يعتبر من الغير بالنسبة لتصرفات مورثه الضارة به ولذلك يصح له الطعن عليه ثم أوردت المحكمة الأدلة على صورية الإقرار - وانتهت إلى أن الإقرار ينطوي على تصرف بغير عوض مضاف إلى ما بعد الموت فيكون وصية تنطبق عليها المادة 917 من القانون المدني وقد طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير مؤرخ 14 يوليه سنة 1957 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 10 مايو سنة 1961 وفيها صممت النيابة على مذكرتها المتضمنة طلب رفض الطعن وأصدرت دائرة الفحص قرارها بإحالة الطعن إلى الدائرة المدينة والتجارية وبعد تبادل المذكرات قدمت النيابة مذكرة تكميلية أشارت فيها إلى صحة إجراءات الطعن وأحالت إلى رأيها السابق.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنتان في السبب الأول أن الحكم المطعون فيه أخطأ تطبيق القانون إذ اعتبر إقرار الواقف بتلقي العوض قرينة قانونية بسيطة يصح إثبات عكسها مع أن القاعدة التي نصت عليها الفقرة الثانية من المادة الرابعة من القانون رقم 180 لسنة 1952 قاعدة موضوعية إجبارية وليست قرينة قانونية وهذا وحده يبرر أنها لا تدحض حتى بالإقرار أو اليمين كما أن استناد الحكم إلى المادة 917 من القانون المدني يتعارض مع نصوص القانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف.
وحيث إن المشرع بدأ يعالج عيوب الوقف بالقانون رقم 48 لسنة 1946 فنصت المادة 11 منه وهى التي أحال عليها فيما بعد قانون إلغاء الوقف رقم 180 لسنة 1952 على أنه يحظر على الواقف الرجوع أو التغيير فيما وقفه قبل العمل بالقانون وجعل استحقاقه لغيره في حالتين: الأولى - إذا كان قد حرم نفسه وذريته من هذا الاستحقاق ومن الشروط العشرة بالنسبة له والثانية إذا ثبت أن هذا الاستحقاق كان بعوض مالي أو لضمان حقوق ثابتة قبل الواقف - ويبين من المذكرة التفسيرية للقانون رقم 48 لسنة 1946 أن حرمان الواقف نفسه وذريته من الاستحقاق ومن الشروط العشرة يعتبر قرينة قاطعة على أن هذا التصرف كان بمقابل يمنعه من الرجوع فلا يحتاج الأمر إلى تحقيق أو إثبات بل يكفى وجود هذا المظهر في كتاب الوقف أو في إشهاد التغيير لمنع الواقف من الرجوع أما الحالة الثانية فإن إثباتها يكون بكافة الطرق القانونية ومنها القرائن ولما صدر القانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء الوقف الأهلي نصت المادة الثالثة منه على أنه يصبح ما ينتهي فيه الوقف ملكاً للواقف إن كان حياً وله حق الرجوع فيه فإن لم يكن آلت الملكية للمستحقين الحالتين كل بقدر حصته في الاستحقاق - كما نصت المادة الرابعة على أنه استثناء من المادة السابقة لا تؤول الملكية إلى الواقف متى ثبت أن استحقاق من سيخلفه في الاستحقاق كان بعوض مالي أو لضمان حقوق ثابتة قبل الواقف وفقاً لأحكام المادة 11 من القانون رقم 48 لسنة 1946 وفي هذه الحالة يؤول ملك الرقبة إلى من سيخلف الواقف من المستحقين كل بقدر حصته ويكون للواقف حق الانتفاع مدى الحياة - وإلى أن صدر هذا القانون كان يجوز إثبات تلقي العوض بكافة الطرق القانونية - فلما هدف الشارع إلى إنهاء الوقف استحدث حكماً جديداً في الفقرة الثانية من المادة الرابعة ونص على أنه يعتبر إقرار الواقف بإشهاد رسمي يتلقى العوض أو بثبوت الحقوق قبله حجة على ذوى الشأن جميعاً متى صدر خلال الثلاثين يوماً التالية للعمل بهذا القانون - ومؤدى هذا النص أن الإقرار إذا صدر ممن يملكه بإشهاد رسمي وفي خلال الثلاثين يوماً من تاريخ العمل بالقانون فإنه لا يقبل نفى ما تضمنه وتمتد حجيته إلى ذوى الشأن ممن لهم مصلحة في أيلولة المال الذي انحل عنه الوقف إلى الواقف كالورثة والمستحقين وغيرهم ممن يصيب صوالحهم من هذا الإقرار محو أو انتقاض وذلك للحفاظ على الحقوق التي كانت محل نظر الواقف عند ما أشهد بوقفه والتي صارت مهددة بالضياع بصدور قانون إلغاء الوقف لو لا هذا الحكم الجديد الذي أوردته الفقرة الثانية من المادة الرابعة من القانون رقم 180 لسنة 1952 ويؤيد هذا النظر ما أوردته المذكرة التفسيرية للقانون عن علة هذا النص إذ قالت "رؤى أن يستثنى من تطبيق القواعد العامة التي نصت عليها المادة الثالثة حالة إنشاء الوقف بعوض أو ضماناً لحقوق كانت ثابتة قبل الواقف مع إرجاء استحقاق من أدى العوض أو من ثبت له الحق إلى ما بعد موت الواقف فقضت المادة الرابعة بأن تؤول رقبة الملك إلى من كان سيخلف الواقف في الاستحقاق مع الاحتفاظ للواقف مدى حياته بحق الانتفاع تمشيا مع نية الطرفين - وبديهي أن الملكية الكاملة تخلص لمن آلت إليه ملكية الرقبة بعد موت الواقف وقد رؤى تيسيراً لضمان استقرار الحقوق وحسم المنازعات بإشهاد رسمي أن يعتبر إقرار الواقف بإشهاد رسمي بتلقي العوض أو ثبوت الحق قبله حجة على ذوى الشأن جميعاً متى صدر هذا الإقرار في خلال الثلاثين يوماً التالية للعمل بهذا القانون" - لما كان ذلك، فإنه لا يسوغ للمطعون عليه بوصفه وارثاً لأخيه الواقف أن يطعن بالصورية على الإقرار المؤرخ 29 سبتمبر سنة 1952 والذي أشهد به الواقف - وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في القانون أما ما قرره الحكم المطعون فيه من أن الإقرار الصادر من المورث يعتبر وصية بالتطبيق لنص المادة 917 فغير صحيح ذلك أن المادة 917 مدني تنص على أنه "إذا تصرف شخص لأحد ورثته واحتفظ بأية طريق كانت بحيازة العين التي تصرف فيها وبحقه في الانتفاع به مدى حياته. اعتبر التصرف مضافاً إلى ما بعد الموت وتسرى عليه أحكام الوصية ما لم يقيم دليل يخالف ذلك" - والواضح من نصوص القانون رقم 180 لسنة 1952 أن ملكية رقبة العين لا تؤول إلى المستحق عن الواقف الذي أصدر الإقرار لأنه لم يكن يملك هذا المال حتى ينقله إلى غيره، وإنما تؤول ملكية المال إلى المقر له بإجازة من القانون. والتصرف المقصود في المادة 917 مدني هو ما يرد على ملكية العين أو على حق عيني فيها. أما الإقرار المشار إليه فإنما ينصب على تلقى العوض - ومن ثم فلاً يعتبر الإقرار تصرفاً في معنى المادة 917 من القانون المدني ولا يخضع لحكمها وإذ جرى الحكم المطعون فيه على خلاف هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في القانون.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم.


(1) تراجع المادة 404 من القانون المدني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق