الصفحات

الأربعاء، 14 يونيو 2023

الطعن 262 لسنة 29 ق جلسة 21 / 11 / 1963 مكتب فني 14 ج 3 ق 154 ص 1081

جلسة 21 من نوفمبر سنة 1963

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، وإبراهيم الجافي، وصبري فرحات.

-----------------

(154)
الطعن رقم 262 لسنة 29 القضائية

(أ) عقد. "تكييف العقد". "عقد إداري".
إبرام عقد مع إحدى جهات الإدارة لتوريد مادة لازمة لتسيير مرفق عام واحتوائه على شروط غير مألوفة في القانون الخاص. اعتباره عقداً إدارياً.
(ب) عقد. "عقد إداري". "غرامات التأخير". "طبيعتها". "سلطة الإدارة في توقيعها".
اختلاف طبيعة غرامات التأخير المنصوص عليها في العقود الإدارية عن الشرط الجزائي - المقصود منها ضمان وفاء المتعاقد مع الإدارة بالتزامه في المواعيد المتفق عليها حرصاً على انتظام سير المرفق العام. للإدارة توقيع الغرامة من تلقاء نفسها دون حاجة لصدور حكم بها، ولها استنزالها من المبالغ المستحقة في ذمتها للمتعاقد المتخلف.
(ج) عقد. "عقد إداري". "غرامات التأخير". "شرط استحقاقها".
لا يتوقف استحقاق غرامة التأخير على ثبوت وقوع ضرر للإدارة من جراء إخلال المتعاقد معها بالتزامه.
(د) عقد. "عقد إداري". "إخلال المتعاقد مع الإدارة بالتزامه". "التنفيذ العيني".
للإدارة سلطة التنفيذ المباشر لدى إخلال المتعاقد معها بالتزامه - فلها أن تحل بنفسها محله في تنفيذ الالتزام أو تعهد إلى شخص آخر بتنفيذه على حساب المتعاقد المتخلف.

---------------
1 - متى كان العقد قد أبرم مع إحدى جهات الإدارة بشأن توريد مادة لازمة لتسيير مرفق عام واحتوى على شروط غير مألوفة في القانون الخاص فإن هذا العقد يعتبر عقداً إدارياً تحكمه أصول القانون الإداري دون أحكام القانون المدني.
2 - غرامات التأخير التي ينص عليها في العقود الإدارية تختلف في طبيعتها عن الشرط الجزائي في العقود المدنية، إذ أن هذه الغرامات جزاء قصد به ضمان وفاء المتعاقد مع الإدارة بالتزامه في المواعيد المتفق عليها حرصاً على سير المرفق العام بانتظام واطراد وفي سبيل تحقيق هذه الغاية يحق للإدارة أن توقع الغرامة المنصوص عليها في تلك العقود من تلقاء نفسها ودون حاجة لصدور حكم بها وذلك بمجرد وقوع المخالفة التي تقررت الغرامة جزاءاً لها. كما أن لها أن تستنزل قيمة هذه الغرامة من المبالغ التي تكون مستحقة في ذمتها للمتعاقد المختلف.
3 - لا يتوقف استحقاق غرامة التأخير على ثبوت وقوع ضرر للإدارة من جراء إخلال المتعاقد بالتزامه، ومن ثم فلا تلتزم الإدارة بإثبات هذا الضرر كما لا يجوز للطرف الآخر أن ينازع في استحقاقها للغرامة كلها أو بعضها بحجة انتفاء الضرر أو المبالغة في تقدير الغرامة في العقد لدرجة لا تتناسب مع قيمة الضرر الحقيقي.
4 - إذا كان للإدارة سلطة توقيع الغرامة عند التأخير في تنفيذ الالتزام فإن لها أيضاً سلطة التنفيذ المباشر بأن تحل بنفسها محل المتعاقد المختلف أو المقصر في تنفيذ الالتزام أو تعهد بتنفيذه إلى شخص آخر ويتم هذا الإجراء على حساب ذلك المتعاقد فيتحمل جميع نتائجه المالية ومن هذه النتائج المصروفات التي تتكبدها الإدارة في عملية الشراء من متعهد آخر، فإذا نص في العقد على طريقة تحديد هذه المصروفات حق للإدارة اقتضاءها كاملة على هذا الأساس دون أن تطالب بإثبات ما أنفقته منها فعلاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام على الطاعنين، أمام محكمة القاهرة الابتدائية الدعوى رقم 526 سنة 1954، ومن بين ما أورده، شارحاً لها، أنه بتاريخ 24/ 9/ 1951 تعاقد مع وزارة الحربية والبحرية - الطاعنة الأولى على أن يورد لها 970 حملاً من التبن وأنها طلبت منه توريد 300 حمل من هذا التبن لسلاح الحدود فورد هذا القدر غير أن سلاح الحدود تراخى في استلامه حتى تلف بسبب هطول الأمطار عليه، واعتبرته وزارة الحربية مسئولاً عن عدم توريد هذا القدر من التبن وعلى هذا الاعتبار استنزلت مما هو مستحق له قبلها قيمة الزيادة في ثمن 300 حمل تبن استوردتها من شخص آخر بدلاً عن التبن الذي تلف - كما استنزلت أيضاً قيمة المصروفات الإدارية التي استلزمها استيراد التبن من هذا الشخص الآخر، وقيمة الغرامة التي وقعتها عليه بواقع 4% من قيمة التبن المقول بأنه تأخر في توريده - وذكر المطعون عليه أن جملة هذه القيم الثلاثية هي مبلغ 130 ج و200 م وطلب الحكم له، على الطاعنين متضامنين، بهذا المبلغ وبطلبات أخرى بينها في الدعوى - دفع الطاعنان دعوى المطعون عليه بالنسبة لهذا المبلغ، بأنه قد حدد لتوريد 300 حمل من التبن لسلاح الحدود، مدة شهر يبدأ من 1/ 11/ 1951 ولما لم يقم المطعون عليه بالتوريد أخطره سلاح الحدود في 21/ 1/ 1952 بأنه إن لم يورد التبن في خلال أسبوع فإن سلاح الحدود سيضطر إلى شراء 300 حمل من التبن على حسابه، وإذ لم يقم المطعون عليه بتوريد التبن على الرغم من هذا الإخطار، فقد أجريت مناقصة لتوريد هذا التبن رست على متعهد آخر بسعر قدره 2 ج و350 م. للحمل الواحد أي بزيادة 105 م. عن السعر الذي قبله المطعون عليه وقد قام هذا المتعهد بتوريد التبن وقبض ثمنه ومن أجل ذلك استنزلت وزارة الحربية، عملاً بنصوص التعاقد من المبالغ الأخرى استحقت عليها للمطعون عليه، قيمة الزيادة في ثمن هذا التبن ثم قيمة المصروفات الإدارية والغرامة - وذكرت الوزارة أن قيمة المصروفات التي استنزلتها هي 57 جنيهاً و93 مليماً ولم تنازع فيما قرره المطعون عليه من أن قيمة الغرامة هي 28 جنيهاً و200 مليم وقالت إن ما زعمه المطعون عليه من أن سلاح الحدود تراخى في استلام التبن حتى تلف غير صحيح وبتاريخ 11/ 11/ 1956 حكمت المحكمة بإلزام وزارة الحربية والبحرية - وحدها بأن تدفع للمطعون عليه قيمة الغرامة والمصروفات الإدارية التي استنزلها وقدرتها بمبلغ 85 جنيهاً و293 مليماً - أما الزيادة في ثمن التبن الذي استوردته الوزارة من متعهد آخر فقد حكمت المحكمة برفض دعوى المطعون عليه بالنسبة لها - وأسست المحكمة قضاءها برفض الدعوى بالنسبة لهذه الزيادة على أن المطعون عليه هو الذي أخل بالتزامه المتعلق بتوريد 300 حمل تبن لسلاح الحدود وأنه يقيم دليل من الأوراق على ما قرره من أنه ورد هذا القدر ثم هطلت الأمطار وأتلفته نتيجة تقاعس سلاح الحدود عن الاستلام - وأقامت قضاءها برد الغرامة والمصروفات الإدارية على أنهما يستحيلان في النهاية إلى تعويض لا تستحقه الوزارة إلا إذا كانت قد لحقها ضرر من عدم قيام المطعون عليه بتوريد التبن وهو ما لم يقم عليه دليل في الدعوى - استأنفت الطاعنة الأولى - وزارة الحربية والبحرية - هذا الحكم بالاستئناف رقم 962 سنة 74 ق القاهرة طالبة إلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المطعون عليه وذلك لنفس الأسباب التي دفعت بها الدعوى أمام محكمة الدرجة الأولى وكذلك استأنف المطعون عليه هذا الحكم طالباً القضاء له بكامل طالباته، وقيد استئنافه برقم 1048 سنة 74 ق القاهرة - ضمت المحكمة الاستئنافين وبتاريخ 21/ 12/ 1958 حكمت برفضهما وبتأييد الحكم المستأنف - طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها إحالة الطعن إلى دائرة المواد المدنية والتجارية لنقض الحكم المطعون فيه. عرض الطعن على دائرة فحص الطعون، وبتاريخ 22/ 4/ 1962 قررت إحالته إلى دائرة المواد المدنية والتجارية - وبعد استيفاء الإجراءات التالية للإحالة حدد لنظر الطعن أمام هذه الدائرة جلسة 31/ 10/ 1963 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعن الثاني (سلاح الحدود) لم يقض عليه بشيء فإن الطعن المرفوع منه لا يكون مقبولا.
وحيث إنه بالنسبة للطاعنة الأولى فقد استوفى الطعن أوضاعه الشكلية.
وحيث إنه مما تنعاه هذه الطاعنة على الحكم المطعون فيه، خطأه في تطبيق القانون ذلك أنه استند في إلزامها برد قيمة غرامة التأخير والمصروفات الإدارية إلى أن الغرامة والمصروفات تستحيل في النهاية إلى تعويض لا يقوم الحق فيه للوزارة، إلا إذا كان قد لحقها ضرر من عدم قيام المطعون عليه بتنفيذ تعهداته وهو أمر لم يقم عليه دليل في الدعوى - هذا في حين أن عقد التوريد أساس الدعوى هو عقد إداري تحكمه أصول القانون الإداري دون أحكام القانون المدني وأبرز خصائص العقود الإدارية الاتفاق فيها على غرامة معينة يلزم بها المتعاقد للإدارة إذا ما أهمل في تنفيذ التزامه - وهذه الغرامة تحدد مقدماً عند التعاقد ويحق للإدارة أن توقعها مباشرة بإجراء من جانبها دون حاجة إلى إثبات أن ضرراً ما قد أصابها كذلك فإن للإدارة أن تستأدي المصروفات الإدارية المتفق عليها في عقد التوريد كاملة باعتبار أن المبلغ المحدد يمثل النفقات التي تحملتها بسبب إعادة المناقصة لشراء الكميات التي تخلف المطعون عليه عن توريدها ودون أن تلزم في هذه الحالة بإثبات ما تكبدته فعلاً من المصاريف في سبيل ذلك.
وحيث عن العقد أساس الدعوى، على ما يبين من حكم محكمة الدرجة الأولى الذي أيده الحكم المطعون فيه وأخذ بأسبابه، مبرم بين المطعون عليه وبين إدارة العقود والمشتريات بوزارة الحربية والبحرية، وقد تعهد المطعون عليه بمقتضاه بتوريد 970 حملاً من التبن، بعضها لحرس الملك السابق والبعض الآخر لسلاح الحدود، وأودع مبلغ 216 جنيهاً و775 مليماً تأميناً وتم التعاقد بينه وبين الوزارة عن طريق مناقصة رست عليه - ويبين من شروط هذه المناقصة المقدمة صورتها بملف الطعن، أنه نص في الفقرة الثانية من البند الثامن منها على أن التبن الذي يورده المطعون عليه تفحصه لجنة من مندوبي الوزارة، ولا حق للمطعون عليه في الاعتراض على تصرفات هذه اللجنة - ونص في الفقرة الرابعة من هذا البند على أن الوزارة إذا رفضت بعض الأصناف المقدمة من المطعون عليه كان لها أن تشتري أصنافاً على حسابه بدلاً من المرفوضة وذلك بالطريقة التي تراها صالحة - وتقضي الفقرة الخامسة من هذا البند بأنه إذا لم يورد المطعون عليه أي صنف من الأصناف في الميعاد المحدد، فللوزارة بموجب خطاب مسجل وبدون حاجة إلى تنبيه أو إنذار أو إلى الالتجاء إلى القضاء، أن تمد ميعاد التوريد وتخصم من الثمن غرامة قدرها 1% عن كل أسبوع أو جزء من أسبوع يمضى بين الميعاد المحدد بالعقد وبين ميعاد التوريد الفعلي على شرط ألا يزيد مجموع الخصم على 4% من قيمة الأصناف التي حصل التأخير في توريدها أو أن تشتري هذه الأصناف من متعهد آخر وعندئذ يلتزم المطعون عليه للوزارة بما يزيد في الثمن ويكون لها أن تخصم أيضاً 10% من قيمة فرق الثمن كمصاريف إدارية دون أن يخل ذلك بحقها في خصم الغرامة سالفة الذكر - وهذا كله بمجرد حصول التأخير وبدون حاجة إلى تنبيه أو إنذار أو الالتجاء إلى القضاء أو ضرورة لإثبات الضرر وتنص الفقرة الثانية من البند التاسع على أن جميع المبالغ التي تستحق للوزارة على المطعون عليه طبقاً لما تقدم، تخصمها مما يكون مستحقاً له قبلها بموجب هذا التعاقد أو أي تعاقد آخر أو من التأمينات وذلك بمجرد استحقاق هذه المبالغ وبدون حاجة إلى تنبيه أو إنذار أو الالتجاء إلى القضاء - وأخيراً نص في الفقرة الثالثة من البند الحادي عشر من هذه الشروط على أنه بمجرد إلغاء العقد لأي سبب من الأسباب يصادر التأمين المودع من المطعون عليه لحساب الوزارة وذلك بدون إخلال بحقها في المطالبة بالتعويض نظير الأضرار التي تحدث من عجز المطعون عليه عن تنفيذ العقد - ولما كان هذا العقد وقد أبرم بين المطعون عليه وإحدى جهات الإدارة (وزارة الحربية والبحرية) بشأن توريد مادة لازمة لتسيير مرفق عام واحتوى على شروط غير مألوفة في القانون الخاص، على ما سلف بيانه، فإن هذا العقد يعتبر عقداً إدارياً تحكمه أصول القانون الإداري دون أحكام القانون المدني. ولما كانت هذه الأصول تقضي بأن غرامات التأخير التي ينص عليها في العقود الإدارية تختلف في طبيعتها عن الشرط الجزائي في العقود المدنية إذ أن هذه الغرامات جزاء قصد به ضمان وفاء المتعاقد مع الإدارة بالتزامه في المواعيد المتفق عليها حرصاً على سير المرفق العام بانتظام واطراد، وفي سبيل تحقيق هذه الغاية يحق للإدارة أن توقع الغرامة المنصوص عليها في تلك العقود من تلقاء نفسها ودون حاجة لصدور حكم بها وذلك بمجرد وقوع المخالفة التي تقررت الغرامة جزاءاً لها كما أن للإدارة أن تستنزل قيمة الغرامة من المبالغ التي تكون مستحقة في ذمتها للمتعاقد المختلف ولا يتوقف استحقاق الغرامة على ثبوت وقوع ضرر للإدارة من جراء إخلال هذا المتعاقد بالتزامه ومن ثم فلا تلتزم بإثبات هذا الضرر كما لا يجوز للطرف الآخر أن ينازع في استحقاقها للغرامة كلها أو بعضها بحجة انتفاء الضرر أو المبالغة في تقدير الغرامة في العقد لدرجة لا تتناسب مع قيمة الضرر الحقيقي - وكما أن للإدارة سلطة توقيع الغرامة عند التأخير في تنفيذ الالتزام فإن لها أيضاً سلطة التنفيذ المباشر بأن تحل بنفسها محل المتعاقد المختلف أو المقصر في تنفيذ الالتزام أو تعهد بتنفيذه إلى شخص آخر ويتم هذا الإجراء على حساب ذلك المتعاقد فيتحمل جميع نتائجه المالية ومن هذه النتائج المصروفات التي تتكبدها الإدارة في عملية الشراء من متعهد آخر فإذا نص في العقد على طريقة تحديد هذه المصاريف حق للإدارة اقتضاءها كاملة على هذا الأساس دون أن تطالب بإثبات ما أنفقته منها فعلاً - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ استلزم لاستحقاق الطاعنة للغرامة والمصروفات الإدارية المتفق عليها في العقد أن يثبت حصول ضرر لها من جراء إخلال المطعون عليه بالتزامه الخاص بتوريد التبن، وإذ رتب على عدم ثبوت هذا الضرر قضاءه بإلزام الطاعنة برد قيمة هذه الغرامة والمصروفات للمطعون عليه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما سلف يتعين رفض دعوى المطعون عليه بالنسبة للغرامة والمصروفات الإدارية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق