الصفحات

السبت، 3 يونيو 2023

الطعن 259 لسنة 28 ق جلسة 21 / 3 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 55 ص 347

جلسة 21 من مارس سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، وأميل جبران, ولطفي علي، وحافظ محمد بدوي.

----------------

(55)
الطعن رقم 259 لسنة 28 القضائية

(أ) حوادث طارئة. "نطاق نظرية الحوادث الطارئة". "العقود التبادلية".
لا يشترط في انطباق نظرية الحوادث الطارئة أن تكون الالتزامات المتبادلة متراخية التنفيذ على وجه التقابل إلى ما بعد الحادث الطارئ، يكفي وجود التزام على أحد العاقدين لم يتم تنفيذه وصيرورته بالحادث الطارئ مرهقاً للمدين.
(ب) حوادث طارئة. "تطبيق نظرية الحوادث الطارئة". "شرط الإرهاق". "مناطه". حكم. "عيوب التدليل". "قصور". "ما يعد كذلك".
يشترط في الإرهاق الذي يعيب المدين في تنفيذ التزامه من جراء الحادث الطارئ أن يكون من شأنه تهديد المدين بخسارة فادحة. الخسارة المألوفة في التعامل لا يعتد بها. تمسك الدائن بأن هبوط أسعار الأطيان الزراعية لا يهدد المدين بخسارة فادحة بل يعتبر من قبيل الخسارة المألوفة والتفاوت المعتاد في الأسعار. دفاع جوهري. إغفاله يعيب الحكم القصور.

--------------
1 - لا يشترط - في تطبيق الفقرة الثانية من المادة 147 من القانون المدني - أن تكون الالتزامات المتبادلة متراخية التنفيذ على وجه التقابل إلى ما بعد الحادث الطارئ بل يكفي وجود التزام على أحد العاقدين متراخي التنفيذ إلى ما بعد الحادث الطارئ ثم صار مرهقاً للمدين، دون ما اعتبار بكون الالتزام المقابل قد تم تنفيذه أو كان تنفيذه متراخياً كذلك.
2 - لما كان نص المادة 147/ 2 من القانون المدني يستلزم في الإرهاق الذي يصيب المدين في تنفيذ التزامه من جراء الحادث الطارئ - أن يكون من شأنه تهديد المدين بخسارة فادحة فإن الخسارة المألوفة في التعامل لا يعتد بها. فإذا كان الحكم المطعون فيه إذ قضى بتخفيض ثمن الأطيان المبيعة، لم يلق بالاً إلى ما دفع به الطاعن من أن هبوط أسعار الأطيان الزراعية موضوع الطعن لا يجعل التزام المدين مرهقاً ومهدداً بخسارة فادحة بل يعتبر من قبيل الخسارة المألوفة والتفاوت المعتاد في الأسعار، فإنه يكون قد أغفل البحث في دفاع جوهري لو ثبت لتغير به وجه الرأي في الدعوى، ويكون الحكم قد عاره البطلان لقصور أسبابه بما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن الطاعن رفع على المطعون عليهما الدعوى رقم 428 سنة 1953 كلي أمام محكمة القاهرة الابتدائية طالباً الحكم بإلزامها متضامنين: أولاً - بمبلغ 290 جنيهاً و288 مليماً قيمة القسطين المستحقين لمصلحة الأملاك الأميرية حتى 30/ 9/ 1952 ووجوب أداء جميع الأقساط التي تستحق لتلك المصلحة مستقبلاً في مواقيتها حتى تسدد دينها وقدره 1642 جنيهاً و430 مليماً. ثانياً - بمبلغ 3008 جنيهات باقي ثمن العقار المبيع من لهما والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد. ثالثاً - بمصروفات الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة قائلاً في تبيان دعواه إنه بموجب عقد بيع مؤرخ 8 من يوليو سنة 1952 باع إلى المطعون عليهما 41 ف و1 ط و11 س أرضاً زراعة كائنة بكفر سعد مركز شربين آلت إليه بطريق الشراء من مصلحة الأملاك لقاء ثمن قدره 9650 جنيهاً دفع منها مبلغ 4320 جنيهاً عند التوقيع على العقد وتعهد المطعون عليهما بدفع مبلغ 680 جنيهاً في 18 من يوليو سنة 1952 كما تعهدا بدفع باقي الثمن وقدره 3008 جنيهات على ثلاثة أقساط الأول وقدره 1008 جنيهات في أول نوفمبر سنة 1952 والثاني وقدره ألف جنيه في يونيو سنة 1953 والثالث وقدره ألف جنيه في أول فبراير سنة 1954 واشترط في العقد أن التأخير في دفع أي قسط في ميعاده يستتبع استحقاق باقي الأقساط ولما كانت الأطيان المبيعة محملة بدين لمصلحة الأملاك قدره 1642 جنيهاً و430 مليماً مقسطة على عدة سنوات تنتهي في سنة 1965 فقد قبل المطعون عليهما دفع هذا المبلغ إلى الطاعن حتى يتسنى لهذا الأخير التوقيع على العقد النهائي وإلا فإن المطعون عليهما يحلان محل الطاعن في جميع التزاماته قبل مصلحة الأملاك واستطرد الطاعن قائلاً إن المطعون عليهما لم يدفعا القسطين اللذين استحقا لمصلحة الأملاك كما لم يدفعا القسط الأول من مؤجل الثمن ومن ثم رفع دعواه طالباً الحكم بالطلبات المنوه عنها - رد المطعون عليهما بأن رفعا على الطاعن الدعوى رقم 945 سنة 1953 كلي مصر طلبا فيها فسخ عقد البيع ورد الثمن مع تعويض قدره ستمائة جنيه ثم عدلا طلبهما إلى الحكم باعتبار ثمن الفدان من الأرض المبيعة مبلغ ثمانين جنيهاً إعمالاً لنص المادة 147 من القانون المدني واستناداً إلى أن صدور قانون الإصلاح الزراعي وما ترتب عليه من تحديد القيمة الايجارية للأراضي الزراعية أدى إلى انخفاض قيمة الأراضي الزراعية وإحداث تغيير في الظروف الاقتصادية العامة مما أضحى معه التزامهما مرهقاً إرهاقاً يستأهل رده إلى الحد المعقول تطبيقاً لنظرية الظروف الطارئة - ومحكمة الدرجة الأولى ضمت الدعويين معاً ثم قضت في 6 من ديسمبر سنة 1954 بندب مكتب الخبراء لتقدير ثمن مثل الأطيان المتعاقد عليها وقت التعاقد ثم تقديرها في ظل قانون الإصلاح الزراعي وبعد أن قدم الخبير تقريره الذي قدر فيه قيمة الفدان من الأطيان المبيعة بمبلغ 235 جنيهاً عند التعاقد وبمبلغ 150 جنيهاً في ظل قانون الإصلاح الزراعي قضت في 26 من فبراير سنة 1957. أولاً - برفض الدعوى رقم 428 سنة 1953 مع إلزام رافعها بالمصاريف الخاصة بها مع المقاصة في أتعاب المحاماة. ثانياً - في الدعوى رقم 945 سنة 1953 باعتبار ثمن الأطيان المبيعة بعقد البيع المؤرخ 8/ 7/ 1952 هو مبلغ 6159 جنيهاً و115 مليماً على أساس أن ثمن الفدان 150 جنيهاً وعلى أن يستمر البائع في سداد أقساط الثمن المؤجلة إلى مصلحة الأملاك الأميرية حتى يصبح الباقي لتلك المصلحة هو مبلغ 1159 جنيهاً و115 مليماً ثم يقوم المشتريان بالسداد مباشرة إلى مصلحة الأملاك دون دخل للبائع وألزمت كلاً من طرفي الدعوى بجزء من مصاريفها معادل لما خسره كل منهما مع المقاصة في أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات - رفع الطاعن استئنافاً عن هذا الحكم قيد برقم 335 سنة 74 قضائية ومحكمة استئناف القاهرة قضت في 11 من مايو سنة 1958 بقبول الاستئناف شكلاً وفي موضوعه بتعديل قيمة ثمن الأطيان التي قدرها الحكم المستأنف وجعلها 7905 جنيهات وتأييده فيما عدا ذلك مع إلزام المستأنف عليهما بمصرفات الاستئناف بنسبة الفرق بين الحكم المستأنف وهذا الحكم مع المقاصة في أتعاب المحاماة عاد المستأنف إلى محكمة الاستئناف بالإعلان مؤرخ في 20 من مايو سنة 1958 أعلنه إلى المستأنف عليهما طالباً إلزامهما بقبول هذا الطلب شكلاً وفي الموضوع: أولاً - بإلزام المستأنف عليهما متضامنين بدفع مبلغ 1263 جنيهاً والفوائد بسعر 4% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى الوفاء والمصاريف المناسبة ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. ثانياً - إلزامهما متضامنين بدفع مبلغ 290 جنيهاً و388 مليماً قيمة القسطين المستحقين لمصلحة الأملاك حتى 30/ 9/ 1952 وإلزامهما بدفع باقي الأقساط لغاية وفاء مبلغ 1642 جنيهاً و430 مليماً مع فوائد القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية مع إلزامهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين قائلاً في بيان ذلك إن الحكم الصادر من محكمة الاستئناف لم يتضمن قضاء بالإلزام يمكن تنفيذه كما أنه أغفل الحكم بفوائد باقي الثمن من تاريخ المطالبة القضائية كما أغفل الفصل في طلب الحكم بمبلغ 290 جنيهاً و388 مليماً مما يقتضي العودة لنفس المحكمة للحكم بهذه الطلبات إعمالاً لنص المادة 368 من قانون المرافعات - ومحكمة الاستئناف استناداً منها إلى نص المادة 364 من قانون المرافعات قضت في 22/ 6/ 1958 حضورياً يجعل منطوق الحكم الاستئنافي الصادر من هذه المحكمة بتاريخ 11 من مايو سنة 1958 على النحو الآتي بعد جملة وجعلها 7905 جنيهات يضاف عبارة وإلزام المستأنف عليهما بأن يدفعا متضامنين إلى المستأنف مبلغ 1258 جنيهاً و540 مليماً وأن يسددا إلى مصلحة الأملاك مبلغ 1642.460 جنيهاً مقسطاً بفوائده والمصاريف المناسبة لما قضى به وإلزام المستأنف بمصاريف هذا الطالب والمقاصة في أتعاب المحاماة طعن الطاعن في هذين الحكمين بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى دائرة المواد المدنية والتجارية وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه قضى بتطبيق نص المادة 47/ 2 من القانون المدني على عقد البيع المؤجل فيه بعض الثمن مع أن هذا النص استثناء من الأصل وهو أن العقد شريعة المتعاقدين مما يجب تفسيره على ضوء الظروف والاعتبارات التي دعت إلى الأخذ به وهى حالة تغير الظروف في العقود المؤجلة التنفيذ بطبيعتها وهى عقود التوريد والاستصناع كما أنه في نطاق تطبيق هذه المادة لا يمكن اعتبار قانون الإصلاح الزراعي حادثاً طارئاً في خصوص الأطيان المبيعة قبل الثروة والمؤجل بعض ثمنها إلى ما بعدها وليس أدل على ذلك من أن المشرع أصدر القانون رقم 452 سنة 1954 بعد مضي عام من صدور قانون الإصلاح الزراعي لمواجهة حالة الأطيان المستولى عليها من الحكومة بثمن حكمي يقل كثيراً عن ثمنها وقت التعاقد إذ لو أن المشرع رأى أن الحالات الأخرى في حاجة إلى تدخله لما تخلف عن أن يكون ذلك التشريع شاملاً لعقود البيع بصفة عامة كما أن المشرع ما كانت به حاجة إلى إصدار هذا التشريع لو أن المادة 147/ 2 المنوه عنها كانت تنطبق على عقود البيع المؤجل فيها بعض الثمن - ومن جهة أخرى فإن تطبيق المادة المذكورة يقتضي حتماً وجود التزامات متبادلة متراخية التنفيذ حتى إذا ما وقع الحادث الطارئ وترتب عليه إخلال بالتوازن الاقتصادي للعقد أمكن إعمال الجزاء المترتب على النص برد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول وذلك بإنقاص الالتزام المرهق وزيادة الالتزام المقابل حالة ارتفاع الأسعار - والعكس إذا انخفضت تحقيقاً للعدالة التي تقوم عليها نظرية الظروف الطارئة - ولا يتصور إعمال هذا الجزاء على حالة الطاعن الذي سلم الأطيان المبيعة فعلاً قبل الحادث الطارئ وكان بعض الثمن مؤجلاً إلى ما بعده.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بأن الفقرة الثانية من المادة 147 من القانون المدني تنص على أنه "ومع ذلك إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي وإن لم يصبح مستحيلاً صار مرهقاً للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة جاز للقاضي تبعاً للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك" ويبين من هذا النص أن المشرع بإطلاقه التعبير بالالتزام التعاقدي لم يخصص منه نوعاً بعينه بل أورد النص بصيغة مطلقة تتسع لتطبيق نظرية الظروف الطارئة على جميع العقود التي يفصل بين إبرامها وبين تنفيذها فترة من الزمن يطرأ خلالها حادث استثنائي عام غير متوقع يؤدى إلى جعل تنفيذ الالتزام مرهقاً للمدين إرهاقاً يجاوز حد السعة - ومن ثم فإن هذه النظرية تنطبق على عقود المدة ذات التنفيذ المستمر أو الدوري كما تنطبق على العقود الفورية التي يتفق فيها على أجل لاحق لتنفيذ بعض التزامات العاقدين - وذلك لتحقيق حكمة التشريع في الحالتين وهى إصلاح ما اختل من التوازن الاقتصادي للعقد في الفترة ما بين إبرامه وتنفيذه نتيجة للظروف الاستثنائية التي طرأت خلال هذه الفقرة وذلك برفع العنت عن المدين تمكيناً له من تنفيذ التزامه دون إرهاق كبير وهذا الاختلال كما قد يحدث في الالتزامات التي تنفذ بصفة دورية أو مستمرة فإنه يحدث أيضاً في الالتزامات المؤجلة التنفيذ - ولا يقدح في تطبيق نظرية الظروف الطارئة على عقود البيع المؤجل فيها الثمن كله أو بعضه أن إرجاء دفع الثمن إنما قصد به تيسير التنفيذ على المشتري فلا ينبغي أن يضار به البائع ذلك أن الأجل أمر ملحوظ في التعاقد على الصفقة أصلاً لولاه ما تمكن البائع من إبرام العقد بالثمن المتفق عليه فيه فلا يعتبر والحال كذلك تأجيل تنفيذ التزام المشترى بدفع الثمن تفضلاً من البائع كذلك فإن قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 يعتبر حادثاً استثنائياً عاماً في مدلول الفقرة الثانية من المادة 147 من القانون المدني إذ ينظم جميع الشروط التي يتطلبها القانون في الحادث الطارئ فهو بحكم كونه قانوناً يعتبر حادثاً عاماً وهو يعد حادث استثنائي لم يكن في الوسع توقعه ولا ممكناً دفعه أما استناد الطاعن إلى صدور القانون 452 لسنة 1953 فلا يغير من الأمر شيئاً إذ أن النتيجة التي رتبها القانون المذكور على صدور قانون الإصلاح الزراعي لا يمكن تفسيرها إلا على أساس اعتبار القانون الأخير ظرفاً طارئاً - وإذا كان القانون رقم 452 لسنة 1953 قد اقتصر على إعمال أثر نظرية الظروف الطارئة على خصوصية بعينها وهى حالة ما إذا استولت الحكومة طبقاً لقانون الإصلاح الزراعي على أرض كان المستولى لديه قد اشتراها بعقد بيع ثابت التاريخ قبل 23 من يوليو سنة 1952 وكان الأجل المعين لوفائه بالثمن كله أو بعضه يحل أصلاً بعد هذا التاريخ - إلا أن تدخل المشرع في هذه الحالة لم يقصد به قصر إعمال النظرية على هذه الحالة وحدها وإنما قصد به تنظيم العلاقة فيها بين البائع والمشتري على وجه معين عن طريق تحديد ما يجب أداؤه من ثمن الأطيان المبيعة التي أخضعت للاستيلاء حتى لا تختلف معايير التقدير في شأنها وقد حرص القانون رقم 452 لسنة 1953 على أن ينص في نهاية المادة الأولى التي أورد فيها هذا الحكم على أن ذلك الحكم لا يخل بحقوق الطرفين طبقاً لأحكام القانون المدني بالنسبة إلى باقي الصفقة - وبديهي أن من هذه الأحكام التي رأى المشرع أن يخضع لها باقي الصفقة الذي لم يشمله الاستيلاء حكم الظروف الطارئة الوارد في الفقرة الثانية من المادة 147 ولو كان اتجاه المشرع إلى قصر تطبيق الحكم المذكور بالنسبة لعقود البيع المؤجل فيها الثمن على الخصوصية التي عالجها في تلك المادة وإلى إنفاذ حكم العقد فيما عداها لقرر أن باقي الصفقة يخضع الحكم العقد أو لأغفل الإشارة كلية إلى ما يتبع في شأنه أما القول بأن الجزاء المترتب على تطبيق الفقرة الثانية من المادة 147 يقتضي وجود التزامات متبادلة متراخية التنفيذ حتى يمكن إعماله عند وقوع الظرف الطارئ فمردود بأنه لا ضرورة لأن تكون الالتزامات المتبادلة متراخية التنفيذ على وجه التقابل إلى ما بعد الحادث الطارئ بل يكفي وجود التزام على أحد العاقدين متراخي التنفيذ إلى ما بعد الحادث الطارئ فصار مرهقاً للمدين دون ما اعتبار بكون الالتزام المقابل تم تنفيذه أو كان تنفيذه متراخياً.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن نص المادة 147/ 2 من القانون المدني الذي طبقه الحكم المطعون فيه يعتبر كما سبق القول استثناء من الأصل وهو أن العقد شريعة المتعاقدين ولهذا جاءت عبارته واضحة دالة على أن المقصود به هو مواجهة الحالات الصارخة التي يحصل فيها تفاوت غير مألوف في الأسعار يجعل تنفيذ التزام المدين مرهقاً بحيث يهدده بخسارة فادحة مع أن هبوط أسعار الأطيان الزراعية على النحو الذي حدث في صدد هذه الدعوى لا يجعل التزام المدين مرهقاً ومهدداً بخسارة فادحة بل يعتبر من قبيل الخسارة المألوفة والتفاوت المعتاد في الأسعار مما لا محل معه لتخفيض الثمن ورغم تمسك الطاعن بذلك أمام محكمة الاستئناف إلا أنها أغفلت الرد عليه.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه يبين من صحيفة الاستئناف ومن مذكرة الطاعن المقدمة لمحكمة الاستئناف أن الطعن تمسك أمام تلك المحكمة بأن الهبوط الذي طرأ على سعر الفدان من الأطيان الزراعية المبيعة من 235 جنيهاً إلى 150 جنيهاً بسبب صدور قانون الإصلاح الزراعي وما ترتب عليه من تحديد القيمة الايجارية للأطيان الزراعية ليس من شأنه أن يجعل تنفيذ التزام المدين مرهقاً ومهدداً بخسارة فادحة كما تمسك أيضاً بأنه في نطاق إعمال النص المذكور يجب التجاوز عن التفاوت المعتاد في الأسعار وأن هبوط سعر الفدان من الأطيان الزراعية على النحو السابق يعتبر من قبيل التفاوت المعتاد - ولما كان نص المادة 147/ 2 من القانون المدني تستلزم في الإرهاق - الذي يصيب المدين في تنفيذ التزامه من جراء الحادث الطارئ - أن يكون من شأنه تهديد المدين بخسارة فادحة فالخسارة المألوفة في التعامل لا يقام وزن - ولما كان الحكم المطعون فيه إذ قضى بتخفيض ثمن الأطيان المبيعة لم يلق بالاً إلى ما دفع به الطاعن من أن هبوط أسعار الأطيان الزراعية موضوع الطعن لا يجعل تنفيذ التزام المدين مرهقاً ومهدداً بخسارة فادحة بل يعتبر من قبيل الخسارة المألوفة والتفاوت المعتاد في الأسعار - فإنه يكون أغفل البحث في دفاع جوهري لو ثبت لتغير به وجه الرأي في الدعوى - لما كان ذلك، يكون الحكم قد عاره البطلان لقصور أسبابه بما يستوجب نقضه.


(*) راجع نقض 3/ 1/ 1963 في الطعن رقم 263 لسنة 26 ق بالعداد الحالي ص 27 رقم 3.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق