الصفحات

الجمعة، 2 يونيو 2023

الطعن 193 لسنة 36 ق جلسة 19 / 1 / 1971 مكتب فني 22 ج 1 ق 10 ص 46

جلسة 19 من يناير سنة 1971

برياسة السيد/ الدكتور عبد السلام بلبع رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، ومحمد أسعد محمود.

----------------

(10)
الطعن رقم 193 لسنة 36 القضائية

دعوى. "تدخل النيابة العامة". وقف "الدعوى المتعلقة بالوقف".نيابة عامة. بطلان. نقض "أسباب الطعن". نظام عام.
وجوب تدخل النيابة العامة في الدعاوى المتعلقة بأصل الوقف أو إنشائه أو شخص المستحق فيه سواء كانت الدعوى أصلاً من دعاوى الوقف أو رفعت باعتبارها دعوى مدنية وأثيرت فيها مسألة تتعلق بالوقف. عدم تدخل النيابة العامة في هذه الدعاوى لإبداء الرأي. أثره. بطلان الحكم. جواز إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.

----------------
مفاد نص المادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955 في شأن بعض الإجراءات في قضايا الأحوال الشخصية والوقف التي تختص بها المحاكم بمقتضى القانون رقم 462 لسنة 1955 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - أنه كلما كان النزاع متعلقاً بأصل الوقف أو إنشائه أو شخص المستحق فيه، مما كانت تختص به المحاكم الشرعية في خصوص الوقف. وأصبح الاختصاص بنظره للمحاكم عملاً بالقانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والملية، فإن تدخل النيابة العامة يكون واجباً عند نظر النزاع وإلا كان الحكم الصادر فيه باطلاً، يستوي في ذلك أن تكون الدعوى أصلاً من دعاوى الوقف أو أن تكون قد رفعت باعتبارها دعوى مدنية، وأثيرت فيها مسألة متعلقة بالوقف. وإذ كان يبن مما أورده الحكم المطعون فيه أن النزاع بين الطاعن والمطعون عليها الأولى كان يدور في أساسه حول صحة القرار الصادر باستبدال الأعيان موضوع الدعوى بالأعيان التي كانت موقوفة على المطعون عليها الأولى، وكانت هذه المسألة تتعلق بأصل الوقف، بما كانت تختص المحاكم الشرعية بنظرها، ثم صارت بعد إلغاء تلك المحاكم من اختصاص دوائر الأحوال الشخصية في نطاق التنظيم الداخلي لكل محكمة، فإنه يتعين طبقاً للمادة الأولى من القانون رقم 628 لسة 1955 سالفة الذكر أن تتدخل النيابة في الدعوى لإبداء رأيها فيها، حتى ولو كانت منظورة أمام الدائرة المدنية وإلا كان الحكم باطلاً. وإذ كان هذا البطلان هو مما تجوز إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة لتعلقه بالنظام العام، وكان الثابت أن النيابة العامة لم تتدخل في الدعوى لإبداء الرأي فيها إلى أن صدر الحكم المطعون فيه، فإن هذا الحكم يكون باطلاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 66 لسنة 1963 طنطا الابتدائية ضد المطعون عليهم طلب فيها الحكم بتثبيت ملكيته إلى 3 س و6 ط و2 ف من الأطيان الزراعية مبينة الحدود والمعالم بالصحيفة وبانتهاء عقد الإيجار المؤرخ أكتوبر سنة 1963 - الصادر من جمعية المساعي المشكورة - المطعون عليها الأولى - بتأجير هذا القدر إليه وعدم الاعتداد بهذا العقد. وقال شرحاً لدعواه إنه يملك الأطيان المشار إليها ضمن مساحة مقدارها 17 س، 13 ط، 118 ف بعقد بيع مسجل في 18/ 10/ 1920 صادر إليه من والده، في سنة 1932 وقف والده من هذا القدر 10 ف و12 ط و1 س على زوجته وأولاده ولم يشمل الوقف الأطيان موضوع الدعوى بل ظلت على ملكية وفي حيازة والده بصفته ولياً شرعياً عليه إلى أن توفى في سنة 1933 ثم انتقلت حيازتها إلى المرحوم محمد علوي الجزار بصفته وصياً عليه حتى بلغ هو سن الرشد في سنة 1939 واستلمها في سنة 1940 وظل يضع اليد عليها، وفي سنة 1953 أخطرته الجمعية - المطعون عليها الأولى - بأن هذه الأطيان سبق أن وقفها والده عليها وقفاً خيرياً، وطالبت الورثة وهو من بينهم بتحرير عقد إيجار عنها فوقع على العقد بسبب عدم وجود مستندات الملكية تحت يده، واستمر الحال كذلك حتى أقامت عليه الجمعية الدعوى رقم 661 سنة 1962 مدني بندر شبين الكوم تطالبه بالأجرة المتأخرة، وتبين له وقتذاك أن تلك الأطيان هي ملكه الخاص بمقتضى عقد البيع الصادر له من والده، وأنه كان ضحية غلط وقع فيه عند تحرير عقد الإيجار، فتمسك في تلك الدعوى بملكيته للعين المؤجرة، وقضت المحكمة بوقفها حتى يفصل في النزاع على الملكية. وأضاف الطاعن أن والده لم يسبق له أن وقف تلك الأطيان، وهي كائنة بناحية دمنهور الوحش مركز زفتي على الجمعية، وإنما وقف عليها 20 فداناً أخرى بناحية زناره مركز تلا وقد اتخذت إجراءات لاستبدال الأطيان موضوع الدعوى بالأطيان الموقوفة على الجمعية، غير أن هذه الإجراءات باطلة لأنها لم تتم طبقاً للقانون فلا تؤثر على ملكيته. وإذ نازعته المطعون عليها الأولى في ذلك وطالبته وزارة الأوقاف - المطعون عليها الثانية - بتسليم الأطيان موضوع النزاع، وصدر القانون رقم 44 لسنة 1962 الذي خول الهيئة العامة للإصلاح الزراعي - والتي يمثلها المطعون عليهم الثلاثة الأخيرون - باستلام الأراضي الموقوفة وقفاً خيرياً، فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته وبتاريخ 15/ 12/ 1964 حكمت محكمة أول درجة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 49 لسنة 15 ق مدني طنطا، وبتاريخ 22/ 6/ 1962 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأيد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير، وقدمت النيابة العامة مذكرة، أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أضاف الطعن سبباً جديداً نعى فيه على الحكم المطعون فيه البطلان بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام لعدم تدخل النيابة العامة في الدعوى وهي من الدعاوى المتعلقة بالوقف، وأبدت النيابة العامة الرأي بنقض الحكم لهذا السبب.
وحيث إن هذا الدفع ببطلان الحكم المطعون فيه في محله، ذلك أن القانون رقم 628 لسنة 1955 في شأن بعض الإجراءات في قضايا الأحوال الشخصية والوقف التي تختص بها المحاكم بمقتضى القانون رقم 462 لسنة 1955 إذ نص في مادته الأولى على أنه "يجوز للنيابة العامة أن تتدخل في قضايا الأحوال الشخصية التي تختص بها المحاكم الجزئية بمقتضى القانون رقم 462 لسنة 1955 المشار إليه، وعليها أن تتدخل في كل قضية أخرى تتعلق بالأحوال الشخصية أو بالوقف وإلا كان الحكم باطلاً، فإن مفاد ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه كلما كان النزاع متعلقاً بأصل الوقف أو إنشائه أو شخص المستحق فيه مما كانت تختص به المحاكم الشرعية في خصوص الوقف وأصبح الاختصاص بنظره للمحاكم عملاً بالقانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والملية فإن تدخل النيابة العامة يكون واجباً عند نظر النزاع وإلا كان الحكم الصادر فيه باطلاً، يستوي في ذلك أن تكون الدعوى أصلاً من دعاوى الوقف أو أن تكون قد رفعت باعتبارها دعوى مدنية وأثيرت فيها مسألة متعلقة بالوقف. لما كان ذلك وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن - الطاعن أقام دعواه بتثبيت ملكيته إلى 3 س و6 ط و20 ف على أساس أنه اشترى هذا القدر ضمن أطيان أخرى من والده المرحوم حسانين عبد الغفار بموجب عقد البيع المسجل في 18/ 10/ 1920، وإذ ردت المطعون عليها الأولى بأن الأعيان موضوع الدعوى أصبحت موقوفة عليها بموجب قرار صدر باستبدال هذه الأعيان بأعيان أخرى كانت موقوفة عليها فقد دفع الطاعن ببطلان قرار الاستبدال. ولما كان الحكم المطعون فيه قد تناول بالبحث هذا الدفع وانتهى إلى عدم صحته وقضى برفض الدعوى واستند في ذلك إلى ما يلي "أن طالب الاستبدال وهو المرحوم محمد علوي الجزار الذي طلبه بوصفه وكيلاً عن المبلغ من ورثة المرحوم حسانين أحمد عبد الغفار ووصياً على المستأنف - الطاعن - كان على أسوأ افتراض فضولياً بالنسبة للمستأنف وفيما يناسب نصيبه الميراثي في عين البدل لأنه طلب إجراء الاستبدال على اعتبار أن العين المراد وقفها بطريق البدل ليست له بل مملوكة لمن يمثلهم بطريق الوكالة والوصاية، ومن المجمع عليه بين فقهاء المذهب الحنفي أنه وإن كان الأصل أو الوقف لا ينشأ صحيحاً إلا في عين مملوكة للواقف ملكاً تاماً في تاريخ الوقف، ألا أن وقف الفضولي صحيح غاية الأمر أنه يتوقف على إجازة المالك، فإن شاء نفذه وإن شاء أبطله لأن الفضولي ليس هو الواقف في الحقيقة وإنما الواقف حقيقة هو المالك. فهو الذي ترجع حقوق الوقف إليه وهو الذي ينتفع بثوابه... وتقع الإجازة صريحة أو ضمنية تستفاد من الظروف وقرائن الأحوال. وحيث إنه من المقرر شرعاً أن الإقرار بالوقف صراحة أو دلالة ملزم للمقر بمجرد إقراره فليس له حق الرجوع فيه ولا يتوقف ذلك على القضاء، ولا مراء في أن استظهار واقعات التداعي - قد أسفر عن أن مسلك المستأنف إزاء المستأنف عليه الأول - المطعون عليه الأول - إنما يتضمن إقراره بقيام الوقف وبالتالي إجازة له فيما يناسب نصيبه الميراثي ذلك بأنه قد تعاقد معه على استئجار العين الموقوفة بطريق الاستبدال وسدد الأجرة المستحقة عن سنة 1950 الزراعية.... - وكان أهلاً للإجارة بإقراره - ولا يجدي المستأنف في هذا الصدد أن يحتمي بنص المادة 137 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية لأن المنع من السماع المنصوص عليه فيها مقصور على حالة الإنكار، وواقع الأمر أن المستأنف لم ينكر حصول الاستبدال بإجراءاته المرسومة بل نعى عليه ما سلف الإشارة إليه، وهذا النعي إنما يتضمن الإقرار بقيام الوقف بطريق الاستبدال لا بإنكاره" وكان يبين من هذا الذي أورده الحكم أن النزاع بين الطاعن والمطعون عليها الأولى كان يدور في أساسه حول صحة القرار الصادر باستبدال الأعيان موضوع الدعوى بالأعيان التي كانت موقوفة على المطعون عليها الأولى، وكانت هذه المسألة تتعلق بأصل الوقف مما كانت تختص المحاكم الشرعية بنظرها ثم صارت بعد إلغاء تلك المحاكم من اختصاص دوائر الأحوال الشخصية في نطاق التنظيم الداخلي لكل محكمة. لما كان ما تقدم فإنه يتعين طبقاً للمادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955 سالفة الذكر أن تتدخل النيابة في الدعوى لإبداء رأيها فيها حتى ولو كانت منظورة أمام الدائرة المدنية وإلا كان الحكم باطلاً. وإذ كان هذا البطلان هو مما تجوز إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة لتعلقه بالنظام العام، وكان الثابت أن النيابة العامة لم تتدخل في الدعوى لإبداء الرأي فيها إلى أن صدر الحكم المطعون فيه، فإن هذا الحكم يكون باطلاً بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.


(1) نقض 23/ 12/ 1969 مجموعة المكتب الفني. السنة 20. ص 1312.
نقض 23/ 5/ 1968 مجموعة المكتب الفني. السنة 19. ص 959.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق