الصفحات

الجمعة، 23 يونيو 2023

الطعن 1776 لسنة 49 ق جلسة 21 / 6 / 1980 مكتب فني 31 ج 2 ق 335 ص 1801

جلسة 21 من يونيه سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ عدلي مصطفى بغدادي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: دكتور إبراهيم علي صالح، ومحمود حسن رمضان، وحسن عثمان عمار، ورابح لطفي جمعة.

----------------

(335)
الطعن رقم 1776 لسنة 49 القضائية

(1، 2) إيجار "إيجار الأماكن: تحديد الأجرة". حكم "إصدار الحكم" دعوى. "الطلبات فيها". نظام عام.
(1) التزام المحكمة بطلبات الخصوم في الدعوى. خروجها عن هذا النطاق. أثره. اعتبار الحكم على غير محل. بطلانه بطلاناً أساسياً متعلقاً بالنظام العام.
(2) طلب تخفيض أجرة العين إلى مبلغ معين. القضاء بتخفيضها إلى مبلغ أقل باعتبار أن تحديد الأجرة متعلق بالنظام العام. خطأ في القانون.

----------------
1 - لا قضاء إلا في خصومة ولا خصومة بغير دعوى يقيمها مدعيها ويحدد طلباته فيها حسبما يجري به نص المادة 63 من قانون المرافعات، من أجل ذلك كان التزام المحكمة بما يطلبه الخصوم أمراً نابعاً من طبيعة وظيفة القضاء بوصفه احتكاماً بين متخاصمين على حق متنازع عليه، فإذا ما خرجت المحكمة عن هذا النطاق ورد حكمها على غير محل ووقع بذلك باطلاً بطلاناً أساسياً ومن ثم مخالفاً للنظام العام مخالفة تعلو على سائر ما عداها من صور الخطأ في الحكم فيما يدخل في نطاق الخصومة المطروحة على المحكمة.
2 - إذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون عليه - المستأجر - قد حدد طلباته في الدعوى بتخفيض أجرة العين المؤجرة منه إلى 310 قرشاً شهرياً فإنه بذلك يكون قد حدد نطاق الخصومة بينه وبين الطاعن - المؤجر - بما لا يجيز للمحكمة عليها أياً كان مبلغ تعلق قواعد تحديد أجرة الأماكن المؤجرة بالنظام العام، ولما كان الحكم المطعون فيه قد حاد عن هذا النهج في قضائه - بتخفيض الأجرة إلى مبلغ 176 قرشاً - بمقولة إن اعتبارات النظام العام تعلو على اعتبارات الحكم بما يطلبه أو لا يطلبه الخصوم وهو...... قول غير صحيح.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 2942 لسنة 1976 مدني كلي المنصورة ضد الطاعن للحكم بتخفيض أجرة الشقة المبينة بالصحيفة إلى مبلغ 310 قرشاً شهرياً وقال بياناً لذلك إنه بعقد إيجار مؤرخ 27/ 4/ 1975 استأجر من الطاعن الشقة آنفة الذكر بأجرة قدرها 700 قرشاً شهرياً وإذ بان له أنها كانت مؤجرة من قبل بأجرة قدرها 310 قرشاً فقد أقام عليه الدعوى بطلب تخفيض الأجرة إلى هذا القدر. ندبت المحكمة خبيراً. وبعد أن قدم تقريره قضت بتخفيض الأجرة إلى مبلغ 176 قرشاً بخلاف رسم النظافة. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 172 لسنة 31 ق المنصورة، وبتاريخ 10/ 5/ 1979 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض قدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالثلاثة الأوليات منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تأويله والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه لما كان حكم محكمة الدرجة الأولى الذي أيده الحكم المطعون فيه، قد أقام قضاءه على سند مما ارتآه الخبير من انطباق حكم القانون رقم 168 لسنة 1961 - الذي يقضي بتخفيض أجور الأماكن التي أنشئت قبل العمل بالقانون رقم 55 لسنة 1958 بنسبة 20% على عين النزاع، على الرغم من عدم انطباقه عليها لأن العبرة في ذلك هي بتاريخ إنشائها مكان مماثل لها - كما ذهب الخبير، وكان الطاعن قد تمسك بهذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف ومع ذلك لم تعن بالرد عليه اكتفاء بالإحالة إلى تقرير الخبير علاوة على ما أبداه الطاعن في مرحلتي التقاضي من عدم استكمال إنشاء عين النزاع إلا في سنة 1971، مما تعتبر معه عناصر هذا الاستكمال من قبيل التعديلات الجوهرية التي تدخل في تقدير الأجرة عملاً بحكم القانون رقم 52 لسنة 1969، إلا أن الحكم المطعون فيه اتخذ من مجرد إثبات تلك العين في دفتر الجرد لسنة 1960 دليلاً على إنشائها قبل هذا التاريخ وهو ما لا يصلح رداً على ما سلف الإشارة إليه من دفاع.
وحيث إن النعي بهذه الأسباب مردود ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة في فهم الواقع في الدعوى واستخلاص ما قرره أنه وجه الحق فيها للاستناد إليه في قضائها ما دامت في ذلك لم تخرج عما هو ثابت بالأوراق أو تستخلص منها. ما لا تؤدي إليه عقلاً، وكان حسبها أن تورد من الأسباب ما يكفي لحمل قضائها بغير حاجة إلى تعقب جميع مناحي الدفاع المثارة في الدعوى ما دام في مجموع أسبابها ما يفيد إحاطتها بأوجه الدفاع الجوهرية وإطراحها لما لم تقتنع به منها، كما أن من حقها الاعتماد في قضائها على ما حصلته من تقرير الخبير المقدم في الدعوى محمولاً على أسبابه ما دام فيها ما ينطوي على الرد على ما أثير من وجه الاعتراض عليه، وهي في ذلك كله بمنأى عن الخضوع لمحكمة النقض مما لا يجيز الطعن على حكمها في ذلك لتعلقه بأمور واقعية تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها. لما كان ما تقدم، وكان حكم محكمة الدرجة الأولى - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - قد تناول بالبيان حجته في الافتتاح بأن الأجرة القانونية لعين النزاع في 1/ 9/ 1960 هي 300 قرشاً شهرياً، مستنداً في ذلك إلى ما ساقه الخبير في تقريره من أدلة له اطمأنت إليها المحكمة لما ارتأته من سلامتها، وكان ما أثاره الطاعن في أسباب النعي الثلاثة آنفة الذكر لا يعدو أن يكون من قبيل الجدل الموضوعي في تقدير الدليل بشأن تاريخ إنشاء عين النزاع وأجرتها القانونية عندئذ وكان قضاء الحكم المطعون فيه في هذا الصدد قائماً على أسباب سائغة تكفي لحمله فإن النعي عليه بما تقدم يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إنه على الرغم من أن المطعون عليه لم يطلب طوال مراحل التقاضي ما يجاوز تخفيض الأجرة إلى مبلغ 310 قرشاً شهرياً فقد قضى له الحكم بتخفيضها إلى مبلغ 176 قرشاً فحكم له ذلك بأكثر مما طلب، الأمر الذي لا يصححه قول الحكم بأن قواعد تحديد الأجرة متعلقة بالنظام العام وأنها تعلو بذلك على قاعدة التزام طلبات الخصوم، ذلك أن قواعد التقاضي هي الأخرى مما يتعلق بالنظام العام، ولا يسوغ إهدارها إعلاء لقاعدة أخرى مثلها.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أنه لما كان لا قضاء إلا في خصومة وكان لا خصومة بغير دعوى يقيمها مدعيها ويحدد طلباته فيها - حسبما يجري به نص المادة 63 من قانون المرافعات، من أجل ذلك كان التزام الحكم بما يطلبه الخصوم أمراً نابعاً من طبيعة وظيفة القضاء بوصفه احتكاماً بين متخاصمين على حق متنازع عليه، فإذا ما خرجت المحكمة عن هذا النطاق ورد حكمها على غير محل ووقع بذلك باطلاً بطلاناً أساسياً ومن ثم مخالفاً للنظام العام مخالفة تعلو على سائر ما عداها من صور الخطأ في الحكم فيما يدخل في نطاق الخصومة المطروحة على المحكمة، لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون عليه قد حدد طلباته في الدعوى بتخفيض أجرة العين المؤجرة منه إلى 310 قرشاً شهرياً، فإنه بذلك يكون قد حدد نطاق الخصومة بينه وبين الطاعن بما لا يجوز للمحكمة الخروج عليها - أياً كان مبلغ تعلق قواعد تحديد أجرة الأماكن المؤجرة بالنظام العام. ولما كان الحكم المطعون فيه قد حاد عن هذا المنهج في قضائه بمقولة أن اعتبارات النظام العام تعلو على اعتبارات الحكم بما يطلبه أولا يطلبه الخصوم، وهو ما سلف البيان قول غير صحيح، فإن في ذلك ما يوجب نقض الحكم في هذا الجزء من قضائه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين تعديل الحكم المستأنف إلى تخفيض أجرة الشقة مثار النزاع إلى 310 قرشاً شهرياً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق