الصفحات

السبت، 17 يونيو 2023

الطعن 17 لسنة 29 ق جلسة 12 / 12 / 1963 مكتب فني 14 ج 3 ق 165 ص 1156

جلسة 12 من ديسمبر سنة 1963

برياسة السيد/ الحسيني العوضي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، وإبراهيم الجافي، وبطرس زغلول.

-------------------

(165)
الطعن رقم 17 لسنة 29 القضائية

(أ) مسئولية. "مسئولية تقصيرية". "مسئولية حارس الشيء".
قيام مسئولية حارس الشيء على أساس خطأ مفترض لا يقبل إثبات العكس - يدرأ مسئولية الحارس إثباته وقوع الضرر بسبب أجنبي لا يد له فيه. هذا السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير.
(ب) حكم. "عيوب التدليل". "قصور". "ما يعد كذلك". مسئولية. "مسئولية تقصيرية". "مسئولية حارس الشيء".
اكتفاء الحكم في بيان خطأ المضرور بمقولة إنه لم يكن حريصاً في سيره دون بيان مظاهر عدم هذا الحرص والأعمال التي وقعت من المضرور واعتبرها الحكم عدم حرص والمصدر الذي استمد منه هذه الواقعة أو يقيم الدليل عليها. قصور.

-------------------
1 - المسئولية المقررة في المادة 178 من القانون المدني تقوم على أساس خطأ مفترض وقوعه من حارس الشيء افتراضاً لا يقبل إثبات العكس ومن ثم فإن هذه المسئولية لا تدرأ عن هذا الحارس بإثبات أنه لم يرتكب خطأ ما وأنه قام بما ينبغي من العناية والحيطة حتى لا يقع الضرر من الشيء الذي في حراسته وإنما ترتفع هذه المسئولية فقط إذا أثبت الحارس أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه وهذا السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير. فإذا كان الحكم المطعون فيه قد استند في القول بانتفاء هذه المسئولية عن الوزارة المطعون عليها على ما ذكره من انتفاء الخطأ من جانب الوزارة حارسة الشيء فإن ذلك لا تندفع به مسئوليتها طبقاً للمادة 178 من القانون المدني.
2 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد اكتفى في بيان خطأ المضرور (الطاعن) بعبارة مجملة تتضمن أن الطاعن لم يكن حريصاً في سيره دون أن يكشف عن مظاهر عدم هذا الحرص وعن الأعمال التي وقعت من المضرور واعتبرها الحكم عدم حرص منه ودون أن يبين المصدر الذي استمد منه هذه الواقعة أو يقيم الدليل عليها فإنه يكون مشوباً بالقصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 3234 سنة 1952 كلي القاهرة طالباً إلزام وزارة الدفاع المطعون عليها بأن تؤدي له مبلغ خمسة آلاف من الجنيهات وقال في بيان الدعوى إنه بتاريخ 8/ 1/ 1951 أثناء تجنيده إجبارياً وبينما كان يقوم بتوصيل خطابات سرية إلى العريش والقنطرة ورفح أصيب بكسر في العمود الفقري نتيجة سقوطه ليلاً في حوض سباحة جاف أنشأته الوزارة المطعون عليها وترتب على ذلك رفته لعدم لياقته طبياً للعمل وقد ثبت من التحقيقات التي أجريت عن حادث إصابته إهمال المطعون عليه في اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع وقوع الحادث كما تبين من التقرير الطبي الموقع عليه أنه أصبح غير قادر على الكسب لذلك أقام دعواه بطلب تعويضه عن الأضرار التي لحقت به بسبب خطأ الوزارة المطعون عليها وبتاريخ 14/ 11/ 1955 قضت محكمة القاهرة الابتدائية برفض الدعوى تأسيساً على عدم ثبوت الخطأ المدعى به فاستأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 100 سنة 74 ق وطلب الطاعن إلغاء الحكم الابتدائي والقضاء له بالتعويض المطلوب وكان مما أقام عليه استئنافه أن المطعون عليها تعتبر مسئولة طبقاً للمادة 178 من القانون المدني التي تقرر مسئولية حارس الشيء الذي تقضي حراسته عناية خاصة عما يحدثه هذا الشيء من ضرر للغير. وبتاريخ 24/ 6/ 1958 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف فقرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة برأيها متضمنة نقض الحكم وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بتاريخ 23/ 1/ 1962 إحالته إلى هذه الدائرة وقد عرض الطعن بجلسة 7/ 11/ 1963 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه قصوره وفساده في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه نفي عن الوزارة المطعون عليها المسئولية المقررة بالمادة 178 من القانون المدني استناداً إلى أن الطاعن لم يكن حريصاً في سيره وإلى أن المطعون عليها لم يكن بوسعها إحاطة مكان الحادث بالأسوار لوجوده في ميدان قتال وقد أخطأ الحكم باستناده الخطأ إلى الطاعن إذا لم يكن في وسعه أن يتنبه إلى وجود حوض السباحة بسبب الظلام الذي كان مخيماً على مكان الحادث وقت وقوعه - كذلك أغفل الحكم المطعون فيه الرد ما تمسك به الطاعن من أن حوض السباحة الذي سبب الحادث يبعد عن الحدود بنحو عشرين كيلو متراً مما ينفي ما قرره الحكم من وقوع الحادث في ميدان قتال وما رتبه على ذلك من عدم إمكان إضاءته أو إحاطته بالأسوار ولقد تضمن دفاع الطاعن أن المطعون عليها قامت فعلاً بوضع سور حول حوض السباحة بعد وقوع الحادث مما يدل على أنه لم يكن هناك ما يحول دون إقامة هذا السور قبل الحادث ولكن الحكم لم يلتفت إلى هذا الدفاع وأقام قضاءه فيما أقامه عليه على أنه لم يكن في وسع المطعون عليها تسوير الحوض لوجوده في ميدان قتال.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بنفي مسئولية الوزارة المطعون عليها على ما أورده في أسبابه من أن "إصابة المستأنف (الطاعن) كانت قضاء وقدراً على النحو المستفاد من قرار اللجنة الطبية المنعقدة في 14/ 2/ 1952 وأن الواقعة في حقيقتها مردها خطأ المستأنف نفسه فهو لم يكن حريصاً في سيره ولم يكن في وسع الوزارة أن تضيء المكان أو تحيطه بالأسوار لوجوده في ميدان قتال وما دام أن الخطأ وقع من المستأنف (الطاعن) ولا يد للوزارة فيه فقد انتفت بذلك مسئوليتها عملاً بالمادة 178 مدني التي يستند إليها المستأنف ومن ثم يكون الحكم المستأنف وقد قضى برفض الدعوى قد لازمه التوفيق ويبين من ذلك أن الحكم استند في القول بانتفاء المسئولية المقررة في المادة 178 من القانون المدني عن الوزارة المطعون عليها على ما ذكره من وقوع خطأ من الطاعن ومن انتفاء الخطأ من جانب المطعون عليها - ولما كانت المسئولية المقررة في المادة المذكورة، تقوم على أساس خطأ مفترض وقوعه من حارس الشيء افتراضاً لا يقبل إثبات العكس ومن ثم فإن هذه المسئولية لا تدرأ عن هذا الحارس - بإثبات أنه لم يرتكب خطأ ما وأنه قام بما ينبغي من العناية والحيطة حتى لا يقع الضرر من الشيء الذي في حراسته وإنما ترتفع هذه المسئولية إذا اثبت الحارس أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه وهذا السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير - لما كان ذلك، فإن ما قاله الحكم في خصوص انتفاء الخطأ من جانب الوزارة المطعون عليها لا تندفع به مسئوليتها طبقاً للمادة 178 من القانون المدني - وإذ كان الحكم فيما قرره من أن الحادث مرده إلى خطأ المضرور (الطاعن) قد اكتفى في بيان هذا الخطأ بعبارة مجملة تتضمن أن الطاعن لم يكن حريصاً في سيره دون أن يكشف الحكم عن مظاهر عدم الحرص وعن الأعمال التي وقعت من المضرور واعتبرها الحكم عدم حرص منه ودون أن يبين المصدر الذي استمد منه هذه الواقعة أو يقيم الدليل عليها فإنه يكون مشوباً بالقصور بما يستوجب نقضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق