الصفحات

الجمعة، 23 يونيو 2023

الطعن 1298 لسنة 47 ق جلسة 19 / 6 / 1980 مكتب فني 31 ج 2 ق 333 ص 1788

جلسة 19 من يونيه سنة 1980

برئاسة السيد المستشار حافظ رفقي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد الخولي، يوسف أبو زيد مصطفى صالح سليم ودرويش عبد المجيد.

----------------

(333)
الطعن رقم 1298 لسنة 47 القضائية

(1 - 4) قضاة. محكمة الموضوع. مسئولية.
(1) إثبات رئيس الدائرة برول القضية عبارة تدل على تلخيص دفاع الخصم. لا يكشف على نحو جازم عن إبداء رأيه في الدعوى. مؤداه. عدم تحقق سبب من أسباب عدم الصلاحية به.
(2) تنحي القاضي من تلقاء نفسه عن نظر الدعوى. مناطه. م 150 مرافعات.
(3) مسئولية القاضي عن تصرفاته إبان عمله. تحديد أحوالها. ورودها في القانون على سبيل الحصر.
(4) الخطأ المهني الجسيم. ماهيته. تقدير جسامة الخطأ من سلطة محكمة الموضوع.
(5) تعويض. حكم "قصور". نقض.
القضاء بالتعويض عن الضرر الأدبي. عدم بيان الحكم لعناصر هذا الضرر أثره. بطلان الحكم للقصور في أسبابه الواقعية.

----------------
1 - أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها في المادة 146 من قانون المرافعات والتي تجعل القاضي ممنوعاً من نظر الدعوى ولو لم يرده أحد الخصوم الجوهري فيها أن يكون القاضي قد كشف عن اقتناعه برأي معين في الدعوى قبل الحكم فيها بما يتعارض مع ما يشترط فيه من خلو الذهن عن موضوع الدعوى، وإذ كان البين من الصورة الرسمية لرول السيد رئيس الدائرة التي أصدرت الحكم المطعون فيه أنه دون به عبارة "عدم جواز قبول المخاصمة" مقرراً عدم جواز تعلق أوجه المخاصمة بالنزاع وعدم قبول المخاصمة وبجوارها عبارة "الحكم لجلسة 14/ 6/ 1977 وصرحت بتقديم مذكرات لمن يشاء في يومين" وإذ تقدم المطعون ضدهما الأولين بمذكرة دفعا فيها بعدم جواز قبول المخاصمة" فإن ما ورد بالمحرر سالف البيان إن كشف عن تلخيصه لما أثاره المطعون ضدهما المذكورين من دفوع فإنه لا يكشف على نحو جازم عن رأي رئيس الدائرة فيها إن قبولاً وإن رفضاً قبل انتهاء إجراءات المرافعة.
2 - تنحي القاضي عن نظر الدعوى من تلقاء نفسه بالتطبيق لنص المادة 150 من قانون المرافعات مرده إلى ما يعتمل في ضميره وما يستشعره وجدانه دون رقيب عليه في ذلك، ولا جناح على محكمة الموضوع إذا مضت في نظر الدعوى بعد إذ لم يقم في حقها سبب من أسباب عدم الصلاحية ولو لم يتخذ الطاعن إجراءات الرد في مواجهة أحد أعضائها أو يستشعر أحدهم حرجاً في نظرها.
3 - الأصل هو عدم مسئولية القاضي عما يصدر منه من تصرف في أثناء عمله، لأنه يستعمل في ذلك حقاً خوله له القانون وترك له سلطة التقدير فيه، ولكن المشرع رأي أن يقرر مسئوليته على سبيل الاستثناء إذا انحرف عن واجبات وظيفته وأساء استعمالها، فنص في قانون المرافعات على أحوال معينة أوردها على سبيل الحصر يسأل فيها عن التضمينات، والحكمة التي توخاها المشرع من ذلك هي توفير الطمأنينة للقاضي في عمله وإحاطته بسياج من الحماية يجعله في مأمن من كيد العابثين الذين يحاولون النيل من كرامته وهيبته برفع دعاوى كيدية لمجرد التشهير به، ومن ثم فإنه لا تجوز مقاضاته بالتضمينات عن التصرفات التي تصدر منه إبان عمله إلا في هذه الأحوال (1).
4 - إذا كان النص في الفقرة الأولى من المادة 494 من قانون المرافعات يجير مخاصمة القضاة إذا وقع منهم في عملهم خطأ مهني جسيم فإنه يقصد به الخطأ الذي يرتكبه القاضي لوقوعه في غلط فاضح ما كان ليساق إليه لو اهتم بواجباته الاهتمام العادي أو لإهماله في عمله إهمالاً مفرطاً، ويستوي أن يتعلق بالمبادئ القانونية أو بوقائع القضية الثابتة في ملف الدعوى، وتقدير مبلغ جسامة الخطأ يعتبر من المسائل الواقعية التي تدخل في التقدير المطلق لمحكمة الموضوع، وإذا كان من حقها عملاً بالمادة 496 من قانون المرافعات أن تبحث مدى تعلق أوجه المخاصمة بالدعوى لتقضي بقبولها أو عدم قبولها فإن هذا لا يتأتى لها إلا باستعراض أدلة المخاصمة لتبين مدى ارتباطها بأسبابها.
5 - تعيين العناصر المكونة للضرر والتي يجب أن تدخل في حساب التعويض هي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من المسائل القانونية التي تهيمن عليها محكمة النقض، فإذا كان الحكم المطعون فيه قد قضى بالتعويض بصورة مجملة دون أن يبين كنه عناصر الضرر الأدبي فإنه يكون قد عابه البطلان لقصور أسبابه الواقعية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 90 لسنة 9 ق. م استئناف المنصورة "مأمورية دمياط" طالباً الحكم بجواز قبول المخاصمة ثم تحديد جلسة للقضاء ببطلان الحكمين رقمي 42، 133 لسنة 76 أحوال شخصية حبس بندر دمياط وإلزام المطعون ضده الأول بالتضامن مع المطعون ضدهما الآخرين بأن يدفعوا له مبلغ ثلاثون ألفاً من الجنيهات. وقال بياناً لذلك إن السيدة....... أقامت الدعوى رقم 42 لسنة 76 حبس بندر دمياط بطلب حبسه لامتناعه عن أداء متجمد نفقة مستندة إلى أحكام نفقة صادرة لصالحها ضده لم تصبح بعد نهائية خاصة الحكم رقم 104 سنة 1974 بندر دمياط الذي طعن على ورقة إعلانه بالتزوير وأعلن مذكرة شواهده إلا أن المحكمة قضت بجلسة 19/ 2/ 1977 بجبسه وأن هذا الحكم لم يكن موقعاً عليه من المطعون ضده الأول، وأضاف الطاعن أن السيدة المذكورة أقامت أيضاً الدعوى رقم 133 سنة 76 حبس بندر دمياط بطلب حبسه وأنه طلب تنحي المطعون ضده الأول عن نظرها لكنه قضى فيها بحبسه وبذلك يكون المطعون ضده الأول قد ارتكب خطأ مهنياً جسيماً يجيز مخاصمته. وبتاريخ 11/ 6/ 1977 حكمت المحكمة بعدم جواز قبول المخاصمة وبتغريم الطاعن مائة جنيه وبإلزامه بأن يدفع للمطعون ضده الأول خمسمائة جنيه طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً في خصوص قضائه بالتعويض. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على سببين ينعى الطاعن بكل منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب من وجهين ويقول في بيان الوجه الأول من السبب الأول إن الحكم المذكور لم يرد بأسباب صحيحة على طلبه تنحي الدائرة التي كانت تنظر دعوى المخاصمة لكونها قد أبدت رأيها فيها بعدم قبول المخاصمة قبل انتهاء إجراءات المرافعة على ما يبين من رول جلسة 7/ 6/ 1977 الخاص بالسيد رئيسها بما يعيبه بالقصور في التسبيب علاوة على الخطأ في تطبيق القانون ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي بهذا الوجه غير منتج، ذلك أن ما أورده الطاعن في خصوصه لا يقوم به سبب من أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها في المادة 146 من قانون المرافعات والتي تجعل القاضي ممنوعاً من نظر الدعوى ولو لم يردء أحد الخصوم، إذ الجوهري أن يكون القاضي قد كشف عن اقتناعه برأي معين في الدعوى قبل الحكم فيها بما يتعارض مع ما يشترط فيه من خلو الذهن عن موضوع الدعوى، والبين من الصورة الرسمية لرول السيد رئيس الدائرة التي أصدرت الحكم المطعون فيه أنه دون به عبارة "عدم جواز قبول المخاصمة" مقرراً عدم جواز تعلق أوجه المخاصمة بالنزاع وعدم قبول المخاصمة وبجوارها عبارة "الحكم لجلسة 11/ 6/ 1977 وصرحت بتقديم مذكرات لمن يشاء في يومين"، وإذ تقدم المطعون ضدها الأولين بمذكرة دفعا فيها بعدم جواز قبول المخاصمة، فإن ورد بالمحرر سالف البيان إن كشف عن تلخيصه لما أثاره المطعون ضدهما المذكورين من دفوع فإنه لا يكشف على نحو جازم عن رأي رئيس الدائرة فيها إن قبولاً وإن رفضاً قبل انتهاء إجراءات المرافعة. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يتخذ الإجراءات التي نصت عليها المادة 153 من قانون المرافعات في شأن رد القضاة. وكان تنحي القاضي عن نظر الدعوى من تلقاء نفسه بالتطبيق لنص المادة 150 من القانون المذكور مرده إلى ما يعتمل في ضميره وما يستشعره وجدانه دون رقيب عليه في ذلك، ومن ثم فلا جناح على محكمة الموضوع إذا مضت في نظر الدعوى بعد إذ لم يقم في حقها سبب من أسباب عدم الصلاحية ولم لم يتخذ الطاعن إجراءات الرد في وجهه أحد أعضائها أو يستشعر أحدهم حرجاً في نظرها، ويكون النعي في وجهه الأول منعدم الأساس القانوني وهو بهذا الوصف لا يعد من قبيل أوجه الدفاع الجوهرية ولا تلتزم المحكمة بالرد عليه.
وحيث إن الطاعن يقول في بيان الوجه الثاني من سبب النعي الأول والوجه الأول من السبب الثاني إن الحكم المطعون فيه خلص إلى أن عدم توقيع المطعون ضده الأول على نسخة الحكم الأصلية والقضاء بحبسه بموجب الحكمين محل دعوى المخاصمة رغم طعنه بالتزوير على ورقة إعلان أحدهما لا يعتبران من قبيل الخطأ المهني الجسيم في حين أن عدم التوقيع على النسخة الأصلية للحكم يجعل الحكم باطلاً بطلاناً كما أنه لو ثبت أن ورقة إعلان أحد الحكمين المنفذ بهما بالحبس مزورة لانفتحت أمامه مواعيد المعارضة والاستئناف خصوصاً وأن العبرة في نهاية الأحكام المنفذ بها بوقت رفع دعوى الحبس، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وعاره القصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي بهذين الوجهين مردود، ذلك أن الأصل هو عدم مسئولية القاضي عما يصدر منه من تصرف في أثناء عمله لأنه يستعمل في ذلك حقاً خوله له القانون وترك له سلطة التقدير فيه ولكن المشرع رأى أن يقرر مسئوليته على سبيل الاستثناء إذا انحرف عن واجبات وظيفته وأساء استعمالها فنص في قانون المرافعات على أحوال معينة أوردها على سبيل الحصر يسأل فيها عن التضمينات والحكمة التي توخاها المشرع من ذلك هي توفير الطمأنينة للقاضي في عمله وإحاطته بسياج من الحماية يجعله في مأمن من كيد العابثين الذين يحاولون النيل من كرامته وهيبته برفع دعاوى كيدية لمجرد التشهير به، ومن ثم فإنه لا يجوز مقاضاته بالتضمينات عن التصرفات التي تصدر منه إبان عمله إلا في هذه الأحوال. وإذ كان النص في الفقرة الأولى من المادة 494 من قانون المرافعات يجيز مخاصمة القضاة إذا وقع منهم في عملهم خطأ مهني جسيم فإنه يقصد به الخطأ الذي يرتكبه القاضي لوقوعه في غلط فاضح ما كان ليساق إليه لو اهتم بواجباته الاهتمام العادي أو لإهماله في عمله إهمالاً مفرطاً، ويستوي أن يتعلق بالمبادئ القانونية أو بوقائع القضية الثابتة في ملف الدعوى. وتقدير مبلغ جسامة الخطأ يعتبر من المسائل الواقعية التي تدخل في التقدير المطلق لمحكمة الموضوع. وإذا كان من حقها عملاً بالمادة 496 من قانون المرافعات أن تبحث مدى تعلق أوجه المخاصمة بالدعوى لتقضي بقبولها أو عدم قبولها، فإن هذا لا يتأتى لها إلا باستعراض أدلة المخاصمة لتتبين مدى ارتباطها بأسبابها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ قرر أن ما نسب إلى المطعون ضده الأول لا يعتبر خطأ مهنياً جسيماً قد أقام قضاءه على قوله: (لما كان يبين مما سلف أن القاضي المخاصم - المطعون ضده الأول - قضى في الدعويين 42 و133 لسنة 76 بحبس المخاصم - الطاعن - ثلاثين يوماً لامتناعه عن أداء متجمد النفقة المقررة بالحكمين رقمي 104 لسنة 74، 135 لسنة 75 وغيرهما. واستدل على نهائية هذين الحكمين بالشهادات الدالة على عدم حصول طعن فيهما، وكان لما قرره في ذلك سند من الأوراق فإنه لا يكون قد أتى خطأ مهيناً جسيماً. وحيث إنه لا يغض عن هذا النظر أنه لم يعرض للادعاء بتزوير محضر إعلان الحكم رقم 104 لسنة 1974 ذلك أنه وإن كان الأحجى أن يعرض لهذا الطعن وإن يرد عليه، إلا أن إغفاله لا يعتبر خطأ مهنياً جسيماً وأن الشهادات المقدمة تفيد نهائية هذين الحكمين، كذلك لا يغير من هذا النظر أنه حصلت معارضة في هذين الحكمين.... ذلك أن الحكمين قد صارا نهائيين بعد رفض المعارضة فيهما وعدم حصول استئناف عنهما قبل صدور الحكمين بالحبس في 19/ 2، 16/ 4/ 77 كذلك، فإنه بفرض أن القاضي المخاصم في التوقيع على نسخة الحكم الأصلية، فإن هذا لا يعتبر من قبيل الخطأ المهني الجسيم وإن كانت أوراق الدعوى تفيد أنه وقع الحكم وحرر مسودته يدل على ذلك أنه حجز الدعوى رقم 42 سنة 76 للحكم ونطق به بالجلسة المحددة للنطق به). وإذ كانت هذه الاعتبارات التي ساقها الحكم تكفي لحمل قضائه فإن ما يثيره الطاعن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما يستقل به قاضي الموضوع من تقدير مدى جسامة الخطأ ينحسر عنه رقابة محكمة النقض ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب بالوجهين آنفي البيان على غير أساس.
وحيث إن مما يقوله الطاعن في بيان الوجه الثاني إن الحكم المطعون فيه قضى بإلزامه بأن يؤدي إلى المطعون ضده الأول مبلغ خمسمائة جنيه تعويضاً عن الأضرار الأدبية التي لحقته نتيجة إقامة دعوى المخاصمة ضده دون أن يبين ماهية هذه الأضرار التي قدر التعويض على هديها بما يعيبه بالقصور في التسبيب ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي بهذا الوجه في محله، ذلك أن تعيين العناصر المكونة للضرر والتي يجب أن تدخل في حساب التعويض هي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من المسائل القانونية التي تهيمن عليها محكمة النقض، فإذا كان الحكم المطعون فيه قد قضى بالتعويض بصورة مجملة دون أن يبين كنه عناصر الضرر الأدبي فإنه يكون قد عابه البطلان لقصور أسبابه الواقعية لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالتعويض على مجرد قوله "نتيجة ما لحق - المطعون ضده الأول - من ضرر أدبي" دون بيان لعناصر هذا الضرر المقضي بالتعويض عنه فإنه يكون معيباً بالقصور والخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه نقضاً جزئياً في خصوص قضائه بالتعويض.


(1) نقض 14/ 2/ 1980 مجموعة المكتب الفني السنة 31 ص 514.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق