الصفحات

الاثنين، 1 مايو 2023

الطعن 665 لسنة 44 ق جلسة 25 / 4 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 218 ص 1112

جلسة 25 من إبريل سنة 1978

برياسة السيد المستشار صلاح الدين حبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين محمد صدقي العصار، زكي الصاوي صالح، جمال الدين عبد اللطيف وعبد الحميد المرصفاوي.

------------

(218)
الطعن رقم 665 لسنة 44 القضائية

(1) حكم "ما لا يعد قصوراً". دعوى "الطلب الجازم". التزام "الإكراه"
الطلب الجازم. هو ما تلتزم المحكمة بالرد عليه. مثال بشأن التمسك بحصول إكراه.
(2، 3) التزام. بطلان. نقض.
(2) الالتزام المعلق على شرط فاسخ. اعتباره قائماً ونافذاً في فترة التعليق. بطلان الشرط الفاسخ لمخالفته للنظام العام لا يؤثر في قيام الالتزام.
(3) الاتفاق على اعتبار الالتزام لاغياً عند الوفاة. أجل فاسخ. اعتبار الالتزام قائماً ونافذاً قبل حلول الأجل. لمحكمة النقض تصحيح الأخطاء القانونية بالحكم دون أن تنقضه.

-------------
1 - الطلب الذي تلتزم المحكمة بالرد عليه هو ذلك الذي يقدم إليها في صيغة صريحة جازمة تدل على تصميم صاحبه عليه، فلا عليها إن هي التفتت عما أثاره الطاعن في خصوص ظروف تحرير السند من أقوال مرسلة لا تنبئ عن تمسكه بأن إرادته كانت معيبة بسبب وقوعه تحت تأثير الإكراه.
2 - تحقق الشرط الفاسخ - وهو أمر مستقيل غير محقق الوقوع - يترتب عليه وفقاً لحكم المادة 265 من القانون المدني زوال الالتزام، الالتزام المعلق على هذا الشرط يكون قائماً ونافذاً في فترة التعليق ولكنه مهدد بخطر الزوال. إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إعمالاً بما تقضي به المادة 266/ 1 من القانون المدني إلى بطلان الشرط الفاسخ لمخالفته للنظام العام وبقاء الالتزام بالدين قائماً فإنه لا يكون قد خالف القانون.
3 - القيد الذي اقترن به التزام الطاعن بالدين ومقتضاه أن الالتزام يعتبر لاغياً ولا جود له في حالة وفاة المطعون عليها. لا يعدو أن يكون أجلاً فاسخاً يقتصر أثره على مجرد وضع حد زمني ينتهي به التزام الطاعن الذي يعتبر قائماً ونافذاً قبل حلول الأجل. وإذ كانت هذه هي النتيجة التي انتهى إليها الحكم المطعون فيه، فإنه لا يبطله اعتباره العقد سالف الذكر شرطاً فاسخاً إذ لمحكمة النقض أن تصحح ما اشتملت عليه أسباب الحكم من أخطاء قانونية بغير أن تنقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها تقدمت في 14/ 6/ 1970 بطلب إلى رئيس محكمة القاهرة الابتدائية للأمر بإلزام المطعون عليه وآخر متضامنين بأن يدفعا لها مبلغ 2500 جنيه وفوائده بواقع 8% من 6/ 1/ 1965 حتى السداد، استناداً إلى سند مؤرخ في 6/ 10/ 1965 رفض هذا الطلب وحددت جلسة لنظر الموضوع وقيدت الدعوى برقم 5196/ 1970 مدني القاهرة الابتدائية. وبتاريخ 16/ 12/ 1970 حكمت المحكمة بطلبات الطاعنة مع تخفيض الفائدة إلى 7% استأنف كل من الطاعن والمطعون عليها هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئنافان برقمي 413 سنة 88 ق، 4757 سنة 90 ق على التوالي، بتاريخ 23/ 6/ 1973 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن أن سبب الالتزام غير مشروع، وبعد سماع شاهدين عادت بتاريخ 27/ 4/ 1974 فحكمت بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن بني على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الرابع منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه دفع أمام محكمة الاستئناف بأن الحق الثابت في السند هو هبة صريحة لم تفرغ في الشكل الرسمي الذي يستلزمه القانون، ومن ثم فهي هبة باطلة، كما دفع بأن سند الدين حرر تحت تأثير إكراه أدبي تمثل في أن شقيقه الأكبر، وهو منه في منزلة الوالد وفي ذات الوقت زوج أخت المطعون عليها، اضطره إلى تحرير السند، إلا أن المحكمة التفتت عن هذا الدفاع الجوهري، ولم تعن بالرد عليه، مما يعيب حكمها بالقصور.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول غير صحيح، ذلك أنه لما كانت المادة 488/ 2 من القانون المدني تقضي ببطلان الهبة إن لم تكن بورقة رسمية ما لم تتم تحت ستار عقد آخر، وكان الحكم المطعون فيه رد على ما أثاره الطاعن بصدد بطلان الدين باعتباره هبة لم يتوفر لها الشكل الرسمي "بأن سند التداعي يعتبر إقراراً بدين توافرت له الشروط المطلوبة كإقرار بدين، ولا تقدح في ذلك ما يقرره المستأنف - الطاعن - من أنه لم يتضمن سبباً إذ لا يشترط في الإقرار بالدين ذكر سبب الدين ويفترض أن للدين سبباً حقيقياً ومشروعاً إلى أن يثبت العكس وقد المستأنف... عن إثبات عدم مشروعية سبب ذلك الدين" وهو رد يكفي لمواجهة ما دفع به الطاعن في هذا الخصوص، مما يكون معه النعي بهذا الوجه على غير أساس.
والنعي مردود في شقه الثاني، ذلك أن البين من مذكرة الطاعن المقدمة لمحكمة الاستئناف بجلسة 23/ 2/ 1974 أنه قرر أن المستفاد من أقوال شاهديه أن شقيقه الأكبر تزوج بشقيه المطعون عليها وقد عقدت عدة اجتماعات عائلية نوقش فيها موضوع الطلاق ونتائجه ووجوب توفير حياة كريمة للمطعون عليها بعد طلاقها منه، فاضطر لتحرير السند موضوع المطالبة، وإذ لم يثبت من الأوراق أن الطاعن طلب الحكم بإبطال الالتزام بالدين للإكراه بصفة صريحة، وكان الطلب الذي تلتزم المحكمة بالرد عليه هو ذلك الذي يقدم إليها في صيغة صريحة جازمة تدل على تصميم صاحبه عليه، فلا على المحكمة إن هي التفتت عما أثاره الطاعن في خصوص ظروف تحرير السند من أقوال مرسلة لا تنبئ عن تمسكه بأن إرادته كانت معيبة بسبب وقوعه تحت تأثير الإكراه، ومن ثم يكون النعي على الحكم بالقصور في هذا الخصوص في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال والتناقض من وجهين - الأول: أن الثابت من السند الإذني المؤرخ 6/ 10/ 1965 الذي التزم بموجبه الطاعن بأن يؤدي للمطعون عليها المبلغ المطالب به أنه اقترن في ذات التاريخ بشروط هي أنه غير قابل للتحويل، ويعد لاغياً في حالة وفاة المطعون عليها أو زواجها وأنه فيما عدا هذه الحالات يعتبر السند قائماً ونافذاً، مما مؤداه أن الدين لا يستحق إلا بقيدين: هما تعهد المطعون عليها بعدم الزواج من غير الطاعن، وعدم قابلية محل الالتزام للتوريث، ولما كان هذان القيدان - وهما السبب الدافع للالتزام - غير مشروعين لمخالفتهما لقواعد النظام العام، فإن الدين المطالب به يكون باطلاً لبطلان سببه، إلا أن الحكم المطعون فيه اعتبر القيدين سالفي الذكر شرطين فاسخين باطلين ولا أثر لهما على قيام الالتزام، حالة أن التكييف الصحيح لشرط عدم الزواج أنه شرط احتمالي (موقف) متوقف على إرادة الدائن وحده مما يبطل الالتزام المقابل له، وأن شرط عدم التوارث لا يعتبر شرطاً فاسخاً لأن تأخير تنفيذ الالتزام إلى وقت القيام بعمل متعلق بإرادة المدين أو الدائن يعد اتفاقاً على أجل غير معين مما يترتب عليه عدم استحقاق الالتزام، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه - الثاني - أن العبارات الواردة بظهر السند والمتضمنة هذين القيدين الباطلين وهما - على ما سلف البيان - السبب الدافع للالتزام، تكفي لإثبات صحة دفاع الطاعن القائم على بطلان الدين المطالب به لبطلان سببه، دون ما حاجة إلى إجراء تحقيق في هذا الخصوص، إلا أن الحكم المطعون فيه عول على التحقيق الذي أجرته المحكمة واستخلص منه عجز الطاعن عن إثبات عدم مشروعية السبب وأعرض عما تدل عليه تلك العبارات. هذا إلى أن الحكم حصل أقوال الشهود بما يفيد أن الشرطين المثبتين بظهر السند كانا هما السبب الدافع للالتزام بالدين، مما يقتضي الحكم ببطلان الالتزام لعدم مشروعية هذين الشرطين، إلا أنه في موضع آخر من أسبابه خالف ما حصله من تلك الشهادة، وانتهى إلى أن الشاهد الأول قطع بأن سبب الالتزام هو توفير حياة كريمة للمطعون عليها وأطرح أقوال الشاهد الثاني استناداً إلى أنها أقوال سماعية واستنتاجيه على نحو لا يؤكد حقيقة معينة، وقضى بناء على ذلك بالدين المطالب به وهو ما يعيبه بالتناقض وفساد الاستدلال.
وحيث إن النعي في وجهه الأول مردود أولاً - بأنه لما كان تحقق الشرط الفاسخ - وهو أمر مستقبل غير محقق الوقوع - يترتب عليه وفقاً لحكم المادة 265 من القانون المدني زوال الالتزام، فإن الالتزام المعلق على هذا الشرط يكون قائماً ونافذاً في فترة التعليق ولكنه مهدد بخطر الزوال - وإذ كيف الحكم المطعون فيه ما تضمنه سند الدين خاصاً بإلغائه في حالة زواج المطعون عليها، بأنه شرط فاسخ، وأخذ في ذلك بأسباب الحكم الابتدائي وقد جاء فيها إنه يبين "من مطالعة العبارة الواردة على ظهر سند المديونية والتي تقرر بأن السند المذكور يعتبر لاغياً لا وجود له في حالة زواج السيد/…... وهو يظهر بجلاء أن زوال الالتزام بدفع المبلغ يتحقق بحصول الزواج وأن الالتزام موجود بالفعل... ويكون مؤدى ذلك أن الالتزام معلق على شرط فاسخ، ولا أدل على ذلك من العبارة الختامية التي تقرر... إن السند قائم المفعول في غير الحالات المبينة بعبارات التظهير، وهي ما تفسر نية عاقديه من أن الالتزام منجز ونافذ ولا يزول إلا بحصول الزواج "وهو تكييف صحيح تؤدي إليه عبارات السند وما استخلصه الحكم منها، إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إعمالاً لما تقضي به المادة 266/ 1 من القانون المدني. إلى بطلان الشرط الفاسخ المشار إليه لمخالفة للنظام العام وبقاء الالتزام بالدين قائماً، فإنه لا يكون قد خالف القانون، والنص في وجهه الأول مردود ثانياً، بأن القيد الآخر الذي اقترن به التزام الطاعن بالدين ومقتضاه أن الالتزام يعتبر لاغياً ولا جود له في حالة وفاة المطعون عليها، لا يعدو أن يكون أجلاً فاسخاً يقتصر أثره على مجرد وضع حد زمني ينتهي به التزام الطاعن الذي يعتبر قائماً ونافذاً قبل حلول الأجل - وإذ كانت هذه هي النتيجة التي انتهى إليها الحكم المطعون فيه، فإنه لا يبطله اعتباره القيد سالف الذكر شرطاً فاسخاً، إذ لمحكمة النقض أن تصحح ما اشتملت عليه أسباب الحكم من أخطاء قانونية بغير أن تنقضه مما يكون النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون في هذا الخصوص غير منتج - والنعي في وجهه الثاني مردود، بأن الثابت من الحكم الصادر من محكمة الاستئناف في 23/ 6/ 1973 من إحالة الدعوى إلى التحقيق كانت بناء على طلب الطاعن لإثبات أن السبب الدافع للتعاقد غير مشروع، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى عجز الطاعن عن إثبات ما ادعاه استناداً إلى ما ورد بأسبابه من أنه "لا يستفاد من أقوال شاهدي المستأنف - الطاعن - أن السبب الدافع لالتزام المستأنف بالسند المتداعي بشأنه كان غير مشروع، إذ أقوال الشاهد الأول تؤكد أن سبب الالتزام هو توفير حياة كريمة للمستأنف عليها - المطعون عليها - وأقوال الشاهد الثاني التي جاءت سماعية واستنتاجية على نحو يؤكد حقيقة معينة" وكان لمحكمة الموضوع السلطة في استخلاص ما تقتنع به وما يطمئن إليه ضميرها. وكان تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها مما يستقل به قاضي الموضوع متى كان سائغاً وغير مخالف للثابت. وله أن يأخذ بمعنى الشهادة تحتمله عباراتها دون معنى آخر ولو كان محتملاً، لما كان ذلك وكان استخلاص الحكم المطعون فيه من أقوال الشاهد الأول للطاعن التي حصلها تفصيلاً في أسبابه إن السبب الدافع للالتزام بالسند موضوع الدعوى هو توفير حياة كريمة للمطعون عليها وليس منعها من الزواج، فإن ما يثيره الطاعن بهذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل لا يقبل أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق