الصفحات

الجمعة، 19 مايو 2023

الطعن 362 لسنة 31 ق جلسة 3 / 2 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 ق 33 ص 247

جلسة 3 من فبراير سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام.

-----------------

(33)
الطعن رقم 362 لسنة 31 القضائية

(أ) رد ما لا يجب. نفقة. هبة "نية التبرع".
الحكم بزوال سبب التزام الزوج بأداء النفقة التي تعهد بأدائها. صيرورة الحكم حائزاً لقوة الأمر المقضي. مؤدى ذلك التزام الزوجة برد ما قبضته تنفيذاً لحكم النفقة وفاء بما ليس مستحقاً. لا يفترض منه التبرع إذا لم يكن الوفاء عن اختيار.
(ب) مقاصة. "مقاصة قضائية". التزام. "انقضاء الالتزام". دعوى "الطلب العارض". دفع.
إجراء المقاصة القضائية. وجوب طلبها بدعوى أصلية أو في صورة طلب عارض. عدم جواز طلب هذه المقاصة في صورة دفع لدعوى الخصم.

-----------------
1 - متى قضي بحكم حائز لقوة الأمر المقضي بزوال سبب التزام الزوج بأداء النفقة التي تعهد بأدائها فإن مؤدى ذلك أن تلتزم الطاعنة (الزوجة) برد ما قبضته تنفيذاً لحكم النفقة لأن وفاء المطعون ضده بهذه المبالغ يعتبر بعد زوال سبب التزامه وفاء بما ليس مستحقاً ولا يفترض منه التبرع إذا لم يكن هذا الوفاء عن اختيار وإنما عن إكراه وتحت تأثير أوامر الأداء الصادرة بهذه النفقة والمشمولة بالنفاذ المعجل.
2 - يشترط لإجراء المقاصة القضائية أن ترفع بطلبها دعوى أصلية أو أن تطلب في صورة طلب عارض يقدمه المدعى عليه رداً على دعوى خصمه الأصلية (م 152 من قانون المرافعات) وإذ كانت المادة 150 من قانون المرافعات تشترط لقبول الطلب العارض أن يقدم إلى المحكمة بصحيفة تعلن للخصم قبل يوم الجلسة أو يبدى شفاهاً في الجلسة في حضور الخصم ويثبت في محضرها فإنه لا يجوز طلب هذه المقاصة في صورة دفع لدعوى الخصم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة كانت قد اشترت من زوجها المطعون ضده 261 ف و19 ط و11 س بعقد مسجل في 9 من إبريل سنة 1949 ولما صدر قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 فهمت الطاعنة خطأ من نصوصه أنها تؤدي إلى اعتبار هذا العقد باطلاً لعدم ثبوت تاريخه قبل أول يناير سنة 1944 وبناء على هذا الغلط في تفسير القانون حررت في 25 من ديسمبر سنة 1952 عقداً للمطعون ضده بإلغاء العقد الأول وبإعادة ملكية الأطيان المبيعة إليه فيما عدا مائة فدان وهبتها إلى أولادهما وسجل هذا العقد في 27 من ديسمبر سنة 1952 - وبتاريخ 15 من يونيه سنة 1953 حرر اتفاق بين الزوجين تعهد فيه المطعون ضده بأن يسلم الطاعنة مبلغ مائة جنيه شهرياً لإنفاقه على شئون منزل العائلة على أن تتحمل هي بباقي نفقات هذا المنزل - ولما أدركت الطاعنة الغلط الذي وقعت فيه والذي كان الدافع لها على إبرام عقد 25 ديسمبر سنة 1952 أقامت الدعوى رقم 83 سنة 1954 كلي الإسكندرية على المطعون ضده طالبة إبطال هذا العقد وقضي ابتدائياً برفض هذه الدعوى فاستأنفت هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 220 سنة 11 ق - وإذ كان المطعون ضده قد توقف عقب طلب زوجته إبطال عقد إعادة ملكية الأطيان إليه عن دفع المبلغ الذي تعهد بدفعه لها شهرياً فقد رفعت عليه الدعوى رقم 1628 سنة 1955 كلي الإسكندرية تطالبه بأداء المتأخر في ذمته تنفيذاً لاتفاق 15 يونيه سنة 1953 وقضي ابتدائياً بإلزامه بأن يدفع لها مبلغ 1958 ج و760 م قيمة المتجمد حتى أغسطس سنة 1955 والمصروفات فأستأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 113 سنة 12 ق أمام محكمة استئناف الإسكندرية كما استصدرت الطاعنة استناداً إلى ذات الاتفاق أمر أداء في 14 مارس سنة 1956 يقضي بإلزام المطعون ضده بأن يؤدي لها مبلغ 600 ج قيمة ما استجد في ذمته من أول سبتمبر سنة 1955 لغاية آخر فبراير سنة 1956 وعارض المطعون ضده في هذا الأمر بالدعوى رقم 748 سنة 1956 ولما قضي برفض معارضته وتأييد الأمر أقام استئنافاً عن هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية قيد برقم 272 سنة 12 ق، وقد ضمت المحكمة المذكورة هذا الاستئناف والاستئناف رقم 113 سنة 12 ق إلى الاستئناف رقم 220 سنة 11 ق وحكمت فيها بتاريخ 27 إبريل سنة 1957 بإلغاء الحكم المستأنف القاضي برفض طلب إبطال العقد المشهر في 27 ديسمبر سنة 1952 وبإبطال هذا العقد فيما تضمنه من إرجاع ملكية 161 ف و19 ط و11 س إلى المطعون ضده وبإلزامه بالمصروفات المناسبة عن الدرجتين وبإلغاء الحكم الصادر في الدعويين 1628 سنة 1955 و748 سنة 1956 ورفض طلبات الطاعنة فيهما مع إلغاء أمر الأداء الصادر في الدعوى الثانية - وأسست المحكمة قضاءها بإبطال عقد إرجاع الأطيان المشهر في 27 ديسمبر سنة 1952 على وقوع الطاعنة في غلط في القانون كان الدافع لها على إبرام ذلك العقد كما أسست قضاءها بعدم استحقاق الطاعنة للمبلغ المقضى لها به في الدعوى 1628 سنة 1955 وللمبلغ الذي استصدرت به أمر أداء على أن التزام المطعون ضده الوارد في اتفاق 15 يونيه سنة 1953 كان مقابل إعادة ملكية الأطيان إليه وأنه قد انتهت المحكمة إلى بطلان العقد الخاص بذلك فإنه يترتب على هذا زوال سبب التزام المطعون ضده بأداء المائة جنيه شهرياً وبالتالي فلا يحق للطاعنة أن تطالب بشيء استناداً إلى اتفاق 15 يونيه سنة 1953 وقالت المحكمة إن الزوج ما كان ملزماً بالإنفاق على زوجة تزيد عنه ثراء وتعيش بعيداً عنه مع أولادهما المالكين بدورهم لمساحة قدرها 75 فداناً - وعلى أثر صدور هذا الحكم أقام المطعون ضده الدعوى رقم 1478 سنة 1957 كلي الإسكندرية - المطعون في حكمها - على الطاعنة وانتهى فيها إلى طلب إلزامها بأن ترد له مبلغ 5078 ج و30 م قيمة ما قبضته منه رضاء تنفيذاً لاتفاق 15 يونيه سنة 1953 وما استأدته بموجب الحكمين 1628 سنة 1955، 748 سنة 1956 كلي الإسكندرية اللذين ألغتهما محكمة الاستئناف وأوامر الأداء اللاحقة وأسس المطعون ضده طلب رد هذه المبالغ على ما قضت به تلك المحكمة من زوال سبب الاتفاق المذكور مما يصبح معه قبض الطاعنة لتلك المبالغ بغير حق - وتحصل دفاع الطاعنة في أن الحكم الاستئنافي رقم 220 سنة 11 ق وإن ألغى الحكمين 1628 سنة 1955، وأمر الأداء المعارض فيه بالدعوى رقم 748 سنة 1955 إلا أنه لم يقض بإلغاء الاتفاق المحرر في 15 يونيه سنة 1953 وأنه لذلك لا يكون للمطعون ضده أن يسترد ما دفعه تنفيذاً لذلك الاتفاق كما تمسكت الطاعنة في مذكراتها بأنه يترتب على قضاء الحكم بإبطال عقد إرجاع ملكية الأطيان إلى المطعون ضده استحقاقها لريع هذه الأطيان في المدة التي وضع الأخير يده عليها قبل أن تتسلمها في مايو سنة 1957 تنفيذاً للحكم الاستئنافي رقم 220 سنة 11 ق وأصبح هذا الريع واجباً رده إليها بعد أن قضى بإبطال العقد وانتهت الطاعنة إلى الدفع بالمقاصة القضائية بين قيمة هذا الريع وبين ما يطالبها به المطعون ضده وقالت إنه بعد إجراء هذه المقاصة يتبقى لها في ذمته ما يزيد على الاثنى عشر ألف جنيه - كما دفعت الطاعنة بعدم قبول الدعوى لعدم اختصام أولادهما فيها وذلك على اعتبار أنهم الملزمون برد المبالغ التي يطالب المطعون ضده بردها لأنهم المستفيدون منها كما دفعت بعدم قبول الدعوى للتعارض في الصفة تأسيساً على أنه ما دام الأولاد هم المطالبون بالرد فإنه يجب تعيين وصي خصومة للدفاع عن مصالحهم لوجود تعارض بين صفة المدعي باعتباره ولياً شرعياً عليهم وبين كونه مدعياً في هذه الدعوى - وبتاريخ 28 من مايو سنة 1959 حكمت محكمة الإسكندرية الابتدائية برفض الدفعين وبإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضده مبلغ 3329 ج و441 م مع فوائده القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 15 يوليه سنة 1957 حتى السداد وهذا المبلغ هو قيمة ما أداه المطعون ضده ابتداء من أول مارس سنة 1954 تنفيذاً للحكم الصادر ضده في القضية 1628 سنة 1955 وأوامر الأداء التي استصدرتها ضده الطاعنة وقالت المحكمة إن الطاعنة غير ملزمة برد ما قبضته من المطعون ضده في المدة من 15/ 6/ 1953 حتى 28/ 2/ 1954 قبل حصول الطلاق بينهما في 8/ 3/ 1954 لأن المطعون ضده أدى هذه المبالغ مختاراً للإنفاق منها على الشئون المنزلية وأن ما قضى به الحكم الاستئنافي رقم 220 سنة 11 ق تأسيساً على زوال السبب الذي حمل الطرفين على تحرير اتفاق 15 يونيه سنة 1953 لا ينسحب أثره إلى ما أداه المطعون ضده مختاراً حين كانت الزوجية قائمة - استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية وقيد استئنافها برقم 352 سنة 15 ق ونعت أسباب استئنافها على الحكم المستأنف خطأه في رفض الدفعين وفي عدم إجراء المقاصة القضائية التي طلبت إجراءها وبتاريخ 3 يونيه سنة 1960 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف فطعن الطاعن في حكمها بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه في خصوص قضائه برفض إجراء تلك المقاصة ولما عرض الطعن على دائرة فحص الطعون قررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على خمسة أسباب يتحصل أولها في أن الحكم المطعون فيه قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ذلك أنه بنى قضاءه على تفسير خاطئ لورقة اتفاق 15 يونيه سنة 1953 يتجافى مع المعنى الظاهر لعباراتها ويتنافى مع تفسير الحكم الاستئنافي رقم 220 سنة 11 ق لها فقد فسر الحكم المطعون فيه هذا الاتفاق بأنه يفيد نقل الالتزام بالنفقة من الزوج إلى الزوجة مع أن عبارات الاتفاق تفيد أن المبلغ الذي تعهد المطعون ضده بدفعه شهرياً هو نفقة أولاده وذلك على أساس أنه هو الملزم شرعاً وقانوناً بالإنفاق عليهم وليس نفقة زوجية كما ذهب الحكم خطأ - ويتحصل السبب الثاني في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون برفضه الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة ذلك أن الطاعنة استندت في هذا الدفع إلى ما يبين بجلاء من ورقة اتفاق 15 يونيه سنة 1953 ومن الخطابات المرسلة إليها من المطعون ضده والتي قدمتها إلى محكمة الموضوع من أن المبلغ الذي تعهد بدفعه شهرياً خاص بنفقة الأولاد فقط فهم المستفيدون من المبالغ التي أداها المطعون ضده والتي رفع الدعوى بطلب استردادها بعد أن قضى الحكم الاستئنافي رقم 220 سنة 11 ق بزوال السبب لتعهده بأدائها وإذ كان المطعون ضده قد أسس دعواه على نظرية دفع غير المستحق فإن الملزم برد ما دفع بغير حق هو المستفيد به - ومن ثم فقد كان يجب رفع الدعوى على الأولاد أو في القليل اختصامهم فيها أما وقد رفعت على الطاعنة وحدها فإنها تكون غير مقبولة لكن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع استناداً إلى تفسيره الخاطئ لورقة اتفاق 15 يونيه سنة 1953 على النحو المبين بالسبب السابق واستناداً إلى ما قاله من أن الطاعنة هي الملزمة بالرد لأنها هي التي رفعت الدعوى باسمها للمطالبة بتلك المبالغ ولم تشرك فيها الأولاد وهذا من الحكم خطأ لأن دعوى استرداد غير المستحق يجب رفعها على المستفيد وهم الأولاد وحتى إذا كانت الطاعنة قد قبضت هذه المبالغ فإن قبضها لها كان بصفتها نائبة عنهم ولا يصح توجيه الدعوى إلى النائب - ويتحصل السبب الثالث في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في القانون برفضه الدفع بعدم قبول الدعوى للتعارض في الصفة ذلك أنه متى كان الأولاد هم الملزمون برد المبلغ الذي رفع المطعون ضده الدعوى بطلب استرداده فإنه كان يجب تعيين وصي خصومة لهم للدفاع عن مصالحهم في الدعوى لأن هذه المصالح تتعارض مع مصلحة وليهم المطعون ضده وقد جاءت أسباب الحكم المطعون فيه بصدد الرد على هذا الدفع قاصرة ومنطوية على خطأ في القانون فيما قرره من أن الطاعنة هي الملزمة بالرد لأنها رفعت الدعوى باسمها عندما طالبت بهذه المبالغ.
وحيث إن هذه الأسباب الثلاثة مردودة بأن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه لأسبابه لم يؤسس قضاءه بإلزام الطاعنة بالمبلغ الذي ألزمها به على تفسير لورقة اتفاق 15 يونيه سنة 1953 وإنما على أساس أن هذا المبلغ يمثل مجموع المبالغ التي أجبر المطعون ضده على أدائها بعد 28 فبراير سنة 1954 تنفيذاً للحكم الصادر ضده في القضية رقم 1628 سنة 1955 كلي الإسكندرية وأوامر الأداء اللاحقة لهذا الحكم والتي استصدرتها الطاعنة ضد المطعون ضده وأنه بعد أن قضت محكمة الاستئناف بحكمها الصادر في 27 من إبريل سنة 1957 في الاستئناف رقم 220 سنة 11 ق بإلغاء ما استؤنف من أحكام كانت قد قضت بإلزام المدعي بأداء النفقة استناداً إلى الورقة المؤرخة في 15 يونيه سنة 1953 وذلك تأسيساً على زوال سبب التزام المطعون ضده وأنه إذ كان هذا الذي قضى به حكم محكمة الاستئناف قد حاز قوة الأمر المقضى به فإنه يترتب عليه التزام الطاعنة برد ما استولت عليه بغير حق عملاً بالمادة 182 من القانون المدني - وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه صحيح في القانون ذلك أن المادة المذكورة تنص على أنه "يصح استرداد غير المستحق إذا كان الوفاء قد تم تنفيذاً لالتزام لم يتحقق سببه أو زال سببه بعد أن تحقق" وإذ كان حكم محكمة الاستئناف رقم 220 سنة 11 ق والحائز لقوة الأمر المقضي قد قضى في أسبابه المرتبطة بالمنطوق والتي لا يقوم هذا المنطوق بدونها بزوال سبب التزام المطعون ضده بأداء النفقة التي تعهد بأدائها بمقتضى اتفاق 15 يونيه سنة 1953 كما قضي بإلغاء الحكم الصادر في الدعوى رقم 1628 سنة 1955 ضد المطعون ضده وأمر الأداء الصادر في 14 إبريل سنة 1956 والذي رفعت بشأنه المعارضة رقم 748 سنة 1956 فإن مقتضى هذا الإلغاء أن تلتزم الطاعنة برد ما قبضته تنفيذاً للحكم وأمر الأداء اللذين قضي انتهائياً بإلغائهما كما تلتزم برد ما قبضته من المطعون ضده تنفيذاً لأوامر الأداء الأخرى التي استصدرتها ضده الطاعنة لأن وفاء المطعون ضده بهذه المبالغ يعتبر بعد زوال سبب التزامه وفاء بما ليس مستحقاً ولم يكن هذا الوفاء عن اختيار حتى يفترض فيه أنه على سبيل التبرع وإنما كان عن إكراه تحت تأثير أوامر الأداء آنفة الذكر المشمولة بالنفاذ المعجل. ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ اقتصر في قضائه على إلزام الطاعنة بهذه المبالغ التي دفعها المطعون ضده مكرهاً دون المبالغ الأخرى التي دفعها مختاراً فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً - أما ما تثيره الطاعنة في السببين الثاني والثالث من أن الأولاد هم المستفيدون بالمبالغ المطالب بردها وأنهم بالتالي الملزمون بالرد وكان يجب لذلك توجيه الدعوى إليهم - هذا الذي تثيره الطاعنة مردود بما قاله الحكم الابتدائي رداً على هذا الدفاع من أن الطاعنة هي التي طالبت بهذه المبالغ ورفعت الدعاوى بشأن هذه المطالبة باسمها وحدها ولم يكن الأولاد مشتركين في هذه الدعاوى وهذا الذي قرره الحكم الابتدائي واعتمده الحكم المطعون فيه صحيح في القانون ذلك أن المادة 181 من القانون المدني تنص على أن "كل من تسلم على سبيل الوفاء ما ليس مستحقاً له وجب عليه رده" ولما كانت الطاعنة هي التي تسلمت المبالغ التي قضى الحكم بإلزامها بردها وقد تسلمتها بصفتها الشخصية وليس بصفتها نائبة عن أولادها وذلك بعد أن رفعت دعاوى باسمها للمطالبة بهذه المبالغ وقضى لها بها بصفتها الشخصية وذلك على اعتبار أنها دائنة بتلك المبالغ للمطعون ضده وليس على اعتبار أن هذه المبالغ دين للأولاد ولم يكن هؤلاء الأولاد - ممثلين في تلك الدعاوى فإن الطاعنة تكون الملزمة بالرد باعتبارها قد تسلمت ما ليس مستحقاً لها وتكون الدعوى بطلب استرداد هذا الذي تسلمته إذ رفعت عليها وحدها مقبولة ولما كان الأولاد لم يختصموا في هذه الدعوى ولا شأن لهم بها فإنه لا محل لتعيين وصي الخصومة بمقولة وجود تعارض بين صفة المطعون ضده في الدعوى وصفته كولي شرعي على الأولاد ومن ثم يكون النعي على قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدفعين بعدم القبول على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون بقضائه بإلزامها برد المبالغ التي قبضتها ذلك أنه من المقرر شرعاً وقضاء أنه إذا أنفق الأب على أولاده من ماله وكان الأولاد لا يستحقون النفقة على أبيهم لثرائهم أو لقدرتهم على الكسب فإن ما ينفقه الأب عليهم يعتبر تبرعاً ولا يكون له حق الرجوع فيه ولا يرجع على أحد منهم بما أنفق وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذه القاعدة وقضى بإلزام الطاعنة برد ما كان المطعون ضده قد أداه من نفقة لأولاده فإنه يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه علاوة على ما تقدم ذكره من أن الحكم المطعون فيه قد ألزم الطاعنة برد ما ألزمها برده على أساس أنها تسلمته بصفتها الشخصية وليست بصفتها نائبة عن الأولاد فإن الحكم قد رفض إلزام الطاعنة برد ما أداه لها المطعون ضده اختياراً واقتصر قضاؤه على إلزامها برد ما استأدته منه جبراً بصفتها الشخصية تنفيذاً للأحكام التي استصدرتها ضده ومن ثم فإن الاستناد إلى القاعدة الشرعية الواردة في سبب الطعن لا يصادف محلاً في قضاء الحكم لأن مجال تطبيقها إنما يكون عندما يؤدي الأب النفقة لأولاده مختاراً. وحيث إن حاصل السبب الخامس أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وشابه قصور في التسبيب ذلك أن الطاعنة دفعت أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بالمقاصة القضائية بين المبالغ التي يطالب بها المطعون ضده وبين ما هو مستحق لها في ذمته نظير ريع المائة وواحد وستين فداناً في المدة التي وضع يده عليها قبل أن تستردها الطاعنة منه تنفيذاً للحكم الاستئنافي رقم 220 سنة 11 ق لكن الحكم المطعون رفض إجراء هذه المقاصة استناداً إلى ما قاله من أن الحكم الاستئنافي المذكور لم يقض للطاعنة بما تطالب به من الريع نتيجة إبطال العقد المشهر في 27 ديسمبر سنة 1952 وهذا من الحكم خطأ لأن ذلك الحكم الاستئنافي لم يقض في منطوقه بالرد بالنسبة للمبالغ التي ترتبت على إبطال ذلك العقد في ذمة كل من الطرفين للآخر وترك ذلك لدعوى موضوعية ومن ثم فقد كان لزاماً على الحكم المطعون فيه وقد قام بتحقيق دفاع المطعون ضده بالنسبة للمبالغ التي يطالب بها أن يحقق أيضاً دفاع الطاعنة بالنسبة للمبالغ التي لها في ذمة المطعون ضده ويجري المقاصة القضائية التي طلبتها الطاعنة إذ لا يمنع من إجرائها أن يكون دين الطاعنة لم يسبق تقديره بحكم أو أن ينازع فيه المطعون ضده وتضيف الطاعنة أنه بعد صدور الحكم الابتدائي قضي لها نهائياً في 30 نوفمبر سنة 1960 في الاستئناف رقم 11 سنة 1960 أحوال شخصية الإسكندرية بنفقة قدرها 70 ج شهرياً على المطعون ضده وذلك اعتباراً من 23/ 3/ 1956 وقد قدمت الطاعنة صورة رسمية من هذا الحكم إلى محكمة الاستئناف وطلبت منها إجراء المقاصة القانونية بين المبالغ المستحقة لها بموجب ذلك الحكم والمبالغ التي قضى بها ابتدائياً للمطعون ضده لكن الحكم المطعون فيه لم يلتفت لهذا الدفاع ولم يرد عليه مما يشوبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه يشترط لإجراء المقاصة القضائية أن ترفع بطلبها دعوى أصلية أو أن تطلب في صورة طلب عارض يقدمه المدعى عليه رداً على دعوى خصمه الأصلية وقد نصت المادة 152 من قانون المرافعات على طلب المقاصة القضائية صراحة عند بيان الطلبات العارضة التي تقدم من المدعى عليه، ولما كانت المادة 150 من ذلك القانون تشترط لقبول الطلب العارض أن يقدم إلى المحكمة بصحيفة تعلن للخصم قبل يوم الجلسة أو يبدى شفاهاً في الجلسة في حضور الخصم ويثبت في محضرها - وكان الطاعن لم يقدم إلى محكمة النقض ما يدل على أنه طلب المقاصة القضائية في صورة طلب عارض بل إنه يسلم في تقرير الطعن بأنه تمسك بإجراء هذه المقاصة في صورة دفع لدعوى المطعون ضده وهو ما لا يجوز طلب المقاصة القضائية به فإنه لم يكن للحكم المطعون فيه أن يجري هذه المقاصة ما دام أنها لم تطلب بالطريق القانوني ومن ثم يكون غير منتج النعي على الأسباب التي استند إليها في رفض دفاع الطاعنة بشأن إجراء تلك المقاصة - أما ما تعيبه الطاعنة على الحكم المطعون فيه من إغفاله الرد على ما طلبته من إجراء المقاصة القانونية بين ما هو مستحق لها في ذمة المطعون ضده تنفيذاً لحكم النفقة الذي أشارت إليه وبين ما يطالبها به في دعواه فإن هذا النعي عار عن الدليل إذ لم تقدم الطاعنة ما يدل على أنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف بطلب المقاصة القانونية على هذا الأساس وقد خلا الحكم المطعون فيه مما يفيد تمسكها بهذا الطلب.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق