الصفحات

الاثنين، 22 مايو 2023

الطعن 355 لسنة 31 ق جلسة 8 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 71 ص 509

جلسة 8 من مارس سنة 1966

برياسة السيد المستشار الدكتور/ عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وأحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وعثمان زكريا.

-----------------

(71)
الطعن رقم 355 لسنة 31 القضائية

وكالة. "وكالة بالعمولة". "التنحي عن الوكالة". تعويض.
الوكالة بالعمولة نوع من الوكالة. خضوعها لأحكام القانون المدني فيما عدا ما تضمنه قانون التجارة من أحكام خاصة بها. للوكيل بالعمولة أن يتنحى عن الوكالة في أي وقت قبل إتمام العمل الموكول إليه وينهي العقد بإرادته المنفردة طبقاً للقانون المدني الذي يعتبر الوكالة عقداً غير لازم.
جواز تنحي الوكيل في الوكالة بأجر. التزامه بتعويض الموكل عن الضرر إذا كان التنحي بغير عذر مقبول أو في وقت غير مناسب.

---------------
الوكالة بالعمولة نوع من الوكالة تخضع في انعقادها وانقضائها وسائر أحكامها للقواعد العامة المتعلقة بعقد الوكالة في القانون المدني فيما عدا ما يتضمنه قانون التجارة من أحكام خاصة بها. وإذ لم ينظم قانون التجارة طرق انقضاء عقد الوكالة بالعمولة فإنه ينقضي بنفس الأسباب التي ينقضي بها عقد الوكالة المدنية وبالتالي فإنه يجوز للوكيل بالعمولة أن يتنحى عن الوكالة في أي وقت قبل إتمام العمل الموكول إليه وينهي العقد بإرادته المنفردة طبقاً للحدود المرسومة بالقانون المدني. ولما كان مؤدى ما تقضي به المادتان 715 و716 من القانون المدني - على ما ورد بمجموعة الأعمال التحضيرية - أن الوكالة عقد غير لازم، فإنه يجوز للموكل عزل الوكيل قبل انتهاء الوكالة، كما أن للوكيل أن يتنحى عنها قبل إتمام العمل الموكول إليه، فإذا كانت الوكالة بأجر صح التنحي ولكن يلزم الوكيل بتعويض الموكل عن الضرر الذي قد يلحقه إذا كان التنحي بغير عذر مقبول أو في وقت غير مناسب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 531 سنة 1958 كلي طنطا ضد المطعون عليهما بطلب الحكم بإلزامهما بأن يدفعا له مبلغ 2098 ج و949 م منها مبلغ 1747 ج بالتضامن فيما بينهما ومبلغ 351 ج و949 م يدفعه المطعون عليه الأول وحده، وقال شرحاً لدعواه إنه في 18/ 3/ 1957 سلم المطعون عليه الأول داخل محلجه 89 كيساً من القطن الزهر تزن 105.39 قناطير لحلجها، وإذ تم حلج أقطانه دون أن يخطر به، وضاع عليه نتيجة لذلك كيسان زنتهما 2.13 قنطاراً ولم يستجب المطعون عليه الأول إلى طلبه الذي أبلغه به في 18/ 4/ 1957 بتفويضه في بيع قطنه خلال شهر إبريل سنة 1957، فقط اضطر في 17/ 7/ 1957 إلى تكليف بنك الجمهورية - المطعون عليه الثاني - باتخاذ اللازم نحو تسلم هذه الأقطان وبيعها. وقد وافق هذا الأخير على نقل القطن إلى الإسكندرية وبيعه لحسابه وتسليمه إلى لجنة القطن، وعلى أساس هذه الوكالة قام المطعون ضده الثاني في 18/ 7/ 1957 بإخطار المطعون ضده الأول بأنه على استعداد لدفع جميع ما هو مستحق له قبل الطاعن، وإذ كان تنفيذ الوكالة يقتضي أن يقوم نيابة عن الطاعن بدفع ما هو مستحق للمطعون عليه الأول واتخاذ جميع الإجراءات لبيع القطن، إلا أنه لم يفعل وأخطر الطاعن في 24/ 10/ 1957 بأنه لم يتمكن من تسليم قطنه إلى اللجنة وأن عليه - الطاعن - أن يتخذ ما يراه ملائماً، وقرر المطعون عليه الأول أن المطعون عليه الثاني لم يسدد المصروفات الخاصة بحلج القطن كما لم يرسل مندوباً لاستلامه، بل طلب إليه أن يقوم بشحنه إلى الإسكندرية والتأمين عليه، في حين أنه غير ملزم بذلك، وبهذا يكون كل من المطعون عليهما قد ألقى المسئولية على الآخر، مما اضطره إلى رفع هذه الدعوى بطلباته سالفة البيان. وفي 30/ 5/ 1960 حكمت محكمة أول درجة برفض الدعوى، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 52 سنة 10 ق تجاري طنطا، وفي 30/ 5/ 1961 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض في 29 يونيه سنة 1961، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 16/ 2/ 1965، وفيها صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها التي طلبت فيها رفض الطعن، وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة، وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على أسباب أربعة حاصل الثلاثة الأولى منها الخطأ في تطبيق القانون وفساد الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن علاقته بالمطعون ضده الثاني علاقة وكالة بالعمولة حسبما هو مستفاد من خطابات هذا الأخير له وللمطعون ضده الأول إذ تضمن الخطاب المرسل من المطعون ضده الثاني إلى المطعون ضده الأول بتاريخ 18 يوليه سنة 1957 طلب نقل أقطان الطاعن لشونة البنك بالإسكندرية وإفادته عن مصاريف الحلج وثمن البذرة لقيدها لحسابه بالبنك - أي حساب المطعون ضده الأول - كما طلب في خطابه المؤرخ 27/ 10/ 1957 بيان حساب الطاعن المدين لسداده مقابل شحن 14 بالة قطن لشونته بالإسكندرية. ولما كانت هذه الوكالة بالعمولة قد عقدت لمصلحة الطرفين فإنه لا يجوز للمطعون ضده الثاني أن ينقضها بإرادته المنفردة ودون موافقة الطاعن، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر المطعون ضده الثاني غير ملزم بتنفيذ الوكالة لأنه أخطر الطاعن بالعدول عنها فإنه يكون قد خالف القانون. كما أن الحكم المطعون فيه خالف ما تقضي به المادة 704/ 2 من القانون المدني إذ لم يقض بمسئولية المطعون عليه الثاني رغم أنه لم يبذل أية عناية في تنفيذ وكالته، ذلك أن الطاعن قد وكله في استلام أقطانه من المطعون عليه الأول ليتولى بيعها لحسابه ويدفع للمطعون عليه الأول ما يستحقه قبل الطاعن وينقل الأقطان إلى الإسكندرية لتسليمها إلى اللجنة، إلا أنه لم يقم بتنفيذ ما التزم به مما ترتب عليه الإضرار بالطاعن. ومن ناحية أخرى فإن الحكم قد شابه فساد الاستدلال إذ اعتبر المطعون ضده الثاني قد عدل عن الوكالة عدولاً نهائياً، في حين أن الثابت أنه - بعد أن أخطر الطاعن بخطابه المؤرخ 4/ 8/ 1957 بأن يتولى أمر استلام أقطانه بنفسه، ولم يصادف هذا الإيجاب من جانبه قبولاً من الطاعن - عدل عن هذا الإيجاب حسبما هو مستفاد من خطابه المؤرخ 27/ 10/ 1957 الذي ضمنه القول بأن المطعون عليه الأول لم يرسل له كشف حساب بمطلوباته إلا في 24/ 10/ 1957 هذا وما قرره الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه من أنه لم يثبت أن الطاعن وكل المطعون عليه الثاني في سداد المطلوب للمطعون عليه الأول - هذا القول من الحكم يخالف ما هو ثابت بالخطابين المرسلين من المطعون عليه الثاني للمطعون عليه الأول في 18/ 7/ 1957 و27/ 10/ 1957 إذ مفادهما أن المطعون ضده الثاني التزم بدفع الحساب المستحق بذمة الطاعن نيابة عنه للمطعون عليه الأول.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الوكالة بالعمولة نوع من الوكالة تخضع في انعقادها وانقضائها وسائر أحكامها للقواعد العامة المتعلقة بعقد الوكالة في القانون المدني فيما عدا ما يتضمنه قانون التجارة من أحكام خاصة بها، وإذ لم ينظم قانون التجارة طرق انقضاء عقد الوكالة بالعمولة فإنه ينقضي بنفس الأسباب التي ينقضي بها عقد الوكالة المدنية، وبالتالي فإنه يجوز للوكيل بالعمولة أن يتنحى عن الوكالة في أي وقت قبل إتمام العمل الموكول إليه وينهي العقد بإرادته المنفردة طبقاً للحدود المرسومة بالقانون المدني. ولما كان مؤدى ما تقضي به المادتان 715 و716 من القانون المدني - على ما ورد بمجموعة الأعمال التحضيرية بشأن هاتين المادتين - أن الوكالة عقد غير لازم، وأنه كما يجوز للموكل عزل الوكيل قبل انتهاء الوكالة فإن للوكيل أن يتنحى عنها قبل إتمام العمل الموكول إليه، فإذا كانت الوكالة بأجر صح التنحي ولكن يلزم الوكيل بتعويض الموكل عن الضرر الذي قد يلحقه إذا كان التنحي بعذر غير مقبول أو في وقت غير مناسب شأنه في ذلك شأن الموكل إذا أنهى الوكالة - لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن ضد البنك المطعون عليه الثاني على ما قرره من "أن المستأنف ضده الأول (المطعون عليه الأول) يرفض شحن القطن ويطالب بالمبالغ المستحقة له، كما أن المستأنف ضده الثاني (المطعون عليه الثاني) قد قام بما يفرضه عليه حسن النية في تنفيذ ما عهد إليه سواء كان بأجر أو بغير أجر ما دام قد أخطر المستأنف (الطاعن) بما تقدم في الوقت المناسب، وكان على المستأنف أن يبادر إلى دفع المطلوب منه وتولى شحن القطن بنفسه بمجرد إخطاره بالخطاب المؤرخ 4/ 8/ 1957" - وإذ استخلص الحكم من ذلك في حدود سلطته التقديرية أن ما أبلغ به البنك يعد عذراً مقبولاً وأنه قد أبدى للطاعن في الوقت المناسب وكان مقتضى ما قرره الحكم على هذا النحو هو إعمال صحيح لحكم القانون في هذا الخصوص، فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس. وما ينعاه الطاعن على الحكم بشأن خطاب البنك الذي أرسله إليه في 27/ 10/ 1957 إذ لم يتخذ منه دليلاً على عدول البنك عن اعتزال الوكالة - هذا القول لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لتعلقه بتقدير الدليل مما يستقل به قاضي الموضوع دون رقابة عليه من هذه المحكمة. كما أنه لا يجدي الطاعن ما نعى به على الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه من أنه قد خالف الثابت بخطابي 18 يوليه سنة 1957 و27/ 10/ 1957 ما دام الحكم المطعون فيه - على ما سلف بيانه - قد أقام قضاءه برفض الدعوى قبل المطعون عليه الثاني على أن من حق هذا الأخير اعتزال الوكالة وأنه قد اعتزلها بعذر مقبول وفي وقت مناسب وهي دعامة مستقلة تكفي لحمل الحكم. لما كان ما تقدم، فإن النعي بهذه الأسباب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الإخلال بحقه في الدفاع ذلك أنه طلب أمام محكمة الموضوع ندب خبير لتحقيق ما إذا كان للمطعون عليه الأول حساب جار بالبنك المطعون ضده الثاني لإنكار المحلج وجود هذا الحساب، ولكن الحكم المطعون فيه لم يستجب إلى تحقيق هذا الطلب مكتفياً بما انتهى إليه من أن البنك قد اعتزل الوكالة، كما رفض الحكم إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات العرف الذي يقضي بإلزام المحلج بنقل الأقطان وقيد مصاريف النقل لحسابه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم وقد انتهى على ما سلف بيانه إلى أن من حق البنك أن يعتزل الوكالة وأنه قد اعتزلها في وقت مناسب وبعذر مقبول وأخطر الطاعن بأن يتولى أمره بنفسه، ورتب على ذلك في حدود سلطته التقديرية أنه لا جدوى من الاستجابة إلى طلب ندب خبير أو إجراء تحقيق فإن النعي بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم تعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق