الصفحات

الثلاثاء، 30 مايو 2023

الطعن 341 لسنة 27 ق جلسة 3 / 1 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 5 ص 75

جلسة 3 من يناير سنة 1963

برياسة السيد المستشار الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد الحميد السكري، ولطفي علي، وحافظ محمد بدوي.

----------------

(5)
الطعن رقم 341 لسنة 27 القضائية

بيع. "البيع الوفائي". إثبات "القرائن القانونية القاطعة".
أصبح البيع الوفائي المقصود به إخفاء رهن عقاري باطلاً وفقاً للمادتين 338 و339 مدني قديم بعد تعديلها بالقانون رقم 49 لسنة 1923. وقد أورد الشارع قرينتين على اعتبار البيع الوفائي مخفياً لرهنهما: اشتراط رد الثمن مع الفوائد، بقاء العين المبيعة في حيازة البائع، كل منهما قرينة قانونية قاطعة لا يصح إثبات عكسها.

------------------
تقضي المادتان 338 و339 من القانون المدني القديم المعدلتان بالقانون رقم 49 لسنة 1923 ببطلان عقد البيع الوفائي المقصود به إخفاء رهن سواء بصفته بيعاً أو رهناً وبأن العقد يعتبر مقصوداً به إخفاء الرهن إذا اشترط فيه رد الثمن مع الفوائد أو إذا بقيت العين المبيعة في حيازة البائع بأية صفة من الصفات. وهاتان القرينتان - على ما استقر عليه قضاء محكمة النقض - من قبيل القرائن القانونية القاطعة بحيث إذا توافرت إحداهما كان ذلك قاطعاً في الدلالة على أن القصد من العقد هو إخفاء رهن ومانعاً من إثبات العكس (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن الطاعنة أقامت على المطعون عليهم الدعوى رقم 208 لسنة 1945 مدني كلي سوهاج وطلبت بها الحكم أولاً بإثبات صحة التعاقد الحاصل بينها وبين المطعون عليه الأخير بتاريخ 6 فبراير سنة 1943 والمتضمن بيعه لها 4 ف و14 ط و10 س بثمن قدره 1150 ج وثانياً ببطلان عقد البيع الوفائي المؤرخ في 26 مايو سنة 1931 الصادر من المطعون عليه الأخير إلى المطعون عليه الثامن وأخيه عبد المطلب محمد عبد الله مورث المطعون عليهم السبعة الأولين. والمتضمن بيع نفس العين لهما بثمن قدره 550 ج مع شطب التسجيلات المترتبة عليه واعتبارها كأن لم تكن، وكان مما قالته الطاعنة في بيان دعواها إن عقد البيع الوفائي المؤرخ في 26 مايو سنة 1931 يخفي رهناً فيعتبر باطلاً ولا أثر له عملاً بالمادة 339 من القانون المدني القديم. واستندت فيما استندت إليه إثباتاً لذلك إلى أن العين المبيعة بقيت في حيازة البائع بطريق الإيجار بعد تاريخ عقد البيع المذكور إذ أنه بموجب عقد إيجار ثابت التاريخ في يناير 1931 كان البائع قد أجر إلى حفني محمد إسماعيل تلك العين ضمن 25 ف و1 ط لمدة سنة، ولما تحرر عقد البيع الوفائي في 26 مايو سنة 1931 استأجر البائع العين المبيعة من المشترين وأوفاهما بموجب مخالصة محررة في ذات التاريخ الأجرة معجلة عن سنة 1932 الزراعية ومقدارها 36 ج. وفي 13 ديسمبر سنة 1948 قضت محكمة سوهاج الابتدائية بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت الطاعنة بكافة طرق الإثبات أن المطعون عليه الأخير - البائع - ظل واضعاً يده على العين المبيعة بعد تاريخ عقد البيع الوفائي المحرر في 26 مايو سنة 1931 ولينفي المطعون عليهم الآخرون ذلك بالطرق ذاتها. وبعد سماع شهود الطرفين قضت المحكمة في 22 مارس سنة 1950 للطاعنة بطلباتها على أساس أن عقد البيع الوفائى يخفي رهناً ومستدلة على ذلك بالقرائن التي ساقتها ومنها أن المطعون عليه الثامن ومورث المطعون عليهم السبعة الأولين - المشترين وفاء - قد حصلا من المطعون عليه الأخير - البائع - على مبلغ 36 ج قيمة أجر العين المبيعة عن سنة 1932 الزراعية وذلك بموجب الإيصال المحرر في تاريخ عقد البيع في 26 مايو سنة 1931 مما يدل على أن العين المبيعة ظلت تحت يد البائع وفاء بعد عقد البيع وهو ما شهد به أيضاً شهود الطاعنة واستأنف المطعون عليهم الثمانية الأولون هذا الحكم إلى محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 169 لسنة 25 ق وفي 6 من مارس سنة 1957 قضت هذه المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الطاعنة. فقررت الطاعنة الطعن في هذا الحكم بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 25 من أبريل سنة 1961 وفيها صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها التي طلبت فيها نقض الحكم المطعون فيه وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة ونظر بجلسة 13 من ديسمبر سنة 1962 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب ذلك أن المادة 339 من القانون المدني القديم تقضي بأن البيع الوفائي الذي يخفي رهناً يعتبر باطلاً سواء بصفته بيعاً أو رهناً كما تقرر قرينة قانونية لا تقبل إثبات العكس وهي أن بقاء العين المبيعة وفائياً في حيازة البائع بأي صفة من الصفات يجعل العقد مقصوداً به إخفاء رهن. وقد استدلت الطاعنة على قيام هذه القرينة بالمخالصة المحررة في تاريخ عقد البيع الوفائي في 26 مايو سنة 1931 والثابت بها أن المطعون عليهما الثامن ومورث المطعون عليهم السبعة الأولين - المشتريين - قد حصلا من البائع على مبلغ 36 جنيهاً أجرة معجلة للعين المبيعة عن سنة 1932 الزراعية ولكن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بما تفيده تلك المخالصة من بقاء العين المبيعة تحت يد البائع وفاء بطريق الإيجار وذهب إلى القول بأن العين المذكورة كانت تحت يد المستأجر حفني محمد إسماعيل لحساب المشتريين من وقت البيع واحتج لذلك بأن المستأجر المذكور كان يستأجر العين المبيعة من البائع ضمن أطيان أخرى عن سنة 1931 - 1932 الزراعية وعجلت الأجرة كما يدل على ذلك عقد الإيجار الثابت التاريخ في يناير سنة 1931 - والمقدم من الطاعنة - وبإبرام عقد البيع الوفائي في 26 مايو سنة 1931 التزام المشتريان باحترام عقد الإيجار واسترداً من البائع بموجب ورقة التخالص المشار إليها مبلغ 36 جنيهاً وهو ما يعادل ما كان البائع قد استوفاه معجلاً من المستأجر عن أجرة العين المبيعة في المدة من تاريخ عقد البيع الوفائي إلى نهاية مدة الإيجار في سنة 1932 الزراعية وبذلك خرج الحكم المطعون فيه عما تدل عليه العبارة الصريحة في ورقة التخالص من أن مبلغ الـ 36 جنيهاً هو الأجرة المعجلة للعين المبيعة عن سنة 1932 الزراعية وقد دفعها البائع وفاء إلى المشترين.
وحيث إن المادتين 338، 339 من القانون المدني القديم المعدلتين بالقانون رقم 49 لسنة 1923 تقضيان ببطلان عقد البيع الوفائي المقصود به إخفاء رهن سواء بصفته بيعاً أو رهناً وأن العقد يعتبر مقصوداً به إخفاء رهن إذا اشترط فيه رد الثمن مع الفوائد أو إذا بقيت العين المبيعة في حيازة البائع بأي صفة من الصفات وقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن هاتين القرينتين من قبيل القرائن القانونية القاطعة بحيث إذا توافرت إحداهما كان ذلك قاطعاً في الدلالة على أن القصد من العقد هو إخفاء رهن ومانعاً من إثبات العكس - ولما كانت الطاعنة قد تمسكت بقرينة بقاء العين المبيعة في حيازة البائع بعد تاريخ البيع الوفائي في 26 مايو سنة 1931 واستندت في ذلك إلى المخالصة المحررة في نفس التاريخ والثابت بها أن المطعون عليه الثامن ومورث المطعون عليهم السبعة الأولين - المشتريين - قد استدانا من المطعون عليه الأخير - البائع - بمبلغ 36 جنيهاً قيمة أجرة العين المبيعة وفائياً عن سنة 1932. كما استندت إلى عقد الإيجار المؤرخ في 10 يناير سنة 1931 والثابت التاريخ في 24 يناير سنة 1931 والصادر من البائع - قبل عقد البيع الوقائي - إلى حفني محمد إسماعيل بإيجار أطيان زراعية مقدارها 25 ف و1 ط لمدة سنة ومن بينها الـ 4 ف و14 ط محل النزاع "وذلك لزراعتها شتوي وصيفي عدا زراعة القطن عن وجه سنة 1932 الزراعية" وتضمن العقد المذكور أن المستأجر قد عجل الأجرة عن مدة الإيجار ومقدارها 230 ج و250 م من ذلك 27 ج و 500 م أجرة العين محل النزاع، ولما كان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعنة في هذا الشأن بقوله "وحيث إنه عن استمرار وضع يد المستأنف عليه الثاني - البائع - في سنتي 1931، 1932 بعد صدور العقد منه فسبب ذلك قد أبانه المستأنفون - المطعون عليهم - وهو ثابت عن عقد الإيجار المقدم بحافظة المستأنف عليها - الطاعنة - إذ يفيد هذا العقد الثابت التاريخ في 24 يناير سنة 1931 قبل البيع أن الأطيان كان قد سبق تأجيرها إلى حفني محمد إسماعيل حتى سنة 1932 وأن إيجارها عن مدة هذه الإجارة كان قد دفع مقدماً بنص العقد للمستأنف عليه الثاني فإزاء ذلك كان لزاماً على المشترين احترام هذه الإجارة وتنفيذها كما كان من حقهما وقد اشتريا الأطيان أن يستوليا من البائع على المبلغ الذي قبضه من المستأجر مقدماً وهو يوازي المدة من 26 مايو سنة 1931 تاريخ التعاقد على البيع إلى نهاية سنة 1932. وقبض المشتريين هذا المبلغ من البائع يؤيد أن النية انصرفت بالفعل إلى التعاقد على البيع لا الرهن إذ أصبح بهذا السداد وضع يد المستأجر على الأقطان لحساب المشتريين لا البائع الذي لم يبق له حق على العين" ويبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه قد استند في نفي بقاء العين المبيعة وفائياً في حيازة البائع بعد البيع - إلى أن من حق المشتريين أن يستوليا من البائع على المبلغ الذي قبضه من المستأجر مقدماً مقرراً أن هذا المبلغ يوازي المدة من 26 مايو سنة 1931 - تاريخ البيع - إلى نهاية سنة 1932. ولما كان الثابت من عقد الإيجار الثابت التاريخ في 24 يناير سنة 1931 أن الأجرة التي قبضها البائع مقدماً من هذا المستأجر وقدرها 27 ج و500 م هي عن سنة واحدة فقط وكان الحكم لم يفصح عن سبب اعتباره مبلغ الـ 36 جنيهاً الذي دفعه البائع إلى المشتريين بموجب المخالصة المؤرخة 26 مايو سنة 1931 هو عن ذات المدة التي كان البائع قد أجر فيها العين المبيعة إلى حفني محمد إسماعيل قبل حصول البيع وذلك مع مغايرة هذا المبلغ لقيمة الأجرة الثابتة بعقد الإيجار الصادر من البائع إلى المستأجر المذكور فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور بما يستوجب نقضه دون حاجة إلى بحث أسباب الطعن الأخرى.


(1) راجع نقض 21/ 12/ 1961 مجموعة المكتب الفني س 12 ص 815 وقد جاء به "ليس في القانون المدني القديم نص كنص المادة 404 من التقنين الجديد التي تجيز إثبات عكس القرينة القانونية ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك. لا تجيز المادة 1352 من القانون المدني الفرنسي نفي القرينة القانونية إذا كان القانون يبطل على أساسها تصرفاً معيناً".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق