الصفحات

الأحد، 14 مايو 2023

الطعن 259 لسنة 31 ق جلسة 11 / 1 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 ق 12 ص 94

جلسة 11 من يناير سنة 1966

برياسة السيد المستشار الدكتور/ عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وأحمد حسن هيكل، والسيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا.

----------------

(12)
الطعن رقم 259 لسنة 31 القضائية

التزام "الوفاء بالالتزام". شيك. تزوير. بنوك.
التزام البنك المسحوب عليه قبل عميله إذا وفى بقيمة شيك مذيل بتوقيع مزور عليه. فقد هذه الورقة شرطاً جوهرياً لوجود الشيك. ليس لها وصفه القانوني.
تحمل البنك تبعة الوفاء بهذه الورقة أياً كانت درجة إتقان التزوير. ذلك مشروط بعدم وقوع خطأ أو إهمال من جانب العميل الوارد اسمه بالصك وإلا تحمل العميل تبعة خطئه.

----------------
لا تبرأ ذمة البنك المسحوب عليه قبل العميل الذي عهد إليه بأمواله إذا وفى بقيمة شيك مزيل من الأصل بتوقيع مزور عليه ذلك أن هذه الورقة المقدمة إلى البنك وقد خلت من التوقيع الحقيقي للعميل يعوزها شرط جوهري لوجود الشيك ولم يكن لها في أي وقت وصفه القانوني. ومن ثم تقع تبعة الوفاء بموجب هذه الورقة على البنك المسحوب عليه أياً كانت درجة إتقان ذلك التزوير. وتعد هذه التبعة من مخاطر المهنة التي يمارسها البنك وهي مخاطر مهما بلغت أعباؤها لا تتناسب البتة مع المزايا التي تعود على البنوك من تدعيم الثقة بها وبث روح الاطمئنان لدى جمهور المتعاملين. على أن تحمل البنك هذه التبعة مشروط بعدم وقوع خطأ أو إهمال من جانب العميل الوارد اسمه بالصك وإلا تحمل هذا العميل تبعة خطئه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 3537 سنة 1959 كلي القاهرة ضد الطاعن بطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 1000 ج وقال شرحاً لدعواه إنه بتاريخ 22/ 12/ 1958 تسلم إخطاراً من بنك مصر - الطاعن - بصرف مبلغ 380 جنيهاً من حسابه الجاري بمقتضى أمر دفع (شيك) منسوب إليه باسم المهندس حسن الزيني عبد الكريم وإذ لم يصدر هذا الأمر لأنه لا يتعامل إلا بنماذج الشيكات المسلمة له من البنك، فقد راجع أمر الدفع المنسوب إليه ووجده مزوراً وتبين له من مراجعة حسابه بالبنك تزوير أمر دفع آخر في 30/ 10/ 1958 بمبلغ 320 جنيهاً باسم الدكتور فتحي عبد الوهاب محسن، فأبلغ النيابة وأثبت تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي وجود خلافات جوهرية بين توقيعه المودع لدى البنك والتوقيعين المنسوبين إليه بالأمرين المزورين. وأضاف المطعون عليه أن البنك الطاعن مسئول عن الوفاء الخاطئ بقيمة هذين الأمرين وتبلغ 700 جنيه فضلاً عن مسئوليته عن الأضرار التي لحقته نتيجة هذا الخطأ ويقدرها بمبلغ 300 جنيه ومجموع ذلك 1000 جنيه وهو المبلغ المطالب به. وبتاريخ 19/ 3/ 1960 قضت محكمة أول درجة بإلزام البنك الطاعن بأن يدفع إلى المطعون عليه مبلغ 900 جنيه منه 700 جنيه قيمة أمري الدفع و200 جنيه على سبيل التعويض - واستأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 621 سنة 77 ق، ومحكمة الاستئناف قضت في 13/ 4/ 1961 بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليه مبلغ 800 جنيه مقدرة التعويض بمبلغ 100 جنيه وبتاريخ 13/ 5/ 1961 طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 19/ 12/ 1964، وفيها صممت النيابة العامة على رأيها الذي ضمنته مذكرتها بطلب رفض الطعن، وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة، وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم استند في قضائه بإلزام البنك بقيمة الأمرين المزورين إلى أنه مسئول دائماً أمام الساحب عن صرف أي شيك مزور سواء كان التزوير متقناً أم غير متقن، وهو قول يخالف القانون إذ أنه يجعل مسئولية البنك مطلقة، مع أنه يتعين لمساءلة البنك ثبوت الخطأ في جانبه بحيث إذا كان تزوير الشيك متقناً ولا يسهل اكتشافه بالعين المجردة انتفى الخطأ الموجب لمسئولية البنك عن صرف قيمته.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن البنك المسحوب عليه لا تبرأ ذمته قبل العميل الذي عهد إليه بأمواله إذا وفى بقيمة شيك مذيل من الأصل بتوقيع مزور عليه، إذ أن هذه الورقة المقدمة إلى البنك وقد خلت من التوقيع الحقيقي للعميل يعوزها شرط جوهري لوجود الشيك ولم يكن لها في أي وقت وصفه القانوني. وتقع تبعة الوفاء بموجب هذه الورقة على البنك المسحوب عليه أياً كانت درجة إتقان التزوير، وتعد هذه التبعة من مخاطر المهنة التي يمارسها البنك، وهي مخاطر مهما بلغت أعباؤها لا تتناسب البتة مع المزايا التي تعود على البنوك من تدعيم الثقة بها وبث روح الاطمئنان لدى جمهور المتعاملين. وتحمل البنك هذه التبعة مشروط بعدم وقوع خطأ أو إهمال من جانب العميل الوارد اسمه بالصك، وإلا تحمل العميل تبعة خطئه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه أصلاً على أن البنك - الطاعن - مسئول عن الوفاء بقيمة أمري الدفع المسحوبين عليه والمذيلين بتوقيعين مزورين على المطعون عليه وإن كان التزوير متقناً، وكان يبين من تقريرات الحكم أن البنك لم ينسب ثمة خطأ أو إهمال للمطعون عليه حتى يكون هناك وجه لتحمله تبعة هذا الوفاء، لما كان ما تقدم، فإن الحكم لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه، ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه شابه قصور في التسبيب ويقول الطاعن في بيان ذلك إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأن أساس مسئوليته عن خطأ موظفيه هو أن يثبت هذا الخطأ في حق الموظف، وقد طلب ندب خبير فني لتحقيق هذا الدفاع وبيان ما إذا كان في مقدور موظف البنك في الظروف التي يعمل فيها أن يكتشف تزوير أمري الدفع موضوع النزاع، ولكن المحكمة لم تستجب إلى هذا الطلب واقتصرت في الرد عليه بأنها تكتفي بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي وبالنظر المجرد، وهو ما لا يكفي لمواجهة هذا الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه أصلاً على أن البنك مسئول عن الوفاء بقيمة أمري الدفع المزورين ولو كان التزوير متقناً، ولما كان الحكم قد التزم في ذلك صحيح حكم القانون - على ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول - وكان ما قرره كافياً لحمل قضائه فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق