الصفحات

الخميس، 25 مايو 2023

الطعن 2230 لسنة 34 ق جلسة 2 / 3 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 75 ص 707

جلسة 2 من مارس سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمود عبد المنعم موافي وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم ود. محمود صفوت عثمان وأحمد شمس الدين خفاجي - نواب رئيس مجلس الدولة.

---------------------

(75)

الطعن رقم 2230 لسنة 34 القضائية

أ - دعوى - تكييف طلبات الخصوم.
لمحاكم مجلس الدولة تكييف طلبات الخصوم دون التقيد بتكييفهم لها - تلتزم المحاكم بالإرادة الحقيقية للخصوم في إطار أحكام القانون - العبرة في التكييف بالمقاصد والمعاني وليست بالألفاظ والمباني - تكييف الدعوى من المسائل القانونية التي تخضع لرقابة المحكمة الإدارية العليا - تطبيق.
ب - دعوى - مسألة أولية - الطبيعة القانونية للتصرف المطعون فيه وأثرها في الاختصاص. 

تحديد الطبيعة القانونية للتصرف المطعون فيه وبيان نوع القاعدة التشريعية الواجبة التطبيق وما إذا كانت تعد قانوناً أو قراراً جمهورياً أو لائحة - هو مسألة من المسائل الأولية المرتبطة بولاية المحكمة - يتعين على المحكمة الفصل فيها قبل الفصل في الموضوع - إذا تبين للمحكمة أن التصرف المطعون فيه هو في حقيقة الأمر قرار جمهوري بقانون فإنها تقضي بعدم ولايتها بنظر الطعن فيه - إذا تبين لها أن القرار الجمهوري هو مجرد قرار إداري لم تتوافر بشأنه مقومات القرار الجمهوري بقانون بسطت رقابتها عليه - لمحاكم مجلس الدولة الفصل في الوجود المادي والشكلي للقاعدة القانونية الواجبة التطبيق وتحديد مرتبتها في السلم التشريعي - لا وجه للقول بقصر هذا الاختصاص على المحكمة الدستورية العليا - أساس ذلك: أن مقتضى الصياغة التشريعية لنصوص الدستور الواردة بشأن هذه المحكمة وكذلك نصوص قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - أنها تختص وحدها بالرقابة القضائية على موضوعية نصوص القوانين واللوائح من الزاوية الدستورية - تطبيق.
ج - قانون - القرار بقانون - عرضه على مجلس الشعب والموافقة عليه - استكمال الشكل الدستوري (دستور).
ح - قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 186 لسنة 1986 بشأن الإعفاءات الجمركية قدم لمجس الشعب في المواعيد المقررة وتمت مراجعته والموافقة عليه بعد إعادة عرضه - النعي عليه بأنه من الناحية الشكلية لم يستكمل شكله الدستوري والقانوني لا يقوم على سند من الواقع والقانون - لا وجه للقول بأنه مجرد قرار إداري - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق الثامن من يونيو سنة 1988 أودع الأستاذ محمد أحمد عيسى نائباً عن الأستاذ عصمت الهواري المحامي عن محمد كمال حسن الهواري - الممثل القانوني لشركة رمسيس لإنتاج مواد البناء - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2230 لسنة 34 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة الثالث من مارس سنة 1981 في الدعوى رقم 86 لسنة 41 القضائية والقاضي بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى.
وطلب الطاعن - للأسباب الموضحة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبصفة مستعجلة (أصلياً) بأحقية الطاعن بصفته في التمتع بالإعفاء من الرسوم الجمركية المستحقة على واردات شركته من معدات وأجهزة لازمة لمشروعاته طبقاً للمادة (18) من القانون رقم 59 لسنة 1979 وكذلك المادة (3) فقرة (16) من القانون رقم 91 لسنة 1983 الصادرين بإعفاء وارداته من الرسوم الجمركية وبوقف تنفيذ المادة الرابعة من قرار رئيس الجمهورية رقم 186 لسنة 1986 بإصدار قانون تنظيم الإعفاءات الجمركية فيما تضمنه من فرض نسبة إجمالية مقدارها (5%) من قيمة وارداته من الآلات والمعدات والأجهزة كرسوم جمركية على هذه الواردات لمشروعه بمدينة السادس من أكتوبر مع إلزام المطعون ضدهم في جميع الأحوال بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
و(احتياطياً) بإحالة هذا النزاع إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية أو عدم دستورية المادة الرابعة من القرار الجمهوري رقم 186 لسنة 1986 أو وقف الفصل في هذا الطعن وتكليف الطاعن رفع دعوى عدم الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا طبقاً لنص المادة (29) من قانون إنشاء المحكمة الدستورية العليا بفقرتيها.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم على الوجه المبين بالأوراق.
وقد أودع السيد الأستاذ المستشار الدكتور حسني درويش تقرير هيئة مفوضي الدولة في الطعن رأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لهذه المحكمة جلسة 20 من مارس سنة 1989 وتداولت نظره بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة 21 من مايو سنة 1990 قررت الدائرة المذكورة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة وحددت لنظره أمامها جلسة 13 من أكتوبر سنة 1990، وبجلسة الثالث من نوفمبر سنة 1990 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 29 من ديسمبر سنة 1990 وفيها قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم - لإتمام المداولة - إلى جلسة اليوم السبت الموافق الثامن من مارس سنة 1991 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه في الخامس من أكتوبر سنة 1987 أقام الطاعن الدعوى رقم 86 لسنة 41 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري وطلب في ختامها الحكم بصفه مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الجمهوري رقم 350 لسنة 1986 بإصدار التعريفة الجمركية فيما تضمنه من سريان المادة الرابعة على المشروع المخصص للشركة التي يمثلها.
وقال المدعي شرحاً لدعواه إنه في غضون مارس 1983 قامت هيئة المجتمعات العمرانية بتخصيص قطعتي أرض بمدينة السادس من أكتوبر باسم الشركة التي يمثلها ولصالحها وذلك وفقاً لأحكام القانون رقم 59 لسنة 1979 بشأن إنشاء المجتمعات العمرانية، وأنه كان ملحوظاً لدى الشركة - وقتئذ أن حكم المادة الثانية عشر من القانون المشار إليه والتي تتعلق بإعفاء الهيئة والأفراد والشركات والجهات المتعاقدة بإنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة وذلك طبقاً للأحكام الواردة في القانون رقم 62 لسنة 1974، وبجلسة الثالث من مايو سنة 1988 حكمت محكمة القضاء الإداري بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وألزمت المدعي المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها على أساس ما استظهرته بداءة من أن الطاعن إنما يوجه طعنه في الحقيقة إلى قرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 186 لسنة 1986، واستندت المحكمة في ذلك إلى أن البين من الأوراق ومن صحيفة الدعوى أن دعوى المدعي تنصب على الحكم الخاص بتنظيم الإعفاءات الجمركية والمتعلق بتحصيل ضريبة جمركية بفئة موحدة هي (5%) من القيمة على ما يستورد من آلات ومعدات وأجهزة لازمة لإنشاء المشروعات التي يتم إنشاؤها طبقاً لبعض القوانين ومن بينها القانون رقم 59 لسنة 1979، إذ أن ذلك الحكم يؤدي إلى حرمان الشركة التي يمثلها المدعي والتي نشأت في ظل العمل بأحكام القانون 79 لسنة 1979 من التمتع بالإعفاء الجمركي، فإذا كان ذلك وكان الثابت أن ما ينصب عليه طعن المدعي هو في حقيقة الأمر نص المادة الرابعة من القرار الجمهوري بقانون رقم 186 لسنة 1986 بإصدار قانون تنظيم الإعفاءات الجمركية، إذ أن القرار الجمهوري رقم 350 لسنة 1986 والذي يوجه المدعي طعنه إليه في ختام صحيفة دعواه لم ترد بمادته الرابعة الأحكام التي يبغي المدعي من دعواه عدم الاعتداد بها، فضلاً عن أن المدعي أفصح في صراحة ووضوح في مذكرة مقدمة منه إلى أنه يوجه طعنه فعلاً ليس إلى القرار الجمهوري رقم 351 لسنة 1986 ولكن إلى القرار الجمهوري بقانون رقم 186 لسنة 1986، بحسبان أن هذا القرار بقانون هو الذي ألزم مباشرة المشروعات التي وردت به بأداء ضريبة جمركية بفئة موحدة مقدارها (5%) من القيمة على ما يستورد من آلات ومعدات وأجهزة وهو ما يهدف المدعي بصفته ممثلاً لأحد تلك المشروعات إلى طلب الحكم بإلغائه.
وبعد أن استظهرت محكمة القضاء الإداري حقيقة تكييف دعوى المدعي على نحو ما انتهت إليه، ذهبت إلى أن الدعوى على هذا النحو تكون غير موجهة ضد قرار إداري من القرارات التي يختص مجلس الدولة بطلب إلغائها، وإنما هي موجهة في حقيقة الأمر إلى مادة من مواد القرار الجمهوري بقانون رقم 186 لسنة 1986 وهو ما لا تختص هذه المحكمة بنظره.
ومن حيث إن جوهر طعن الطاعن إنما يقوم على أساسين:
الأساس الأول مفاده أن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى عدم اختصاص القضاء الإداري بالفصل في موضوع مدى دستورية قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 186 لسنة 1986، فقد سبق هذا القضاء بالتعرض بالفعل لمدى دستورية هذا القرار بقانون وناقش إجراءات عرضه على مجلس الشعب، ونفى صحة ادعاء الطاعن بعدم اتخاذ إجراءات عرضه على نحو قانوني، ومن ثم فقد تعرض الحكم لما انتهى إلى عدم اختصاص المحكمة بالتعرض له.
والأساس الثاني أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تكييف طلبات المدعي وهي طلب الحكم بعدم قانونية القرار التنفيذي الصادر من الجهة الإدارية - مصلحة الجمارك بفرض ضريبة جمركية بنسبة موحدة مقدارها (5%) على واردات الشركة التي يمثلها المدعي من الآلات والمعدات، وأن النعي على القرار بقانون رقم 186 لسنة 1986 كان وسيلة المدعي في الادعاء بعدم قانونية القرار التنفيذي المطعون بعدم مشروعيته، والذي طبقته جهة الإدارة على الشركة التي يمثلها المدعي بأثر رجعي دون سند من القانون.
ومن حيث إنه يبين من الإطلاع على صحيفة الدعوى التي افتتح بها الطاعن دعواه أمام محكمة القضاء الإداري أنها لا تحوي طعناً على قرار إداري صادر بفرض ضريبة جمركية محددة على آلات أو معدات بعينها قام باستيرادها لصالح الشركة التي يمثلها على نحو ما ورد في أسباب طعنه، وإنما البادي بجلاء أن الطاعن قد أقام دعواه مستهدفاً الحكم له بعدم خضوعه للضريبة الجمركية استناداً إلى عدم صحة القرار بقانون رقم 186 لسنة 1986 دستورياً لعدم عرضه في الميعاد الدستوري على مجلس الشعب وعدم سريان هذا القرار بقانون على حالته لتمتعه بالإعفاء من الضرائب الجمركية طبقاً للقانون رقم 59 لسنة 1979 لعدم جواز سريان القرار بقانون المشار إليه لزواله لعدم عرضه على مجلس الشعب في الميعاد الدستوري ولعدم موافقة المجلس عليه من جهة ولعدم جواز تطبيقه بأثر رجعي من جهة أخرى.
ومن حيث إن قرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 186 لسنة 1986 قد تضمنت المادة الرابعة منه فرض تحصيل ضريبة جمركية بفئة موحدة (5%) من القيمة على ما يستورد من الآلات والمعدات والأجهزة اللازمة لإنشاء المشروعات التي تتم الموافقة عليها تطبيقاً لأحكام القانون رقم 43 لسنة 1974 بإصدار نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة والقانون رقم 159 لسنة 1981 بإصدار قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم ذات المسئولية المحدودة، ويخضع للفئة الموحدة المشار إليها ما يستورد من الآلات والمعدات ووسائل نقل المواد والسيارات ذات الاستعمالات الخاصة بالبناء (من غير سيارات الركوب) اللازمة لإنشاء مشروعات التعمير التي يتم تنفيذها طبقاً لأحكام القانون رقم 62 لسنة 1974 بشأن بعض الأحكام الخاصة بالتعمير، ويسري حكم هذه المادة على المشروعات التي يتم إنشاؤها في المجتمعات العمرانية الجديدة طبقاً لأحكام القانون رقم 59 لسنة 1979.
ولما كان القرار الصادر من رئيس الجمهورية بالقانون رقم 186 لسنة 1986 هو الذي تضمنت المادة الرابعة منه الحكم المتقدم، فإن الطاعن وإن كان قد وجه طعنه إلي هذا القرار بقانون كما قد جرى طعنه بخلاف ذلك في صحيفة دعواه، ثم تداركه في مذكراته اللاحقة على نحو ما استظهره بحق الحكم المطعون فيه إلا أن من المسلمات في قضاء هذه المحكمة أن لمحاكم مجلس الدولة الهيمنة على تحديد التكييف الصحيح للطلبات التي يتقدم بها الخصوم في الدعاوى التي تنظرها دون التقيد بتكييفهم لها أو بالعبارات التي يصوغون تلك الطلبات فيها على أن تلتزم في ذلك بالإرادة الحقيقية التي يبتغيها الخصوم من تلك الطلبات في إطار أحكام القانون وحقيقة نواياهم ومقاصدهم لأن العبرة في هذا التكييف هي بالقاصد والمعاني وليس بالألفاظ والمباني وذلك بمراعاة أحكام القانون ويتم تكييف المحكمة لتلك الطلبات بما يترتب عليه من ولاية أو اختصاص أو فصل في الموضوع على أساسه تحت رقابة هذه المحكمة.
ومن حيث إنه بمطالعة عريضة الدعوى وما تلاها من مذكرات فيها فإن حقيقة ما كان يستهدفه المدعي بدعواه هو عدم أحقية مصلحة الجمارك في فرض رسوم جمركية على الآلات والمعدات والأجهزة اللازمة لإنشاء مشروعات الشركة التي يمثلها واستمرار تمتعها بالإعفاء المقرر للمشروعات العمرانية استناداً إلي أحكام المادة 18 من القانون رقم 59 لسنة 1979 بشأن المجتمعات العمرانية الجديدة وعدم جواز تطبيق القرار بقانون رقم 186 لسنة 1986 على الشركة من ناحية لبطلان ولعدم صحة وسلامة القرار بقانون المذكور لسبب عدم عرضه على مجلس الشعب في الميعاد الذي حدده الدستور من جهة ولأنه لا يجوز أن يسري هذا القرار بقانون على الشركة لما في ذلك من أثر رجعي لا يجوز دستورياً.
ومن حيث إنه بناءً على ذلك التكييف السليم لحقيقة ما كان يطلبه المدعي أمام محكمة القضاء الإداري والتي صدر بشأنها الحكم محل الطعن الماثل فإن الحكم المطعون فيه فيما ذهب إليه من تكييف وتحديد لطلبات الطاعن على غير ذلك يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله نتيجة لخطئه في تحصيل حقيقة الواقع من حيث البحث عن النية الحقيقية للطاعن وغاياته من الطلبات التي قدمها لمحكمة القضاء الإداري، وحقيقة غاياته ومراميه من إثارة عدم سلامة القرار بقانون سالف الذكر وطبيعة المنازعة في استحقاق أو عدم استحقاق الضرائب الجمركية المقررة على المعدات والآلات.. إلخ اللازمة لإنشاء مشروع الطاعن بصفته، ومن حيث إنه غنى عن البيان أن استحقاق أو عدم استحقاق الضريبة الجمركية على الواردات هي واقعة الورود إلى المنطقة الجمركية وليس القرار الصادر بالربط والتحديد سوى قرار تنفيذي لأحكام القانون بشأن الخضوع والإعفاء وسعر الضريبة، ومن ثم فإنه يتعين النظر في هذا الطعن في إطار التكييف القانوني السليم لطلبات الطاعن.
ولما كان قد جرى قضاء هذه المحكمة تطبيقاً لأحكام قانوني مجلس الدولة والمرافعات المدنية والتجارية على أنه من المبادئ الأساسية الحاكمة للمنازعة الإدارية أمام محاكم مجلس الدولة أن الفصل في مدى ولاية أو اختصاص المحكمة بنظر النزاع ينبغي أن يسبق النظر في شكل الدعوى أو موضوعها.
ومن حيث إن الطاعن قد استند في صحيفة دعواه وفي أسباب طعنه إلى أن قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 186 لسنة 1986 هو مجرد قرار إداري صادر من رئيس الجمهورية متضمناً قاعدة موضوعية تخالف قاعدة موضوعية أخرى مقررة في قانون سابق على صدوره وأنه استناداً إلى هذا القول فإن هذا القرار الإداري يكون مخالفاً للقانون ومن ثم واجب الإلغاء لأن المادة الرابعة منه انطوت على فرض ضريبة جمركية على ما تستورده الشركة التي يمثلها كان قد أعفاها منها القانون رقم 59 لسنة 1979 في شأن إنشاء المجتمعات العمرانية بمقتضى نص المادة (18) التي تنص على أن "تعفى الهيئة والأفراد والشركات والجهات المتعاقدة معها من الرسوم الجمركية وغيرها من الرسوم على الواردات اللازمة للمشروعات المتعلقة بإنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة وذلك طبقاً للأحكام الواردة في القانون رقم 62 لسنة 1974 في شأن بعض الأحكام الخاصة بالتعمير وتعديلاته".
ومن حيث إن الطاعن يستند فيما أبداه من أن قرار رئيس الجمهورية بالقانون المشار إليه إلى أن هذا القرار بقانون لم يعرض على مجلس الشعب ولم تتخذ بشأنه الإجراءات الدستورية ولم يوافق عليه من جانب مجلس الشعب.
ومن حيث إن الحكم على مدى اعتبار العمل القانوني الصادر عن رئيس الجمهورية في صورة قرار بقانون متمتعاً قانوناً بهذا الوصف أو متجرداً قانوناً من الاتصاف به بحيث يكون مجرد قرار إداري هو مما يدخل في اختصاص محاكم مجلس الدولة التي يتعين عليها أن تتحقق من الوصف الحقيقي للأحكام والقواعد القانونية التشريعية الواجبة التطبيق على النزاع والمرتبة التشريعية لهذه الأحكام بحسب تدرج ورودها في سلم الأدوات التشريعية المختلفة والتحقق من أنها تعد قانوناً أو قراراً جمهورياً تنظيمياً أو تشريعياً وفي مرتبة تتضمن قواعد تنظيمية أو لائحية وأنها بالتالي واجبة التطبيق على النزاع عامة وذلك باعتبار أن هذا البت والفحص والتحديد والبت في تكييف طبيعة ومرتبة تلك الأحكام والقواعد القانونية والتشريعية الحاكمة للنزاع المطروح أمامها مسألة من المسائل الأولية التي يتعين أن تقوم بها أية محكمة وترتبط بولايتها المحددة طبقاً للدستور والقانون بالفصل في المنازعات وتحقيق العدالة في إطار سيادة الدستور والقانون في نطاق الشرعية والمشروعية اللذان يحتمان أن تقوم محكمة مختصة طبقاً للقواعد الدستورية والقانونية المحددة والمنظمة لاختصاص محاكم مجلس الدولة سواء من حيث الولاية العامة أو نوع المنازعة أو محلها بالفصل في المنازعة تطبيقاً لنصوص القانون أو التشريع الواجبة الانطباق عليها المواد (165)، (166)، (167)، (172) والمواد (64)، (65)، (68) من الدستور، والمواد (10، 11، 13، 14، 15، 17) من القرار بقانون رقم 47 لسنة 72 بشأن مجلس الدولة وبصفة خاصة المواد (10، 11) والمواد (15، 16، 17) من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 72 وأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية، ومن ثم فإنه يتعين على محاكم مجلس الدولة مثل غيرها تمهيداً للفصل في شأن تحديد ولايتها أو مدى اختصاصها بنظر النزاع المعروض أن تفصل في تلك المسائل الأولية بحيث إذا ما انتهت المحكمة إلى أن التصرف القانوني المطعون فيه هو في حقيقة الأمر قرار جمهوري بقانون قضت بعدم ولايتها بنظر الطعن فيه، وإذا ما استبان لها أن هذا القرار الجمهوري مجرد قرار إداري ليست تتوفر فيه مقومات القرار الجمهوري بقانون بسطت رقابتها على مدى مشروعيته في نطاق اختصاص محاكم مجلس الدولة المقرر في المادة (172) من الدستور التي يقضي نصها بأن "مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة، ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية وفي الدعاوى التأديبية، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى".
ومن حيث إنه فيما يختص بما ذهب إليه الطاعن من اختصاص المحكمة الدستورية العليا بالفصل في مدى اعتبار التصرف القانوني الصادر عن رئيس الجمهورية في صورة قرار بقانون متمتعاً قانوناً بهذا الوصف أو متجرداً قانوناً من الاتصاف به، فإن المادة (175) من الدستور تقضي بأن للمحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح وتتولى تفسير النصوص التشريعية وذلك كله على الوجه المبين في القانون ويعين القانون الاختصاصات الأخرى للمحكمة وينظم الإجراءات التي تتبع أمامها، وقد نص قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 في المادة (25) على اختصاص المحكمة بالرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح ثم نص في المادة (29) على أن "تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي:
( أ ) إذا تراءى لإحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي أثناء نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص في قانون أو لائحة لازم للفصل في النزاع أوقفت الدعوى وأحالت الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في المسألة الدستورية.
(ب) إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر دعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة، ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعاداً لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، فإذا لم يرفع الدعوى في الميعاد اعتبر كأن لم يكن".
كما نص القانون المذكور في المادة (30) على أنه "يجب أن يتضمن القرار الصادر بالإحالة إلى المحكمة الدستورية العليا أو صحيفة الدعوى المرفوعة إليها وفقاً لحكم المادة السابقة بيان النص التشريعي المطعون بعدم دستوريته والنص الدستوري المدعي بمخالفته وأوجه المخالفة".
ومن حيث إن مقتضى الصياغة التشريعية للنصوص سالفة الذكر سواء في الدستور أو في قانون المحكمة الدستورية العليا أن المحكمة المذكورة إنما تختص وحدها بالرقابة القضائية على موضوعية (نصوص) القوانين واللوائح من الزاوية الدستورية دون أن تمتد هذه الرقابة المقصورة على المحكمة الدستورية دون غيرها من المحاكم إلى مدى سلامة الإطار الشكلي والسياج الهيكلي للوعاء التشريعي الذي وردت به نصوص القانون أو اللائحة، ومن حيث إنه لا يؤيد هذا التفسير لنصوص الدستور وقانون المحكمة الدستورية العليا عبارات المذكرة الإيضاحية لقانون المحكمة الدستورية العليا سالف الذكر التي جاء بها أنه "يكون لهذه المحكمة دون غيرها القول الفصل فيما يثار من منازعات حول دستورية القوانين واللوائح سواء أكانت قوانين عادية صادرة من السلطة التشريعية أو تشريعات لائحية فرعية صادرة من السلطة التنفيذية في حدود اختصاصها الدستوري وسواء أكانت هذه اللوائح عادية أو لوائح لها قوة القانون وتوسعة لنطاق هذه الرقابة على دستورية القوانين أو اللوائح نص القانون على ثلاثة طرق لتحقيق هذه الغاية أولها التجاء جهة القضاء من تلقاء نفسها إلى المحكمة الدستورية العليا لتفصل في دستورية نص لازم للفصل في دعوى منظورة أمام هذه الجهة وذلك تثبيتاً لالتزام الأحكام القضائية بالقواعد الدستورية الصحيحة، والثاني الدفع الجدي من أحد الخصوم أمام إحدى جهات القضاء بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة وعندئذ تؤجل المحكمة نظر الدعوى وتحدد لمن أثار الدفع أجلاً لرفع الدعوى بذلك، والطريق الثالث تخويل المحكمة الدستورية العليا أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة يعرض لها بمناسبة جميع اختصاصاتها" فالدفع بعدم الدستورية الذي يقتصر الفصل فيه على المحكمة الدستورية العليا وحدها دون غيرها هو الدفع بعدم دستورية نص محدد في قانون أو لائحة وبعد أن تتحقق المحكمة التي تحيل الدفع من جديته.
ومن حيث إنه لا جدال في أنه لا يتصور دستورياً أو عقلاً أو منطقياً أن تقوم الشرعية وسيادة القانون وهما أساس الحكم في الدولة بصريح نص المادة (64) من الدستور، كما لا يمكن عملاً أن يتحقق ذلك وما يتفرع عنه من خضوع الدولة للقانون أو أن يتحقق استقلال القضاء وصيانته باعتبار كل ذلك من الضمانات الأساسية لحماية الحقوق والحريات في الوطن المصري إلا لو كان للقضاء ذاته أياً كان مرتبة المحكمة المنظور أمامها النزاع أن يبحث ويفحص ويتحقق ويفصل في مدى السلامة الشكلية للقاعدة القانونية الواجبة التطبيق على النزاع وللمرتبة التشريعية لهذه القاعدة وبصفة أساسية يتعين أن يكون لكل محكمة الفصل في ذلك وأيا كان مستواها في سبيل تحديد مدى ولايتها أو اختصاصها بنظر النزاع ذاته المطروح أمامها، ومن ثم فإنه إذا كان صحيحاً ومسلماً به طبقاً للدستور والقانون أن للمحكمة الدستورية العليا وحدها بطريق الإحالة من المحكمة المختصة سواء من تلقاء ذاتها أو بناءً على الدفع الجدي الذي لا يكون لذلك إلا حسبما تقدر ذلك المحكمة المقدم إليها الدفع، الفصل في مدى دستورية نص ما في قانون، أو بالتصدي لذلك من المحكمة الدستورية العليا ذاتها خلال نظرها نزاع مطروح عليها (المواد 25، 26، 27 من قانون المحكمة الدستورية العليا) فإن صحيح أحكام الدستور والقانون كذلك أن لمحاكم مجلس الدولة أن تفصل في مدى الوجود المادي والشكلي الصحيح والسليم للنص أو القاعدة القانونية الواجبة التطبيق ومدى صحتها وسلامتها من الوجهة الشكلية طبقاً للدستور والقانون ومرتبتها في السلم التشريعي وذلك سواء لتحديد أو إنزال حكم القانون على موضوع النزاع.
ومن حيث إن الطاعن (المدعي في الدعوى الصادر بها الحكم المطعون فيه) إنما ينعى على القرار بقانون رقم 186 لسنة 1986 أنه متجرد من وصف القرار بقانون لعيب شكلي لحق به هو عدم عرضه على مجلس الشعب وفقاً للقاعدة الدستورية المقررة في هذا الشأن وأنه قد تقلص بذلك إلى أن يكون مجرد قرار إداري صادر من رئيس الجمهورية متضمناً قواعد موضوعية تخالف قانوناً قائماً.
ومن حيث إنه بناء على ما سلف بيانه فإنه يتعين إعمالاً لأحكام الدستور والقانون أن على جهة القضاء الإداري أن تتصدى كما سبق البيان لبحث مدى اعتبار التصرف القانوني الصادر عن رئيس الجمهورية قراراً جمهورياً بقانون يخرج عن ولايتها التعرض له، أو مجرد قرار إداري يدخل في اختصاصها بحث مدى مشروعيته ومدى السلامة الشكلية للنصوص الواردة ومرتبته التشريعية لإعماله وتطبيق أحكامه على النزاع إعمالاً للمشروعية وسيادة القانون وتحقيقاً للعدالة.
ومن حيث إن دستور جمهورية مصر العربية قد تكفل بتنظيم حق رئيس الجمهورية في إصدار القرار بقانون، وذلك في نص المادة (147) الذي يقضي بأنه "إذا حدث في غيبة مجلس الشعب ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير جاز لرئيس الجمهورية أن يصدر في شأنها قرارات تكون لها قوة القانون، ويجب عرض هذه القرارات على مجلس الشعب خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدورها إذا كان المجلس قائماً، وتعرض في أول اجتماع له في حالة الحل أو وقف جلساته، فإذا لم تعرض زال بأثر رجعي ما لها من قوة القانون دون حاجة إلى إصدار قرار بذلك، وإذا عرضت ولم يقرها المجلس زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون، إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها في الفترة السابقة أو تسوية ما ترتب على آثارها بوجه آخر.
ومن حيث إن اللائحة الداخلية لمجلس الشعب قد نصت في المادة (173) على أن يحيل المجلس القرارات بقوانين التي تصدر بالتطبيق لأحكام أي من المواد (74)، (108)، (147) من الدستور إلى اللجان المختصة لإبداء رأيها فيها ويكون لبحث هذه القرارات بقوانين الأولوية على أية أعمال أخرى لدى اللجنة ويجوز للمجلس بناء على اقتراح رئيسه إحالة القرارات بقوانين ذات الأهمية الخاصة إلى اللجنة العامة أو لجنة خاصة تشكل طبقاً لأحكام المادة (83) من هذه اللائحة.
ومن حيث إن قرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 186 لسنة 1986 قد صدر في 21/ 8/ 1986 ونشر بالعدد (34) من الجريدة الرسمية الصادر في 21/ 8/ 1986، ومن حيث إنه قد ورد بمضبطة مجلس الشعب عن الجلسة الثالثة من دور الانعقاد العادي الثالث من الفصل التشريعي الرابع المعقودة يوم 13/ 11/ 1986 أن قرار رئيس الجمهورية بالقانون 186 لسنة 1986 بإصدار قانون تنظيم الإعفاءات الجمركية قد عرض ضمن الرسائل الواردة للمجلس وقد أعلن رئيس المجلس أنه أحيل إلى لجنة الخطة والموازنة في هذا التاريخ وعقدت لجنة الخطة والموازنة خمسة اجتماعات لمناقشة قرار رئيس الجمهورية بالقانون المذكور حتى 25/ 1/ 1987 ثم تم حل المجلس ثم أعيد انتخاب المجلس في إبريل سنة 1987 وظل الموضوع محل بحث حتى عرض الموضوع بجلسة المجلس المعقودة في أول يوليه سنة 1989 وفيها أعلن رئيس المجلس أن القرار بقانون قد قدم للمجلس في المواعيد الدستورية وأحيل إلى اللجنة ثم حل المجلس وأجريت الانتخابات، وعاد المجلس للانعقاد واستمرت الدراسة وفي ختام المناقشة بتلك الجلسة تمت موافقة مجلس الشعب على القرار بقانون المذكور.
ومن حيث إن الثابت من واقع مضبطة مجلس الشعب (الجلسة 85 في 1/ 7 - 1989) أن قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 186 لسنة 1986 قدم للمجلس في المواعيد الدستورية المقررة وقد عرض على مجلس الشعب قبل حله ثم أعيد العرض بعد تشكيل المجلس الجديد وتمت مراجعة هذا المجلس أحكامه ووافق عليه، ومن ثم فإن النعي على القرار بقانون المذكور بأنه من الناحية الشكلية لم يأخذ شكله الدستوري والقانوني وفقاً للقواعد الدستورية يكون على غير سند من الواقع أو القانون، ومن ثم يكون الطعن عليه بادعاء أنه مجرد قرار إداري قول عار عن الصحة ولا أساس ولا سند له في الواقع أو القانون.
ومن حيث إن مقتضى ما سلف جميعه أن محل الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه والمتضمن وفقاً للتكييف السليم لطلبات المدعي عدم سلامة انطباق القرار بقانون رقم 186 لسنة 1986 على حالته لبطلانه كقرار إداري لعدم دستوريته هي في حقيقة الحال طعن ببطلان أو انعدام أو عدم دستورية قرار أصدره رئيس الجمهورية طبقاً للاختصاص الدستوري بقانون نظره وراجعه وأقره مجلس الشعب، ومن ثم يكون تشريعاً واجب الاحترام والتنفيذ فيما يخضع له من موضوعات وأشخاص.
ومن حيث إن النزاع في موضوع الدعوى الصادر فيها الحكم الطعين نزاع قانوني بحت يتعلق بمدى سريان القرار بقانون رقم 186 لسنة 1986 على المدعي وهي مهيأة للفصل في موضوعها أمام هذه المحكمة.
ومن حيث إنه بناء على ذلك فإنه إذ قضى هذه القرار بقانون في المادة الثانية من مواد إصداره بأن يلغي القانون رقم (91) لسنة 1983 تنظيم الإعفاءات الجمركية والنصوص التي تقرر هذه الإعفاءات الجمركية فيما وردت في القوانين واللوائح والقرارات التنظيمية الصادرة قبل العمل بالقانون سواء أكان الإعفاء من الضرائب الجمركية كلياً أو جزئياً أو تضمنت تلك النصوص تأجيل سداد الضريبة أو تقسيطها أو كان الإعفاء المقرر بها لسلع بذاتها أو لجهة معينة أو لقرض محدد، كما نصت المادة (4) من القرار بقانون المذكور على أن تحصل ضريبة جمركية بفئة موحدة (5%) من القيمة على ما يستورد من الآلات والمعدات بالأجهزة اللازمة لإنشاء المشروعات التي تتم الموافقة عليها تطبيقاً لأحكام القانون رقم (43) لسنة 1974 بإصدار نظام استثمار المال العربي والأجنبي والمناطق الحرة، والقانون رقم 159 لسنة 1981 بإصدار قانون الشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة ويخضع للفئة الموجودة المشار إليها ما يستورد من الآلات والمعدات ووسائل النقل للمواد والسيارات ذات الاستعمالات الخاصة بالبناء من غير سيارات الركوب اللازمة لإنشاء مشروعات التعمير التي يتم تنفيذها طبقاً لأحكام القانون رقم 62 لسنة 1974 بشأن بعض الأحكام الخاصة بالتعمير.
ويسري حكم هذه المادة على المشروعات التي يتم إنشاؤها في المجتمعات العمرانية الجديدة طبقاً لأحكام القانون رقم 59 لسنة 1979 وكذا المشروعات التي تقوم بها وحدات التعاون الإسكاني الخاضعة للقانون رقم 14 لسنة 1981 ومشروعات الإسكان الشعبي التي تقوم عليها الجهات التي تحدد بقرار من وزير المالية بعد أخذ رأي الوزير المختص.
ومن حيث إنه وإن كان الأصل العام والمسلم به طبقاً لأحكام الدستور أن القوانين لا يعمل بها إلا من تاريخ نفاذها ما لم ينص على غير ذلك فيها صراحة وأنه لا ضريبة ولا إعفاء منها إلا بقانون فإنه يتعين لكي يتحقق وجود الأثر الرجعي للقانون أن يرتد أحكامه للمساس بمراكز قانونية ذاتية سبق لها أن تحددت واستقرت في ظل قانون سابق.
ومن حيث إنه لم يتضمن القرار بقانون رقم 186 لسنة 1986 أي إلغاء للإعفاء من الضريبة الجمركية بالنسبة لما سبق أن تقرر إلغاؤه من سلع أو مشروعات على تاريخ نفاذ القانون وقد نص البند (3) من المادة (4) منه صراحة على عدم إخلال هذا القرار بقانون بالإعفاءات الجمركية التي صدرت بقرارات من السلطات المختصة قبل العمل بهذا القانون تطبيقاً لأحكام المادتين (3)، (4) والبند (12) من المادة (5) من القانون رقم (93) لسنة 1983 بتنظيم الإعفاءات الجمركية فيما تقرر له من إعفاءات طبقاً للمادة (3) بند (16) ( أ )، (ب) للآلات والمعدات ومواد البناء الأساسية ووسائل نقل المواد والسيارات ذات الاستعمالات الخاصة بالبناء من غير سيارات الركوب اللازمة لتنفيذ المشروعات التي تقوم بها الجهات القائمة بالتعمير المنصوص عليها في القانون رقم (62) لسنة 1974 أو الجهات القائمة على إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة المنصوص عليها في القانون رقم 59 لسنة 1979 والتي وردت قبل تاريخ نفاذ القرار بقانون رقم 186 لسنة 1986 لا تخضع بأي وجه لما تضمنه من ضريبة جمركية موحدة السعر على النحو سالف البيان وبالتالي فلا يوجد فرض ضريبة بأثر رجعي في هذا القرار بقانون مما يحظره الدستور ويبرر عدم خضوع الطاعن بصفته للضريبة الجمركية منذ نفاذ أحكام القرار بقانون رقم 186 لسنة 1986 تطبيقاً لأحكام المادتين (119)، (187) من الدستور بل لقد راعى المشرع النص على عدم إخضاع ما تم إعفاؤه صراحة من الضريبة الجمركية وهو ما ورد بالفعل إلى المنطقة الجمركية قبل نفاذ القرار بقانون المذكور للضريبة الجمركية التي نص عليها القرار بقانون سالف الذكر.
ومن حيث إنه بناء على جميع ما سبق ذكره فإنه لا يكون ثمة سند من الواقع أو القانون لما كان يطلبه الطاعن (المدعي) في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه من استمرار تمتعه بالإعفاء الجمركي رغم صدور القرار الجمهوري رقم 186 لسنة 1986 ومن ثم فقد كان يتعين رفض الدعوى، ومن ثم فلا سند يقوم عليه الطعن الماثل الأمر الذي يتعين معه القضاء برفضه للأسباب السالف إيرادها.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت الطاعن بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق