الصفحات

الاثنين، 15 مايو 2023

الطعن 219 لسنة 31 ق جلسة 27 / 1 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 ق 24 ص 182

جلسة 27 من يناير سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم الجافي، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم حسن علام، وسليم راشد أبو زيد.

----------------

(24)
الطعن رقم 219 لسنة 31 القضائية

(أ) شركات "شركة التضامن". "إثبات الشركة". إثبات. "الإثبات بالكتابة". غير "في العلاقة بين الشركاء".
وجوب إثبات وجود شركة التضامن بالكتابة (م 46 من قانون التجارة) عدم جواز إثبات شركة التضامن بين أحد طرفيها بغير الكتابة. اشتراط التقنين المدني القائم الكتابة لانعقاد الشركة يقتضي بالضرورة لزومها للإثبات.
في العلاقة بين الشركاء والغير: لا يجوز للشركاء إثبات الشركة في مواجهة الغير إلا بالكتابة. للغير أن يثبت قيامها بكافة طرق الإثبات.
(ب) شركات. "شركة تضامن". "الشركة الفعلية" إثبات.
التزام الكتابة في إثبات قيام شركة التضامن في الماضي بعد القضاء ببطلانها لعدم استيفائها الشكل القانوني محل خلاف في الرأي. الرأي بجواز إثبات هذه الشركة الفعلية بجميع طرق الإثبات المقبولة في المواد التجارية يشترط أن تكون هذه الشركة قد باشرت بعض أعمالها فعلاً. لا أثر للبطلان على الشركاء أنفسهم إلا من وقت طلب الشركة الحكم بالبطلان (م 507/ 2 مدني).
عدم البدء في تنفيذ الشركة قبل الحكم ببطلانها لاستيفاء الشكل القانوني وعدم مزاولتها أي عمل من أعمالها. عدم اعتبارها "شركة فعلية" انتفاء علة عدم تطبيق الأثر الرجعي للبطلان في هذه الحالة.
(ج) شركات. "شركة تضامن". عقد. "عقد شكلي" بطلان.
اشتراط القانون المدني أن يكون عقد الشركة مكتوباً وإلا كان باطلاً. صيرورة عقد الشركة عقداً شكلياً. عدم جواز إثباته بين طرفيه بغير الكتابة. عدم جواز الاتفاق على إثباته بغير هذا الطريق.
(د) دعوى "سبب الدعوى". مسئولية. "مسئولية عقدية ومسئولية تقصيرية".
إقامة الدعوى بالتعويض على الخطأ العقدي لا يمنع المحكمة الاستئنافية من بناء حكمها على خطأ تقصيري. ليس ذلك تغييراً لسبب الدعوى لا تملكه المحكمة من تلقاء نفسها وإنما هو استناد إلى وسيلة دفاع جديدة.

------------------
1 - جرى قضاء محكمة النقض (1) قبل العمل بالتقنين المدني القائم - على أن المادة 46 من قانون التجارة قد بينت الدليل الذي يقبل في إثبات وجود شركة التضامن فأوجبت إثباتها بالكتابة، وإذا كان حكم القانون في ظل التقنين المدني القديم الذي لم يكن يشترط الكتابة لانعقاد عقد الشركة هو عدم جواز إثبات شركة التضامن من أحد طرفيها بغير الكتابة فإنه لا يصح القول بأن التقنين المدني القائم حين تشدد فجعل الكتابة شرطاً لانعقاد هذه الشركة قد عدل عن اشتراط الكتابة لإثباتها إذ أنه متى كانت الكتابة لازمة لوجود العقد فهي بالضرورة لازمة لإثباته لأن الإثبات مرتبط بالشكل ومن ثم تكون القاعدة في إثبات شركة التضامن سواء في التقنين المدني الملغي أو في التقنين القائم هي أنه في حالة إنكار قيام هذه الشركة فإنه لا يجوز إثباتها فيما بين طرفيها بغير الكتابة - أما في العلاقة بين الشركاء والغير فإنه وإن كان لا يجوز لهؤلاء الشركاء إثبات الشركة في مواجهة الغير إلا بالكتابة فإن للغير أن يثبت قيامها بكافة طرق الإثبات.
2 - قاعدة التزام الكتابة في إثبات شركة التضامن بين طرفيها لا خلاف عليها إذا كان المطلوب هو إثبات وجود هذه الشركة بالنسبة للحاضر أو المستقبل أما إذا كان المطلوب هو إثبات قيامها في الماضي بعد القضاء ببطلانها لعدم استيفائها الشكل القانوني أي في الفترة ما بين إنشائها وطلب بطلانها فقد اختلف الرأي في تطبيق تلك القاعدة بالنسبة لإثبات "الشركة الفعلية" التي قامت في الواقع بين الشركاء وكانوا يتعاملون في وقت طلب بطلانها على اعتبار أنها صحيحة وقائمة إلا أنها مع قيام هذا الخلاف في الرأي فإنه حتى من رأى جواز إثبات قيام تلك الشركة الفعلية بجميع طرق الإثبات المقبولة في المواد التجارية فقد اشترط لذلك أن تكون هذه الشركة قد باشرت بعض أعمالها فعلاً حتى يمكن القول بوجود كيان لها في الواقع ويصبح للشركاء مصلحة في إثباتها ليصلوا من وراء ذلك إلى تصفية العمليات المشتركة فلا ينفرد بناتجها من ربح أو خسارة أحدهم دون الباقين وهو الأمر الذي أريد تفاديه بالالتجاء إلى فكرة الشركة الفعلية في هذه الصورة والذي من أجل تلافيه أورد المشرع المصري القاعدة التي نص عليها في الفقرة الثانية من المادة 507 من القانون المدني التي تقضي بأن لا يكون للبطلان متى حكم به لعدم كتابة عقد الشركة أثر فيما بين الشركاء أنفسهم إلا من وقت أن يطلب الشريك الحكم بالبطلان أما إذا كانت الشركة لم يبدأ في تنفيذها قبل أن يحكم ببطلانها لعدم استيفائها الشكل القانوني ولم تكن قد زاولت أي عمل من أعمالها فإنه لا يكون قد توافر لها كيان في الواقع في الفترة السابقة لطلب البطلان ولا يمكن بداهة اعتبارها شركة فعلية وتكون العلة من عدم تطبيق الأثر الرجعي للبطلان منتفية في هذه الحالة.
3 - لما كان القانون المدني القائم قد أوجب في المادة 507 منه أن يكون عقد الشركة مكتوباً وإلا كان باطلاً وأصبح بذلك عقد الشركة عقداً شكلياً فإنه لا يقبل في إثباته بين طرفيه غير الكتابة ولا يجوز لهما الاتفاق على إثباته بغير هذا الطريق. 
4 - استناد المطعون ضده في دعواه إلى الخطأ العقدي لا يمنع المحكمة الاستئنافية من أن تبني حكمها بالتعويض على خطأ تقصيري متى ثبت لها توفر هذا الخطأ إذ أن استنادها إليه لا يعتبر منها تغييراً لسبب الدعوى مما لا تملكه المحكمة من تلقاء نفسها وإنما هو استناد إلى وسيلة دفاع جديدة على ما جرى به قضاء محكمة النقض (2).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضده رفع على الطاعن الدعوى رقم 563 سنة 1958 تجاري كلي القاهرة طلب فيها الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ عشرين ألفاً من الجنيهات وقال في بيان دعواه إنه خلال سنة 1954 عرض عليه الطاعن أن يفكر له في مشروع يستثمر فيه أمواله ويكون شريكاً له فيه فقبل هذا العرض وأخذ يفكر في مشروع فريد من نوعه حتى اهتدى إلى إنشاء مصنع لعمل وطبع اسطوانات الأغاني والموسيقى بمصر يكون هو الأول من نوعه في الشرق الأوسط وعرض الفكرة على الطاعن فرحب بها بعد أن درسها واقتنع بها وجرت بينهما مفاوضات في شأن إنشاء شركة لتنفيذ هذا المشروع وبعد مقابلات تمت في مكتب الأستاذ عبد المجيد الشرقاوي المحامي انتهت المفاوضات إلى اتفاق بين الطرفين على تكوين شركة بينهما يساهم فيها الطاعن بجميع ما يلزمها من رأس مال ونفقات إنشاء المصنع وشراء الآلات ويساهم فيها المطعون ضده بعمله وخبرته الفنية ويشرف على إدارة المصنع من الناحيتين الفنية والتجارية ويكون له الربع في موجودات الشركة من أرض وبناء وآلات وغيرها والربع كذلك في صافي الأرباح ويكون للطاعن الثلاثة الأرباع الباقية في كل ذلك، وعلى أثر الوصول إلى هذا الاتفاق طلب منه الطاعن السفر إلى أوربا لاختيار الآلات والأدوات اللازمة للمصنع ولما طالب الطاعن بتحرير عقد الشركة التي تم الاتفاق بينهما على تكوينها أفهمه الطاعن بأن الأمر جد عاجل ولا يحتمل الانتظار حتى تتم إجراءات العقد وأنه ما دام الاتفاق قد تم بينهما فعلاً فلا خوف من إرجاء تحرير العقد لحين عودته من الخارج فاطمأن المطعون ضده وسافر إلى أوروبا تاركاً أعماله العديدة في القطر المصري وقضى عدة شهور في البحث في مصانعها عن أحسن ما أنتجته من الآلات وكان خلال هذه الفترة يتصل بالطاعن عن طريق البريد والبرق والمسرة ويطلعه على خطواته أولاً بأول حتى إذا ما تم له اختيار ما رآه صالحاً من هذه الآلات أخبر الطاعن بذلك فسافر إليه وأقر اختياره ودفع ثمن هذه الآلات ولكن ما أن وصلت إلى مصر وتسلمها الطاعن حتى تنكر له ورفض تحرير عقد الشركة بل وأنكر حصول أي اتفاق بينهما بشأن تكوين هذه الشركة واستأثر بالآلات لنفسه وعقد الشركة مع آخرين لتنفيذ ذات المشروع الذي كان وليد تفكير المطعون ضده مما اضطر الأخير لرفع هذه الدعوى مطالباً بمبلغ عشرين ألفاً من الجنيهات كتعويض له عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به بسبب إخلال الطاعن بتنفيذ ما تعهد به - وقدم لإثبات دعواه صوراً من الرسائل التي تبادلها مع الطاعن أثناء وجوده في أوربا ومن الرسائل التي تبادلاها مع الشركات التي تتجر في معدات مصانع الأسطوانات وبعض مستندات أخرى وبتاريخ 22 من نوفمبر سنة 1959 قضت المحكمة من تلقاء نفسها بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي (المطعون ضده) بكافة طرق الإثبات القانونية أنه وقبل سفره إلى أوربا في سنة 1954 قد اتفق مع المدعى عليه (الطاعن) على الأسس التي ستتكون منها الشركة بينهما بعد استيراد الآلات والأدوات لمصنع الأسطوانات وأن هذه الأسس تتضمن أن يكون له الربع في ملكية المنقول والعقار ثم الربع في صافي أرباح المصنع بعد إنشائه وإنتاجه وبأن نصيبه في رأس المال تحدد بمجهوده وخبرته الفنية وأجازت المحكمة للطاعن النفي بذات الطرق وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين ومن بينهم الأستاذ عبد المجيد الشرقاوي الذي أعلنه كل منهما شاهداً له اعترض الطاعن في أول مذكرة قدمها بعد إحالة القضية إلى المرافعة على إجازة إثبات الشركة بغير الكتابة - وبتاريخ 19 من يونيه سنة 1960 قضت المحكمة بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده مبلغ 9870 جنيهاً والمصروفات جميعها ومبلغ خمسة وعشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة وانتهت في أسباب هذا الحكم إلى أنه ثبت لها أن العلاقة بين الطرفين كانت تقوم على عقد غير مكتوب يفيد قيام شركة تضامن بينهما وأن الدعوى بالتعويض مؤسسة على ما تضمنه العقد المنشئ لهذه العلاقة أي على المسئولية العقدية وأن إثبات قيام تلك الشركة فيما بين الشركاء أنفسهم يخضع لقواعد الإثبات التي تجيز إثبات جميع التصرفات والعقود التجارية بالقرائن والبينة واعتمدت المحكمة في إثبات قيام الشركة على شهادة الشهود - استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 444 سنة 77 ق وطلب إلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المطعون ضده كما رفع الأخير بدوره استئنافاً قيد برقم 454 سنة 77 ق طالباً تعديل الحكم المستأنف وزيادة التعويض المقضى له به إلى المبلغ الذي طلبه في صحيفة دعواه - وبتاريخ 28 من مارس سنة 1961 حكمت محكمة الاستئناف بقبول الاستئنافين شكلاً وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت جورج غزال (المطعون ضده) بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها البينة مقدار ما حل به من خسارة وما فاته من ربح بسبب فسخ عقد الشركة بفعل السيد/ حسن محمد سرور الصبان (الطاعن) ولينفي الأخير ذلك بذات الطرق وتضمنت أسباب هذا الحكم أن المحكمة تقر ما جاء بالحكم المستأنف من النظر القانوني بجواز إثبات الشركة في هذه الحالة بكافة طرق الإثبات القانونية كما تقر ما جاء بالحكم المذكور من استخلاص قيام الشركة بشروطها على ما حدده شاهد الطرفين الأستاذ عبد المجيد الشرقاوي المحامي. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن الماثل وقدمت النيابة مذكرة انتهت فيها إلى رفض الطعن وقررت دائرة فحص الطعون بجلسة 16 يونيه سنة 1964 إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تنازل المطعون ضده عن الدفع الذي أبداه في مذكرته ببطلان إعلان تقرير الطعن وتمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتفسيره ذلك أنه أجاز للمطعون ضده أن يثبت بشهادة الشهود شركة التضامن التي زعم قيامها بينه وبين الطاعن مع أنه طبقاً للمادة 46 من القانون التجاري و507 من القانون المدني لا يجوز إثبات هذه الشركة من أحد طرفيها بغير الكتابة وقد أخطأ الحكم المطعون فيه في الاستشهاد على صحة رأيه بحكم النقض الصادر في 27 من إبريل سنة 1942 إذ أن الحكم إنما أجاز إثبات شركة التضامن بالبينة في حالة وجود مبدأ ثبوت بالكتابة فقط وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يذكر أن في الأوراق التي قدمها المطعون ضده ما يعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة فإن اعتماده في إثبات الشركة على أقوال الشهود يكون خطأ في القانون ولا يبرر ذلك ما قرره الحكم القاضي بالإحالة إلى التحقيق من أن الطاعن وقف موقفاً سلبياً إذ أن القواعد الأصلية في الإثبات لا تكلف المدعى عليه حينما لا يقيم المدعي دليلاً على دعواه أن يقيم هو الدليل على نفي هذه الدعوى لما كان المطعون ضده لم يقدم دليلاً مقبولاً على صحة دعواه فقد كان حسب الطاعن أن يقف موقف الإنكار، كذلك لا يجوز الاستناد إلى المادة 190 من قانون المرافعات لتبرير قضاء المحكمة الابتدائية بإحالة الدعوى إلى التحقيق من تلقاء نفسها إذ أنه يشترط لاستعمال السلطة المخولة للمحكمة في هذه المادة أن يكون الإثبات بالبينة جائزاً في القضية المطروحة - أما ما قرره الحكم المطعون فيه من سقوط حق الطاعن في النعي على الحكم التمهيدي القاضي بإحالة الدعوى إلى التحقيق لعدم اعتراضه على الإثبات بالبينة قبل صدور هذا الحكم ولأنه قبل تنفيذه بعد أن صدر - هذا الذي قرره الحكم خطأ آخر منه في القانون ذلك أنه لم يكن في استطاعة الطاعن أن يعرف سلفاً بأن المحكمة ستجيز الإثبات بالبينة بالمخالفة للقانون حتى يعترض على ذلك قبل صدور الحكم القاضي بالإحالة إلى التحقيق كما أنه بعد صدور هذا الحكم لم يكن الطاعن يملك مخالفته أو الخروج عنه لأنه حكم واجب التنفيذ فقيامه بتنفيذ ما قضى به ذلك الحكم لم يكن إلا مجرد إذعان منه لما لا سبيل إلى الحيلولة دون المضي فيه وبالتالي فإن هذا التنفيذ لا يسقط حقه في الاعتراض على إجازة الإثبات بالبينة وقد اعترض على ذلك في أول مذكرة صرح له بتقديمها بعد سماع الشهود وأصر على هذا الاعتراض في أسباب استئنافه وفي المذكرات المقدمة منه إلى محكمة الاستئناف.
وحيث إن الحكم الابتدائي الذي أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه بعد أن انتهى إلى أن الشركة التي ادعى المطعون ضده قيامها بينه وبين الطاعن هي شركة تضامن أقام قضاءه بجواز إثبات هذه الشركة بشهادة الشهود على ما قاله من "أن المستفاد من نص المادة 507 من القانون المدني هو جواز قيام شركة بدون عقد مكتوب بين الشركاء ثم يبقى هذا العقد صحيحاً منتجاً لكافة آثاره القانونية إلى أن ينهض أحد الشركاء أو بعضهم بطلب الحكم ببطلان عقد الشركة أمام القضاء - فهو إذن بطلان نسبي مقرر للشركاء فيما بينهم" ثم أورد الحكم نص مذكرة المشروع التمهيدي لتلك المادة وقال "وحيث إنه على ضوء ما سبق إيراده تكون القاعدة فيما يختص بإثبات الشركة فيما بين الشركاء أنفسهم خاضعة للأحكام العامة لقواعد الإثبات التي تجيز إثبات جميع التصرفات والعقود التجارية بالقرائن والبينة إلا ما استثنى بنص خاص في القانون ولا يحد من هذه القاعدة إلا أن يتداعى أحد الشركاء أمام القضاء بطلب بطلان عقد الشركة إذ في هذه الحالة تقف آثار الشركة إلى اليوم الذي أقيمت فيه الدعوى بالبطلان وذلك بالنسبة للمستقبل وتبقى آثارها السابقة على الدعوى صحيحة ونافذة وبذلك تنطبق على مثل هذه الشركة قواعد تصفية الشركات فيما يتعلق بما سلف من تصرفاتها فحسب وإذن فمتى كان الشركاء أو أحدهم لم يرفع الدعوى ببطلان الشركة لعدم تحرير عقد مكتوب بها فإن إثبات قيام مثل هذه الشركة يكون ممكناً وجائزاً بكافة طرق الإثبات القانونية متى استبانت المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها أن الادعاء بقيامها يقوم على دلائل قريبة الاحتمال، ولقد أصدرت محكمة النقض حكماً ولو أنه صدر في ظل المادة 215 من القانون المدني الملغي إلا أنه ينطبق على واقعة الدعوى الحالية وفقاً للتحديد الذي أبانت عنه المحكمة فيما سبق وهذا الحكم يقضي بأن شركة التضامن ليست من العقود الشكلية حتى يصح القول ببطلانها إذا لم يحرر عقدها بالكتابة وإنما هي من التعهدات التي لا يجوز إثباتها إلا بالكتابة لأن المادة 46 من قانون التجارة لم تنص على وجوب الكتابة إلا لبيان الدليل الذي يقبل في إثبات وجود شركة التضامن ولما كان مبدأ الثبوت بالكتابة يقوم في التعهدات المدنية على وجه العموم مقام الإثبات بالكتابة إذا كملته الشهود والقرائن فمن باب أولى تكون الحالة في شركة التضامن باعتبارها من المسائل التجارية والقاعدة في المسائل التجارية أنه يجوز فيها على وجه العموم الإثبات بغير الكتابة (نقض 27/ 4/ 1942 مجموعة أحكام النقض في 25 عاماً ص 689 رقم 12 وأيضاً الحكم التالي له رقم 13) وحيث إنه متى ثبت أنه يجوز قيام شركة حتى ولو لم يحرر بشأنها عقد مكتوب على ما سلف بيانه وكانت المحكمة قد أصدرت حكمها السابق بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي هذه الواقعة وكان الثابت من موقف المدعى عليه في الدعوى أنه لم يبد أي دفع أو دفاع في المرحلة السابقة على صدور حكم التحقيق ثم إنه لما صدر هذا الحكم قام بإعلان شهود - وسمعت المحكمة شهود الطرفين ولم يعترض المدعى عليه على أي من هذه الإجراءات بأي اعتراض سوى ما ضمنه مذكرتيه المقدمتين بشأن بطلان عقد الشركة لعدم تحرير عقد مكتوب بشأنها وهو الأمر الذي تناولته المحكمة بالمناقشة والرد عليه فيما سبق فإنه يتعين مناقشة أقوال الشهود وبيان ما إذا كان ادعاء المدعي في محله أم لا" وجاء بالحكم المطعون فيه رداً على اعتراض الطاعن على إجازة إثبات الشركة من جانب المطعون ضده بغير الكتابة ما يأتي "أن المحكمة تقر ما جاء بالحكم المستأنف من النظر القانوني بجواز إثبات الشركة في هذه الحالة بكافة الطرق القانونية كذلك تقر ما جاء بالحكم المذكور من استخلاص قيام الشركة بشروطها على ما حددها به شاهد الطرفين الأستاذ عبد المجيد الشرقاوي المحامي - وحيث إنه فضلاً عن هذا فإنه بعد أن صدر حكم محكمة أول درجة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت غزال (المطعون ضده) وجود الشركة بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة فإن الصبان (الطاعن) قد نفذ الحكم على وجه يفصح بأنه قبله قبولاً مطلقاً ففضلاً عن أنه لم يعترض على الحكم بشيء فإنه لم يكتف بهذا بل إنه عندما امتنع شاهد الإثبات الأستاذ عبد المجيد الشرقاوي عن الإدلاء بشهادته حفظاً منه على سر موكله الصبان فإن الصبان قد أحله من هذا وطلب منه الإدلاء بشهادته بل قرر أنه أعلنه كشاهد له واعتبره الطرفان شاهداً لهما كما يستفاد من مطالعة مستهل محضر التحقيق" وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه وأقام عليه نظره في جواز إثبات شركة التضامن التي ادعى المطعون ضده قيامها بينه وبين الطاعن - بشهادة الشهود غير صحيح في القانون ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد جرى قبل العمل بالتقنين المدني القائم على أن المادة 46 من قانون التجارة قد بينت الدليل الذي يقبل في إثبات وجود شركة التضامن فأوجبت إثباتها بالكتابة، ولقد قررت محكمة النقض هذه القاعدة بصراحة في حكميها اللذين استشهد بهما الحكم الابتدائي واللذين أولهما تأويلاً خاطئاً وإذا كان الحكم الأول منهما الصادر في 27 من إبريل سنة 1944 قد أجاز في واقعة الدعوى التي صدر فيها إثبات شركة التضامن المدعاة بشهادة الشهود فقد كان ذلك لوجود مبدأ ثبوت بالكتابة يقوم مقام الكتابة إذا أكملته البينة أو القرائن - أما حكم النقض الثاني الذي أشار إليه الحكم الابتدائي فقد كان في القضية التي صدر فيها عقد شركة مكتوب وقد أجاز ذلك الحكم تفسير ما غمض من نصوص هذا العقد بالاعتماد على نصوص العقود السابقة للشركة والموقع عليها من الخصوم أنفسهم وليس في ذلك خروج على قاعدة التزام الكتابة في الإثبات، وإذا كان حكم القانون في ظل التقنين المدني القديم الذي لم يكن يشترط الكتابة لانعقاد عقد الشركة هو عدم جواز إثبات شركة التضامن من أحد طرفيها بغير الكتابة فإنه لا يصح القول بأن التقنين المدني القائم حين تشدد فجعل الكتابة شرطاً لانعقاد هذه الشركة قد عدل عن اشتراط الكتابة لإثباتها إذ أنه متى كانت الكتابة لازمة لوجود العقد فهي بالضرورة لازمة لإثباته لأن الإثبات مرتبط بالشكل ومن ثم تكون القاعدة في إثبات شركة التضامن سواء في التقنين المدني الملغي أو في التقنين القائم هي أنه في حالة إنكار قيام هذه الشركة فإنه لا يجوز إثباتها فيما بين طرفيها بغير الكتابة - أما في العلاقة بين الشركاء والغير فإنه وإن كان لا يجوز لهؤلاء الشركاء إثبات الشركة في مواجهة الغير إلا بالكتابة فإن للغير أن يثبت قيامها بكافة طرق الإثبات، وقاعدة التزام الكتابة في إثبات شركة التضامن بين طرفيها لا خلاف عليها إذا كان المطلوب هو إثبات وجود هذه الشركة بالنسبة للحاضر أو المستقبل أما إذا كان المطلوب هو إثبات قيامها في الماضي بعد القضاء ببطلانها لعدم استيفائها الشكل القانوني أي في الفترة ما بين إنشائها وطلب بطلانها فقد اختلف الرأي في تطبيق تلك القاعدة بالنسبة لإثبات الشركة الفعلية التي قامت في الواقع بين الشركاء وكانوا يتعاملون حتى وقت طلب بطلانها على اعتبار أنها صحيحة وقائمة إلا أنه مع قيام هذا الخلاف في الرأي فإنه حتى من رأى جواز إثبات قيام تلك الشركة الفعلية بجميع طرق الإثبات المقبولة في المواد التجارية فقد اشترط لذلك أن تكون هذه الشركة قد باشرت بعض أعمالها فعلاً حتى يمكن القول بوجود كيان لها في الواقع ويصبح للشركاء مصلحة في إثباتها ليصلوا من وراء ذلك إلى تصفية العمليات المشتركة فلا ينفرد بناتجها من ربح أو خسارة أحدهم دون الباقين وهو الأمر الذي أريد تفاديه بالالتجاء إلى فكرة الشركة الفعلية في هذه الصورة والذي من أجل تلافيه أورد المشرع المصري القاعدة التي نص عليها في الفقرة الثانية من المادة 507 التي تقضي بأن لا يكون للبطلان متى حكم به لعدم كتابة عقد الشركة أثر فيما بين الشركاء أنفسهم إلا من وقت أن يطلب الشريك الحكم بالبطلان أما إذ كانت الشركة لم يبدأ في تنفيذها قبل أن يحكم ببطلانها لعدم استيفائها الشكل القانوني ولم تكن قد زاولت أي عمل من أعمالها فإنه لا يكون قد توافر لها كيان في الواقع في الفترة السابقة لطلب البطلان ولا يمكن بداهة اعتبارها شركة فعلية وتكون العلة من عدم تطبيق الأثر الرجعي للبطلان منتفية في هذه الحالة - لما كان ما تقدم، وكان الثابت والذي سجله الحكم الابتدائي في أسبابه التي أخذ بها الحكم المطعون فيه أن أحداً من الخصوم لم يطلب القضاء ببطلان الشركة لعدم كتابة عقدها ولم يؤسس المطعون ضده دعواه على بطلان هذه الشركة وما يترتب على هذا البطلان من وجود شركة فعلية بينه وبين الطاعن في الماضي كما أنه لم يطلب تصفية أي عملية مشتركة أجراها مع شريكه قبل رفع الدعوى بل ولم يذهب إلى الادعاء بأن الشركة المدعاة قد زاولت بعد تكوينها أي عمل من أعمالها تتحقق لها به صفة الشركة الفعلية فإنه لا يصح القول بقيام شركة من هذا النوع بين الطرفين في الماضي حتى كان يمكن إثباتها بشهادة الشهود على الرأي الذي يجيز إثبات الشركات الفعلية بجميع طرق الإثبات المقبولة في المواد التجارية - ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ أجاز للمطعون ضده إثبات شركة التضامن المدعاة بشهادة الشهود واعتمد على أقوال هؤلاء الشهود في القول بثبوت قيام تلك الشركة فإنه يكون مخالفاً للقانون - أما ما قرره الحكم من سقوط حق الطاعن في الاعتراض على الإثبات بشهادة الشهود لقبوله الإثبات بهذا الطريق فإن الحكم المطعون فيه دلل على ذلك بأن الطاعن لم يعترض على حكم التحقيق الصادر في 22 نوفمبر سنة 1959 وأنه نفذ هذا الحكم على وجه يفصح بأنه قبله قبولاً مطلقاً - وهذا الذي قرره الحكم غير صحيح أيضاً ذلك أنه لما كان القانون المدني القائم قد أوجب في المادة 507 منه أن يكون عقد الشركة مكتوباً وإلا كان باطلاً وأصبح بذلك عقد الشركة عقداً شكلياً فإنه لا يقبل في إثباته بين طرفيه غير الكتابة ولا يجوز لهما الاتفاق على إثباته بغير هذا الطريق وقد صرحت المذكرة الإيضاحية في تعليقها على المادة 507 بأن هذا النص يحدد شكل عقد الشركة وإثباته وأن الإثبات مرتبط بالشكل ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه وترى المحكمة أن الموضوع صالح للحكم فيه.
وحيث إن هذه المحكمة ترى أن التكييف الصحيح للوقائع حسبما سجلها الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه هو اعتبار ما تم بين الطرفين لم يجاوز مرحلة المفاوضات على تكوين شركة بينهما وأن الطاعن لم يكن جاداً في هذه المفاوضات ولم يكن أبداً يقصد أن تبلغ غايتها من عقد الشركة مع المطعون ضده بل إنه أوهم الأخير برغبته في تكوين هذه الشركة لمجرد الحصول منه على فكرة المشروع واستخدامه في اختيار الآلات اللازمة للمصنع لدرايته بذلك على أن تقوم بتنفيذ المشروع شركة يكونها الطاعن مع آخرين ممن يقبلون المساهمة معه في رأس مال الشركة بنصيب كبير وهو ما تم له فعلاً بتكوينه الشركة مع الأستاذ محمد فوزي الذي ساهم بحق النصف في رأس المال وذلك بخلاف الطاعن الذي كان يريد أن يشترك بعمله فحسب ومع ذلك يكون له الربع في كل أموال الشركة والربع كذلك في أرباحها - ولما كان مسلك الطاعن على النحو المتقدم تجاه المفاوضات التي أجراها مع المطعون ضده وعدم إخطاره الأخير بقطع المفاوضات في وقت مناسب يعتبر خطأ من الطاعن وقد ترتب على هذا الخطأ ضرر للمطعون ضده يتمثل فيما تكبده من خسارة بسبب اضطراره لإهمال مباشرة محله التجاري في المدة التي قضاها في الخارج لاختيار الآلات اللازمة للمصنع اعتماداً على أن الطاعن جاد في أن تصل المفاوضات إلى غايتها وكذلك الخسارة التي لحقت بالمطعون ضده من جراء حصول الطاعن منه على فكرة المشروع والسبق في تنفيذه وهذا إلى جانب الضرر الأدبي الذي أصاب المطعون ضده من جراء إظهاره بمظهر من يسهل انخداعه ومن لا يوثق به مما ينال من سمعته واعتباره في السوق التجاري لما كان ذلك، فإن الطاعن يلتزم بتعويض هذه الأضرار الناتجة عن خطئه وذلك عملاً بالمادة 163 من القانون المدني وتقدر المحكمة التعويض الجابر لجميع عناصر الضرر السالف بيانها بمبلغ إجمالي قدره ألفين من الجنيهات.
وحيث إن استناد المطعون ضده في دعواه إلى الخطأ العقدي لا يمنع المحكمة الاستئنافية من أن تبني حكمها بالتعويض على خطأ تقصيري متى ثبت لها توفر هذا الخطأ إذ أن استنادها إليه لا يعتبر منها تغييراً لسبب الدعوى مما لا تملكه المحكمة من تلقاء نفسها وإنما هو استناد إلى وسيلة دفاع جديدة على ما جرى به قضاء هذه المحكمة (يراجع نقض 5/ 1/ 1939 في الطعن رقم 57 سنة 8 ق).


(1) راجع نقض مدني 27/ 4/ 1944 مجموعة أحكام النقض في 25 عاماً ص 689 رقم 12 و13.
(2) راجع نقض مدني 5/ 1/ 1939 في الطعن رقم 57 لسنة 8 ق مجموعة أحكام النقض في 25 عاماً ص 71 رقم 336.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق