الصفحات

السبت، 27 مايو 2023

الطعن 1719 لسنة 34 ق جلسة 23 / 3 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 93 ص 898

جلسة 23 من مارس سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد المنعم عبد الغفار فتح الله -نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد مجدي محمد خليل ومحمد عبد الغني حسن وعطيه الله رسلان ود. فاروق عبد البر السيد - المستشارين.

---------------

(93)

الطعن رقم 1719 لسنة 34 القضائية

جامعات - مدرس مساعد - تأديب - تعويض. (مسئولية إدارية) (ضرر).
تقوم المسئولية الإدارية على ثلاثة عناصر هي الخطأ والضرر وعلاقة السببية - إذا انتهت المحكمة إلى انتفاء المسئولية لتخلف عنصر الضرر تأسيساً على أن القرار المطعون فيه تم سحبه في وقت يسير بعد أن بادرت جهة الإدارة إلى إجابة الطاعنة إلى طلباتها فلا وجه للقول بأن المحكمة لم تستظهر عناصر الضرر - لا وجه كذلك للاستناد إلى حكم محكمة النقض الذي يقضي بأن تعيين عناصر الضرر التي تدخل في حساب التعويض يعتبر من المسائل القانونية التي تهيمن عليها - أساس ذلك:- إن تحديد عناصر الضرر يكون في حالة الحكم بالتعويض أما إذا انتهت المحكمة إلى رفض طلب التعويض فلا تكون ملزمة بالرد على عناصر التعويض المطالب بها - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 26/ 4/ 1988 أودع الأستاذ الدكتور/..... المحامي بصفته وكيلاً عن....... - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1719 لسنة 34 ق - طعناً في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة في 6/ 3/ 1988 في الطعن رقم 98 لسنة 15 ق المقام من الطاعنة ضد كل من:-
1 - الدكتور/ رئيس جامعة المنصورة (بصفته).
2 - الدكتور/......... - عميد كلية التجارة - جامعة المنصورة.
3 - الدكتور/......... - رئيس قسم الاقتصاد بكلية التجارة جامعة المنصورة. والذي قضى باعتبار الخصومة في الطعن منتهية بالنسبة لقرار مجازاة الطاعنة رقم 78 لسنة 1986 -وبقبول طلب التعويض شكلاً ورفضه موضوعاً.
وطلبت الطاعنة قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام المطعون ضده الأول بصفته والمطعون ضدهم الثاني والثالث متضامنين ثلاثتهم أداء خمسة آلاف جنيه تعويضاً عن الأضرار المبينة بدعواها إليها.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 10/ 10/ 1990 وفيها حضر محامي الطاعنة ودفع ببطلان تقرير هيئة مفوضي الدولة لأنه لم يتعرض لأي سبب من أسباب الطعن الثلاثة وتدوول الطعن بالجلسات على النحو المبين بالمحاضر، وبجلسة 12/ 12/ 1990 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الرابعة - موضوع وحددت لنظره أمامها جلسة 5/ 1/ 1991.
ونظر الطعن أمام هذه المحكمة بالجلسة المشار إليها، وفيها حضر محامي الطاعنة ودفع ببطلان تقرير هيئة مفوضي الدولة، وتدوول الطعن بالجلسات على النحو المبين بالمحاضر، وبجلسة 16/ 2/ 1991 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إنه عن الدفع ببطلان تقرير هيئة مفوضي الدولة - على النحو الذي أبداه وكيل الطاعنة، فإن المادة (27) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تقضي بأن تتولى هيئة مفوضي الدولة تحضير الدعوى وتهيئتها للمرافعة، ويودع المفوض - بعد إتمام تهيئة الدعوى - تقريراً يحدد فيه الوقائع والمسائل القانونية التي يثيرها النزاع ويبدى رأيه مسبباً، ووفقاً لهذا النص - وما انتهى إليه قضاء المحكمة الإدارية العليا - فإن إيداع تقرير هيئة مفوضي الدولة هو إجراء جوهري تفرضه طبيعة المنازعات الإدارية، ويعد من الأسس التنظيمية الرئيسية التي تقوم عليها قواعد وإجراءات التقاضي أمام محاكم مجلس الدولة الأمر الذي يعتبر معه إيداع التقرير من النظام العام وبالتالي فإنه يترتب على عدم إيداعه بطلان في إجراءات التقاضي يؤثر في الحكم ويبطله. إلا أنه وإن كان الأمر كذلك فإن قيام هيئة مفوضي الدولة بإيداع التقرير مستوفياً للعناصر الأساسية التي بينتها المادة (27) من قانون مجلس الدولة وهي تحديد الوقائع والمسائل القانونية التي يثيرها النزاع وإبداء الرأي القانوني مسبباً يعتبر وفاء منها بالتزامها في هذا الخصوص بغض النظر عن الرأي القانوني الذي انتهى إليه التقرير والأسباب التي استند إليها فيما انتهى إليه طالما أنه عرض وقائع النزاع وحدد المسائل القانية التي يثيرها وأبدى رأيه في شأنها مسبباً وباستقراء تقرير مفوض الدولة في موضوع الطعن الماثل، تبين أنه عرض وقائع النزاع عرضاً مفصلاً، وحدد المسائل القانونية مثار النزاع والأسباب التي يقوم عليها الطعن وأبدى الرأي القانوني - مسبباً - في موضوع النزاع، فإنه أياً ما كانت النتيجة التي انتهى إليها رأي المفوض والأسباب التي استند إليها - يكون قد أوفى بالالتزام الذي فرضته المادة (27) من قانون مجلس الدولة، ويكون الدفع ببطلان التقرير - في هذه الحالة - غير قائم على أساس سليم من القانون، متعين الرفض.
ومن حيث إن واقعات هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 1/ 3/ 1987 أودعت........ المدرسة المساعدة بقسم الاقتصاد بكلية التجارة - جامعة المنصورة (الطاعنة) قلم كتاب المحكمة التأديبية بالمنصورة تقرير طعن قيد بسجلاتها تحت رقم 98 لسنة 15 ق ضد كل من: -
1) الدكتور/ رئيس جامعة المنصورة (بصفته).
2) الدكتور/......... - عميد كلية التجارة بجامعة المنصورة.
3) الدكتور/......... رئيس قسم الاقتصاد بكلية التجارة بجامعة المنصورة.
وطلبت الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع الحكم بما يأتي:-
أولاً - إلغاء قرار وقف مرتبها الصادر في 23/ 11/ 1986 من المطعون ضده الثاني.
ثانياً - إلغاء قرار المطعون ضده الثاني الصادر في 1/ 12/ 1986 بخصم ثلاثة أيام من مرتبها.
ثالثاً - إلغاء قرار المطعون ضده الثاني الصادر في 1/ 12/ 1986 باعتبار الفترة من 19/ 10/ 1986 حتى 19/ 11/ 1986 انقطاعاً بغير مرتب.
رابعاً - إلزام المطعون ضدهم متضامنين بأن يؤدوا لها خمسة آلاف جنيه تعويضاً مؤقتاً عن إصدار القرارات المطلوب إلغاؤها مع إلزامهم بالمصروفات وأتعاب المحاماة.
وبجلسة 6/ 3/ 1988 أصدرت المحكمة التأديبية حكمها في هذا الطعن ويقضي باعتبار الخصومة في الطعن منتهية بالنسبة لقرار مجازاة الطاعنة رقم 78 لسنة 1986 وبقبول طلب التعويض شكلاً ورفضه موضوعاً.
وأقامت المحكمة قضاءها على أن الطاعنة تهدف من هذا الطعن إلى طلب إلغاء القرار رقم 78 لسنة 1986 الصادر من عميد كلية التجارة جامعة المنصورة فيما تضمنه من مجازاتها بخصم ثلاثة أيام من أجرها وحرمانها من الأجر عن المدة من 19/ 10/ 1986 حتى 19/ 11/ 1986 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهم بدفع تعويض لها قدره خمسة آلاف جنيه عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابتها من إصدار ذلك القرار، واستطردت المحكمة قائلة إن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه قد تم سحبه بالقرار الصادر من عميد كلية التجارة جامعة المنصورة رقم 81 في 10/ 3/ 1987 وأن ذلك السحب قد شمل شق الجزاء والحرمان من الأجر ورد ما خصم من مرتب الطاعنة ومن ثم تكون الجهة المطعون ضدها قد استجابت إلى طلبات الطاعنة وتقضي المحكمة في هذا الطلب باعتبار الخصومة منتهية وعن طلب التعويض فإنه مقبول شكلاً وفي موضوعه فإن المحكمة ترى أنه بمبادرة الجهة الإدارية إلى إجابة الطاعنة إلى طلباتها ورد ما أستقطع من أجرها وذلك في وقت يسير فإنه تبعاً لذلك يتخلف أحد العناصر الموجبة للحكم بالتعويض وهو عنصر الضرر إذ أن الجهة المطعون ضدها قد عوضت الطاعنة خير تعويض بعدولها عن القرار المطعون فيه وسحبه وكل ما يترتب عليه من آثار، ومن ثم يكون طلب التعويض لذلك حرياً بالرفض.
ومن حيث إن مبنى الطعن على الحكم المطعون فيه أنه تجاهل حقيقة طلب التعويض وتقاعس عن الفصل في الخطأ الشخصي للمطعون ضدهما بكلية التجارة وفيما نجم عنه من أضرار بالطاعنة في كرامتها وشعورها وصحتها النفسية والبدنية ومالها ووقتها جميعاً كما اعترى الحكم قصور في الأسباب وفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون وتأويله.
ومن حيث إنه عن تقاعس الحكم المطعون فيه عن الفصل في الخطأ الشخصي للمطعون ضدهما بكلية التجارة فإن الأصل يقضي بتوافر أركان ثلاثة مجتمعة لقيام المسئولية التقصيرية وهي الخطأ والضرر ورابطة السببية بين الخطأ والضرر وإذ تبين للحكم المطعون فيه عدم توافر عنصر الضرر بداءة فإنه لم يجد ثمة داعياً لبحث الركنين الآخرين، وهذا ما جرت عليه أحكام محاكم مجلس الدولة في هذه الخصوصية وهو ما يتفق مع صحيح حكم القانون كما أن نسبة الخطأ الشخصي للمذكورين يعتبر قولاً مرسلاً إذ لا يوجد في الأوراق وقائع محددة أو معينة في خصوصية المنازعة المعروضة بحيث يمكن نسبته إليهما هذا فضلاً عن أن الطاعنة قد ذكرت في التحقيق الإداري الذي أجري معها بشأن واقعة الانقطاع عن العمل أنها ووالدها قد تقابلا في 20/ 10/ 1986 مع الدكتور/......... (المطعون ضده الثالث) وكان مجتمعاً مع الدكتور/...... والدكتور/...... والدكتور/...... وأطلعهم والدها على حكم المحكمة باستحقاقها في البعثة الداخلية وقد تفهم الأساتذة الوضع وأبدوا استعدادهم لإعطائهم التفرغ اللازم للبعثة ومن ثم يتضمن حديثهم اقتناعهم بحقها في البعثة وضرورة تفرغها للبحث في رسالة الدكتوراه نظراً لأن المجموعات تستنزف مجهودها خلال ثلاثة أيام متفرقة من الأسبوع مما يعوق عملها في الرسالة، كما جاء بأقوال الطاعنة وفي التحقيق المشار إليه أنها قابلت المطعون ضده الثاني يوم 10/ 11/ 1986 حيث أفادها بعدم إمكان وضع اسمها على بعثة داخلية لأن الكلية ليس بها بعثات داخلية وأن عليها أن ترفع الأمر للجامعة لبحث هذا الموضوع وطلب منها ضرورة الحضور لإلقاء دروس المجموعات للفرقة الأولى وأخبرته باستعدادها لإلغاء تلك الدروس وأضافت أن حكم البعثة نهائي ولا بد من الإسراع في تنفيذه وعند سؤالها عن السبب في عدم قيامها بإلقاء الدروس العملية للطلاب عندما طلب منها الدكتور رئيس القسم في 10/ 11/ 1986 (المطعون ضده الثاني) أفادت بأنها لم تتمكن من ذلك لانشغالها في إنهاء موضوع البعثة من الجامعة وأن أول درس أعطته كان في 23/ 11/ 1986 وذلك خلال العام الدراسي 86/ 1987 وهذه الأقوال تكفي لنفي الخطأ الشخصي لأي من المطعون ضدهما بكلية التجارة ومن ثم يتعين طرح هذا الوجه من أوجه النعي على الحكم المطعون فيه جانباً - لعدم استناده إلى أساس من الواقع أو القانون.
ومن حيث إن الوجه الأول من أوجه الطعن على الحكم المطعون فيه هو القصور في التسبيب إذ ذهب الحكم إلى أن مبادرة جهة الإدارة المطعون ضدها إلى إجابة الطاعنة إلى طلباتها في وقت يسير يعتبر خير تعويض بعدولها عن القرار المطعون فيه وسحب كل ما ترتب عليه من آثار وتبعاً لذلك يتخلف عنصر الضرر الموجب للحكم بالتعويض فالحكم بهذا المذهب قد أغفل تفصيل طلبات الطاعنة وبيان عناصر الأضرار المادية والأدبية التي طالبت بتعويضها كما تجاهل الحكم الآثار الضارة التي لا يمكن لسحب القرارات المطعون فيها أن يجبرها وقد جرى قضاء محكمة النقض على أن تعيين العناصر المكونة للضرر قانوناً والتي تدخل في حساب التعويض من المسائل القانونية التي تهيمن عليها محكمة النقض.
ومن حيث إن هذا الوجه من أوجه الطعن مردود عليه بأن الأصل يقضي بأن المحكمة ليست ملزمة بتعقب دفاع أو أوجه طعن الطاعن والرد عليها تفصيلاً وما دام أنها انتهت إلى أن سحب القرار المطعون فيه في وقت يسير يعتبر خير تعويض فإنها ليست ملزمة بالرد على عناصر الضرر سواء كانت مادية أو أدبية كما أن الاستناد إلى حكم النقض المشار إليه استناد في غير محله إذ أن هذا الحكم ينطبق في حالة الحكم بالتعويض إذ يجب على المحكمة في هذه الحالة أن تبين عناصره، أما إذا ما انتهت المحكمة إلى رفض طلب التعويض جملة وتفصيلاً فإنها ليست ملزمة بالرد على عناصر التعويض المطالب بها ومتى كان ذلك فإنه يتعين طرح هذا الوجه من أوجه الطعن جانباً لعدم استناده إلى أساس من القانون.
ومن حيث إن الوجه الثاني من أوجه الطعن على الحكم المطعون فيه ويتعلق بفساد الاستدلال، استناداً إلى أن الثابت من أوراق الدعوى أن القرارات المطعون فيها لم تقتصر على منع الطاعنة مرتبها بغير مقتض من القانون بل اقترن إصدارها بعسف امتهنت به كرامتها لأن المساءلة العادية عن الانقطاع عن العمل لا تقضي ولا تسوغ أبداً وقف المرتب، وتتضاعف الأضرار بالطاعنة إذ يهدر السيد العميد ضمانات التحقيق وأوضاعه الظاهرة فلا يحيل الطاعنة إلى أحد أعضاء هيئة التدريس بل يصر على أن يجري التحقيق بها أحد العاملين الذين يهيمن عليهم ولا يرقون إلى مستوى الطاعنة الجامعي وينكر المطعون ضدهما الثاني والثالث على الطاعنة وجودها بالكلية وهما يعلمان صدقها، وقد جهدا دائبين وعلى مدى ثلاث سنين في ملاحقة الطاعنة للتضييق عليها في إنجاز رسالة الدكتوراه التي كانوا يطمعون في تسجيلها والإشراف عليها بالكلية واقتضت ظروفها أن تسجل في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، كما أن الحكم تقاعس عن أن يحيط بطلبات الطاعنة فقد شفع طلب الإلغاء بحفظ كامل الحق في تعويض ما أصابها من أضرار من القرارات الإدارية المخالفة للقانون، وتجاهل الحكم الأضرار المادية والأدبية التي أحدثتها تصرفات المطعون ضدهما الثاني والثالث الخاطئة مما لا يدخل في آثار القرارات المسحوبة.
ومن حيث إن هذا الوجه من أوجه الطعن مردود عليه بأن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 23/ 11/ 1986 قدمت إدارة شئون العاملين/ خاص بكلية التجارة جامعة المنصورة مذكرة عرضت على الدكتور عميد الكلية جاء فيها أنها أخطرت من قسم الاقتصاد وقسم الجدول بانقطاع السيدة/......... (الطاعنة) عن العمل اعتباراً من 19/ 10/ 1986 تاريخ بدء الدروس العملية بالكلية وقد أخطرت في 11/ 11/ 1986 للحضور إلى الكلية لتحديد موقفها من العمل والإجازة - المطلوبة طبقاً للحكم الصادر لصالحها في 18/ 9/ 1986 وأنها حضرت في 11/ 11/ 1986 وتقدمت بطلب لمنحها إجازة دراسية بمرتب لنيل درجة الدكتوراه، ولم ترفق بياناً من الجهة طالبة التفرغ - للدراسة بها طبقاً لنص المادة (146) من القانون 49 لسنة 1972 التي تجيز لمجلس القسم والكلية الإيفاد للبعثات الداخلية والخارجية والترخيص بإجازات دراسية بمرتب وبدون مرتب حسب الاقتراح وأنه قد ورد كتاب يفيد موافقة رئيس الجامعة على ترشيحها للحصول على بعثة داخلية من خطة بعثات 86/ 1987 تنفيذاً للحكم وتم إخطارها بكتاب رئيس الجامعة ونبه عليها بالحضور لمزاولة عملها... وانتهت المذكرة إلى طلب النظر في أمر مدة الانقطاع اعتباراً من 19/ 10/ 1986 وتقرير المعاملة وقد أشر عميد الكلية على هذه المذكرة للشئون القانونية لإجراء التحقيق في أسباب الانقطاع عن العمل حتى يمكن اتخاذ الإجراء القانوني ضدها كما قدمت الطاعنة صورة ضوئية لخطاب موجه إلى رئيس قسم الخزينة لإيقاف صرف مرتب الطاعنة بناء على تعليمات من عميد الكلية ولحين صدور تعليمات أخرى وذلك عن شهر نوفمبر سنة 1986.
وبادئ ذي بدء فإنه يستفاد من المذكرة سالفة الذكر بعد أن ورد بها أن الطاعنة حضرت يوم 11/ 11/ 1986 أن المنسوب إلى الطاعنة ليس هو الانقطاع عن العمل أي عدم الحضور يومياً إلى الجامعة وإنما الذي نسب إليها هو انقطاعها عن أداء العمل المسند إليها عن طريق قسم الاقتصاد وقسم الجدول بالكلية وهو إعطاء الدروس العملية لطلاب السنة الأولى بالكلية وهو الذي بدأ فعلاً اعتباراً من 19/ 10/ 1986 وقد ثبت من التحقيق أن الطاعنة قد اعترفت أن أول درس من الدروس العملية قامت بإعطائه كان في 23/ 11/ 1986 خلال العام الدراسي 86/ 1987 وأنه رغم التنبيه عليها من رئيس القسم في 10/ 11/ 1986 للحضور وإلقاء الدروس العملية للطلاب فإنها لم تحضر وأفادت بأنها لم تتمكن من ذلك لانشغالها في إنهاء موضوع البعثة من الجامعة، أما عن المدة السابقة على 10/ 11/ 1986 فقد أقرت الطاعنة أنه عند مقابلتها ووالدها لرئيس القسم وبعض زملائه في 20/ 10/ 1986 وعرض موضوع حصولها على حكم بأحقيتها في البعثة فقد تفهم هؤلاء الأساتذة الوضع وأبدوا استعدادهم لإعطائها التفرغ اللازم للبعثة وأن حديثهم تضمن اقتناعهم بحقها في البعثة وضرورة تفرغها للبحث في رسالة الدكتوراه، نظراً لأن المجموعات تستنزف مجهودها خلال ثلاثة أيام متفرقة في الأسبوع مما يعوق عملها في الرسالة، كما أنها علمت من زملائها في 25/ 10/ 1986 أن جدولها قد وزع عليهم ويخلص مما سبق أن انقطاع الطاعنة عن إعطاء الدروس العملية للطلاب منذ 19/ 10/ 1986 حتى تحرير المذكرة المشار إليها من قسم شئون العاملين لم يكن يستند إلى قرار صحيح صادر من الجهة المختصة بالكلية وأن التفهم والاستعداد في المساعدة في التفرغ واستنزاف الجهد وقول الزملاء بتوزيع الجدول لا يصلح أساساً للقول بإعفائها من إلقاء الدروس للطلاب خلال العام الدراسي 86/ 1987 والذي بدأ رسمياً اعتباراً من 19/ 10/ 1986.
وفي ضوء ما سبق يكون قرار إيقاف صرف مرتب شهر نوفمبر سنة 1986 الذي صدر بناء على تعليمات عميد الكلية في يوم تحرير المذكرة المنوه عنها في 23/ 11/ 1986 هو قرار مؤقت اقتضته الظروف والملابسات والوقائع التي كانت تجرى في ذلك الوقت من الطاعنة وهو إجراء صحيح يتفق مع روح القانون ويستهدف تحقيق المصلحة العامة أما عن قول الطاعنة أن المساءلة العادية عن الانقطاع عن العمل لا تقضي ولا تسوغ أبداً وقف المرتب من قبل ثبوت هذا الانقطاع بتحقيق صحيح، فهو قول لا يستند إلى أساس سليم من القانون ويعتبر تدخلاً في مباشرة الجهة الإدارية لسلطاتها التقديرية التي خولها القانون القيام بها تنفيذاً لمبدأ حسن سير المرفق العام بانتظام واضطراد مما يهدف في النهاية إلى تحقيق الصالح العام.
ومن حيث إنه عن إهدار عميد الكلية لضمانات التحقيق على النحو الذي سبق تفصيله فهو أيضاً مردود عليه بأن القانون رقم 49 لسنة 1972 بتنظيم الجامعات وأيضاً قرار رئيس الجمهورية رقم 809 لسنة 1975 باللائحة التنفيذية لهذا القانون، قد جعلا وظائف هيئة التدريس بالجامعات تبدأ بوظيفة مدرس وهي بداية السلم الوظيفي في هيئة التدريس، ويشترط لمن يعين فيها أن يكون حاصلاً على درجة الدكتوراه ثم تليها وظيفة أستاذ مساعد ثم أستاذ، أما ما قبل ذلك من وظائف مثل المدرسين المساعدين والمعيدين فهي ليست من وظائف هيئة التدريس وتسري على شاغليها أحكام العاملين المدنيين بالدولة فيما لم يرد بشأنهم نص خاص من قانون تنظيم الجامعات (م/ 157).
ومن حيث إن المادة (162) من القانون رقم 49 لسنة 1972 المشار إليه تنص على أن"
تثبت للمسئولين في الجامعات الخاضعة لهذا القانون كل في حدود اختصاصه بالنسبة للعاملين من غير أعضاء هيئة التدريس نفس السلطات التأديبية المخولة للمسئولين في القوانين واللوائح العامة في شأن العاملين المدنيين في الدولة وذلك على النحو الموضح قرين كل منهم فيما يلي: -
أ ) تكون لرئيس الجامعة جميع السلطات التأديبية المخولة للوزير.
ب) تكون لنواب رئيس الجامعة ولأمين المجلس الأعلى للجامعات ولعمداء الكليات أو المعاهد ولأمين الجامعة جميع السلطات التأديبية المخولة لوكيل الوزارة.
ج) تكون لرؤساء مجالس الأقسام جميع السلطات التأديبية المخولة لرئيس المصلحة."
كما تنص المادة (163) من ذات القانون على أن"
يتولى التحقيق مع العاملين من غير أعضاء هيئة التدريس من يكلفه بذلك أحد من المسئولين المذكورين في المادة السابقة أو تتولاه النيابة الإدارية بطلب من رئيس الجامعة".
ومن حيث إن مفاد نص هاتين المادتين في الخصوصية المعروضة أن لعميد الكلية - بالنسبة للعاملين من غير أعضاء هيئة التدريس - أن يكلف من يشاء للتحقيق مع هؤلاء العاملين، ومنهم المدرسون المساعدون والمعيدون.
ومن حيث إنه وقد ثبت مما سبق أن عميد الكلية قد أشر على مذكرة إدارة شئون العاملين بالكلية المؤرخة 23/ 11/ 1986 بشأن انقطاع الطاعنة عن إلقاء الدروس العملية للطلاب منذ بداية العام - الدراسي 86/ 1987 في 19/ 10/ 1986 حتى تاريخ تحرير هذه المذكرة، بإحالتها إلى الشئون القانونية للتحقيق، ومن ثم يكون هذا التصرف متفقاً مع صحيح حكم القانون، ويكون النعي على هذا التصرف بإهدار ضمانات التحقيق وأوضاعه الظاهرة ومطالبته بإحالة التحقيق إلى أحد أعضاء هيئة التدريس غير مستند إلى أساس من القانون، مما يتعين معه طرحه جانباً.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بما نسبته الطاعنة إلى المطعون ضدهما الثاني والثالث من تصرفات أخرى أضرت بها - مثل إنكار وجودها بالكلية وملاحقتها للتضييق عليها في إنجاز رسالة الدكتوراه - فإن ذلك يعتبر قولاً مرسلاً ليس في الأوراق ما يثبت حدوثه، وبالتالي فإن القول بتجاهل الحكم للأضرار المادية والأدبية التي أحدثتها تصرفات المطعون ضدهما الثاني والثالث الخاطئة مما لا يدخل في آثار القرارات المسحوبة قول غير سديد ولا يستند إلى أساس من الواقع أو القانون مما يتعين طرحه.
ومن حيث إن الوجه الثالث والأخير من أوجه الطعن على الحكم المطعون فيه هو الخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله فقد رغب الحكم عن التفرقة بين التعويض الذي يستحق لجبر الضرر ويقدر بمقداره وبين الرد الذي يؤدي به كل ما استحق بنص القانون من مرتب أو نحوه، فصرف ما أمسكته الجهة المطعون ضدها بغير حق وفي وقت يسير ليس من التعويض في شيء وإنما هو مجرد أداء لما استحقته الطاعنة من المرتب ولا يجاوز إجراؤه بعد وقت يسير أن يبرئ ساحة الجامعة من المطل في وفاء الطاعنة مرتبها الذي تأخر صرفه بضعة أشهر بسبب تلك القرارات الإدارية الظالمة وتبقى الأضرار الناجمة عما اقترن بتلك القرارات من انحرافات مسلكية ابتغت إيذاء الطاعنة في كرامتها وشعورها وصحتها ومالها ووقتها وعجز الحكم عن أن يفصل في حقيقة هذه الأضرار وفي تقدير التعويض الذي يكافئها فعمد إلى خلطه خطأ بالرد ليبرر تمامه.
ومن حيث إن هذا الوجه مردود عليه بأن الألفاظ الواردة بالحكم المطعون فيه واضحة الدلالة في اعتبار الرد خير تعويض وهو بذلك لم يخلط بين أي منهما، فلكل من الرد والتعويض مجاله، كما أن القول بأن القرارات الإدارية التي صدرت في حق الطاعنة ظالمة وترتب عليها أضرار نتيجة ما اقترن بتلك القرارات من انحرافات مسلكية ابتغت إيذاء الطاعنة هو قول مردود، ذلك أنه قد ثبت مما سبق أن هذه القرارات قد صدرت متفقة مع أحكام القانون كما ثبت أيضاً وباعتراف الطاعنة أنها لم تؤد العمل المكلفة به وهو إلقاء الدروس العملية على الطلاب منذ بداية العام الدراسي 86/ 1987 في 19/ 10/ 1986 حتى 23/ 11/ 1986 على الرغم من أن رئيس القسم قد نبه عليها بإلغاء هذه الدروس في 10/ 11/ 1986 كما أن ما ساقته من مبررات لعدم أداء هذا العمل لا يستند إلى أساس من القانون ومن ثم يكون هذا الوجه من أوجه الطعن غير متفق مع القانون مما يتعين طرحه جانباً.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم جميعاً أن القرارات التي اتخذت في شأن الطاعنة بسب انقطاعها عن العمل وعدم قيامها بإلقاء الدروس العملية المكلفة بها والتي انتهت بصدور القرار رقم 78 لسنة 1986 في 1/ 12/ 1986 بحساب مدة الانقطاع بدون أجر، ومجازاتها بخصم ثلاثة أيام من راتبها، هي قرارات صحيحة قانوناً ولا مطعن عليها، الأمر الذي ينتفي معه الخطأ في جانب المطعون ضدهم بإصدار تلك القرارات ومن ثم ينهار ركن من أركان المسئولية التقصيرية الموجبة للتعويض، وهو ركن الخطأ هذا بالإضافة إلى صدور القرار رقم 81 لسنة 1987 في 10/ 3/ 1987 بإلغاء القرار رقم 78 لسنة 1986 المشار إليه فيما تضمنه من حساب مدة الانقطاع بدون أجر ومجازاتها بخصم ثلاثة أيام من راتبها وصرف مرتبها عن مدة الانقطاع ورد قيمة الجزاء المخصوم من راتبها وإلغاء ما ترتب على هذا الجزاء، مما يعتبر في حقيقته إعادة للوضع القانوني للطاعنة إلى ما كان عليه الأمر الذي ينتفي معه الضرر المادي الذي تطالب الطاعنة بالتعويض عنه، أما بالنسبة إلى الضرر الأدبي الذي تدعي الطاعنة أنه حاق بها فيما أصاب شعورها وأساء إلى سمعتها وكرامتها فإن الثابت مما تقدم أن القرارات التي اتخذت في شأنها إنما اتخذت لسبب يرجع إليها، وهو انقطاعها عن العمل وعدم قيامها بإلقاء الدروس العملية المكلفة بها، ولم يكن من شأن تلك القرارات إحداث الآثار الأدبية التي تدعيها الطاعنة، فهي لم تنتقص من كرامتها أو تسيء إلى سمعتها ولم تجاوز آثارها الناحية المالية التي سويت تماماً في وقت لاحق بالقرار رقم 81 لسنة 1987 على النحو المشار إليه، ومن ثم فإن الضرر الأدبي يكون بدوره منتفياً، الأمر الذي يكون معه طلب التعويض - عما اتخذ في شأن الطاعنة من قرارات - غير قائم على أساس سليم من القانون - ويتعين لذلك الحكم برفضه، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب حيث قضى برفض طلب التعويض، فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون، ويكون الطعن عليه قد جاء على غير سند سليم متعيناً الرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدفع ببطلان تقرير هيئة مفوضي الدولة، وبقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق