الصفحات

الخميس، 25 مايو 2023

الطعن 1517 لسنة 30 ق جلسة 23 / 2 / 1985 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 98 ص 643

جلسة 23 من فبراير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربيني - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عبد العزيز أحمد سيد حمادة وثروت عبد الله أحمد عبد الله وجمال السيد دحروج وإسماعيل صديق راشد - المستشارين.

----------------

(98)

الطعن رقم 1517 لسنة 30 القضائية

(أ) الإدارات القانونية بالمؤسسات والهيئات العامة - تأديب أعضائها - العقوبات التأديبية.
المادة 19 من قانون مجلس الدولة و21 من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة - العقوبات التأديبية التي يجوز توقيعها على شاغلي الوظائف الفنية الخاضعة لهذا النظام من درجة مدير عام ومدير إدارة قانونية - العقوبات التي يجوز توقيعها على باقي الوظائف - المشرع تولى على سبيل الحصر تحديد الجزاءات التي يجوز توقيعها على شاغلي الوظائف الفنية الذين يسري عليهم أحكام القانون رقم 47 لسنة 1973 وقرار وزير العدل رقم 731 لسنة 1977 بلائحة التفتيش الفني على الإدارات القانونية - إذا كان الطاعن يشغل وظيفة مدير إدارة قانونية فإن العقوبات التي يجوز توقيعها هي الإنذار أو اللوم أو العزل فقط - توقيع المحكمة التأديبية عقوبة خفض الأجر بمقدار علاوة - غير جائز قانوناً - تطبيق.
(ب) الإدارات القانونية بالمؤسسات والهيئات العامة - تأديب أعضائها.
متى صدر قرار السيد المستشار رئيس التفتيش الفني بإحالة الأوراق إلى إدارة الدعوى التأديبية تتم إحالة العضو على المحاكمة التأديبية على نحو ما ورد بتقرير الاتهام - حفظ أحد المخالفات في تاريخ لاحق على الإحالة للمحاكمة التأديبية - غير جائز قانوناً - أساس ذلك: متى أصبح الأمر في حوزة المحكمة يكون لها سلطة تقدير الاتهامات المنسوبة للعضو فلا تملك سلطة التحقيق أن تعدل من الاتهامات المنسوبة له - تطبيق.
(جـ) المحكمة الإدارية العليا - طعن - مدى ولاية المحكمة الإدارية العليا.
رقابة المحكمة الإدارية العليا لأحكام المحاكم التأديبية هي رقابة قانونية فلا تعني استئناف النظر بالموازنة والترجيح بين الأدلة المقدمة إثباتاً أو نفياً إذ أن ذلك من شأن المحكمة التأديبية وحدها - المحكمة الإدارية العليا لا تتدخل وتفرض رقابتها إلا إذا كان الدليل الذي اعتمد عليه قضاء الحكم المطعون فيه غير مستمد من أصول ثابتة بالأوراق أو كان استخلاص هذا الدليل لا تنتجه الواقعة المطروحة على المحكمة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 11/ 4/ 1984 أودع الأستاذ محمد عبد المجيد الشاذلي المحامي بصفته وكيلاً عن السيد....... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1517 لسنة 30 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة الصحة بجلسة 25/ 3/ 1984 في الدعوى رقم 23 لسنة 26 القضائية والقاضي بمجازاة...... بخفض أجره بمقدار علاوة وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير طعنه قبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وأصلياً إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء ببراءته واحتياطياً إلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى لإعادة المحاكمة أمام دائرة أخرى.
وبعد أن تم إعلان تقرير الطعن إلى ذوي الشأن على الوجه المبين بالأوراق قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً برأيها القانوني رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية لوزارة الصحة للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون (الدائرة الثالثة) جلسة 20/ 6/ 1984 وبجلسة 17/ 11/ 1984 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى دائرة فحص الطعون (الدائرة الرابعة) بهذه المحكمة لنظره بجلسة 9/ 1/ 1985 وبجلسة 9/ 1/ 1985 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) لنظره بجلسة 12/ 1/ 1985 وفيها استمعت المحكمة لما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يستخلص من الأوراق - في أنه بتاريخ 9/ 11/ 1983 أقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 23 لسنة 26 القضائية بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة الصحة ضد...... مدير إدارة القضايا بشركة تنمية الصناعات الكيماوية (سيد) درجة أولى لأنه خلال الفترة من 1979 حتى 1981 خرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته ولم يؤد الواجبات المنوطة به بدقة بأن:
1 - أهمل وقصر في الرد على أسباب الطعن رقم 346/ 50 نقض مدني المرفوع ضد الشركة مما أدى إلى عدم إبداء أي دفاع بشأنه أمام محكمة النقض كما لم يعرض مذكرة برأيه على مدير عام الشئون القانونية بما يراه في هذا الخصوص.
2 - أهمل في تقديم المستندات التي طلبتها المحكمة مراراً في الحكم الصادر في الاستئناف رقم 833 لسنة 96 ق مما أدى إلى رفض الاستئناف المرفوع من الشركة وتأييد الحكم المستأنف.
3 - تقاعس ولم يحضر عن الشركة بجلسة 4/ 3/ 1981 في الدعوى رقم 161 لسنة 1981 تجاري جزئي القاهرة مما أدى إلى شطبها.
4 - أهمل ولم يتقدم بمذكرة برأيه في الطعن بالنقض من عدمه في الحكم الاستئنافي في قضية المرحوم مصطفى ربيع ضد الشركة بالمخالفة لقرار وزير العدل رقم 569 لسنة 1977 بلائحة تنظيم العمل بالإدارات القانونية.
5 - قام بالإشراف على القضايا الخاصة التي تباشرها ابنته مع علمه باستعمالها لاسمه في محاضر الجلسات وكذلك صحف الدعوى والأوراق الخاصة بها.
6 - أهان السيد مدير عام الشئون القانونية بأن وجه إليه ألفاظاً غير لائقة على مسمع من زملائه.
ورأت النيابة الإدارية أنه بذلك يكون قد ارتكب المخالفات الإدارية والمالية المنصوص عليها في المادتين 78، 80 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين بالقطاع العام وطلبت محاكمته تأديبياً بالمادتين المشار إليهما وبالمواد 21، 22، 23 من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها والمادة 12 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية والمادتين 15 و19 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة وبجلسة 25/ 3/ 1984 حكمت المحكمة بمجازاة....... بخفض أجره بمقدار علاوة وأقامت قضاءها على أنه لا وجه لما دفع به المتهم من سقوط الدعوى التأديبية ذلك أن ميعاد السقوط لا يبدأ إلا من تاريخ علم الرئيس بحسبانه هو المخاطب دون سواه طالما كان زمام التصرف في المخالفة التأديبية في يده أما إذا خرج الأمر من سلطانه بإحالة المخالف للتحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وأصبح التصرف فيها من اختصاص غيره انتفى تبعاً لذلك موجب سريان السقوط السنوي ويخضع أمر السقوط للأصل وهو ثلاث سنوات وتنقطع هذه المدة بأي إجراء من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وما كان الثابت من الأوراق أن المتهم أحيل إلى التحقيق الذي بدأ في 11/ 11/ 1981 وانتهى بإحالته إلى المحاكمة التأديبية وأن المخالفات المنسوبة إليه وقعت ما بين عامي 1979، 1981 فمن ثم فإن مدة ثلاث سنوات لم تكن قد انقضت بعد ويكون الدفع بسقوط الدعوى التأديبية في غير محله ثم استطردت المحكمة إلى المخالفات المنسوبة للمتهم وانتهت إلى ثبوت كل منها في حقه.
ومن حيث إن مبنى الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وذلك لتوقيعه عقوبة على المتهم لم ينص عليها القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية والذي يحكم حالة المتهم وينظم تأديبه باعتباره مدير إدارة قانونية فضلاً عن بطلان الحكم لبطلان الإجراءات التي قام عليها ذلك أن الوقائع الست محل المساءلة أعيد تحقيقها بناء على تأشيرة المستشار وكيل وزارة العدل بتاريخ 12/ 2/ 1983 وأعد المحقق مذكرة التحقيق النهائية وقرر فيها حفظ التهمة السادسة لعدم ثبوت المخالفة ووافق على ذلك المستشار مدير التفتيش في 14/ 1/ 1983 وأن يعرض التحقيق على لجنة الإحالة للنظر في أمر محاكمته عن باقي التهم وهو ما لم يتم وقامت النيابة الإدارية بإحالته إلى المحكمة دون اتباع ذلك وأضاف بأن الحكم عاقبه عن تهمتين لا وجود لهما في الأوراق فالتهمة الرابعة كما وردت بالشكوى والتحقيقات وتقرير الاتهام "لم يتقدم بمذكرة برأيه في الطعن أو عدمه".. في الحكم الاستئنافي في قضية مصطفى ربيع، إلا أن الحكم عاقبه على أنه لم يقم بالطعن في الحكم بالنقض" والتهمة السادسة فإن الثابت من الأوراق أن التفتيش المختص قرر حفظها واستبعادها لثبوت براءة المتهم منها ولكن النيابة الإدارية أوردتها في تقرير الاتهام عن طريق الخطأ ورغم ذلك عاقبته المحكمة عنها، وأضاف بأن الحكم شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع على النحو الوارد تفصيلاً بتقرير الطعن تأسيساً على أن المحكمة كان يتعين عليها الاطلاع على ملفات القضايا المشار إليها في المخالفات المذكورة للتحقق من صحة أقوال المتهم وأنه قام بواجبه على خير وجه.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن إدارة التفتيش الفني على الإدارات القانونية بوزارة العدل قامت بإجراء تحقيق في الشكوى رقم 45/ 81 المقدمة من السيد مدير عام الإدارة القانونية بشركة تنمية الصناعات الكيماوية "سيد" والتي ينسب فيها إلى السيد..... مدير القضايا بتلك الشركة عشر مخالفات، قامت الإدارة بتحقيقها وانتهت لجنة الإحالة في اجتماعها بتاريخ 4/ 11/ 1982 بأن المشكو قد أخل بالسلوك اللائق وخرج على مقتضيات الواجب الوظيفي وأهمل في عمله وامتنع عن تأدية واجباته وانتهت إلى قيد الواقعة مخالفة إدارية ومالية ضد......... لأنه خلال الفترة من 1979 حتى 1981 خرج على مقتضيات الواجب في أعمال وظيفته ولم يؤد تلك الواجبات المنوطة به بدقة بأن ارتكب الأفعال الآتية:
1 - أهمل وقصر في الرد على أسباب الطعن رقم 346/ 50 نقض مدني المرفوع ضد الشركة مما أدى إلى عدم إبداء أي دفاع لها أمام محكمة النقض كما لم يعرض مذكرة برأيه على مدير عام الشئون القانونية بما يراه في هذا الخصوص.
2 - أهمل في تقديم المستندات التي طلبتها المحكمة مراراً في الحكم الصادر في الاستئناف رقم 833 لسنة 96 ق مما أدى إلى رفض الاستئناف المرفوع من الشركة وتأييد الحكم المستأنف على النحو الموضح بالأوراق.
3 - لم يحضر عن الشركة بجلسة 4/ 3/ 1981 في الدعوى رقم 161 لسنة 1981 تجاري جزئي القاهرة مما أدى إلى شطبها.
4 - لم يتقدم بمذكرة برأيه في الطعن أو عدمه في الحكم الاستئنافي في قضية المرحوم مصطفى ربيع ضد الشركة بالمخالفة لقرار وزير العدل رقم 569 لسنة 1977 بلائحة تنظيم العمل بالإدارات القانونية.
5 - قام بالإشراف على القضايا الخاصة التي تباشرها ابنته مع علمه باستعمالها لاسمه في محاضر الجلسات وكذلك على صحف الدعاوى والأوراق الخاصة بها.
6 - وجه ألفاظاً غير لائقة إلى مدير عام الشئون القانونية على مسمع من زملائه. وقد أرسلت الأوراق بكتاب السيد مدير التفتيش الفني رقم 4196 في 19/ 12/ 1982 إلى السيد وزير الصحة للموافقة على إحالة المخالف إلى المحكمة التأديبية وقد وافق على ذلك في 3/ 1/ 1983 وأرسلت الأوراق إلى النيابة الإدارية التي أعدت تقرير الاتهام في 26/ 10/ 1983 وأودعت الأوراق قلم كتاب المحكمة التأديبية في 9/ 11/ 1983، وبناء على شكوى مقدمة من المتهم إلى السيد وكيل وزارة العدل لشئون الإدارات القانونية في 3/ 2/ 1983 أحيلت إلى التفتيش الفني وتولى المستشار المحقق تحقيقها وضمها للشكوى رقم 45 لسنة 1981 وأعدت مذكرة تكميلية انتهت إلى حفظ التهمة الأخيرة لعدم ثبوتها ومساءلة المخالف عن باقي التهم بتقديمه إلى المحاكمة التأديبية ولا يبين من الأوراق أن هذه المذكرة قد عرضت على لجنة الإحالة.
ومن حيث إن المادة 19 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة تنص في فقرتها الأولى على أن توقع المحاكم التأديبية الجزاءات المنصوص عليها في القوانين المنظمة لشئون من تجرى محاكمتهم...." وتنص المادة 21 من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها على أن "تنظم الأحكام الخاصة بالتحقيق وبالنظام التأديبي لمديري الإدارات القانونية وأعضائها وبإجراءات ومواعيد التظلم مما قد يوقع عليهم من جزاءات، لائحة يصدرها وزير العدل بعد موافقة اللجنة المنصوص عليها في المادة 7 من هذا القانون ويجوز أن تتضمن هذه اللائحة بياناً بالمخالفات الفنية والإدارية التي تقع من مديري الإدارات القانونية وأعضائها والجزاءات المقررة لكل منها والسلطة المختصة بتوقيعها ولا يجوز أن تقام الدعوى التأديبية إلا بناء على طلب الوزير المختص ولا تقام هذه الدعوى في جميع الأحوال إلا بناء على تحقيق يتولاه أحد أعضاء التفتيش الفني" وتضمنت المادة 22 بياناً بالعقوبات التأديبية فنصت على أن "العقوبات التأديبية التي يجوز توقيعها على شاغلي الوظائف الفنية الخاضعة لهذا النظام من درجة مدير عام ومدير إدارة قانونية هي:
1 - الإنذار.
2 - اللوم.
3 – العزل.
أما شاغلوا الوظائف الأخرى فيجوز أن توقع العقوبات الآتية:
1 - الإنذار.
2- الخصم من المرتب لمدة لا تجاوز خمسة عشر يوماً في السنة الواحدة بحيث لا تزيد مدة العقوبة في المرة الواحدة على خمسة أيام.
3 - تأجيل موعدة العلاوة الدورية لمدة لا تجاوز ثلاثة شهور.
4 - الحرمان من العلاوة الدورية المستحقة عن سنتين على الأكثر.
5 - الحرمان من الترقية لمدة لا تجاوز سنتين.
6 - العزل من الوظيفة.
وتنفيذاً لأحكام المادة 21 سالفة الذكر فقد صدر قرار وزير العدل رقم 731 لسنة 1977 بلائحة التفتيش الفني على الإدارات القانونية بالهيئات العامة وشركات القطاع العام ونصت المادة 20 منها على أنه "إذا تعلقت الشكوى بالسلوك الشخصي أو بتصرف إداري يتولى التفتيش الفني فحصها أو تحقيقها إن رأى وجهاً لذلك ولمدير التفتيش أن يطلب إلى الجهة المختصة حفظها أو أن يحيلها بعد التحقيق إلى اللجنة المشار إليها في المادة 12 للنظر في إحالتها إلى السلطة المختصة لتوقيع الجزاء فإن لم يقر مدير التفتيش الرأي الذي انتهت إليه اللجنة عرض الأمر على وكيل وزارة العدل لاتخاذ ما يراه".
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن المشرع قد تولى على سبيل الحصر تحديد الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على شاغلي الوظائف الفنية الذين يسري عليهم أحكام القانون رقم 47 لسنة 1973 وقرار وزير العدل رقم 731 لسنة 1977 المشار إليهما وإذ كان الطاعن يشغل وظيفة مدير إدارة قانونية بشركة تنمية الصناعات الكيماوية "سيد" فإن العقوبات التأديبية التي يجوز توقيعها عليه هي الإنذار أو اللوم أو العزل فقط فإذا كان الثابت أن المحكمة التأديبية قد وقعت عليه عقوبة خفض الأجر بمقدار علاوة فإنها تكون بذلك قد أخطأت في تطبيق القانون وهي بسبيل تحديد العقوبة التي توقع على المتهم.
ومن حيث إنه لا وجه لما يذهب إليه الطاعن من بطلان الحكم المطعون فيه لبطلان الإجراءات التي قام عليها تأسيساً على أن الوقائع الستة محل المساءلة أعيد تحقيقها وأعد المحقق مذكرة انتهى فيها إلى حفظ التهمة السادسة ووافق على ذلك مدير التفتيش الفني في 14/ 8/ 1983 وأن يعرض التحقيق على لجنة الإحالة للنظر في أمر محاكمته عن باقي التهم وهو ما لم يتم لا وجه لهذا القول ذلك أنه يبين من الوقائع على نحو ما سبق إيضاحه أن إدارة التفتيش الفني بعد أن أجرت التحقيق انتهت إلى مساءلة الطاعن عن المخالفات الستة المشار إليها وأرسلت الأوراق إلى السيد وزير الصحة بكتاب إدارة التفتيش الفني رقم 4196 في 19/ 12/ 1982 للموافقة على الإحالة إلى المحاكمة التأديبية بالقيد والوصف الواردين بالأوراق وقد وافق السيد الوزير على ذلك في 3/ 1/ 1983 ثم صدر قرار السيد المستشار مدير التفتيش الفني بتاريخ 6/ 1/ 1983 بإرسال الأوراق إلى إدارة الدعوى التأديبية لاتخاذ اللازم فإن إحالة الطاعن على هذا النحو إلى المحاكمة التأديبية على نحو ما ورد بتقرير الاتهام يكون قد تم طبقاً للقانون ولا وجه لما يثيره الطاعن في هذا الصدد ذلك أن أمر التهمة السادسة والتي انتهى المستشار المحقق بإدارة التفتيش الفني إلى حفظها في 14/ 8/ 1983 بعد أن أحيلت الأوراق إلى إدارة الدعوى التأديبية بقرار مدير التفتيش الفني في 9/ 1/ 1983 والحصول على موافقة الوزير المختص في 3/ 1/ 1983 لا يترتب عليها تعديل في الاتهامات المنسوبة للمتهم بعد أن استكملت إجراءات إحالته إلى المحاكمة التأديبية وأصبح الأمر في النهاية في حوزة المحكمة التي يكون لها سلطة تقدير الاتهامات المنسوبة إليه بمدى ثبوتها في حقه من واقع الأوراق والمستندات ولا تملك سلطة التحقيق في هذه الحالة أن تعدل من الاتهامات المنسوبة إليه.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من إخلاله بحق الدفاع وقصوره في البحث والتسبيب وصدوره على خلاف الثابت بالأوراق فإن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن رقابة المحكمة الإدارية العليا لأحكام المحاكم التأديبية هي رقابة قانونية فلا تعني استئناف النظر في الحكم بالموازنة والترجيح بين الأدلة المقدمة إثباتاً ونفياً إذ أن ذلك من شأن المحكمة التأديبية وحدها وهي لا تتدخل وتفرض رقابتها إلا إذا كان الدليل الذي اعتمد عليه قضاء الحكم المطعون فيه غير مستمد من أصول ثابتة في الأوراق أو كان استخلاص هذا الدليل لا تنتجه الواقعة المطروحة على المحكمة فهنا فقط يكون التدخل لتصحيح القانون لأن الحكم في هذه الحالة يكون غير قائم على سببه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد تعرض لكافة المخالفات المنسوبة للمتهم وانتهى إلى ثبوتها في حقه مستنداً إلى الأوراق والتحقيقات وكان استخلاصه سليماً مستمداً من أصول ثابتة في الأوراق فإن لا وجه لما ينعاه الطاعن في هذا المجال ولا يلزم والحال كذلك اطلاع المحكمة على ملفات القضايا المشار إليها في المخالفات المنسوبة إليه.
ومن حيث إنه وقد ثبتت في حق المتهم المخالفات المنسوبة إليه فإن يحق توقيع الجزاء عليه من بين الجزاءات المحددة في المادة 22 من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية التي يجوز توقيعها على شاغلي الوظائف الفنية من درجة مدير عام ومدير إدارة قانونية وتقدر المحكمة هذا الجزاء بمراعاة المخالفات المنسوبة للمتهم بعقوبة اللوم.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة المتهم بعقوبة خفض الأجر بمقدار علاوة وبمجازاته باللوم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق