الصفحات

الاثنين، 22 مايو 2023

الطعن 132 لسنة 32 ق جلسة 10 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 77 ص 564

جلسة 10 من مارس سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم الجافي، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، وسليم راشد أبو زيد.

-----------------

(77)
الطعن رقم 132 لسنة 32 القضائية

(أ) تقادم. "التقادم المسقط". "بدء سريان التقادم". التزام. "الالتزام المعلق على شرط موقف". بيع. "ضمان الاستحقاق".
بدء سريان التقادم المسقط من الوقت الذي يصبح فيه الدين مستحق الأداء. بالنسبة للالتزام المعلق على شرط موقف يبدأ التقادم من وقت تحقق هذا الشرط. ضمان الاستحقاق التزام شرطي يتوقف على نجاح المتعرض في دعواه ويبدأ تقادمه من الوقت الذي يثبت فيه الاستحقاق بحكم نهائي لا من وقت رفع الدعوى بالاستحقاق.
(ب) نقض. "مسائل الواقع". محكمة الموضوع.
تقدير علم المشتري بسبب الاستحقاق وتقصي ثبوته ونفيه من مسائل الواقع يستقل بها قاضي الموضوع.

-------------
1 - القاعدة سواء في التقنين المدني القديم أو القائم أن التقادم المسقط لا يبدأ سريانه إلا من الوقت الذي يصبح فيه الدين مستحق الأداء مما يستتبع أن التقادم لا يسري بالنسبة إلى الالتزام المعلق على شرط موقف إلا من وقت تحقق هذا الشرط. وإذ كان ضمان الاستحقاق التزاماً شرطياً يتوقف وجوده على نجاح المتعرض في دعواه فإن لازم ذلك أن التقادم لا يسري بالنسبة لهذا الضمان إلا من الوقت الذي يثبت فيه الاستحقاق بصدور حكم نهائي به لا من وقت رفع الدعوى بالاستحقاق.
2 - تقدير علم المشتري بسبب الاستحقاق وتقصي ثبوته ونفيه هو من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع ولا رقابة لمحكمة النقض عليه في ذلك مادامت الأسباب التي يقيم عيها قضاءه سائغة تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع، على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن، تتحصل في أن ورثة حبيب فارس (المطعون ضدهم الأربعة الأول) رفعوا الدعوى رقم 856 سنة 1956 مدني كلي المنصورة طالبين الحكم بإلزام المدعى عليها (الطاعنة) بصفتها الوارثة الوحيدة لوالدتها إيلين بشارة جرجس بأن تدفع لهم ومن تركة مورثتها المذكورة مبلغ 2473 ج و436 م والفوائد بواقع 4% سنوياً على مبلغ 1029 ج و306 م من أول مارس سنة 1932 حتى السداد وبصحة الحجز التحفظي المتوقع تحت يد المطعون ضدهما الخامس والسادس وقالوا شرحاً للدعوى إن إيلين بشارة جرجس مورثة الطاعنة كانت قد باعت - عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر - إلى آخرين أرضاً زراعية مساحتها 43 ف و3 ط و4 س بثمن قدره 5822 ج و812 م ونص في عقد البيع على أن محكمة الأحوال الشخصية لليونانيين قد صرحت للبائعة المذكورة بالتصرف في أنصبة القصر المشمولين بوصايتها. ولما كانت هذه الأرض المبيعة تجاور أرضاً مملوكة لمورث الطاعنين المرحوم حبيب فارس فقد شفع في الأرض المبيعة - وفي 22 من فبراير سنة 1921 قضت له محكمة الاستئناف المختلطة بأخذها بالشفعة، وبعد أن وضع المورث وورثته من بعده اليد على تلك الأرض مدة تزيد على عشر سنوات رفعت الطاعنة في أول مارس سنة 1932 دعوى ببطلان البيع الصادر من مورثتها المذكورة وعدم نفاذه هو وحكم الشفعة في حقها لأنها كانت قاصراً وقت البيع ولم يكن مصرحاً للوصية من محكمة الأحوال الشخصية بالبيع نيابة عنها، وفي 5 من يونيه سنة 1945 قضت محكمة الاستئناف المختلطة بعدم نفاذ البيع وحكم الشفعة سالفي الذكر في حق الطاعنة وبإلزام ورثة حبيب فارس (المطعون ضدهم الأربعة الأول) بتسليمها نصيبها في المبيع وقدره 10 ف و18 ط وبأداء ريع هذا القدر من تاريخ رفع الدعوى في أول مارس سنة 1932 حتى التسليم وبناء على هذا الحكم تسلمت الطاعنة ذلك القدر في 30 من سبتمبر سنة 1945، وقال المطعون ضدهم رافعو الدعوى إنه إذ كان من حقهم بعد ثبوت استحقاق الطاعنة لجزء من الأرض المبيعة أن يرجعوا على البائعة بضمان الاستحقاق فقد رفعوا هذه الدعوى على الطاعنة باعتبارها الوارثة الوحيدة لوالدتها البائعة - بطلباتهم السابقة وهي تتمثل في مبلغ 1029 ج و206 م قيمة ثمن الأرض المبيعة والتي استحقت مضافاً إليه مبلغ 944 ج و220 م قيمة الريع الذي قضي بإلزامهم به ومبلغ 500 ج على سبيل التعويض - دفعت الطاعنة بسقوط حق المطعون ضدهم الأربعة الأول في الرجوع عليها بضمان الاستحقاق لمضي أكثر من خمس عشرة سنة من تاريخ رفع دعواها بعدم نفاذ البيع وحكم الشفعة في حقها قبل رفع الدعوى الحالية كما تمسكت بسقوط حق المشتري في ضمان الاستحقاق لعلمه وقت البيع بقيام سبب الاستحقاق وهو أن محكمة الأحوال الشخصية لم تصرح للوصية ببيع نصيب القصر. وفي 2 من مارس سنة 1961 قضت المحكمة برفض هذين الدفعين وبإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضدهم الأربعة الأول مبلغ 1029 ج و206 م وهو ثمن الأرض التي استحقت وأرجأت الفصل في باقي الطلبات إلى ما بعد مناقشة المدعين فيها فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة طالبة إلغاءه وقيد استئنافها برقم 70 سنة 13 ق. وتمسكت في الاستئناف بدفاعها الذي أبدته أمام محكمة الدرجة الأولى. وفي 13 من فبراير سنة 1962 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أيدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنة تنعى في الوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول إنها دفعت أمام محكمة الموضوع بسقوط حق المطعون ضدهم الأربعة الأول في الرجوع عليها بضمان الاستحقاق لأنهم لم يرفعوا دعواهم إلا في أكتوبر سنة 1956 بعد مضي أكثر من خمس عشرة سنة على يوم أول مارس سنة 1932 وهو تاريخ رفع دعواها بعدم نفاذ عقد البيع وحكم الشفعة في حقها، وقد رفضت المحكمة هذا الدفع تأسيساً على ما قالته من أن تقادم ضمان الاستحقاق يبدأ من تاريخ الحكم النهائي بالاستحقاق لا من تاريخ بدء المنازعة وهو نظر مخالف للقانون إذ أن تقادم ضمان الاستحقاق في ظل التقنين المدني القديم الذي يحكم النزاع يبدأ من تاريخ رفع دعوى الاستحقاق وليس من تاريخ الحكم النهائي به، وأضافت الطاعنة في السبب الثاني أنها استندت في تأييد هذا الرأي إلى الحكم الصادر من محكمة النقض في 28 من إبريل سنة 1932 والحكم الصادر من الدوائر المجتمعة لمحكمة الاستئناف المختلطة في 23 من مايو سنة 1925 على أساس أنهما يقرران مبدأ سريان تقادم ضمان الاستحقاق من وقت رفع دعوى الاستحقاق لا من تاريخ صدور الحكم النهائي به وأن محكمة الموضوع أغفلت مناقشة المبدأ الذي ورد بهذين الحكمين مما يشوب حكمها بالقصور.
وحيث إنه لما كانت القاعدة سواء في التقنين المدني القديم أو القائم أن التقادم المسقط لا يبدأ سريانه إلا من الوقت الذي يصبح فيه الدين مستحق الأداء مما يستتبع أن التقادم لا يسري بالنسبة إلى الالتزام المعلق على شرط موقف إلا من وقت تحقق هذا الشرط، وإذ كان ضمان الاستحقاق التزاماً شرطياً يتوقف وجوده على نجاح المتعرض في دعواه فإن لازم ذلك أن التقادم لا يسري بالنسبة إلى هذا الضمان إلا من الوقت الذي يثبت فيه الاستحقاق بصدور حكم نهائي به ومن ثم فإن القول ببدء سريان التقادم بالنسبة لهذا الضمان في ظل التقنين المدني الملغى من وقت رفع الدعوى بالاستحقاق يكون على غير سند إذ أن حكم القانون في هذه المسألة واحد في التقنين القديم والقائم. ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه لا يكون مخالفاً للقانون - أما ما تثيره الطاعنة في السبب الثاني خاصاً بإغفال الحكم المطعون فيه الرد على الأحكام التي استشهدت بها لتأييد وجهة نظرها فإنه بحسب محكمة الموضوع أن تبين في حكمها النظر القانوني الصحيح الذي أسست عليه قضاءها دون أن تكون ملزمة بالرد على ما يخالفه - على أنه ليس في الحكمين اللذين استشهدت بهما الطاعنة ما يؤيد وجهة نظرها.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه في الوجه الثاني من السبب الأول مخالفة القانون ذلك أنها تمسكت أيضاً بسقوط حق المطعون ضدهم الأربعة الأول في ضمان الاستحقاق لأن المشترين الذين حل محلهم الشفيع مورث المطعون ضدهم كانوا يعلمون وقت البيع بسبب الاستحقاق وهو أنها - أي الطاعنة - كانت قاصراً وقت البيع وأن والدتها التي كانت وصية عليها قد باعت هذه الأرض نيابة عنها بغير إذن من محكمة الأحوال الشخصية المختصة. وقد رد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع بقوله إن الثابت من العقد أن القنصل صرح للوصية بالبيع وأنها سلمت المشترين حكماً بالتصريح لها بالبيع - هذا في حين أن تصريح القنصل للوصية بالبيع لا يغني عن موافقة المحكمة القنصلية ولم يصدر من هذه المحكمة إذن للوصية بالبيع وأن المشترين إذ اشتروا رغم علمهم بعدم صدور هذا الإذن فإنهم يكونون قد خاطروا بالشراء على مسئوليتهم مما يسقط حقهم في ضمان الاستحقاق وإذ قضى الحكم برفض هذا الدفع فإنه يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه جاء به في خصوص ما تثيره الطاعنة في هذا السبب ما نصه "وحيث إن ما ذهبت إليه المستأنفة (الطاعنة) من أن المشترين كانوا يعلمون وقت البيع بسبب الاستحقاق فلا يكون لهم الحق في الرجوع على البائعة بالضمان فغير سديد، ذلك أنه بالرجوع إلى عقد البيع يبين أنه منصوص في البند الثاني منه على أن الأطيان المبيعة آلت إلى البائعة بطريق الميراث عن زوجها المرحوم اليان عيسى والبائعة المذكورة معينة وصية بحكم صادر من المحكمة القنصلية اليونانية بالإسكندرية بتاريخ 30/ 8/ 1910 رقم 194 مصرحاً لها بإدارة شئون القصر وقد صرح لتلك السيدة بصفتها من القنصل المذكور بتاريخ 24/ 5/ 1919 بأن تبيع تلك الأطيان كما جاء بالبند السادس من العقد أن البائعة سلمت المشترين حكماً بالتصريح بالبيع، كل ذلك يقطع في أن المشتري وهو يشتري من مورثة المستأنفة ما كان يعلم بالاستحقاق هذا فضلاً عن أن المحكمة الابتدائية المختلطة نفسها قد اعتقدت بأن البيع صحيح وصدر به إذن ولذلك فقد قضت ابتدائياً برفض دعوى المستأنفة ولم يحكم لصالحها إلا من محكمة الاستئناف المختلطة بحكمها الصادر في 5/ 6/ 1945 فلا يسوغ للمستأنفة بعد ذلك وهي السبب في الاستحقاق أن تتنصل من دعوى الضمان الذي على والدتها" وهذا الذي قرره الحكم سائغ في نفي علم المشتري وقت البيع بسبب الاستحقاق ولما كان تقدير علم المشتري بسبب الاستحقاق وتقصي ثبوته ونفيه هو من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع ولا رقابة لمحكمة النقض عليه في ذلك ما دامت الأسباب التي أقام عليها قضاءه تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها فإن النعي بهذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره.
وحيث إنه لكل ما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق