الصفحات

الأربعاء، 26 أبريل 2023

تسبيب الأحكام الجنائية / الجنح - نصب / براءة - مثال من محكمة النقض

الطعن 8996 لسنة 58 ق جلسة 17 / 1 / 1990 مكتب فني 41 ق 20 ص 146


من حيث إن النيابة العامة أسندت للمتهم انه في يوم..... بدائرة قسم شرطة الزيتون توصل بطريق الاحتيال إلى الاستيلاء على المبلغ النقدي المبين بالأوراق والمملوك لـ......، وذلك بأن تصرف له في عقار ليس ملكا له وليس له حق التصرف فيه وذلك على النحو المبين بالأوراق.
وطلبت معاقبته بالمادة 336/ 1 من قانون العقوبات.
ومن حيث إن الوقائع تتحصل فيما ابلغ به وقرره الطبيب...... "المدعى بالحقوق المدنية" بتاريخ....... من انه أثناء وجوده بمحافظة القاهرة لتسجيل قطعة ارض مملوكة له تقابل مصادفة مع المهندس..... - الذى كان قد تعرف عليه حين تردده على المحافظة - وإذ استفسر منه الأخير عن مصير الأرض المذكورة فأخبره أنه سيقيم فيها مشروعا فعرض عليه إرشاده عن ارض أخرى واصطحبه إلى محل المتهم..... الذى اخبره أن له أرضا بطريق القاهرة بلبيس وعرض عليه خريطة لها فوافق على شرائها منه وحرر له ثلاثة شيكات بثمنها قيمتها عشرة آلاف وخمسمائة جنيه تستحق الدفع في تاريخي.... و.....، على أن يحضر له الأخير سند ملكيتها فيما بعد وأضاف أنه لم يحرر عقد بيع وقت هذا الاتفاق ولم يعاين الأرض ولا يعرف مكانها تحديدا وان المتهم حرر له تنازلا عن الأرض المذكورة موجه للجمعية التعاونية الزراعية وسلمه بطاقة الحيازة الزراعية الخاصة به، وإذ تحرى محاميه عن تلك الأرض تبين عدم وجودها فطالب المتهم رد الشيكات له ولكنه رفض ذلك، وقدم بطاقة الحيازة الزراعية والخطاب المنوه عنه في أقواله - وأمام محكمة أول درجة ادعى مدنيا قبل المتهم بمبلغ 101 جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
وإذ سئل المتهم..... انكر ما نسبه إليه المبلغ، مقررا انه اتفق معه على تكوين شركة تضامن لاستزراع قطعة الأرض الزراعية التي يحوزها وذلك برأس مال قدره 42000 جنيه وقد سلمه المبلغ الشيكات الثلاثة كجزء من نصيبه في رأس مال الشركة على أن يتولى المبلغ عمليات الاستصلاح بمعرفته ولذا فقد حرر له خطابا موجها للجمعية التعاونية الزراعية يتضمن تنازله عن الحيازة وسلمه بطاقة الحيازة الزراعية يتمكن من صرف مستلزمات الإنتاج , إلا أن المبلغ لم يفي بالتزاماته الناشئة عن العقد وأضاف إنه سلم اصل عقد الشركة للمبلغ وقت التوقيع عليه واحتفظ بصورته التي قدمها كما قدم المستندات الدالة على حيازته للأرض محل التعامل.
وثبت من الاطلاع على المستندات المقدمة من المبلغ انها عبارة عن خطاب موجه من المتهم إلى مدير جمعية تعاون..... الزراعية يبلغه فيه بتنازله عن مساحة ثلاثين فدانا من حيازته الثابتة بالبطاقة الزراعية رقم...... إلى المبلغ وانه وضع يده عليها والخطاب غير مؤرخ وكذا بطاقة الحيازة الزراعية الصادرة من الجمعية سالفة الذكر باسم المتهم برقم..
كما ثبت من المستندات المقدمة من المتهم أنها عبارة عن تنازل بعض أعضاء جمعية...... لاستصلاح الأراضي له عن مساحة 45 فدانا وذلك بتاريخ...... وصورة عقد شركة بغرض تضامن مؤرخ..... محرر بين المتهم والمبلغ واتفقا فيه على تكوين الشركة بغرض استصلاح الأرض المملوكة للمتهم ومساحتها 30 فدان وان المبلغ دفع للمتهم مبلغ 10500 جنيه من قيمة نصيبه في رأسمال الشركة البالغ 42000 جنيه على أن يقوم بعمليات الاستصلاح كما نص فيه على تنازل المتهم للمبلغ عن بطاقة الحيازة الزراعية لاستخدامها في صرف مستلزمات الإنتاج وكذا خطاب صادر من الإدارة الزراعية...... موجه للمتهم يفيد أن حيازته للأرض محل التعامل ألغيت بتاريخ.......
ومن حيث ان المدعى بالحقوق المدنية حضر وصمم على طلباته وذكر بلسان الحاضر عنه انه لم يتفق على تكوين شركة التضامن مع المتهم بل أن الأخير باع الأرض له ثم تبين له انه كان مجرد حائز لها وألغيت حيازته منذ عام 1979 مما تتوافر به في حقه الجريمة المسندة له.
وحضر المتهم منكرا ما نسب له، مدافعا بأنه كان يحوز الأرض محل التعامل واتفق مع المدعى بالحقوق المدنية على تكوين شركة لاستصلاحها واستزراعها وان الأخير سلمه الشيكات الثلاثة كجزء من نصيبه في رأس مال الشركة على أن يكون الجزء الباقي متمثلا في إحضار المعدات والآلات ومستلزمات الإنتاج. إلا أنه لم يقم بتنفيذ التزاماته الناشئة عن عقد الشركة، وان حيازة المتهم لم تلغ إلا في عام 1982 أي بعد قيام الشركة وحدوث التنازل بفترة طويلة مما لا تتوافر به الجريمة المسندة له، هذا إلى أنه لم يصدر منه أية أفعال يصح أن تعتبر من الطرق الاحتيالية المؤثمة.
ومن حيث إن جريمة النصب كما معرفة في المادة 336 من قانون العقوبات تتطلب لتوافرها أن يكون ثمة احتيال وقع من المتهم على المجنى عليه بقصد خدعه والاستيلاء على ماله فيقع المجنى عليه ضحية هذا الاحتيال الذى يتوافر باستعمال طرق احتيالية أو باتخاذ اسم كاذب أو انتحال صفة غير صحيحة أو التصرف في ملك الغير ممن لا يملك التصرف، وكانت أوراق الدعوى قد خلت من أي دليل يؤيد ما ذهب إليه المدعى بالحقوق المدنية من أن المتهم قد باعه الأرض محل التعامل القائم بينهما، بل العكس من ذلك فإن الأوراق تكشف عن أن الأمر قد اقتصر على تنازل المتهم عن تلك الأرض للمدعى بالحقوق المدنية وهو ما ردده هذا الأخير نفسه في قول له، كما أن الثابت من الاطلاع على الكتاب الصادر من المتهم الموجه للجمعية التعاونية الزراعية انه قد اقتصر على تنازله عن الحيازة فقط وقد اقر المدعى بالحقوق المدنية أنه لم يحرر عقد بيع بينهما ولم ينسب للمتهم أنه قدم له ما يفيد ملكيته لتلك الأرض بل على العكس من ذلك فلقد ذكر أن المتهم حرر له تنازل وسلمه بطاقة الحيازة الزراعية خاصة وأن المدعى بالحقوق المدنية طبيب يستبعد أن يشترى تلك المساحة من الأرض دون اطلاع على مستندات ملكيتها وأن يسلم الشيكات التي ذهب إلى أنها تمثل ثمنها للمتهم دون أي محرر مكتوب يضمن حقوقه، ومن ناحية أخرى فإن تنازل المتهم للمدعى بالحقوق المدنية عن قطعة الأرض ينأى عن نطاق التأثيم ذلك أن البين من مستندات المتهم أنه كان يحوز تلك الأرض بناء على تنازل صادر له من الحائزين لها وأنه استخرج بطاقة حيازة زراعية باسمه عنها ظلت سارية الى ما بعد تاريخ عقد الشركة الذى قدم صورته والذى يمثل هذا التنازل أثرا من آثاره، بل أن كتاب التنازل الصادر منه لا يحمل تاريخا معينا بحيث يمكن القول بأنه صدر بعد إلغاء حيازته كما ذهب المدعى بالحقوق المدنية. ومن ثم فإن هذا التنازل صادر ممن يملكه على ضوء ما قدم في الدعوى من مستندات وبغض النظر عن حقيقة العلاقة بين الطرفين، هذا فضلا عن ان القانون وان نص على أن الطرق الاحتيالية تعد من وسائل النصب إلا أنه يجب أن يكون من شأنها الإيهام بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزوره أو إحداث الأمل بحدوث ربح وهمى أو غير ذلك من الأمور المبينة على سبيل الحصر في المادة 336 من قانون العقوبات، كما أنه من المقرر أن مجرد الادعاءات والأقوال الكاذبة مهما بالغ قائلها في توكيد صحتها لا تتحقق بها جريمة النصب باستعمال طرق احتيالية، بل يشترط القانون أن يكون الكذب مصحوباً بأعمال خارجية تحمل المجنى عليه على الاعتقاد بصحته كما أنه يشترط لوقوع جريمة النصب بطريق الاستعانة بشخص آخر على تأييد الأقوال والادعاءات المكذوبة أن يكون الشخص الأخر قد تدخل بسعي من الجاني وتدبيره وإرادته لا من تلقاء نفسه بغير طلب أو اتفاق وأن يكون تأييد الأخر في الظاهر لادعاءات الفاعل تأييداً صادراً عن شخصه هو لا مجرد ترديد لأكاذيب الفاعل. لما كان ذلك وكان البين من وقائع الدعوى أن المتهم لم يكن هو الذى سعى إلى المجنى عليه كي يعرض علية قطعة الأرض محل التعامل بينهما بل على العكس من ذلك فإن المدعى بالحقوق المدنية هو الذى توجه إلى المتهم في محله طالبا منه بيعه الأرض - على حد قوله - ولم ينسب له إتيان أي فعل مما يعد من وسائل الاحتيال فقد اقتصر الأمر على اتفاقهما على التعامل شفاهة وسلم المدعى بالحقوق المدنية الشيكات للمتهم، هذا إلى أن أقوال المدعى بالحقوق المدنية لا تكشف عن قيام..... بتأييد أقوال المتهم بشأن الأرض أو انه أرشده عن المتهم بسعي من الأخير أو تدبيره، مما تخرج به الواقعة برمتها عن نطاق التأثيم، ويتعين القضاء ببراءة المتهم. 
لما كان ذلك، وكان الفعل وقد انحسر عنه التأثيم فإنه لازم ذلك أن تكون المحكمة الجنائية غير مختصة بالفصل في الدعوى المدنية وهو ما تقضى به هذه المحكمة، مع الزام المدعي بالحقوق المدنية المصاريف المدنية شاملة أتعاب المحاماة عملا بالمادة 184 من قانون المرافعات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق