الصفحات

السبت، 1 أبريل 2023

الطعن 99 لسنة 31 ق جلسة 16 / 11 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 169 ص 1089

جلسة 16 من نوفمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وإميل جبران، والسيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا.

---------------

(169)
الطعن رقم 99 لسنة 31 القضائية

(أ) رسوم. "رسوم جمركية". "استحقاقها". مسئولية. "مسئولية تقصيرية".
عدم سقوط الرسم الجمركي لعدم تحصيله قبل الإفراج عن البضاعة المستوردة. خطأ موظفي مصلحة الجمارك في ذلك لا يعد خطأ في حق المستورد يتذرع به لإقامة مسئولية تقصيرية على عاتق مصلحة الجمارك بقصد الفكاك من الرسم متى كان مستحقاً قانوناً وقت دخول البضاعة المستوردة ولم يسقط الحق فيه بالتقادم.
(ب) قانون. "عدم الاعتداد بالجهل بالقانون".
مبدأ عدم الاعتداد بالجهل بالقوانين يفترض علم الكافة بها. عدم قبول الاحتجاج بهذا الدفع من المستورد للبضاعة المدين بالرسم الجمركي في مواجهة مصلحة الجمارك.

---------------
1 - حق مصلحة الجمارك في الرسم المستحق على البضاعة المستوردة لا يسقط لمجرد عدم تحصيله قبل الإفراج عنها فالحقوق لا تسقط بغير نص - وليس في القانون العام ولا في القوانين الخاصة بالمسائل الجمركية ما يمنع مصلحة الجمارك من تدارك خطأ أو سهو وقع فيه أحد موظفيها بعدم اقتضاء رسم واجب لها قبل الإفراج عن البضاعة. وإذا جاز اعتبار تصرف موظفي مصلحة الجمارك على هذا النحو خطأ في حق المصلحة ذاتها قد يؤدي إلى الإضرار بالخزانة العامة، إلا أنه لا يعتبر خطأ في حق المستورد فليس له أن يتذرع به لإقامة المسئولية التقصيرية على عاتق مصلحة الجمارك بقصد الفكاك من الرسم متى كان مستحقاً عليه قانوناً وقت دخول البضاعة المستوردة وكان الحق فيه لم يسقط بالتقادم وقت المطالبة به.
2 - مبدأ عدم الاعتداد بالجهل بالقوانين يفترض علم الكافة بها ومنهم - بالنسبة لقوانين الرسوم الجمركية - المستورد للبضاعة المدين بالرسم، مما يحول دون قبول الاحتجاج منه بهذا الدفع في مواجهة مصلحة الجمارك.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة المطعون عليها أقامت ضد مصلحة الجمارك - الطاعنة - الدعوى رقم 1421 سنة 1958 مدني كلي القاهرة تطلب الحكم بإلزامها بأن تدفع لها مبلغ 700 جنيه و840 مليماً وفوائده - وقالت بياناً لدعواها إنها استوردت في 9 و31 يناير سنة 1956 ست "هراسات" لرصف الطرق وحصل الجمرك الرسوم المستحقة عليها وأمر بالإفراج عنها - ثم باعت الشركة الهراسات بموجب فاتورتين مؤرختين 20/ 1/ 1956 و6/ 2/ 1956 إلا أنها أبلغت من جمرك الإسكندرية في 3/ 11/ 1956 بأنه يستحق عليها رسم تكميلي مقدراه 700 جنيه و845 مليماً هو رسم استيراد بنسبة 7% من قيمة البضاعة يجرى تحصيله بالقرار الوزاري رقم 99 الذي صدر تنفيذاً للقانون رقم 418 لسنة 1955 فعارضت في هذه المطالبة - ولكنها اضطرت إلى دفع المبلغ بسبب توقيع الحجز الإداري على أموالها - ومضت الشركة المطعون عليها تقول إن المصلحة الطاعنة اعتقدت خطأ أن الهراسات لا يستحق عليها رسم استيراد وأفرجت عنها بناء على هذا الاعتقاد وإذ كانت الشركة قد باعت هذه الهراسات دون أن تدخل في حسابها عند تقدير الثمن الرسم التكميلي الذي حصلته المصلحة مما ألحق بها ضرراً أقامت بسببه هذه الدعوى - ومحكمة أول درجة قضت في 27/ 4/ 1959 بندب مكتب الخبراء لبيان ما لحق الشركة المطعون عليها من خسارة وما فاتها من ربح نتيجة لتراخي المصلحة الطاعنة في تحصيل الرسوم الجمركية كاملة عند استلام الشركة للبضاعة من الجمرك - وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت محكمة أول درجة في 13/ 6/ 1960 للشركة المطعون عليها بطلباتها - استأنفت المصلحة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 1250 سنة 77 ق القاهرة - ومحكمة الاستئناف قضت في 21/ 1/ 1961 بتأييد الحكم المستأنف - طعنت المصلحة في هذا الحكم بطريق النقض - وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 24/ 10/ 1964 وفيها صممت النيابة على رأيها في مذكرتها المتضمنة طلب نقض الحكم - وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة - وبعد استيفاء الإجراءات التالية لقرار الإحالة وبالجلسة المحددة لنظره أمام هذه الدائرة التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن المصلحة الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون من ثلاثة أوجه (الأول) أنه أسند إليها الخطأ بتجاوز تطبيق أحكام القانون بسبب إفراجها عن الهراسات موضوع هذه الدعوى دون أن تحصل كامل الرسم عليها - في حين أن هذا الرسم مصدره القانون رقم 418 لسنة 1955 - وهو لم يدخل الهراسات في نطاق الإعفاء المنصوص عليه فيه - فإذا لم تفطن المصلحة إلى المطالبة قبل الإفراج عنها فإن لها أن تتدارك الأمر بعد الإفراج - طالما أن الحق في الرسم لم يسقط بالتقادم (والثاني) أن قاعدة عدم الاعتداد بالجهل بالقانون التي أقام الحكم قضاءه عليها بأن تعلل بها في مواجهة المصلحة لتراخيها في تحصيل الرسم - هذه القاعدة لا تنهض سبباً يتحقق بموجبه الخطأ في جانبها، إذ أن علم الكافة بقوانين الرسوم الجمركية باعتبارها من قوانين النظام العام يحول دون احتجاج الشركة المطعون عليها بهذه القاعدة (والثالث) أن ما حصله الحكم من أن الضرر قد لحق بالشركة المطعون عليها ببيعها الهراسات دون أن تدخل في حسابها عند تقدير ثمنها قيمة الرسوم التكميلية التي سددتها بعد الإفراج عنها - هذا الضرر على فرض وقوعه إنما كان نتيجة طبيعية لتخلف المطعون عليها عن أداء التزامها القانوني بسداد رسم الاستيراد المستحق عليها وهو السبب المباشر للضرر الذي لحق بها.
وحيث إن هذا النعي في محله - ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بمسئولية مصلحة الجمارك مسئولية تقصيرية على ما جاء به وبالحكم الابتدائي مما يتحصل في أن المصلحة المذكورة قد تجاوزت تطبيق أحكام القانون إذ أفرجت عن الهراسات موضوع الدعوى دون أن يسدد إليها كامل الرسم المستحق عليها - وأنه ليس لها - وهي التي تقوم بتطبيق الرسوم الجمركية - أن تدفع الخطأ الذي وقع منها بالجهل بالقانون لترتب على ذلك تنصلها من الضرر الذي لحق بالشركة المطعون عليها نتيجة لبيعها الهراسات دون أن تدخل في تقدير ثمنها الرسوم التكميلية التي حصلتها بعد الإفراج عنها - وهذا من الحكم قضاء مخالف للقانون - إذ أن حق مصلحة الجمارك في الرسم المستحق على البضاعة المستوردة لا يسقط لمجرد عدم تحصيله قبل الإفراج عنها - فالحقوق لا تسقط بغير نص - وليس في القانون العام ولا في القوانين الخاصة بالمسائل الجمركية ما يمنع مصلحة الجمارك من تدارك خطأ أو سهو وقع فيه أحد موظفيها بعدم اقتضاء رسم واجب لها قبل الإفراج عن البضاعة. وأنه وإن جاز اعتبار تصرف موظفي مصلحة الجمارك على هذا النحو خطأ في حق المصلحة ذاتها - قد يؤدي إلى الإضرار بالخزانة العامة - إلا أنه لا يعتبر خطأ في حق المستورد - فليس له أن يتذرع به لإقامة المسئولية التقصيرية على عاتق مصلحة الجمارك بقصد الفكاك من الرسم متى كان مستحقاً عليه قانوناً وقت دخول البضاعة المستوردة، وكان الحق فيه لم يسقط بالتقادم وقت المطالبة به - كما لا يقبل من المستورد مواجهته مصلحة الجمارك بالدفع بعدم الاعتداد بالجهل بالقوانين - ذلك أن هذا المبدأ يفترض علم الكافة بالقوانين - ومنهم - بالنسبة لقوانين الرسوم الجمركية - المستورد للبضاعة المدين بالرسم مما يحول دون قبول الاحتجاج منه بهذا الدفع في مواجهة مصلحة الجمارك - لما كان ذلك، وكان الثابت أن "الهراسات" موضوع الدعوى الحالية قد استوردتها الشركة المطعون عليها في يناير سنة 1956، وكان الرسم التكميلي الذي طالبت به مصلحة الجمارك في 3/ 11/ 1956 واقتضته من الشركة المطعون عليها هو رسم استيراد مصدره القانون رقم 418 لسنة 1955 النافذ المفعول في أول سبتمبر سنة 1955 - فلا على مصلحة الجمارك إن هي وجهت المطالبة بهذا الرسم بعد الإفراج عن الهراسات، ذلك أن استحقاقها له قائم بموجب هذا القانون - وعلى الشركة المطعون عليها - سواء تمت مطالبتها بالرسم ودفعته وقت الإفراج عن "الهراسات" المستوردة أو بعد الإفراج عنها - أن تدخل هذا الرسم في حسابها عند تقدير المصروفات التي تحملتها - وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر - وقضى بالتعويض للمسئولية التقصيرية على مصلحة الجمارك رغم انتفاء الخطأ في جانبها فإنه يكون قد خالف القانون مما يستوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه - ولما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق