الصفحات

الاثنين، 17 أبريل 2023

الطعن 876 لسنة 44 ق جلسة 31 / 1 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 74 ص 371

جلسة 31 من يناير سنة 1978

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة الدكتور محمد محمد حسنين وعضوية السادة المستشارين: جلال عبد الرحيم عثمان، محمد كمال عباس، صلاح الدين يونس ومحمد وجدي عبد الصمد.

--------------

(74)
الطعن رقم 876 لسنة 44 قضائية

استئناف. إثبات "البينة". حكم "ما يعد قصوراً".
محكمة الاستئناف. وظيفتها. مواجهة النزاع بكل ما اشتمل عليه من أدلة ودفوع ودفاع بقضاء يواجه عناصره الواقعية والقانونية. تقدير محكمة أول درجة لأقوال الشهود. وجوب رقابة المحكمة الاستئنافية لهذا التقدير. تخليها عن ذلك. خطأ وقصور. لا يغير من ذلك الإحالة لأسباب الحكم الابتدائي طالما لم تعمل المحكمة رقابتها بالفعل.

----------------
وظيفة محكمة الاستئناف ليست مقصورة على مراقبة الحكم المستأنف من حيث سلامة التطبيق القانوني فحسب وإنما يترتب على رفع الاستئناف نقل موضوع النزاع في حدود طلبات المستأنف إلى محكمة الدرجة الثانية وإعادة طرحه عليها بكل ما اشتمل عليه من أدلة ودفوع وأوجه دفاع لتقول كلمتها فيه بقضاء مسبب يواجه عناصر النزاع الواقعية والقانونية على السواء، ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه جعل لمحكمة الدرجة الأولى أن تنفرد بتقدير أقوال الشهود دون رقابة من محكمة الاستئناف فإنه يكون قد خالف الأثر الناقل للاستئناف وحجب نفسه عن مواجهة موضوع النزاع وتخلى عن تقدير الدليل فيه، ولا يغير من ذلك إحالة الحكم المطعون فيه إلى أسباب الحكم المستأنف إذ أن هذه الإحالة لم تكن وليدة إعمال محكمة الاستئناف رقابتها على تقدير محكمة الدرجة الأولى لأقوال الشهود واعتناقها ذات ما انتهت إليه هذه المحكمة في هذا الخصوص وإنما كانت - وعلى ما أوردته في صدر حكماً - وليدة تخليها عن هذه الرقابة وكف نفسها عن قول كلمتها في هذا التقدير، وإذ كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالخطأ والقصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهما أقاما الدعوى رقم....... مدني كلي شمال القاهرة على الطاعن وآخر بطلب الحكم بإخلائهما من العين الموضحة بالصحيفة وتسليمها لهما، وقالا في بيان دعواهما أنه بتاريخ 28/ 1/ 1950 استأجر العين موضوع الدعوى بقصد استعمالها سكناً خاصاً له وإنهما اشتريا العقار بعقد رسمي مشهر، وإذ تنازل المستأجر عن العين المؤجرة للطاعن من أول يناير سنة 1972 مخالفاً الخطر الوارد بعقد الإيجار الذي يمنع التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار بغير تصريح كتابي، فقد أقاما دعواهما بالطلبات سالفة البيان. وبتاريخ 27/ 4/ 1972 - حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضدهما أن المستأجر الأصلي تنازل عن العين موضوع النزاع للطاعن، وبعد سماع الشهود عادت المحكمة بتاريخ 30/ 5/ 1974 فحكمت بإخلاء المدعى عليهما (الطاعن والمستأجر الأصلي) من العين المبينة بالصحيفة وعقد الإيجار المؤرخ 28/ 1/ 1950 والتسليم. استأنف الطاعن والمستأجر الأصلي هذا الحكم بالاستئناف رقم...... القاهرة طالبين إلغاءه والحكم بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في القضية رقم.... مدني كلي القاهرة وفي الموضوع برفضها، وبتاريخ 30/ 5/ 1974 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه عول في قضائه برفض الاستئناف على أن الحكم المستأنف أقيم على ما استخلصته محكمة الدرجة الأولى من أقوال شهود المستأنف ضدهما، وأن من حق المحكمة أن تأخذ بأقوال شهود أي الخصمين ما دامت قد اطمأنت إليها ولم تنحرف بها عما يؤدي إليه مدلولها، ولا سلطان لأحد عليها في ذلك لأنه من إطلاقاتها، واكتفى الحكم المطعون فيه بهذا القدر دون أن يكشف عن رأيه فيما أثاره الطاعن من تعييب الحكم المستأنف في تقديره لأقوال الشهود، بل كف نفسه عن مراقبة هذا الحكم وجعل لمحكمة الدرجة الأولى السلطة الكاملة في تقدير الدليل دون رقابة من محكمة الاستئناف، وهو من الحكم خطأ في القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن وظيفة محكمة الاستئناف ليست مقصورة على مراقبة الحكم المستأنف من حيث سلامة التطبيق القانوني فحسب، وإنما يترتب على رفع الاستئناف نقل موضوع النزاع في حدود طلبات المستأنف إلى محكمة الدرجة الثانية، وإعادة طرحه عليها بكل ما اشتمل عليه من أدلة وأوجه دفاع لتقول كلمتها فيه بقضاء مسبب يواجه عناصر النزاع الواقعية والقانونية على السواء، ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه اكتفى في الرد على تعييب الحكم المستأنف في تقديره لأقوال الشهود بمجرد القول أن اطمئنان المحكمة إلى أقوال الشهود يكون من إطلاقاتها وتقدير هذه الأقوال مرهون بما يطمئن إليه وجدان قاضي الموضوع وله أن يأخذ ببعض أقوالهم دون البعض الآخر ولا سلطان لأحد عليه في ذلك إلا أن يخرج بتلك الأقوال إلى ما لا يؤدي إليه مدلولها، ويبين من الحكم المستأنف أنه بعد أن - استعرض أقوال شهود الطرفين انتهى إلى الأخذ بأقوال شاهدي المستأنف عليهما (المطعون ضدهما) لاطمئنانه إليها، ولما كان ذلك فإن ما يثيره المستأنفان (الطاعن والمستأجر الأصلي) لا يعدو أن يكون مجادلة في تقدير المحكمة بشهادة الشهود بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير تلك التي أخذ بها الحكم ومن ثم يتعين الالتفات عن هذا الوجه من أوجه الاستئناف"، وكان الحكم المطعون فيه قد جعل بذلك لمحكمة الدرجة الأولى أن تنفرد بتقدير أقوال الشهود دون رقابة من محكمة الاستئناف، فإنه يكون قد خالف الأثر الناقل للاستئناف، وحجب نفسه عن مواجهة موضوع النزاع، وتخلى عن تقدير الدليل فيه، ولا يغير من ذلك ما أورده الحكم إحالة الحكم المطعون فيه، من بعد، حين قال "وحيث إنه عن باقي أوجه الاستئناف فقد تكفل الحكم المستأنف بالرد عليها بردود مقبولة ومقنعة وهي ترديد لدفاع المستأنفين أمام محكمة أول درجة، ولما كان ذلك وكان الحكم المستأنف في محله للأسباب سالفة الذكر والأسباب التي بني عليها والتي تأخذ بها هذه المحكمة وتؤيدها وتجعلها مكملة لحكمها"، ذلك أن إحالة الحكم المطعون فيه إلى أسباب الحكم المستأنف على هذا النحو لم تكن وليدة إعمال محكمة الاستئناف رقابتها على تقدير محكمة الدرجة الأولى لأقوال الشهود واعتناقها ذات ما انتهت إليه هذه المحكمة في هذا الخصوص، وإنما كانت - وعلى ما أوردته في صدر حكمها - وليدة تخليها عن هذه الرقابة وكف نفسها عن قول كلمتها في هذا التقدير. وإذ كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالخطأ والقصور بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق