الصفحات

السبت، 29 أبريل 2023

الطعن 806 لسنة 45 ق جلسة 6 / 4 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 190 ص 972

جلسة 6 من إبريل 1978

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة عبد العال السيد وعضوية السادة المستشارين: أحمد صلاح الدين زغو، الدكتور عبد الرحمن عياد، إبراهيم فودة وعماد الدين بركات.

---------------

(190)
الطعن رقم 806 لسنة 45 القضائية

(1) نقض. استئناف. نظام عام.
ورود الطعن بالنقض على ما قضت به محكمة الاستئناف في الموضوع. عدم جواز إثارة المطعون عليه منازعة بشأن شكل الاستئناف رغم تعلقها بالنظام العام. علة ذلك. الحكم الوقتي الصادر في التظلم من أمر الحجز التحفظي. جواز الطعن فيه استقلالاً م 212 مرافعات.
(2، 3) حجز. إثبات.
(2) توقيع الحجز التحفظي. شرطه. المنازعة غير الجدية في الدين. لا أثر لها في اعتباره محقق الوجود متى كان ثابتاً بسبب ظاهر.
(3) توقيع الحجز التحفظي خشية فقدان الدائن ضمان حقه. عبء إثبات ذلك. وقوعه على عاتق الدائن.
(4) حجز. أمر على عريضة. حكم.
قضاء المحكمة في التظلم من أمر الحجز التحفظي. عدم جواز تعرضه للموضوع. التفات الحكم عن الدفع بتقادم الدين. لا خطأ.

-----------------
1 - لئن كان يجوز للمطعون عليه كما يجوز للنيابة العامة ولمحكمة النقض أن يثير في الطعن ما يتعلق بالنظام العام إلا أن ذلك مشروط بأن يكون وارداً على ما رفع عنه الطعن في الحكم المطعون فيه، فإن قضى الحكم المطعون فيه بقبول الاستئناف شكلاً ثم قضى في الموضوع وكانت صحيفة الطعن لم تحو إلا نعياً على ما قضى به الحكم في موضوع الاستئناف فلا يجوز للمطعون عليهم أن يتمسكوا في دفاعهم أمام محكمة النقض بعدم جواز الاستئناف بناء على تعلقه بالنظام العام. ذلك لأن ما قضى به من قبول الاستئناف شكلاً هو قضاء قطعي لم يكن محلاً للطعن فحاز قوة الأمر المقضي وهي تسمو على قواعد النظام العام، وإذ كان الحكم المطعون فيه - الصادر في التظلم من أمر الحجز التحفظي - وهو حكم وقتي يجوز الطعن فيه على استقلال إعمالاً لنص المادة 212 من قانون المرافعات فإن الدفع - بعدم جواز الطعن - يكون على غير أساس.
2 - يشترط لتوقيع الحجز التحفظي وفقاً لنص المادة 319 من قانون المرافعات أن يكون الحاجز دائناً بدين محقق الوجود وحال الأداء فإن كان الدين متنازعاً فيه فلا مانع من اعتباره محقق الوجود ومن توقيع الحجز بموجبه متى كان ثابت بسبب ظاهر وكان النزاع فيه غير جدي.
3 - تنص المادة 316 مرافعات على "أن للدائن أن يوقع الحجز التحفظي على منقولات مدينة في الأحوال الآتية 1 - ...... 2 - في كل حالة يخشى فيها فقدان الدائن لضمان حقه" والمقصود بالضمان هو الضمان العام الذي للدائن على أموال مدينة أما الخشية فهي الخوف من فقدان الدائن لهذا الضمان بسبب ظروف محددة وعبء إثبات ذلك يقع على عاتق الدائن.
4 - التعرض للموضوع عند نظر التظلم من أمر الحجز غير جائز، وإذ كان الدفع بالتقادم من صميم التعرض للموضوع فإن التفات الحكم المطعون فيه عنه تأسيساً على أن مجاله عند نظر الموضوع يكون متفقاً وصحيح القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن - المطعون عليهم أقاموا الدعوى رقم 1649 سنة 1971 مدني كلي المنصورة للحكم بإلزام الطاعن الأول بمبلغ 27600 جنيهاً والطاعن الثاني بمبلغ 1200 جنيهاً وما يستجد بواقع 1150 جنيهاً سنوياً بالنسبة للأول 50 جنيه بالنسبة للثاني والفوائد وقالوا بياناً للدعوى أنهم يمتلكون 23 فدان و12 قيراط و9 أسهم بمقتضى الحكم الصادر في الدعوى رقم 753 سنة 1958 مدني كلي المنصورة وإن الطاعنين يضعان اليد عليها منذ سنة 1947 وإن المبالغ المطالب بها هي. ريعها عن المدة من 24/ 9/ 1947 إلى أكتوبر سنة 1970 وأثناء نظر الدعوى استصدر المطعون عليهم الأمر رقم 174 سنة 1972 من رئيس محكمة المنصورة الابتدائية بتقدير الدين بالمبلغ المطالب به وبتوقيع الحجز التحفظي على ما يوجد بالأطيان موضوع النزاع من زراعة وماشية وآلات زراعية وفاء للدين المقدر وتم توقيع الحجز في 29/ 8/ 1972 وأضافوا بجلسة 6/ 9/ 1972 إلى طلباتهم الحكم بتثبيت الحجز التحفظي وجعله نافذاً وبجلسة 1/ 11/ 1972 تظلم الطاعنان من أمر الحجز بمقوله أن الدين المطلوب الحجز وفاء له غير محقق الوجود وغير حال الأداء وبتاريخ 21/ 2/ 1973 قضت المحكمة بتأييد أمر الحجز. استأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة طالبين إلغاءه وإلغاء أمر الحجز وقيد الاستئناف برقم 170 سنة 25 ق وبتاريخ 11/ 5/ 1975 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وبتعديل الحكم المستأنف وبجعل أمر الحجز قاصراً على مبلغ تسعة ألاف جنيه بالنسبة للطاعن الأول وثلاثمائة جنيه بالنسبة للطاعن الثاني. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض. وقدم المطعون عليهم مذكرة دفعوا فيها بعدم جواز الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع وقبول الطعن وفي الموضوع برفضه.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم جواز الطعن أن التظلم من أمر الحجز تم شفاهة بالجلسة فلا يجوز الطعن فيه استقلالاً إلا مع الحكم الذي يصدر في الدعوى الأصلية وذلك عملاً بنص المادة 198 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله ذلك أنه وإن كان يجوز للمطعون عليه كما يجوز للنيابة العامة ولمحكمة النقض أن يثيرا في الطعن ما يتعلق بالنظام العام إلا أن ذلك مشروط بأن يكون وارداً على ما رفع عنه الطعن في الحكم المطعون فيه، فإن قضى الحكم المطعون فيه بقبول الاستئناف شكلاً ثم قضى - في الموضوع وكانت صحيفة الطعن لم تحو إلا نعياً على ما قضى به الحكم في موضوع الاستئناف فلا يجوز للمطعون عليهم أن يتمسكوا في دفاعهم أمام محكمة النقض بعدم جواز الاستئناف بناء على تعلقه بالنظام العام، ذلك لأن ما قضى به من قبول الاستئناف شكلاً هو قضاء قطعي لم يكن محلاً للطعن، فحاز قوة الأمر المقضي وهي تسمو على قواعد النظام العام، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه هو حكم وقتي يجوز الطعن فيه على استقلال إعمالاً لنص المادة 212 من قانون المرافعات فإن الدفع يكون على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد وفي بيان ذلك يقولان إنهما تمسكا في التظلم المرفوع منهما في أمر الحجز أولاً بأن الدين موضوع الأمر هو تعويض عن غصب فيكون غير محقق الوجود أو حال الأداء ثانياً: أنهما لا يصغان اليد على أرض مملوكة للمطعون عليهم ويبين من أسباب الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه أن المحكمة انتهت إلى أنهما يضعان اليد على أرض المطعون عليهم وأن الدين محقق الوجود بناء على مصادر مجهلة وعناصر لم تبين مؤداها إذ لم تبين مضمون الأوراق التي خلصت منها إلى اعتبار الحق في الريع محقق الوجود كما لم تبين كنهها أو مقدمها ولم تبين الأحكام المقول بصدورها ضد الطاعنين وآخرين ولم تورد مضمونها ولا النزاع الذي صدرت فيه ولا مؤدى التقريرات الواردة بها ولا المصدر التي استقت منه هذه التقريرات مما لا يمكن معه - تعيين الدليل الذي كونت المحكمة اقتناعها منه، كما لم تبين مقصدها من عبارة "فضلاً عن تأكيد الخبير لها" إذ لم يكن الخبير المنتدب في الدعوى قد قدم تقريره بعد ولم تشر إلى وجود تقرير خبير آخر مما يعيب الحكم بالتجهيل ومن جهة أخرى لم تورد المحكمة مضمون الحكم في القضية رقم 1159 سنة 1951 التي استندت إليه في حكمها ومدى كفايته للتدليل على حصول الغصب من الطاعنين مما يعيب حكمها بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه لما كان الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه خلص إلى أن الدين المحجوز من أجله محقق الوجود وحال الأداء على قوله "وحيث إنه بالنسبة لتحقق الدين فمن المقرر أن القصد من هذا الشرط أن يكون الحق ثابتاً بسبب ظاهر يدل عليه فإذا كان هذا الحق محل شك كبير أو محل منازعة جدية كان غير محقق الوجود والمرجع في تحقق الوجود هو القاضي الآمر الذي عليه أن يتحقق من وجود سبب ظاهر يبرر الحجز دون أن يفصل في صحة هذا الدين، لما كان ذلك وكانت أوراق الدعوى تتضافر فيها الدلائل على أن المدعى عليهما يضعان اليد على الأرض المطالب بريعها منذ سنة 1947 أو في القليل على الجانب الأكبر منها وكانت تقريرات الأحكام الصادرة ضد المدعى عليهما وآخرين تؤكد حيازتهما فضلاً عن تأكيد الخبير لها وكانت المحكمة قد ألزمتهما وآخرين في القضية رقم 1159 سنة 1951 مدني كلي بتسليم البائعة للمدعيات هذه الأطيان ولا مراء أن ذلك أو بعضه كاف لاعتبار الحق في الريع محقق الوجود كذلك يعتبر الريع حال الأداء فهو ليس حقاً احتمالياً أو مقترناً بوصف وأن كانت المحكمة لم تحدده فهذا لا ينفي أنه حال الأداء وكان الثابت من الأوراق أن المطعون عليهم قدموا إلى محكمة أول درجة صورة رسمية من الحكم الصادر في الدعوى رقم 119 سنة 1951 مدني كلي المنصورة ضد الطاعنين وآخرين والذي قضى بتثبيت ملكية البائعة للمطعون عليهم لمساحة 8 أفدنة و2 قيراطان و16 سهم وبتسليمها هذه الأطيان وقد أصبح هذا الحكم نهائياً بعدم الطعن فيه، وقدموا صورة رسمية من صحيفة الدعوى رقم 753 لسنة 1958 مدني كلي المنصورة والحكم الصادر فيها والذي أصبح نهائياً بالحكم في الاستئناف رقم 92 سنة 21 ق المنصورة والقاضي لصالح المطعون عليهم ضد الطاعنين وآخرين بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 24/ 9/ 1947 المتضمن بيع مورثة الطرفين المرحومة........ للمطعون عليهم 22 فدان و12 قيراط و6 سهم أطياناً زراعية موضحة الحدود والمعالم بالعقود وصحيفة الدعوى وثابت من مدونات هذا الحكم أن المحكمة ندبت مكتب خبراء وزارة العدل بالمنصورة لمعاينة أطيان النزاع وتطبيق مستندات الخصوم عليها لبيان ما إذ كانت الأطيان المبيعة تدخل في ملكية البائعة للمطعون عليه وتحقيق وضع اليد وقدم الخبير تقريره الذي خلص فيه أن البائعة تملك 22 فداناً و12 قيراط و6 أسهم مشاعاً في أطيان أخرى ويدخل ضمنها الأطيان محل الخصومة وفي 24/ 9/ 1947 باعت تلك الأطيان إلى المطعون عليهم وإن الطاعنين وآخرين وضعوا أيديهم على الأطيان محل الدعوى منذ عام سنة 1946 وحتى تاريخ التقرير، كما قدم المطعون عليهم صورة مذكرة الطاعن الأول المقدمة في القضية رقم 753 سنة 1958 والتي يقر فيها بوضع يده على مساحة 11 فداناً و11 قيراطاً و20 سهم - من الأطيان موضوع تلك الدعوى من تاريخ عقد القسمة المحرر في 26/ 10/ 1946، وكانت المحكمة غير مكلفة بسرد المستندات وبيان ماهيتها ويكفي أن تشير في حكمها إليها وتستخلص منها ما تقيم عليه قضاءها فلا يعيب الحكم - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أنه لم يذكر نصوص المستندات التي اعتمد عليها ما دامت هذه المستندات كانت مقدمة إلى المحكمة ومبينة في مذكرات الخصوم مما يكفي معه مجرد الإشارة إليها، وكان الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه قد عول في قضائه على مستندات كانت مقدمة للمحكمة ومبينة بمذكرات الخصوم واستخلص منها النتيجة التي انتهى إليها استخلاصاً سائغاً فإن النعي عليه بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان أنه يشترط لتوقيع الحجز التحفظي أن يكون الحاجز دائناً بدين محقق الوجود وحال الأداء فإذا كان الدين متنازعاً فيه فلا مانع من اعتباره محقق الوجود متى كان ثابتاً بسبب ظاهر أما الدين الاحتمالي فلا يصح أن يكون سبباً للحجز لما كان ذلك وكان الطاعنان قد تمسكا في جميع مراحل الدعوى بأن الدين الموقع من أجله الحجز هو تعويض يدعيه المطعون عليهم غير قائم في ذمتهما لأنهما لم يضعا اليد على ما يجاوز القدر المملوك لها فلا يكون هذا الدين ثابتاً بسبب ظاهر ويكون النزاع فيه منصباً على أصل استحقاق التعويض وهو نزاع جدي يؤكد جديته عدم المطالبة به مدة جاوزت الخمسة وعشرين عاماً وندب المحكمة خبيراً في الدعوى لبيان واضع اليد على أطيان النزاع وسنده وسببه فضلاً عن عدم كفاية المستندات التي استند إليها المطعون عليهم في تأييد دعواهم وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى إلى أن الدين الموقع به الحجز محقق قبل أن تفصل محكمة الموضوع في أمره يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه لما كان يشترط لتوقيع الحجز التحفظي وفقاً لنص المادة 319 من قانون المرافعات أن يكون الحاجز دائناً بدين محقق الوجود وحال الأداء، فإن كان الدين متنازعاً فهي فلا مانع من اعتباره محقق الوجود ومن توقيع الحجز بموجبه متى كان ثابتاً بسبب ظاهر وكان النزاع فيه غير جدي، وكان الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه وقد انتهى بأسباب سائغة مستمدة من المستندات التي قدمها المطعون عليهم وذلك على ما ورد في الرد على السبب الأول إلى أن الدين المتوقع به الحجز ثابت بسبب ظاهر وأن النزاع فيه غير جدي وبالتالي فهو محقق الوجود وأضاف الحكم المطعون فيه تأييداً لهذا النظر قوله "إنه يشترط لكي يأذن القاضي بتوقيع الحجز أن يكون الحق المطالب به محقق الوجود بمعنى أن يكون حقه ثابتاً بسبب ظاهر يدل على وجوده ولا يعني تحقق الوجود انتفاء كل نزاع بشأنه وإلا لأمكن لكل مدين أن يمنع الحجز بإثارة أي نزاع في الدين ولو لم يكن نزاعاًً جدياً، فالدين المتنازع فيه يجوز الحجز بمقتضاه ما دامت المنازعة غير جدية وتعتبر المنازعة غير جدية وبالتالي يعتبر الدين محقق الوجود متى كان بيد الدائن دليل ظاهر على دينه ولا يلزم أن يكون دين الحاجز معين المقدار فأن لم يكن كذلك وجب استصدار أمر من القاضي بتقديره مؤقتاً لتوقيع الحجز بموجبه تم تصفية نهائية بحكم قطعي في دعوى صحة الحجز وعلى ذلك فللمحضر أن يحجز تحفظياً على المسئول عن الضرر الذي تأكدت مسئوليته بحكم بعد استصدار أمر من القاضي بالإذن بالحجز وتقدير حق الحاجز تقديراً مؤقتاً، فأن الحكم المطعون عليه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه وأورد تدليلاً على دواعي الخشية من فقدهما للضمان العام أن ابن أولهما اعترض على الحجز بدعوى أن الأرض المحجوز عليها مملوكة له وأن ثانيها نفى ملكيته لها وادعى أنها مملوكة لابنته وأن النزاع قد امتد واحتدم ولم يقف عند حد القضاء لمورثه المطعون عليهم بتثبيت ملكيتها لعين النزاع أو عند القضاء للمطعون عليهم بصحة ونفاذ عقدهم وهو استدلال فاسد لا يؤدي إلى توافر شرط الخشية من فقد الضمان العام خاصة إزاء ما تمسك به الطاعنان وثبت من طلب أمر الحجز من أن المطعون عليهم أقروا بملكية الطاعن الأول لأرض زراعية مساحتها 103 فدان و18 قيراط و13 سهم وبملكية الطاعن الثاني 53 فدان و14 قيراط و18 سهم وهو ما يتحقق به الضمان العام وقد قصرا الحكم المطعون فيه في الرد عليه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه لما كانت المادة 316 مرافعات تنص على أن "للدائن أن يوقع الحجز التحفظي على منقولات مدينة في الأحوال الآتية 1 - ........ 2 - في كل حالة يخشى فيها فقدان الدائن لضمان حقه" والمقصود بالضمان هو الضمان العام الذي للدائن على أموال مدينة، أما الخشية فهي الخوف من فقدان الدائن لهذا الضمان بسبب ظروف محددة وعبء إثبات ذلك يقع على عاتق الدائن، وكان الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه قد خلص إلى توافر الخشية من فقد الطاعنين للضمان العام استناداً على قوله وكانت المحكمة ترى أن هناك خشية من فقدان المدعين "المطعون عليهم" ضمان حقهم في الريع ويستدل على ذلك بالدلائل الآتية أ - إن ابن المدعى عليه الأول "الطاعن الأول اعترض على الحجز المتوقع بحجة أنه يمتلك الأطيان المراد الحجز على زراعتها بمقتضى مستندات لديه ونفى الثاني ملكية الأرض المطلوب الحجز على زراعتها وقال إنها مملوكة للسيدة...... بمقتضى أحكام وهذا وحده سبب كاف لتحقق الخشية الموجبة للحجز - الواقع الذي تكشف عنه الأوراق فقد امتد النزاع بين المدعيات والمدعى عليها لأكثر من عشرين سنة لم يشأ الأخير أن يقف اللدد في الخصومة عند حد الحكم للمورثة بتثبيت ملكيتها لأرض النزاع أو عند القضاء للمدعيات بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر لهن من المورثة لكنه استمر حتى الآن بالنسبة لثمار الأطيان بعد أن انتهى النزاع على ملكيتها نهائياً وهذا اللدد في الخصومة وتراكم الغلة لمدى ربع قرن تقريباً من الأسباب المبررة أيضاً للخشية "وما كان تقدير القرائن مما يستقل به قاضي الموضوع دون معقب عليه من محكمة النقض متى كان ذلك مقاماً على أسباب سائغة، وكان ما استخلصه الحكم المطعون فيه من أوراق الدعوى ومستنداتها وما استنبطه من قرائن من شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها ويبرر قضاءه بتوافر الخشية من فقد الطاعنين الضمان العام فإن ما يثيره الطاعنان بهذا السبب لا يعدو أن يكون مجادلة في تقدير محكمة الموضوع للأدلة بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التي أخذ بها الحكم بعد أن اطمأن إليها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان أنهما تمسكا بصحيفة الاستئناف بأن قضاء محكمة أول درجة التي رفضت التظلم - بندب خبير لتحقيق وضع يد الطاعنين على الأرض الزراعية المطالب بريعها يؤكد أن الدين غير محقق الوجود وغير حال الأداء وتمسكا أيضاً بأن إقرار المطعون عليهم - بطلب أمر الحجز - بملكية الطاعن الأول لمقدار 103 ف و18 ط و13 س والطاعن الثاني لمقدار 53 ف و14 ط و18 س تنتفي به الخشية من فقدانهما للضمان العام ومع أن هذا دفاع جوهري إلا أن الحكم المطعون فيه لم يرد عليه ولم يرد بأسباب الحكم الابتدائي ما يمكن اعتباره رداً كافياً عليه، كما دفعا بتقادم الدين المحجوز من أجله ولم يواجه الحكم المطعون فيه هذا الدفع بما يفنده اكتفاء بما أورده من أن مجاله عند نظر الموضوع وهذا النظر مخالف للقانون إذ يتسع التظلم لبحث هذا الدفع بحسب ما يكشف عنه الظاهر دون أن يكون قضاءه فيه مؤثراً على الموضوع.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه لما كان الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن الدين الموقع به الحجز محقق الوجود وحال الأداء وإلى توافر الخشية من فقد الطاعنين للضمان العام - وعلى ما ورد في الرد على السببين الأول والثالث على أسباب سائغة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، وكان لمحكمة الموضوع السلطة في تقدير قيمة ما يقدم إليها من أدلة وكان لا تثريب عليها في الأخذ بأي دليل تكون قد اقتنعت به ما دام هذا الدليل من طرق الإثبات القانونية وبحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله وهي غير ملزمة بالتحدث في حكمها عن كل قرينة من القرائن غير القانونية التي يدلى بها الخصوم استدلالاً على دعواهم من طريق الاستنباط كما أنها غير مكلفة بأن تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وترد استقلالاً على كل حجة أو قول أثاره ما دام لقيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالإخلال بحق الدفاع يكون على غير أساس كما أن النعي في شقة الأخير مردود بأنه لما كان التعرض للموضوع عند نظر التظلم من أمر الحجز غير جائز وكان الدفع بالتقادم من صميم التعرض للموضوع فإن التفات الحكم المطعون فيه عنه تأسيساً على أن مجاله عند نظر الموضوع يكون متفقاً وصحيح القانون ويكون النعي على الحكم بهذا السبب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق