الصفحات

الثلاثاء، 25 أبريل 2023

الطعن 71 لسنة 12 ق جلسة 29 / 4 / 1943 مج عمر المدنية ج 4 ق 54 ص 148

جلسة 29 إبريل سنة 1943

برياسة حضرة صاحب العزة عبد الفتاح السيد بك رئيس المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة حسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك المستشارين.

---------------

(54)
القضية رقم 71 سنة 12 القضائية

حراسة. 

أعيان موقوفة. وضعها تحت الحراسة. مهمة الحارس ومدى سلطته. الحكم هو الذي يبين مداها ومبلغ حدها من سلطة الناظر. مقاضاة الناظر دون الحارس. قبولها أو عدم قبولها. مناطه. ما جاء في حكم الحراسة. القضاء بعدم قبول الدعوى لمجرد عدم اختصام الحراس. قصور يعيب الحكم.

---------------
إن وضع الأعيان الموقوفة تحت الحراسة القضائية ليست له في القانون قواعد خاصة يرجع إليها لمعرفة مهمة الحارس ومدى سلطته في إدارة شئون الوقف، إذ هو لا يعدو أن يكون مجرد إجراء تحفظي مستعجل ومؤقت يلجأ إليه عند الضرورة. فالحكم الصادر بالحراسة هو وحده الذي يبين مداها ومبلغ حدها من سلطة الناظر صاحب الولاية الشرعية على الوقف. وإذن فلا سبيل إلى القول بقبول أو بعدم قبول مقاضاة النظار وحدهم دون الحراس إلا على أساس ما يكون وارداً في حكم الحراسة خاصاً بمهمة الحارس. فإذا كان الحكم في قضائه بعدم قبول الدعوى المرفوعة على نظار الوقف لعدم اختصام الحراس فيها قد اكتفى بالإشارة إلى الحكم الصادر بتعيين الحراس على الوقف دون أن يبين مدى سلطتهم، وهل هم أصبحوا وحدهم بمقتضى الحكم الأصلي الصادر بوضع الأعيان الموقوفة تحت الحراسة يمثلون الوقف دون النظار في كل شئونه، أم أن مهمتهم محصورة في نطاق معين بحيث يبقى للنظار صفة تمثيل جهة الوقف أصلياً، ودون أن يبين كيف أن الخصومة القائمة من نتيجتها المساس بإدارة الحراسة بحيث يجب توجيهها للحراس، فلا شك في أن قصور الحكم عن هذا البيان يعيبه ويجعل النتيجة التي وصل إليها غير مستندة إلى ما يبررها.


الوقائع

تتحصل وقائع هذا الطعن في أن الطاعن أقام أمام محكمة مصر الابتدائية الدعوى رقم 290 سنة 1938 ضد المطعون ضدهم بصفاتهم قال في صحيفتها إن المحكمة الشرعية قضت بتاريخ 31 من مارس سنة 1923 بإقامته مشرفاً على ناظري أوقاف المرحومين إسماعيل باشا راتب وعثمان برهان وهما السيد أبو بكر راتب بك والسيد إبراهيم راتب بك بحيث لا يتصرف الناظران المذكوران في شيء من شئون الوقف إلا برأيه واطلاعه. فقام بمهمته إلى أن عزل الناظران وحل محلهما ناظران آخران فاستأنف إشرافه على الناظرين الجديدين إلى أن خرج النظر من يدهما، وقد تسلم بعض مبالغ لحساب أتعابه وتبقى له مبلغ 568 مليماً و1132 جنيهاً طلب الحكم به.
دفع المطعون ضدهم الدعوى بعدم قبولها لأن أوقاف المرحومين إسماعيل راتب باشا وعثمان برهان معين عليها حارس من قبل المحكمة المختلطة فيجب توجيه الدعوى إليه.
وفي 2 من يناير سنة 1941 قضت محكمة مصر برفض الدفع المقدم من المطعون ضدهم وبقبول الدعوى وبإلزامهم بصفتهم بأن يدفعوا للطاعن مبلغ 1132 جنيهاً و568 مليماً والمصاريف و300 قرش مقابل أتعاب المحاماة.
فاستأنفت وزارة الأوقاف هذا الحكم وطلبت للأسباب الواردة بعريضة الاستئناف الحكم بإلغاء الحكم المستأنف والحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى واحتياطياً برفضها مع إلزام الطاعن بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين.
وفي 25 من فبراير سنة 1942 أدخل المستأنف عليه الأول (الطاعن) كلاً من أبو بكر راتب بك وعلي راتب بك وإسماعيل راتب بك في الدعوى لتقديم مستنداتهم في الموضوع.
وبجلسة المرافعة أصر الحاضر عن وزارة الأوقاف على طلباته، وطلب الطاعن تأييد الحكم المستأنف ثم طلب في مذكرته التي قدمها للمحكمة عدم قبول استئناف الوزارة لرفعه من غير ذي صفة كاملة للتقاضي، بناءً على أن الوزارة أحد النظار الثلاثة وأن حق التقاضي لا يكون إلا للنظار الثلاثة معاً.
وفي 25 من يونيو سنة 1942 حكمت محكمة استئناف مصر برفض الدفع الفرعي المقدم من المستأنف عليه الأول (الطاعن) وبقبول الدفع المقدم من المستأنف (وزارة الأوقاف) وعدم قبول الدعوى وبإلغاء الحكم المستأنف وألزمت المستأنف عليه الأول (الطاعن) بمصاريف الدرجتين وبمبلغ 600 قرش للمحاماة عنهما.
أعلن هذا الحكم للطاعن في 31 من أغسطس سنة 1942 فقرر وكيله الطعن فيه بطريق النقض في 27 من سبتمبر سنة 1942 وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم إلخ إلخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه استند إلى حكم صادر من جهة القضاء المختلط بوضع أعيان الوقف تحت الحراسة القضائية في حين أن هذا الحكم لم يقدم في الدعوى لمعرفة مدى مهمة الحراس المعينين وما سبب إقامتهم، وما هو أثر هذه الحراسة في الحد من تمثيل ناظر الوقف المعين من المحكمة الشرعية صاحبة الولاية وحدها في تنصيب النظار؛ إذ ليست الحراسة إلا إجراء تحفظياً يستحيل معه القول إطلاقاً بوجوب اختصام الحارس دون الناظر في جميع المنازعات التي ترفع على جهة الوقف.
وحيث إن وضع الأعيان الموقوفة تحت الحراسة القضائية ليست له قواعد خاصة في القانون يرجع إليها لمعرفة مهمة الحارس ومدى سلطته في إدارة شئون الوقف، بل هو لا يعدو مجرد إجراء تحفظي مستعجل ومؤقت يلجأ إليه عند الضرورة، ويكون الحكم الصادر بها هو وحده الذي يبين مداها ومقدار حدها من سلطة الناظر صاحب الولاية الشرعية على الوقف، بحيث لا سبيل إلى الجزم بأن مقاضاة النظار وحدهم غير مقبولة دون الحراس أو العكس إلا بالاستناد إلى ما يكون وارداً في الحكم المستعجل خاصاً بمهمة الحارس.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قال في صدد الدفع بعدم قبول الدعوى الذي تقدم به محامي وزارة الأوقاف: "حيث إنه عما جاء في الحكم المستأنف من عدم تقديم الدليل على وجود حراس على الوقف موضوع الدعوى فإن المستأنفة (الوزارة) قدمت لهذه المحكمة قرار محكمة الاستئناف المختلطة الصادر بتعيين الحراس عليه بتاريخ 23 فبراير سنة 1938 دون اعتراض المستأنف عليه الأول (الطاعن) فلم يعد هناك محل للتشكك في وجود الحراس على الوقف. وحيث إنه من المقرر قضاء أن الحارس القضائي على وقف يجب أن يختصم في المنازعات القضائية التي من نتيجتها المساس بإدارة الحراسة على الوقف سواء كان تاريخ تولدها سابقاً أو لاحقاً لتعيين الحارس".
وحيث إنه يبين مما ذكر أن الحكم المطعون فيه اكتفى في قضائه بعدم قبول دعوى الطاعن بالإشارة إلى الحكم الصادر من محكمة الاستئناف المختلطة المتقدم الذكر وهو الخاص باستبدال الحراس بغيرهم، دون أن يبين مدى سلطة هؤلاء الحراس، وهل هم أصبحوا وحدهم بمقتضى الحكم الأصلي الصادر بوضع الأعيان الموقوفة تحت الحراسة يمثلون الوقف دون النظار في كل شئونه، أم أن مهمتهم جاءت في نطاق معين بحيث يبقى للنظار صفة التمثيل لجهة الوقف أصلياً. كذلك لم يبين الحكم كيف أن الخصومة الحالية من نتيجتها المساس بإدارة الحراسة بحيث يجب توجيهها للحراس المعينين. ولا شك أن في قصور الحكم عن هذا البيان ومصدره ما يعيبه ويجعل النتيجة التي وصل إليها غير مستندة إلى ما يبررها، ولذا يتعين القضاء بنقضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق