الصفحات

الاثنين، 17 أبريل 2023

الطعن 642 لسنة 46 ق جلسة 20 / 2 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 ق 109 ص 557

جلسة 20 من فبراير سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ أحمد سيف الدين سابق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محمود الباجوري، إبراهيم محمد هاشم، محمد طه سنجر وإبراهيم محمد فراج.

---------------

(109)
الطعن رقم 642 لسنة 46 القضائية

(1 - 3) إيجار "إيجار الأماكن". "الالتزام بقيمة المياه". قانون.
(1) الالتزام بقيمة استهلاك المياه في الأماكن المنشأة قبل العمل بالقانون 46 لسنة 1962. وجوب إعمال القواعد العامة في القانون المدني.
(2) القرار التفسيري رقم 1 لسنة 1964 بشأن تنظيم الالتزام بقيمة استهلاك المياه وما ورد بالقانون 52 لسنة 1969 في هذا الشأن. عدم سريان أحكامهما على الأماكن المنشأة قبل العمل بالقانون 46 لسنة 1962.
(3) عبء الالتزام بقيمة استهلاك المياه في الأماكن المنشاة قبل العمل بالقانون 46 لسنة 1962. م 567 مدني. وجوب إعمال اتفاق المتعاقدين. عدم الاتفاق عليها. أثره. التزام المؤجر بها متى كان التقدير جزافاً. التزام المستأجر بها متى كان مقدراً بالعداد.
(4) إيجار. نقض "السبب الجديد".
منازعة المستأجر بورود شرط ضمن البنود المطبوعة بالعقد يفيد عدم قبوله الالتزام بقيمة استهلاك المياه. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(5) استئناف "الحكم فيه". حكم "تسبيبه".
عدم إفصاح الحكم عن الأساس القانوني لقضائه. عدم مناقشته للأسباب المخالفة التي بني عليها الحكم المستأنف. لا خطأ. طالما صدر قضاؤه موافقاً للقانون.
(6) إيجار. محكمة الموضوع.
التنازل الضمني عن الحق. تقدير أدلته. من سلطة محكمة الموضوع.
(7) إثبات "القرائن". إيجار.
التزام المستأجر بسداد قيمة استهلاك المياه. مجرد سكوت المالك السابق مدة طويلة عن المطالبة بها. لا يصلح دليلاً كافياً يفيد تنازله عن حقه.

----------------
1 - لم تورد قوانين الإيجار السابقة على العمل بالقانون رقم 46 لسنة 1962 بتحديد إيجار الأماكن، قواعد خاصة بالالتزام بثمن المياه، ومن المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه متى خلت التشريعات الاستثنائية من قواعد تنظيم بعض آثار عقد الإيجار فإنه يتعين الرجوع بصددها إلى القواعد العامة في القانون المدني.
2 - القواعد الواردة بالقرار التفسيري رقم 1 لسنة 1964 للقانون رقم 46 لسنة 1962 لا تتناول تنظيم الالتزام بثمن المياه إلا بالنسبة للأماكن الخاضعة له، والقانون رقم 52 لسنة 1969 في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين وإن أورد في المادة 25 منه نظاماً أجاز به لأي من المتعاقدين تركيب عداد لحساب استهلاك المياه داخل الأماكن المؤجرة في تاريخ العمل به إلا أنه لم يغير من الوضع القانوني القائم وقت صدوره بالنسبة للالتزام بثمن المياه، ومن ثم فإن القواعد المقررة بالمادة 567 من القانون المدني تكون هي الواجبة الإعمال على الأماكن المنشاة قبل العمل بالقانون رقم 46 لسنة 1962.
3 - النص في الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة 567 من القانون المدني على أنه "ويتحمل المؤجر التكاليف و.... ويلتزم بثمن المياه إذا قدر جزافاً فإذا كان تقديره "بالعداد" كان على المستأجر إما ثمن الكهرباء و... كل هذا ما لم يقض الاتفاق بغيره" يدل على أن الأصل في تحديد من يقع عليه عبء الالتزام بثمن المياه هو بما يتفق عليه المتعاقدان فإذا خلا العقد منه فإن المؤجر يلتزم بهذا الثمن متى كان مقدراً جزافاً ويلتزم به المستأجر متى كان مقدراً بالعداد، ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتمد في قضائه بإلزام الطاعنين - المستأجرين - بثمن المياه على ما نص عليه صراحة في البند السابع عشر من عقود الإيجار المبرمة معهم من التزامهم به وهو ما يتفق مع التطبيق الصحيح للقواعد المشار إليها.
4 - إذ كان ما ينعاه الطاعنون - المستأجرون - على الحكم المطعون فيه من اعتداده بهذا الاتفاق رغم وروده ضمن الشروط المطبوعة بما لا يفيد قبولهم به، ينطوي على دفاع خلت أوراق الدعوى مما يدل على سبق تمسكهم به أمام محكمة الموضوع فلا يقبل منهم إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
5 - لا يعيب الحكم عدم إفصاحه عن الأساس القانوني لما قضى به أو عدم مناقشته الأسباب المخالفة التي بني عليها الحكم المستأنف الذي ألغاه طالما صدر قضاؤه موافقاً لحكم القانون.
6 - تقدير الأدلة على قيام أحد طرفي العقد بالتنازل ضمناً عن حق من الحقوق التي يرتبها له العقد، هو من مطلق سلطان محكمة الموضوع.
7 - إذ كان الطاعنون - المستأجرون - قد استدلوا على ما دفعوا به من تنازل الملاك السابقين عن حقهم في اقتضاء ثمن المياه بسكوتهم عن ذلك مدة طويلة، وكان مجرد السكوت عن المطالبة بالحقوق الدورية المتجددة لا يستقيم دليلاً كافياً على التنازل عن الاتفاق المنشئ لها فإنه لا على الحكم المطعون فيه إذا لم يعتد بهذه القرينة وحدها لمجاراة الطاعنين في دفاعهم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه، وباقي أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعاوى الرقيمة من 1160 إلى 1169 لسنة 1972 كلي جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزام كل من الطاعنين بأداء ما يخصه في مبلغ 34 ج و634 م قيمة استهلاك المياه بالوحدات المؤجرة إليهم، وقال شرحاً لها إنه أثر شرائه العقار الكائنة به هذه الوحدات قام بتحرير عقود إيجار جديدة مع الطاعنين نص فيها على التزامهم بقيمة استهلاك المياه ولكنهم امتنعوا عن سدادها عن شهر فبراير حتى شهر أكتوبر سنة 1970. وبعد ضم الدعاوى ليصدر فيها حكم واحد ندبت المحكمة مكتب خبراء وزارة العدل لاحتساب قيمة المياه المستهلكة في مدة النزاع وما يخص كل وحدة منها، ولما قدم تقريره حكمت في 31/ 3/ 1975 برفض الدعاوى جميعها، استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 2092 لسنة 92 ق القاهرة، وبتاريخ 22/ 4/ 1976 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام كل من الطاعنين ما يخصه في قيمة استهلاك المياه عن المدة من 25/ 4/ 1970 حتى 30/ 12/ 1970، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبعرضه على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعنون بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم استند في إلزامهم قيمة استهلاك المياه إلى أنهم التزموا بها صراحة في البند السابع عشر من عقود الإيجار في حين أنه ورد ضمن الشروط المطبوعة بما لا يفيد قبولهم به وجاءت عبارته مرسلة دون بيان لكيفية تحديد ثمن المياه، فيقع عبؤه على عاتق المطعون ضده عملاً بالمادة 567/ 3 من القانون المدني الذي يحكم واقعة الدعوى تبعاً لإبرام عقود الإيجار في ظله وعدم خضوعها لأحكام القانونين رقمي 46 لسنة 1962 و52 لسنة 1969. هذا إلى أن الحكم لم يبين الأساس القانوني لما قضى به ولم يناقش الأساس المخالف الذي بني عليه الحكم الابتدائي.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان لا خلاف بين الطرفين في أن أعيان النزاع أنشئت قبل العمل بالقانون رقم 46 لسنة 1962 بتحديد إيجار الأماكن ولم تورد قوانين الإيجار السابقة قواعد خاصة بالالتزام بثمن المياه، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى خلت التشريعات الاستثنائية من قواعد تنظيم بعض آثار عقد الإيجار فإنه يتعين الرجوع بصددها إلى القواعد العامة في القانون المدني، وكانت القواعد الواردة بالقرار التفسيري رقم 1 لسنة 1964 للقانون رقم 46 لسنة 1962 لم تتناول تنظيم الالتزام بثمن المياه إلا بالنسبة للأماكن الخاضعة له، والقانون رقم 52 لسنة 1969 في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين وإن أورد في المادة 25 منه نظاماً أجاز به لأي من المتعاقدين تركيب عداد لحساب استهلاك المياه داخل الأماكن المؤجرة في تاريخ العمل به إلا أنه لم يغير من الوضع القانوني القائم وقت صدوره بالنسبة للالتزام بثمن المياه، فإن القواعد المقررة بالمادة 567 من القانون المدني تكون هي الواجبة الإعمال على الأماكن المنشاة قبل العمل بالقانون رقم 46 لسنة 1962. لما كان ذلك، وكان النص في الفقرتين الثالثة والرابعة منها على أنه "ويتحمل المؤجر التكاليف و... ويلتزم بثمن المياه إذا قدر جزافاً فإذا كان تقديره بالعداد كان على المستأجر إما ثمن الكهرباء و... كل هذا ما لم يقض الاتفاق بغيره" يدل على أن الأصل في تحديد من يقع عليه عبء الالتزام بثمن المياه هو بما يتفق عليه المتعاقدان فإذا خلا العقد منه فإن المؤجر يلتزم بهذا الثمن متى كان مقدراً جزافاً ويلتزم به المستأجر متى كان مقدراً بالعداد، ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتمد في قضائه بإلزام الطاعنين بثمن المياه على ما نص عليه صراحة في البند السابع عشر من عقود الإيجار المبرمة معهم مع التزامهم به وهو ما يتفق مع التطبيق الصحيح للقواعد المشار إليها، وكان ما ينعاه الطاعنون عليه من اعتداده بهذا الاتفاق رغم وروده ضمن الشروط المطبوعة بما لا يفيد قبولهم به ينطوي على دفاع خلت أوراق الدعوى مما يدل على سبق تمسكهم به أمام محكمة الموضوع فلا يقبل منهم إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، وكان لا يعيب الحكم عدم إفصاحه عن الأساس القانوني لما قضى به أو عدم مناقشته الأسباب المخالفة التي بني عليها الحكم المستأنف الذي ألغاه طالما صدر قضاؤه موافقاً لحكم القانون، فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن الحكم استند في قضائه إلى أن تقاعس الملاك السابقين وتقصيرهم في اقتضاء قيمة استهلاك المياه من المستأجرين لا يعتبر اتفاقاً ضمنياً على تنازلهم عن شرط التزام المستأجرين بها في حين أن هذا التنازل يستفاد من استمرار هؤلاء الملاك في عدم اقتضائها مدة طويلة جاوزت الأربعة عشر عاماً، وهو ما لم ينازع فيه المطعون ضده فيلزم به باعتباره خلفاً خاصاً كما استند الحكم في إلزامهم بهذه القيمة إلى تقرير الخبير، رغم انطوائه على دلائل تنفي التزامهم بها، وسبق عدول محكمة أول درجة عن حكم ندبه لعدم جدواه. هذا إلى أن الحكم لم يعتد بظروف الحال التي تقطع باتفاق الطرفين ضمناً على تعديل ما ورد بعقود الإيجار إلى إلزام المؤجرين بثمن المياه وقد جاءت أسبابه في هذا الخصوص مبهمة مرسلة لا تواجه ما أبدوه من دفاع جوهري.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول، بأنه لما كان تقدير الأدلة على قيام أحد طرفي العقد بالتنازل ضمناً عن حق من الحقوق التي يرتبها له العقد، هو من مطلق سلطان محكمة الموضوع، ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك طالما جاءت أسبابها متفقة مع مقتضى العقل والمنطق، وكان الطاعنون قد استدلوا على ما دفعوا به من تنازل الملاك السابقين عن حقهم في اقتضاء ثمن المياه بسكوتهم عن ذلك مدة طويلة، وكان مجرد السكوت عن المطالبة بالحقوق الدورية المتجددة لا يستقيم دليلاً كافياً على التنازل عن الاتفاق المنشئ لها فإنه لا على الحكم المطعون فيه إذا لم يعتد بهذه القرينة وحدها لمجاراة الطاعنين في دفاعهم. لما كان ذلك، وكان البين من مدوناته أنه اعتمد نتيجة تقرير الخبير التي تضمنت تحديد نصيب كل من الطاعنين في قيمة استهلاك المياه للأسس الفنية التي أقيمت عليها، وكان عدم أخذ محكمة أول درجة بهذا التقرير لا يحول دون اعتداد محكمة ثاني درجة به بعد انتهائها - خلافاً لما خلص إليه الحكم المستأنف - إلى أحقية المطعون ضده في اقتضاء هذه القيمة، فإن النعي عليه بالفساد في الاستدلال يكون على غير أساس. والنعي مردود في شقه الثاني، ذلك أنه لما كان المقرر طبقاً لنص المادة 150/ 1 من القانون المدني أنه متى كانت عبارة العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ في تفسير البند السابع عشر من عقود الإيجار بظاهر عبارته الثابتة به، وكان مبنى دفاع الطاعنين أمام محكمة الموضوع أن المؤجرين تنازلوا عن حقهم في اقتضاء ثمن المياه واستدلوا على ذلك بسكوت هؤلاء عن المطالبة به وقد رأت المحكمة الاستئنافية في حدود سلطتها التقديرية عدم الأخذ بهذه القرينة وكان هذا الذي أورده الحكم يكفي لحمل قضائه، فإن النعي عليه بالقصور يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق