الصفحات

الجمعة، 14 أبريل 2023

الطعن 474 لسنة 41 ق جلسة 29 / 1 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 ق 71 ص 356

جلسة 29 من يناير سنة 1980

برئاسة السيد المستشار عز الدين الحسيني نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: مصطفى قرطام، وعبد الحميد المنفلوطي، وجلال الدين أنسى، وأحمد كمال سالم.

---------------

(71)
الطعن رقم 474 لسنة 41 القضائية

محكمة الموضوع. مسئولية. "المسئولية التقصيرية".
علاقة السببية بين الخطأ والضرر من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع دون رقابة محكمة النقض. شرطه. مثال بشأن خطأ المشرف على حمام السباحة.

----------------
إن كان استخلاص علاقة السببية بين الخطأ والضرر هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع ولا رقابة عليها في ذلك لمحكمة النقض، إلا أن ذلك مشروط بأن تورد الأسباب السائغة المؤدية إلى ما انتهت إليه. وإذ يتضح أن محكمة الموضوع قد سلمت بغياب المنقذ عن النادي يوم وقوع الحادث، وأنه وقت نزول الصبي إلى الماء لم يكن المشرف موجوداً بساحة الحمام ولكنه انصرف إلى غرفة الماكينات، وأن طبيعة عمل المشرف تقتضي وجوده دائماً بالحمام لمنع صغار السن من النزول إلى الماء متى كان المنقذ غير موجود. ولما كانت تلك الأخطاء التي رأى الحكم المطعون فيه أن الصبي قد ارتكبها ورتب عليها قضاءه بانتفاء علاقة السببية بين خطأ المشرف وبين الصبي، ما كانت تمكنه أصلاً من النزول إلى الماء، إذا كان المشرف موجوداً والمنقذ غائباً لأن واجب المشرف في حالة عدم وجود المنقذ منع الصبية من نزول الحمام، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن قد أقام الدعوى رقم 938 سنة 1974 كلي شمال القاهرة ضد المطعون عليهم وطلب فيها الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض وقال بياناً لها أن ابنه المرحوم.... البالغ من العمر أربعة عشر عاماً نزل إلى حوض السباحة المنشأ بنادي البنك الأهلي الذي يمثله المطعون عليهما الأولان فغرق ولم يجد من ينقذه وراح ضحية إهمال المطعون عليه الثالث (مدير النادي) والعاملين المعينين على الحوض التابعين للمطعون عليهما الأول والثاني، إذ ثبت من التحقيق الذي أجرى في محضر العوارض رقم 382 لسنة 1973 العجوزة أن العامل المشرف على الحوض لم يكن موجوداً بجانبه وقت الحادث وإنما كان موجوداً بغرفة الماكينات، وأن العامل المعين منقذاً كان متغيباً عن النادي في ذلك اليوم، وإذ سبب هذا الخطأ ضرراً بالطاعن لوفاة ابنه فقد أقام الدعوى بطلباته. وبتاريخ 11/ 6/ 1975 قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 3060 لسنة 92 ق القاهرة، وبتاريخ 18/ 3/ 1976 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطرق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه على أن خطأ ابن الطاعن المتمثل في نزوله إلى الحمام رغم عدم وجود المنقذ وعلى خلاف التعليمات التي تحظر ذلك، ورغم استدعاء المشرف له ومنعه من النزول إلا في حضور العضو الذي ينتسب إليه، يستغرق خطأ المنقذ المتمثل في غيابه عن الحمام بغير إذن سابق، في حين أن مجرد إعداد الحمام دون أن يكون به مشرف أو منقذ تتحقق به مسئولية المطعون عليهم عما يقع بسبب ذلك من الإضرار، ولا يسقط المسئولية عنهم مجرد وضع لافتات على جانبي الحمام تحظر على من لا يجيدون السباحة النزول إليه إلا في حضور المنقذ وبعد تنبيهه، لأن من بين رواد - الحمام أطفال وصبية حديثو السن، وهو ما يشوب الحكم بفساد الاستدلال ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه وإن كان استخلاص علاقة السببية بين الخطأ والضرر هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع ولا رقابة عليها في ذلك لمحكمة النقض، إلا أن ذلك مشروط بأن تورد الأسباب السائغة المؤدية إلى ما انتهت إليه. وإذ يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض الدعوى على قوله "أنه وإن كان المنقذ.... قد أخل بواجباته بتغيبه عن الحضور إلى النادي يوم الحادث دون إخطار إدارة النادي إلا أن الواضح أن السبب المباشر في وقوع الحادث هو مخالفة المجني عليه للتعليمات الواضحة الصريحة الظاهرة في جوانب الحمام والتي تحظر على غير الملمين بالسباحة ليس فقط عدم النزول إلى الحمام إلا في حضور المدرب بل توجب عليهم حتى في حضوره تنبيهه إلى ذلك قبل النزول ليحدد لهم المنطقة التي يلتزمونها في الاستحمام بالإضافة إلى عدم الامتثال لأمر المشرف له مشدداً بعدم النزول إلى الحمام إلا بعد حضور العضو الذي ينتسب إليه". كما يبين من الحكم الابتدائي - الذي أيده وأحال إلى أسبابه الحكم المطعون فيه - أنه بعد أن أثبت أن طبيعة عمل المشرف تقتضي ضرورة تواجده دائماً بالحمام لمنع صغار السن من النزول إلى الماء إذا كان المنقذ غير موجود، بعد أن أثبت الحكم ذلك نفى توافر علاقة السببية استناداً إلى "أن الثابت من أوراق المحضر رقم 382 لسنة 1973 عوارض العجوزة أن - المتوفى.... قد نزل إلى الحمام رغم عدم وجود المنقذ ولم يتبع التعليمات الخاصة بذلك المكتوبة والمعلقة بالنادي، وأن هذه المخالفة هي السبب المباشر في وقوع الحادث فضلاً عن حداثة سنة وعدم إلمامه بقواعد السباحة، فيكون خطأ المتوفى قد شارك مع ما نسبه المدعي للمدعى عليهم من تراخ في الإشراف على الحمام، بل أن خطأ المتوفى قد استغرق خطأ المسئول..." ومن هذا يتضح أن محكمة الموضوع قد سلمت بغياب المنقذ عن النادي يوم وقوع الحادث، وإنه وقت نزول الصبي إلى الماء لم يكن المشرف موجوداً بساحة الحمام ولكنه انصرف إلى غرفة الماكينات، وأن طبيعة عمل المشرف تقتضي وجوده دائماً بالحمام لمنع صغار السن من النزول إلى الماء متى كان المنقذ غير موجود. ولما كانت تلك الأخطاء التي رأى الحكم المطعون فيه أن الصبي قد ارتكبها ورتب عليها قضاءه بانتفاء علاقة السببية بين خطأ المشرف وبين غرق الصبي، ما كانت تمكنه أصلاً من النزول إلى الماء، إذا كان المشرف موجوداً والمنقذ غائباً لأن واجب المشرف في حالة عدم وجود المنقذ منع الصبية من نزول الحمام، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق