الصفحات

الاثنين، 17 أبريل 2023

الطعن 455 لسنة 49 ق جلسة 21 / 2 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 ق 112 ص 573

جلسة 21 من فبراير سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ حافظ رفقي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد الخولي، يوسف أبو زيد، مصطفى صالح سليم ودرويش عبد المجيد.

----------------

(112)
الطعن رقم 455 لسنة 49 القضائية

(1) اختصاص. "اختصاص ولائي". قرار إداري.
للمحاكم التحقق من قيام القرار الإداري بمقوماته القانونية. تطبيقها له وفقاً لظاهر نصوصه على النزاع المطروح. لا يعد تعرضاً للقرار بالتأويل.
(2) دعوى. "الطلبات فيها". بيع. ملكية. محكمة الموضوع. حكم.
تكييف الدعوى. من سلطة محكمة الموضوع. وجوب التزامها بطلبات الخصوم وسبب الدعوى. الدعوى بطلب صحة ونفاذ عقد البيع. الحكم بصحة العقد وتثبيت ملكية المدعي قضاء بما لم يطلبه الخصوم.
(3) حيازة. ملكية. قرار إداري.
ترخيص جهة الإدارة بإنشاء مسقاة في أرض الغير لري أرض الجار - الحيازة المستندة إلى حق استعمال المسقاة. حيازة تنتفي بها نية تملك أرض المسقاة مهما طال أمدها. الاستثناء تغيير سبب الحيازة.
(4) حيازة.
تغيير سبب الحيازة الوقتية. كيفيته. م 972/ 2 مدني.

--------------
1 - القانون لم يعرف القرارات الإدارية ولم يبين الخصائص التي تميزها والتي يهتدي بها في القول بتوافر الشروط اللازمة لها ولحصانتها من تعرض السلطة القضائية لها بتعطيل أو تأويل، وينبني على ذلك أن للمحاكم العادية أن تعطى تلك القرارات وصفها القانوني على هدي حكمة التشريع ومبدأ الفصل بين السلطات وحماية الأفراد وحقوقهم، وهي في سبيل ذلك تملك بل من واجبها التحقق من قيام القرار الإداري بمقوماته القانونية والتعرف على فحواه فإن ظهر لها سلامة صدوره غير مشوب بما ينحدر به إلى درجة العدم كان عليها أن تعمل تطبيقه وفقاً لظاهر نصوصه وتنزل ما وصف له القانون من آثار على النزاع المطروح ولا يعتبر ذلك منها تعرضاً للقرار بالتأويل.
2 - على محكمة الموضوع إعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها التكييف القانوني الصحيح دون تقيد بتكييف الخصوم لها إلا أنها لا تملك تغيير سبب الدعوى ويجب عليها الالتزام بطلبات الخصوم وعدم الخروج عليها، وإذ كانت الدعوى قد أقامها الطاعن بطلب اقتصر على الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر إليه فإن لازم ذلك أن تتقيد المحكمة في قضائها بهذا الطلب وحده. وما ارتكز عليه من سبب قانوني طالما لم يطرأ عليهما تغيير أو تعديل من الطاعن أثناء سير الخصومة وفي الحدود التي يقررها قانون المرافعات، وليس صحيحاً في القانون ما يقول به الطاعن من أن القضاء للمشتري بصحة ونفاذ عقد البيع وبثبوت ملكيته للعقار محل هذا العقد أمران متلازمان ذلك أن المقصود من طلب صحة ونفاذ عقد البيع هو تنفيذ التزام البائع بنقل ملكية العقار المبيع تنفيذاً عينياً والحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل الملكية، فيكون في معنى هذا الطلب أن ملكية العقار لم تنتقل بعد إلى المشتري، ولذا فإن الحكم به يكون متناقضاً إذا ما اجتمع مع قضاء بتثبيت ملكية ذات المشتري لهذا العقار لما يفيده هذا القضاء بطريق اللزوم الحتمي من ثبوت اكتساب المشتري لملكية العقار فعلاً. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون صائباً إذ خلص إلى تخطئة الحكم الابتدائي بمخالفة القانون للقضاء بما لم يطلبه الخصوم لما ثبت أن مطلب الدعوى انحصر في الحكم بصحة عقد البيع ونفاذه ورغم ذلك قضى دون طلب من الطاعن بتثبيت ملكيته إلى المسقاة مع قضائه بصحة ونفاذ عقد بيعها إليه؛ فإن النعي يكون على غير أساس.
3 - النص في المادة 16 من القانون رقم 68 لسنة 1953 - الذي صدر استناداً إليه قرار وزارة الري بإنشاء المسقاة محل النزاع بأنه "إذا رأى أحد ملاك الأطيان أنه يستحيل أو يتعذر عليه ري أرضه رياً كافياً أو صرفها صرفاً كافياً إلا بإنشاء مسقاة أو مصرف في أرض ليست ملكه أو باستعمال مسقاة أو مصرف موجود في أرض الغير وتعذر عليه التراضي مع أصحاب الأراضي ذوي الشأن فيرفع شكواه لمفتش الري ليأمر بإجراء تحقيق فيها... وترفع نتيجة هذا التحقيق إلى المفتش الذي يصدر قراراً مسبباً بإجابة الطلب أو رفضه..."، مفاده أن الحق الذي يتولد من ترخيص جهة الإدارة بإنشاء مسقاة في أرض الغير ليجرى بها المياه توصلاً لاستعمالها في ري أرض الجار هو حق المجرى والشرب وهو الحق المقرر بالمادتين 808 و809 من القانون المدني، وتقرير هذا الحق يختلف عن حق الملكية فالحيازة باستعمال المسقاة في الري ركوناً إلى ذلك الحق تعتبر حيازة بسبب معلوم غير أسباب الملكية مما تنتفي معه نية تملك أرض المسقاة، وتبقى هذه الحيازة المتجردة من هذه النية غير صالحة للتمسك بالتملك مهما طال أمدها إلا إذا حصل تغيير في سببها.
4 - تغيير سبب الحيازة لا يكون - وعلى ما تقضي به المادة 972/ 2 من القانون المدني وما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلا بإحدى اثنتين أن يتلقى ذو اليد الوقتية ملك العين من شخص من الأغيار يعتقد هو أنه المالك لها أو أن يجابه ذو اليد الوقتية مالك العين مجابهة صريحة بصفة فعلية قضائية أو غير قضائية تدل على أنه مزمع إنكار الملكية على المالك والاستئثار بها دونه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 2204 لسنة 1974 مدني كلي الزقازيق على المطعون ضدهم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر بطلب الحكم في مواجهة الأخيرين بصحة ونفاذ عقد البيع العرفي المؤرخ 7/ 9/ 1970 والمتضمن بيع المطعون ضده الحادي عشر له المسقاة المبينة المساحة والمعالم بالعقد وصحيفة الدعوى لقاء ثمن مقداره ثلاثمائة وثمان وتسعون جنيهاً، وقال في بيان دعواه أنه صدر قرار من وزارة الري بتاريخ 3 من يناير سنة 1957 بإنشاء المسقاة المبينة بالصحيفة لصالح المطعون ضده الحادي عشر الذي ظل يستعملها ويضع اليد عليها حتى باعها إليه بعقد مؤرخ 7/ 9/ 1970، وتوصلاً لتنفيذ التزام البائع بنقل الملكية إليه فقد أقام الدعوى ليقضي بصحة ونفاذ هذا العقد في مواجهة المطعون ضدهما الأخيرين اللذين يمثلان جهة الإدارة التي أصدرت قرار إنشاء المسقاة. وأثناء سير الخصومة تدخل فيها المطعون ضدهم العشرة الأولون طالبين رفض الدعوى على سند من القول بأنهم يمتلكون المسقاة التي تقع بأرض زراعية بيعت إليهم من الملاك الأصليين بالعقد المسجل برقم 2083 لسنة 1975 الشرقية وأن صدور قرار وزارة الري بإنشائها في عام 1957 بأرض هؤلاء الملاك ليس من شأنه نقل ملكية الأرض التي امتد بها المجرى المائي إلى البائع للطاعن بل يقتصر حفر ري أرضه المجاورة من هذه المسقاة. وبتاريخ 10 من ديسمبر سنة 1975 قضت محكمة الزقازيق الابتدائية بقبول التدخل وندب خبير ومن بعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة بتاريخ 12 من إبريل سنة 1979 برفض طلبات المتدخلين وبصحة ونفاذ عقد البيع الصادر إلى الطاعن وتثبيت ملكيته إلى المسقاة محل النزاع. استأنف المطعون ضدهم العشرة الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة طالبين إلغاءه ورفض دعوى الطاعن، وقيد الاستئناف برقم 265 لسنة 21 ق، وبتاريخ 9 من يناير سنة 1979 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الأخيرين وأبدت الرأي برفض الطعن بالنسبة لباقي المطعون ضدهم، ودفع المطعون ضدهما الأخيرين أيضاً بعدم قبول الطعن بالنسبة لهما، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة رأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم قبول الطعن هو أن المطعون ضدهما الأخيرين لم يكونا خصمين حقيقيين في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا الدفع صحيح ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون خصماً للطاعن في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل يجب أن يكون لأي منهما طلبات قبل الآخر أمام محكمة الموضوع ونازع أي منهما الآخر في طلباته، وإذ كان الثابت من الأوراق أن الطاعن لم يوجه طلباً ما إلى المطعون ضدهما الثاني والثالث عشر أمام محكمة الموضوع وقد وقفا من الخصومة موقفاً سلبياً دون أن يبديا دفاعاً موضوعياً فيها ولم يحكم لهما أو عليهما بشيء، وكان الطعن قد بني على أسباب لا تتعلق بهما فإن اختصامهما يكون غير مقبول مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة لهما.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة لباقي المطعون ضدهم.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بالوجه الأول من السبب الأول منها مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قد عرض في أسبابه إلى قرار وزارة الري الصادر بإنشاء المسقاة محل النزاع فأورد بأن إنشاءها لتروي منها أرض البائع له لا يعني نزع ملكية الأرض التي تمر بها لصالح هذا البائع وإنما يعني ترتيب حق ارتفاق له هو حق الشرب أي الحق في ري أرضه عن طريق هذه المسقاة، وهذا القول من الحكم يعتبر تأويلاً لقرار إداري وهو الأمر الممتنع على القضاء العادي لخروجه عن اختصاصه الولائي وانعقاد الاختصاص بشأنه للقضاء الإداري عملاً بأحكام قانون السلطة القضائية وقانون تنظيم مجلس الدولة مما يعيب الحكم بمخالفة قواعد الاختصاص الولائي ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن القانون لم يعرف القرارات الإدارية ولم يبين الخصائص التي تميزها والتي يهتدي بها في القول بتوافر الشروط اللازمة لها ولحصانتها من تعرض السلطة القضائية لها بتعطيل أو تأويل، وينبني على ذلك أن للمحاكم العادية أن تعطي تلك القرارات وصفها القانوني على هدي حكمة التشريع ومبدأ الفصل بين السلطات وحماية الأفراد وحقوقهم، وهي في سبيل ذلك تملك بل من واجبها التحقق من قيام القرار الإداري بمقوماته القانونية والتعرف على فحواه فإن ظهر لها سلامة صدوره غير مشوب بعيب ينحدر به إلى درجة العدم كان عليها أن تعمل تطبيقه وفقاً لظاهر نصوصه وتنزل ما يرتبه له القانون من آثار على النزاع المطروح ولا يعتبر ذلك منها تعرضاً للقرار بالتأويل، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه قد عرض بأسبابه إلى القرار الإداري الذي أصدرته وزارة الري بالترخيص بإنشاء المسقاة المتنازع عليها تطبيقاً لنص المادة 16 من القانون رقم 68 لسنة 1953 في شأن الري والصرف فأورد أن قرار الري بالترخيص بعد الجزء القبلي من المسقاة لري الأرض التي اشتراها المستأنف ضده الأول (الطاعن) من المستأنف ضده الثاني (المطعون ضده الحادي عشر)، هذا القرار لا يعني نزع ملكية الأرض التي تمر بها المسقاة لصالح هذا الأخير وإنما يعني ترتيب حق ارتفاق له هو حق الشرب أي الحق في ري أرضه عن طريق المسقاة كما أن التعويض الذي سدده كان مقابل هذا الحق وليس مقابل نزع الملكية لأن تفتيش الري لا يملك بطبيعة الحال أن ينزع ملكية فرد لصالح فرد آخر وأن القرار المذكور كان الهدف منه توفير مياه الري لأرض المستأنف ضده الثاني. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يدع ثمة ما يخالف مذهب الحكم المطعون فيه من أن قرار وزارة الري وفقاً لظاهر نصوصه لم يكون أداة تمليك وسبباً في نقل ملكية الأرض المنشأة بها المسقاة إلى البائع له وكان لا يعتبر تأويلاً للقرار الإداري وقوف الحكم عند بيان ألفاظ القرار وظاهر نصوصه وإعمال آثاره القانونية، وهو ما سلكه الحكم المطعون فيه الذي اقتصر في تقريراته على بيان لنص القرار الإداري وإيضاح لما ترتب على هذا القرار من آثار بشأن الحق المتولد عنه إعمالاً لحكم القانون الذي صدر استناداً إليه، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن بهذا الوجه يكون في غير محله.
وحيث إن حاصل الوجه الثالث من السبب الأول أن حكم محكمة أول درجة كان قد قضى للطاعن بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر إليه وتثبيت ملكيته أيضاً للمسقاة محل هذا العقد، وجاء الحكم المطعون فيه فوصم الحكم المستأنف بالخطأ في قضائه بثبوت الملكية بعلة أنه قضاء بما لم يطلبه الخصوم في حين أن ذلك يتصل بمسألة تكييف القاضي للدعوى المطروحة عليه وإسباغ الوصف القانوني عليها، وهو تكييف صحيح يتفق مع الوقائع الثابتة بالدعوى وباعتبار أن صحة ونفاذ عقد البيع وتثبيت ملكية المسقاة محل هذا العقد أمران متلازمان لا ينفصلان وإذ لم يفطن الحكم إلى هذا النظر فإنه يكون مخالفاً للقانون مستوجباً نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه وإن كان على محكمة الموضوع إعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها التكييف القانوني الصحيح دون تقيد بتكييف الخصوم لها إلا أنها لا تملك تغيير سبب الدعوى ويجب عليها الالتزام بطلبات الخصوم وعدم الخروج عليها، وإذ كانت الدعوى قد أقامها الطاعن بطلب اقتصر على الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر إليه فإن لازم ذلك أن تتقيد المحكمة في قضائها بهذا الطلب وحده وما ارتكز عليه من سبب قانوني طالما لم يطرأ عليهما تغيير أو تعديل من الطاعن أثناء سير الخصومة وفي الحدود التي يقررها قانون المرافعات، وليس صحيحاً في القانون ما يقول به الطاعن من أن القضاء للمشتري بصحة ونفاذ عقد البيع وبثبوت ملكيته للعقار محل هذا العقد أمران متلازمان ذلك أن المقصود من طلب صحة ونفاذ عقد البيع هو تنفيذ التزام البائع بنقل ملكية العقار المبيع تنفيذاً عينياً والحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد في نقل الملكية، فيكون في معنى هذا الطلب أن ملكية العقار لم تنتقل بعد إلى المشتري، ولذا فإن الحكم به يكون متناقضاً إذا ما اجتمع مع قضاء بتثبيت ملكية ذات المشتري لهذا العقار لما يفيده هذا القضاء بطريق اللزوم الحتمي من ثبوت اكتساب المشتري لملكية العقار فعلاً، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون صائباً إذ خلص إلى تخطئة الحكم الابتدائي بمخالفة القانون للقضاء بما لم يطلبه الخصوم لما ثبت من أن مطلب الدعوى انحصر في الحكم بصحة عقد البيع ونفاذه ورغم ذلك قضى دون طلب من الطاعن بتثبيت ملكيته إلى المسقاة مع قضائه بصحة ونفاذ عقد بيعها إليه، ويكون النعي بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الأول والسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم حمل قضاءه برفض طلب صحة ونفاذ عقد البيع الصادر إليه على أن البائع له لا يملك الأرض التي تجرى بها المسقاة محل العقد في حين أنه قد اكتسب ملكيتها وفقاً لنص المادة 968 من القانون المدني بالحيازة المؤدية على التملك بمضي المدة الطويلة، وهو الأمر الذي أظهره في دفاعه أمام محكمة الموضوع وسانده الخبير في تقريره من إثبات أن البائع له قد وضع اليد على المسقاة وضع يد هادئ مستمر اعتباراً من تاريخ حفرها تنفيذاً لقرار وزارة الري الصادر في 3 من يناير سنة 1957 وتلقى هو من بعد البيع هذه الحيازة، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد نفى ملكية ذلك البائع معرضاً عما أثبته الخبير في تقريره فإنه يكون فضلاً عن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه قد خالف الثابت بالأوراق بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان النص في المادة 16 من القانون رقم 68 لسنة 1953 - الذي صدر استناداً إليه قرار وزارة الري بإنشاء المسقاة محل النزاع بأنه "إذا رأى أحد ملاك الأطيان أن يستحيل أو يتعذر عليه ري أرضه رياً كافياً أو صرفها صرفاً كافياً إلا بإنشاء مسقاة أو مصرف في أرض ليست ملكه أو باستعمال مسقاة أو مصرف موجود في أرض الغير وتعذر عليه التراضي مع أصحاب الأراضي ذوي الشأن فيرفع شكواه لمفتش الري ليأمر بإجراء تحقيق فيها... وترفع نتيجة هذا التحقيق إلى المفتش الذي يصدر قراراً مسبباً بإجابة الطلب أو رفضه..."، مفاده أن الحق الذي يتولد من ترخيص جهة الإدارة بإنشاء مسقاة في أرض الغير ليجري بها المياه توصلاً لاستعمالها في ري أرض الجار هو حق المجرى والشرب وهو الحق المقرر بالمادتين 808 و809 من القانون المدني، وتقرير هذا الحق يختلف عن حق الملكية فالحيازة باستعمال المسقاة في الري ركوناً إلى ذلك الحق تعتبر حيازة بسبب معلوم غير أسباب الملكية مما تنتفي معه نية تملك أرض المسقاة، وتبقى هذه الحيازة المتجردة من هذه النية غير صالحة للتمسك بالتملك مهما طال أمدها إلا إذا حصل تغيير في سببها، وهو لا يكون - وعلى ما تقضي به المادة 972/ 2 من القانون المدني وما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلا بإحدى اثنتين أن يتلقى ذو اليد الوقتية ملك العين من شخص من الأغيار يعتقد هو أنه المالك لها أو أن يجابه ذو اليد الوقتية مالك العين مجابهة صريحة بصفة فعلية قضائية أو غير قضائية تدل على أنه مزمع إنكار الملكية على المالك والاستئثار بها دونه، لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بأن حيازة بائعة مردها لأمر مما ورد بهذه القاعدة المقررة بالمادة 972/ 2 من القانون المدني، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض طلب صحة ونفاذ عقد البيع الصادر إلى الطاعن على أن المسقاة محل العقد تقع بأرض يملكها المطعون ضدهم العشرة الأول بعقد مسجل وأن إنشاءها بهذه الأرض تنفيذاً لقرار وزارة الري وكان مستهدفاً به وصول مياه الري إلى أرض البائع للطاعن وهذا لا يعني انتقال ملكية أرض المسقاة إلى هذا الأخير لأن حقه عليها قاصر على حق الشرب أي استعمال المسقاة في ري أرضه بالمياه التي تجرى بها. وانتهى من ذلك إلى انتفاء ملكية البائع للطاعن للمسقاة محل البيع وأنه لهذا يستحيل عليه نقل ملكية المبيع إلى الطاعن، وكان ما قرره الحكم في هذا الشأن يعد استخلاصاً سائغاً في حدود سلطته الموضوعية وصحيحاً في القانون لتبرير انتفاء ملكية البائع للطاعن لأرض المسقاة لذلك السبب الذي أبانه الحكم وهو أن حيازته باستعمال المسقاة تقتصر على حق الشرب منها وهو الحق وليد القرار الإداري الصادر بإنشائها، وفي ذلك ما يكفي لحمل قضائه وينطوي على التعليل الضمني المسقط لادعاء الطاعن بحيازة بائعة للمسقاة حيازة مؤدية إلى التملك ويفيد إطراح ما قد يكون بتقرير الخبير من رأي مخالف وهو ما تملكه محكمة الموضوع عملاً بنص المادة 56 من قانون الإثبات باعتبار أن رأي الخبير لا يخرج عن كونه عنصراً من عناصر الإثبات يخضع لتقديرها. ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث القصور في التسبيب لأن الحكم المطعون فيه الذي صدر على خلاف الحكم الابتدائي لم يتناول أسباب هذا الحكم ويرد عليها مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود بما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أن محكمة الاستئناف إذا ما ألغت الحكم الابتدائي الصادر في الموضوع فلا تكون ملزمة ببحث أو تفنيد أسباب هذا الحكم وحسبها أنها أقامت قضاءها على أسباب كافية لحمله.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق