الصفحات

الثلاثاء، 18 أبريل 2023

الطعن 339 لسنة 46 ق جلسة 1 / 3 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 ق 132 ص 671

جلسة أول مارس سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ عدلي مصطفى بغدادي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: د. إبراهيم علي صالح، محمود حسن رمضان، عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل وحسن عثمان عمار.

-----------

(132)
الطعن رقم 339 لسنة 46 القضائية

(1 - 3) إيجار. قانون. نظام عام.
(1) خضوع عقد الإيجار لأحكام القانون الساري وقت إبرامه. الاستثناء. أحكام القانون الجديد المتعلقة بالنظام العام، وجوب تطبيقها بأثر فوري.
(2) امتداد عقد الإيجار بالنسبة لأقارب المستأجر عند وفاته. م 21 ق 52 لسنة 1969 لا شأن لهذا النص بتنظيم العلاقة بين هؤلاء الأقارب فيما لهم من حقوق متبادلة. إبرام العقد في ظل أحكام القانون 121 لسنة 1947. وجوب إعمال أحكام المساكنة.
(3) المشاركين للمستأجر منذ بدء الإجارة في سكنى العين المؤجرة. حقهم في الانتفاع بها. عدم أحقية المؤجر أو المستأجر في إخلائهم من العين.

------------
1 - من المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن عقد الإيجار يخضع لأحكام القانون المعمول به وقت إبرامه سواء ما كان متعلقاً بالنظام العام إعمالاً لقوتها الملزمة التي لا تجيز الاتفاق على ما يخالفها أو ما لم يكن كذلك باعتبارها مفسرة أو مكملة لإرادة المتعاقدين ويستمر سريان هذه الأحكام وتلك ما دام العقد سارياً سواء بنص القانون أو نفاذاً لاتفاق عاقديه وذلك ما لم يصدر أثناء سريان مدته قانون جديد يتعلق بالنظام العام لأنه يكون واجب التطبيق فتسري أحكامه على العقد بأثر مباشر.
2 - حكم المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 وإن كان متعلقاً بالنظام العام إلا أنه ينظم علاقة أقارب المستأجر بالمؤجر بما يحول بينه وبين اعتبار عقد الإيجار منتهياً بوفاة المستأجر إذا ما توافر في هؤلاء الأقارب الشروط المنصوص عليها في القانون دون أن يمتد حكمه إلى تنظيم العلاقة بين هؤلاء الأقارب فيما يكون لهم من حقوق متبادلة. لما كان ذلك، فإن حكم هذه المادة لا ينطبق على علاقة الطاعن بالمطعون عليهما الرابع والخامسة بل تظل هذه العلاقة محكومة بما يكون بينهم من اتفاق في ظل أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 - الذي أبرم العقد في ظله - والقانون المدني ومن ثم فإنه لا على الحكم - المطعون فيه - إن هو التفت عن تطبيق أحكام القانون رقم 52 لسنة 1969 وطبق على الدعوى أحكام المساكنة.
3 - جرى قضاء هذه المحكمة على أحقية المشاركين للمستأجر في سكن العين منذ بدء الإجارة في الاستمرار بالانتفاع بها دون أن يحق للمستأجر أو المؤجر إجبارهم على إخلائها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1002 سنة 1972 مدني كلي جنوب القاهرة ضد المطعون عليهم للحكم بإثبات إجارته للشقة الموضحة بصحيفتها وتغيير عقد إيجارها المؤرخ 1/ 10/ 1957 ليكون باسمه وذلك في مواجهة المطعون عليهما الأخيرين مع منع تعرضهما له فيها، وقال بيانا لذلك أنه كان قد عهد إلى شقيقه المطعون عليه الرابع باستئجار شقة له، فأستأجر شقة النزاع بموجب وكالته عنه وشغلها الطاعن وساكنة فيها شقيقاه المطعون عليها الرابع والخامسة ووالداتهم، ثم ترك الشقيقان الشقة وتوفيت الوالدة، فانفرد هو بها مكتباً للمحاماة وسكناً لأسرته، ولخلاف دب بينه وبين شقيقيه، حرر أولهما للأخرى تنازلاً عن الشقة ظناً منه أن عقد إيجارها محرر باسمه وتعرضت له شقيقته في حيازتها، ولكن شقيقه لم يلبث أن ثاب إلى رشده وحرر له في 25/ 11/ 1971 إقراراً بأن استئجاره للشقة كان بوصفه وكيلاً عنه وبإلغائه للتنازل السابق صدوره عنه إلى شقيقته. وإذ دأب الشقيقان على التعرض له فقد أقام ضده الدعوى، وأثناء نظرها أقام المطعون عليه الثاني دعوى فرعية بطلب الحكم بإخلاء الطاعن والمطعون عليهما الرابع والخامسة من شقة النزاع. حكمت المحكمة برفض الدعويين - الأصلية والفرعية - استأنف الحكم المحكوم عليهما - الطاعن والمطعون عليه الثاني - بالاستئنافين رقمي 2636، 2596 سنة 90 القاهرة. وبتاريخ 19/ 2/ 1976 قضت محكمة الاستئناف برفضهما وبتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قد أخطأ في فهم الواقع في الدعوى فيما ذهب إليه من أن النزاع يدور حول حق كل من أفراد الأسرة الواحدة في السكنى في شقة النزاع التي أجرها أحدهم وهو المطعون عليه الرابع لسكناهم جميعاً، في حين أنه - الطاعن - إذ أقام الدعوى بثبوت حقه في الإيجار ومنع تعرض المطعون عليهما الأخيرين له إنما أسس طلباته فيها على ما تنص عليه المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 التي تجيز لمن عددتهم البقاء في العين المؤجرة بشرط الإقامة مع المستأجر وفي الحدود التي أوضحها القانون، وإذ كان المطعون عليه الرابع قد ترك عين النزاع منذ سنة 1960 كما تركتها المطعون عليها الخامسة منذ زواجها بتاريخ 1/ 6/ 1969 واستقل هو بها - الأمر الثابت من قرار النائب العام في شأن النزاع حولها ومن الحكم الصادر في الدعوى رقم 974 سنة 1973 مستعجل مستأنف القاهرة والذي حاز قوة الأمر المقضي - فإنهما بذلك يكونان قد أنهيا حقهما في الإقامة في العين ولا يجوز لهما العودة إليها وإذ أهدر الحكم المطعون فيه ذلك وأعرض عن الرد عليه فإنه يكون فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون قد شابه القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن عقد الإيجار يخضع لأحكام القانون المعمول به وقت إبرامه، سواء ما كان متعلقاً بالنظام العام - إعمالاً لقوتها الملزمة التي لا تجيز الاتفاق على ما يخالفها - أو ما لم يكن كذلك باعتبارها مقره أو مكملة لإرادة المتعاقدين، ويستمر سريان هذه الأحكام وتلك ما دام العقد سارياً سواء بنص القانون أو نفاذاً لاتفاق عاقديه، وذلك ما لم يصدر أثناء سريان مدته قانون جديد يتعلق بالنظام العام لأنه يكون واجب التطبيق فتسري أحكامه على العقد بأثر مباشر، لما كان ذلك، وكان عقد الإيجار مثار النزاع مبرماً في 1/ 10/ 1957 فإنه يخضع بذلك لأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 في شأن إيجارات الأماكن وما لا يخالفها من أحكام القانون المدني. ولما كان هذان القانونان خاليين من الحكم الوارد في المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 التي يجرى نصها بعدم انتهاء عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقى فيها زوجه أو أولاده أو والداه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك، وفيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر حتى الدرجة الثالثة يشترط لاستمرار عقد الإيجار لصالحهم إقامتهم في المسكن مدة سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجرة أو مدة شغله للعين أيهما أقل ويلتزم المؤجر بتحرير عقد إيجار لهم، وكان حكم هذه المادة وإن كان متعلقاً بالنظام العام - إلا أنه إنما ينظم علاقة أقارب المستأجر بالمؤجر بما يحول بينه وبين اعتبار عقد الإيجار منتهياً بوفاة المستأجر إذا ما توافر في هؤلاء الأقارب الشروط المنصوص عليها في القانون، دون أن يمتد حكمه إلى تنظيم العلاقة بين هؤلاء الأقارب فيما قد يكون لهم من حقوق متبادلة، لما كان ذلك، فإن حكم هذه المادة لا ينطبق على علاقة الطاعن بالمطعون عليهما الرابع والخامسة، بل تظل هذه العلاقة محكومة بما يكون بينهم من اتفاق في ظل أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 والقانون المدني، ومن ثم فإنه لا على الحكم المطعون فيه إن هو التفت عن تطبيق أحكام القانون رقم 52 لسنة 1969 وطبق على الدعوى أحكام المساكنة بما تقوم عليه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من أحقية المشاركين للمستأجر في سكنى العين منذ بدء الإجارة في الاستمرار بالانتفاع بها دون أن يحق للمستأجر أو المؤجر إجبارهم على إخلائها. ولما كان حكم محكمة أول درجة - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن على قوله "إن الثابت من مستندات طرفي الخصومة أن المدعى عليه الثالث - المطعون عليه الرابع - هو مستأجر الشقة موضوع النزاع عن نفسه وليس بصفته وكيلاً عن المدعي - الطاعن - وأن المدعى عليهما الثالث والرابعة - المطعون عليهما الرابع والخامسة - علما بأن المدعي أقام معهما ومع والدتهما بالشقة موضوع النزاع منذ بدء استئجار الشقة. ومن ثم فإن الأمر يضحى مساكنة أفراد أسرة واحدة يجعل لكل منهم الحق في الإقامة في تلك الشقة التي استأجرها المدعى عليه الثالث لإقامة أسرته... وأنه لا محال لإعمال التنازلات الصادرة من المدعى عليه الثالث إلى أي من أخويه، ذلك أن حق كل منهما في الإقامة بالشقة ثابت بالمساكنة والإقامة لسنوات عدة منذ بدء العلاقة التأجيرية، ومن ثم فإن عودة المدعى عليها الرابعة ووضعها منقولاتها بغرفة المنزل وإقامتها به يعني قيام لحقها الثابت من قبل والإقامة بتلك الشقة كأحد أفراد الأسرة التي استؤجرت الشقة للإقامة بها بمعرفة المدعى عليه الثالث. لما كان ما تقدم، وكان ما أورده الحكم بشأن اعتبار الطاعن مساكناً للمطعون عليه الرابع المستأجر لشقة النزاع شأنه في ذلك شأن المطعون عليها الخامسة سائغاً، فإن النعي عليه بالقصور في التسبيب يكون في غير محله.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن بالأسباب الثاني والثالث والرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه على أن شقة النزاع هي لسكنى الأسرة ودلل على استمرار حيازة المطعون عليها الخامسة لها بتحقيقات الشكوى رقم 332 سنة 1972 إداري الدرب الأحمر وأنها كانت تقيم بها منذ بدء الإيجار ثم تركتها إلى منزل زوجها الأول والثاني وعادت إليها بعد طلاقها في المدتين بل وأعادت إليها منقولاتها وأقامت بها منذ انفصالها من زوجها الثاني. في حين أن حيازته لعين النزاع ثابتة من تحقيقات الشكوى سالفة البيان والأحكام الصادرة من القضاء المستعجل وقرار النائب العام بمنع تعرضها له في حيازته. ومن ثم يحظى بالحماية التي بسطتها المادة 961 وما بعدها من القانون المدني. هذا إلى أن انتفاء وضع يد المطعون عليها الرابعة على عين النزاع لمدة تزيد على خمس سنوات من شأنه أن يفقدها الحماية القانونية المقررة للحائز كما أن عودتها للإقامة بها بعد طلاقها الثاني إنما كان نتيجة للتنفيذ الجبري بقرار النيابة العامة والذي لم يستطع له رداً.
وحيث إن هذا النعي غير منتج، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في التعرف على نية واضع اليد من جميع عناصر الدعوى وقضاؤها في ذلك لا يكون خاضعاً لرقابة محكمة النقض، ما دامت هذه العناصر مدونة في حكمها، وتفيد عقلاً النتيجة التي استفادتها، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه وعلى ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول على توافر حق المطعون عليهما الرابع والخامسة في شقة النزاع بالمساكنة والإقامة فيها لسنوات عديدة فقد برر العلاقة التأجيرية ودلل على استمرار حقها في سكناها كأحد أفراد الأسرة التي استأجر لها المطعون عليه الرابع هذه العين للإقامة فيها، وكان ما أثاره الطاعن من استقلاله بحيازة عين النزاع دون شقيقته المطعون عليها الخامسة لا يعدو جدلاً موضوعياً فيما تستقل به محكمة الموضوع وتنحسر عنه رقابة محكمة النقض. ومن ثم يكون النعي بهذا السبب غير منتج.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق