الصفحات

الخميس، 27 أبريل 2023

الطعن 320 لسنة 44 ق جلسة 29 / 3 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 179 ص 900

جلسة 29 من مارس 1978

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين الدكتور إبراهيم صالح، محمد الباجوري، صلاح نصار ومحمود رمضان.

-----------------

(179)
الطعن رقم 320 لسنة 44 ق

(1) حكم "حجية الحكم". إيجار. إيجار الأماكن.
حجية الأمر المقضي. وروده على المنطوق وما اتصل به من الأسباب اتصالاً حتمياً. ما يرد بالحكم من تقريرات ولو كانت لها صلة بالموضوع لا تحوز الحجية. مثال في منازعة إيجارية.
(2) عقد "آثار العقد". خلف.
آثار العقد. انصرافها إلى طرفيه وإلى الخلف العام أو الخاص لهما في الحدود التي بينها القانون. ليس لطرفي العقد أن يرتبا باتفاقهما التزاماً في ذمة الغير.
(3) إيجار "إيجار الأماكن".
المقيمون مع المستأجر الأصلي في العين المؤجرة منذ بداية العقد أو بعده. عدم جواز اعتبارهم مستأجرين أصليين. علة ذلك. عدم جواز مطالبتهم بأجرة العين طالما لم ينفرد أيهم بشغلها بعد ترك المستأجر لها.
(4) استئناف. بطلان. نقض.
عدم إرسال ملف الدعوى الابتدائية كاملاً إلى محكمة الاستئناف. لا بطلان. النعي بوجود صفحة ناقصة من الحكم الابتدائي دون بيان ما تضمنته من أسباب قد تغير وجه الرأي فيه. نعي غير مقبول.

-----------------
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المعول عليه في الحكم والذي يحوز منه حجية الأمر المقضي هو قضاؤه الذي يرد في المنطوق دون الأسباب إلا أن تكون هذه الأسباب قد تضمنت الفصل في أوجه النزاع التي أقيم عليها المنطوق كلها أو بعضها ومتصلة به اتصالاً حتمياً بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها، إذ في هذه الحالة تكون الأسباب هي المرجع في تفسير المنطوق وفي تحديد مداه وفي الوقوف على حقيقة ما فصلت فيه المحكمة، والذي يعتد به منها هي الأسباب الجوهرية الأساسية التي تتضمن الفصل في أمر يقوم عليه المنطوق فتكون مرتبطة به وتحوز الحجية معه دون ما يرد بالحكم من تقريرات في شأن موضوع لم يكن مطروحاً بذاته على المحكمة ولو كان له صلة بالموضوع المقضى فيه، ولما كان البين من الاطلاع على صورة الحكم المقدمة من الطاعنة في الدعوى المشار إليها بسبب النعي أن المطعون عليه اختصمها طالباً الحكم بتمكينه من الانتفاع بالشقة موضوع النزاع وتذرعت الطاعنة بأن رافع الدعوى سبق أن قبل إخلاء الشقة بإقرار صادر عنه فأجاب المطعون عليه بأنه أكره على توقيعه في ظروف خاصة تأثرت بها إرادته، وقد رفض الحكم ما ساقه المطعون عليه من دفاع استناداً إلى تحرير الإقرار أثناء التحقيق الذي كانت تجريه النيابة العامة، وأنه بذلك ينتفي عنه شبهة البطلان وأن له أثره وإن لم يصدر في مجلس القضاء. لما كان ذلك وكانت هذه الواقعة هي مدار ما تجاذبه الطرفان في الخصومة السالفة دفعاً ورداً، وكان الأخذ بالتنازل الذي جحده المطعون عليه كافياً للقضاء برفض الدعوى، فإن ما استطرد إليه الحكم من أن المطعون عليه يعتبر مستأجراً أصلياً رغم أن زوجته هي التي حرر باسمها عقد الإيجار، وأنه يستفاد من الإقرار السالف ومن قيامه بتسليم الشقة رضاءه الضمني بفسخ العلاقة الإيجارية القائمة بينه وبين الطاعنة ما استطرد إليه الحكم لا يعدو أن يكون تزيداً منه في مسألة خارجة عن حدود النزاع المطروح عليه ولم تكن به من حاجة للفصل فيه، وما عرض له في خصومة لا يكون له حجية الشيء المحكوم فيه.
2 - النص في المادة 152 من القانون المدني على أنه لا يرتب العقد التزاماً في ذمة الغير ولكن يجوز أن يكسبه حقاً يدل على أن مبدأ نسبية أثر العقد يهيمن على قوته الملزمة بالنسبة للأشخاص والموضوع مما يقتضي أن أثر العقد إنما يقتصر على طرفيه والخلف العام أو الخاص أو الدائنين في الحدود التي بينها القانون، فلا تنصرف الحقوق الناشئة عنه والالتزامات المتولدة منه إلا إلى عاقديه غير أنه يجوز الخروج على المبدأ السالف بإرادة طرفيه في شقه الإيجابي وهو إنشاء الحق دون شقه السلبي وهو تقرير الالتزام، بمعنى أنه ليس لطرفي العقد أن يرتبا باتفاقهما التزاماً في ذمة الغير، وإن كان لهما أن يشترطا حقاً لمصلحة ذلك الغير.
3 - لعقد الإيجار طابع عائلي وجماعي لا يتعاقد فيه المستأجر ليسكن بمفرده بل ليعيش معه أفراد أسرته ولمن يتراءى له إيواءهم. وقد استهدفت التشريعات الخاصة بإيجار الأماكن حماية شاغل العين المؤجرة من عسف المؤجر وتمكينه والمقيمين معه من إقامة مستقرة في السكن أبان أزمة الإسكان، وجعلت عقود إيجار تلك الأماكن ممتدة تلقائياً وبحكم القانون إلى غير مدة محددة طالما بقيت تلك التشريعات التي أملتها اعتبارات النظام العام، بحيث لا يجوز إخراج المقيمين إقامة مستديمة مع المستأجر بغير إرادتهم إلا بسبب من الأسباب التي حددتها تلك التشريعات على سبيل الحصر، إلا أن ذلك لا ينفي نسبية أثر عقد الإيجار من حيث الأشخاص فلا يلتزم بها غير عاقديه الأصليين اللذين يأتمران بقانون العقد، ومن حيث المضمون فلا يلزم العقد إلا بما تضمنه من التزام، طالما بقى المستأجر الأصلي على قيد الحياة يسكن العين المؤجرة، لم يبرحها إلى مسكن آخر، ولم ينسب إليه أنه تنازل عن حقه في الإيجار أو أجره من باطنه خلافاً لما يفرضه عليه القانون. يؤيد هذا النظر الذي لم يرد به نص صريح في القانون رقم 121 لسنة 1947 أن المشرع في المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 ثم في المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 عنى بتعيين المستفيد من مزية الامتداد القانوني بعد وفاة المستأجر الأصلي أو تركه العين بما يشير إلى أن المقيمين مع المستأجر الأصلي لا تترتب في ذمتهم التزامات قبل المؤجر خلال فترة مشاركتهم المستأجر الأصلي في السكن، ويبقى هذا الأخير هو الطرف الأصيل والوحيد في التعامل مع المؤجر، ولا يسوغ القول بأن المقيمين مع المستأجر يعتبرون مستأجرين أصليين أخذاً بأحكام النيابة الضمنية، انحرافاً عن المبادئ العامة في نسبية أثر العقد حين يقوم بإرادة النائب وينصرف أثره إلى الأصيل لأن هؤلاء ليسوا طبقاً للقانون أطرافاً في عقد الإيجار ولا تربطهم بالمؤجر أية علاقات تعاقدية مباشرة أو غير مباشرة سواء كانت إقامتهم في بداية الإيجار أو بعده، وإنما تمتعهم بالإقامة في العين قياماً من المستأجر بالتزامات وواجبات أدبية ذات طابع خاص قابلة للتغيير والتعديل متعلقة به هو ولا شأن لها بالمؤجر، وكيفية استعمال المستأجر لمنفعة المسكن مسألة عارضة لا تبرر فكرة المجاز القانوني على أساس النيابة الضمنية. لما كان ذلك وكان الواقع في الدعوى أن عقد إيجار عين النزاع أبرم في 16/ 9/ 1967 بين الطاعنة وبين ابنتها التي كانت زوجاً للطاعن آنذاك، وأن المؤجرة استصدرت حكماً في الدعوى رقم 10977 لسنة 1970 مدني مستعجل القاهرة قبل ابنتها المستأجرة منها بطردها من العين المؤجرة لتخلفها في سداد الأجرة من أول يناير 1968 ولتضمن عقد الإيجار الشرط الصريح الفاسخ، وكان هذا الحكم قد نفذ بإخلاء المستأجرة وزوجها المطعون عليه الذي يقيم معها في 12/ 4/ 1971، فإن ما خلص إليه الحكم المطعون فيه من أن المطعون عليه غير ملزم بأجرة شقة النزاع طالما أنه كان مقيماً بها مع المستأجرة الأصلية بسبب علاقة الزوجية التي كانت تربطهما خلال الفترة المطالب بأجرتها وطالما أنه لم ينفرد بشغل الشقة بأي سبيل بعد خروج المستأجرة الأصلية منها هو النتيجة التي تتفق والتطبيق الصحيح للقانون.
4 - طرق الطعن في الأحكام هي وسائل التظلم التي رسمها القانون ليتمكن المحكوم عليه من الاعتراض على الحكم الصادر بقصد الوصول إلى إبطاله أو إلغائه أو تعديله لمصلحته، بما مفاده وجوب أن تطلع المحكمة المرفوع إليها الطعن على الحكم المطعون فيه حتى يتيسر لها أداء ما ناطه بها القانون، وكان المشرع قد حدد وسيلة ذلك في صدد الطعن بطريق الاستئناف بأن أوجبت الفقرة الثانية من المادة 231 من قانون المرافعات على قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم المستأنف أن ترسل ملف الدعوى إلى محكمة الاستئناف خلال المدة المحددة بما تحويه من مسودة الحكم المستأنف ونسخته الأصلية لما كان ذلك وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القانون لم يرتب البطلان على عدم إرسال الملف كاملاً إلى محكمة الاستئناف، وكان سبب الطعن لم يبين المواطن التي كانت تضمنتها الصحيفة الناقصة والتي كان من شأنها تغيير وجه الرأي، واقتصر على قوله أنه لو أطلعت المحكمة الاستئنافية على الجزء المبتور في الحكم لكان له أثر في قضائه وهي عبارة مجملة لا تحدد أثر التقرير الخاطئ في قضاء الحكم ووجه العيب فيه وسداد النعي عليه، فإن ما تسوقه الطاعنة يكون غير مقبول لقصوره عن البيان التفصيلي الواجب قانوناً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنة أقامت - بعد رفض أمر الأداء - الدعوى رقم 890 لسنة 1973 مدني أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليه بطلب إلزامه أن يؤدي لها مبلغ 612 ج، وقالت بياناً لها إنه بموجب عقد مؤرخ 16/ 9/ 1967 استأجرت منها ابنتها زوجة المطعون عليه - شقة بالعقار...... بأجرة شهرية قدرها 17 جنيه، وإذ تخلف المطعون عليه وزوجته عن سداد الأجرة المستحقة عن المدة من أول يناير سنة 1968 حتى نهاية ديسمبر سنة 1970 فقد استصدرت حكماً من القضاء المستعجل بالإخلاء والتسليم، ولما كان المطعون عليه تلزمه الأجرة لا بوصفه شاغلاً للعقار فحسب، وإنما بوصفه مستأجراً باعتبار أن زوجته المستأجرة نائبة عنه، فقد أقامت الدعوى. دفع المطعون عليه بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة، وبتاريخ 29/ 5/ 1973 حكمت المحكمة برفض الدفع وبإلزام المطعون عليه بأن يدفع للطاعنة مبلغ 612 جنيه - استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 4802 سنة 90 ق القاهرة طالباً إلغاءه ورفض الدعوى، وبتاريخ 29/ 1/ 1924 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الطعن، عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاث أسباب، تنعى الطاعنة بالوجه الثالث من السبب الثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بحجية الحكم الصادر في الدعوى رقم 11316 لسنة 1971 مدني القاهرة الابتدائية المقامة ضدها من المطعون عليه والتي حدد فيها طلباته بتمكينه من الانتفاع بعين النزاع بوصفه مستأجراً، إذ قطعت أسبابه بأن قيام العلاقة الإيجارية بينهما هي مدار النزاع، واعتبرته مستأجراً أصلياً أسوة بزوجته التي نابت عنه في إبرام العقد، وأبرزت أن قبوله تسليم الشقة للطاعنة يعد رضاء منه بفسخ الإيجار، غير أن الحكم المطعون فيه أهدر الحجية قولاً بأن القضاء برفض دعوى التمكين لا يصح أن يستقي من أسبابه ما يفيد القرينة القائمة على الحجية، وشرط لا يصلح رداً على الحجية القائمة ولا يؤدي بذاته إلى النتيجة التي خلص إليها من إطراحها بما يعيبه بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي مردود ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المعول عليه في الحكم والذي يحوز منه حجية الأمر المقضي هو قضاؤه الذي يرد في المنطوق دون الأسباب، إلا أن تكون هذه الأسباب قد تضمنت الفصل في أوجه النزاع التي أقيم عليها المنطوق كلها أو بعضها، ومتصلة به اتصالاً حتمياً بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها إذ في هذه الحالة تكون الأسباب هي المرجع في تفسير المنطوق وفي تحديد مداه وفي الوقوف على حقيقة ما فصلت فيه المحكمة، والذي يعتد به منها هي الأسباب الجوهرية الأساسية التي تتضمن الفصل في أمر يقوم عليه المنطوق فتكون مرتبطة به وتحوز الحجية معه، دون ما يرد بالحكم من تقريرات في شأن موضوع لم يك مطروحاً بذاته على المحكمة ولو كان له صلة بالموضوع المقضى فيه - ولما كان البين من الاطلاع على صورة الحكم المقدمة من الطاعنة في الدعوى المشار إليها بسبب النعي أن المطعون عليه اختصمها طالباً الحكم بتمكينه من الانتفاع بالشفعة موضوع النزاع، وتذرعت الطاعنة بأن رافع الدعوى سبق أن قبل إخلاء الشقة بإقرار صادر عنه فأجاب المطعون عليه بأنه أكره على توقيعه في ظروف خاصة تأثرت بها إرادته، وقد رفض الحكم ما ساقه المطعون عليه من دفاع استناداً إلى تحرير الإقرار أثناء التحقيق الذي كانت تجريه النيابة العامة، وأنه بذلك ينتفي عنه شبهة البطلان وأن له أثره وإن لم يصدر في مجلس القضاء. لما كان ذلك، وكانت هذه الواقعة هي مدار ما تجاذبه الطرفان في الخصومة السالفة دفعاً ورداً، وكان الأخذ بالتنازل الذي جحده المطعون عليه كافياً للقضاء برفض الدعوى، فإن ما استطرد إليه الحكم من أن المطعون عليه يعتبر مستأجراً أصلياً رغم أن زوجته هي التي حرر باسمها عقد الإيجار، وأنه يستفاد من الإقرار السالف ومن قيامه بتسليم الشقة رضاءه الضمني بفسخ العلاقة الإيجارية القائمة بينه وبين الطاعنة - ما استطرد إليه الحكم لا يعدو أن يكون تزيداً منه في مسألة خارجة عن حدود النزاع المطروح عليه، ولم يكن به من حاجة للفصل فيه، وما عرض له في خصومة لا يكون له حجية الشيء المحكوم فيه، لما كان الحكم المطعون فيه قد ساير هذا النظر فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول وبالوجهين الأول والثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك تقول أن الحكم بنى قضاءه على سند من القول بأنه لا نزاع بين طرفي التداعي في أنه لا تربطهما علاقة تعاقدية، وإن العلاقة الإيجارية مقصورة على الطاعنة كمؤجرة وابنتها زوجة المطعون عليه - كمستأجرة في حين أنها أسست دعواها على قيام علاقة إيجارية بينها وبين المطعون عليه، نشأت من ذات العقد المبرم بينها وبين ابنتها اعتباراً بأن المستأجر الأصلي ينوب في عقد الإيجار عن أفراد أسرته الحاليين وغيرهم من المقيمين معه عند بدء الإجارة أو بشرط حق المشاركة في الإجارة لصالح الزوج والذرية المقبلين، فيضحى المطعون عليه بهذه المثابة مستأجراً أصلياً له كافة حقوق العقد وعليه سائر التزاماته. هذا إلى أن الحكم رغم تقريره أن المطعون عليه انتفع بالعين المؤجرة تبعاً لاستفادته بطريق الإنابة عن المستأجرة الأصلية وبناء على قيام العلاقة الزوجية بينهما، فإنه انتهى إلى عدم إلزامه بالأجرة استناداً إلى أنه لم يكن طرفاً في عقد الإيجار ولم ينفرد بالانتفاع بالشفعة المؤجرة بعد انفصام عرى الزوجية، مخالفاً بذلك الأثر القانوني للنيابة من انصراف أثر العقد المبرم عن طريقها إلى الأصيل أخذاً بأن المستأجرة أبرمت العقد عن نفسه ونيابة عن زوجها الذي صار شريكاً لها في التعاقد، بالإضافة إلى أنه ليس ثمت ما يمنع قانوناً من تعدد المستأجرين لعين واحدة، أوفي في انصراف أثر العقد إلى غير من وقع عليه، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 152 من القانون المدني على أنه "لا يرتب العقد التزاماً في ذمة الغير ولكن يجوز وأن يكسبه حقاً" يدل على أن مبدأ نسبية أثر العقد يهيمن على قوته الملزمة بالنسبة للأشخاص والموضوع، بما يقتضي أن أثر العقد أنما يقتصر على طرفيه والخلف العام أو الخاص أو الدائنين في الحدود التي بينها القانون فلا تنصرف الحقوق الناشئة عنه والالتزامات المتولدة منه إلا إلى عاقديه، غير أنه يجوز الخروج على المبدأ السالف بإرادة طرفيه في شقه الإيجابي وهو إنشاء الحق دون شقه السلبي وهو تقرير الالتزام، بمعنى أنه ليس لطرفي العقد أن يرتبا باتفاقهما التزاماً في ذمة الغير، وإن كان لهما أن يشترطا حقاً لمصلحة ذلك الغير. ولئن كان لعقد إيجار طابع عائلي وجماعي لا يتعاقد فيه المستأجر ليسكن بمفرده بل ليعيش معه أفراد أسرته ولمن يتراءى له إيواءهم. ولئن كانت التشريعات الخاصة بإيجار الأماكن استهدفت حماية شاغل العين المؤجرة من عسف المؤجر وتمكينه والمقيمين معه من إقامة مستقرة في المسكن أبان أزمة الإسكان، وجعلت عقود إيجار تلك الأماكن ممتدة تلقائياً وبحكم القانون إلى غير مدة محددة طالما بقيت تلك التشريعات التي أملتها اعتبارات النظام العام، بحيث لا يحق إخراج المقيمين إقامة مستديمة مع المستأجر بغير إرادتهم إلا بسبب من الأسباب التي حددتها تلك التشريعات على سبيل الحصر، إلا أن ذلك لا ينفي نسبية أثر عقد الإيجار من حيث الأشخاص فلا يلتزم بها غير عاقديه الأصليين اللذين يأتمران بقانون العقد، ومن حيث المضمون فلا يلزم العقد إلا بما تضمنه من التزام، طالما بقى المستأجر الأصلي على قيد الحياة يسكن العين المؤجرة لم يبرحها إلى مسكن آخر، ولم ينسب إليه أنه تنازل عن حقه في الإيجار أو أجره من باطنه خلافاً لما يفرضه عليه القانون يؤيد هذا النظر الذي لم يرد به نص صريح في القانون رقم 121 لسنة 1947 أن المشرع في المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969، ثم في المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 عنى بتعيين المستفيد من مزية الامتداد القانوني بعد وفاة المستأجر الأصلي أو تركه العين بما يشير إلى أن المقيمين مع المستأجر الأصلي لا يترتب في ذمتهم التزامات قبلي المؤجر خلال فترة مشاركتهم المستأجر الأصلي في السكن، ويبقى هذا الأخير هو الطرف الأصيل والوحيد في التعامل مع المؤجر، ولا يسوغ القول بأن المقيمين مع المستأجر يعتبرون مستأجرين أصليين أخذاً بأحكام النيابة الضمنية، انحرافاً عن المبادئ العامة في نسبية أثر العقد، حين يقوم بإرادة النائب وينصرف أثره إلى الأصيل، لأن هؤلاء ليسوا طبقاً للقانون أطرافاً في عقد الإيجار ولا تربطهم بالمؤجر أيه علاقة تعاقدية مباشرة أو غير مباشرة سواء كانت إقامتهم في بداية الإيجار أو بعده، وإنما تمتعهم بالإقامة في العين كان قياماً من المستأجر بالتزامات وواجبات أدبية أو ذات طابع خاص قابلة للتغيير والتبديل متعلقة به هو ولا شأن لها بالمؤجر وكيفية استعمال المستأجر لمنفعة المسكن مسألة عارضة لا تبرر فكرة المجاز القانوني على أساس النيابة الضمنية. لما كان ذلك وكان الواقع في الدعوى أن عقد إيجار عين النزاع أبرم في...... بين الطاعنة وبين ابنتها التي كانت زوجاً للطاعن آنذاك، وأن المؤجرة استصدرت حكماً في الدعوى رقم....... قبل ابنتها المستأجرة منها بطردها من العين المؤجرة لتخلفها في سداد الأجرة من....... ولتضمن عقد الإيجار الشرط الصريح الفاسخ، وكان هذا الحكم قد نفذ بإخلاء المستأجرة وزوجها المطعون عليه الذي كان يقيم معها في....، فإن ما خلص إليه الحكم المطعون فيه من أن المطعون عليه غير ملزم بأجرة شقة النزاع طالما أنه كان مقيماً بها مع المستأجرة الأصلية بسبب علاقة الزوجية التي كانت تربطهما خلال الفترة المطالب أجرتها وطالما أنه لم ينفرد بشغل الشقة بأي سبيل بعد خروج المستأجرة الأصلية منها، هو النتيجة التي تتفق والتطبيق الصحيح للقانون على الواقعة الثابتة به - لما كان ما تقدم وكان المستفاد من سياق الحكم المطعون فيه أنه يتحدث عن عقد الإيجار مما مؤداه أنه يقصد أن طرفي الدعوى لا ينازعان في أن هذا العقد محرر بين الطاعنة وابنتها زوجة المطعون عليه وهو ما لا تجادل فيه الطاعنة، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه البطلان وفي بيان ذلك تقول أن الحكم الابتدائي ورد للمحكمة الاستئنافية ناقصاً الصفحة الرابعة منه والمشتملة على جوهر الأسباب التي قام عليها قضاؤه، وآية ذلك أن سكرتير محكمة الاستئناف عمد إلى استكمال نسخة الحكم الابتدائي الأصلية بنسخ تلك الصفحة من النسخة الكربونية المقدمة من الطاعنة للتأشير على مطابقتها للأصل ووقعها بإمضائه خلافاً لبقية صفحات النسخة الأصلية الموقعة من رئيس الدائرة التي أصدرت ذلك الحكم، وتكون المحكمة الاستئنافية قد أصدرت حكمها المطعون فيه دون أن يكون تحت نظرها الحكم المستأنف، مع أنها لو اطلعت عليه كاملاً لتغير وجه رأيها في الدعوى، وهو ما يبطله.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أنه لما كانت طرق الطعن في الأحكام هي وسائل التظلم التي رسمها القانون ليتمكن بها المحكوم عليه من الاعتراض على الحكم الصادر بقصد الوصول إلى إبطاله أو إلغائه أو تعديله لمصلحته، بما مفاده وجوب أن تطلع المحكمة المرفوع إليها الطعن على الحكم المطعون فيه حتى يتيسر لها أداء ما ناطه بها القانون، وكان المشرع قد حدد وسيلة ذلك في صدد الطعن بطريق الاستئناف بأن أوجبت الفقرة الثانية من المادة 231 من قانون المرافعات على قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم المستأنف أن ترسل ملف الدعوى إلى محكمة الاستئناف خلال المدة المحددة بما تحويه من مسودة الحكم المستأنف ونسخته الأصلية لما كان ذلك وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القانون لم يرتب البطلان على عدم إرسال الملف كاملاً إلى محكمة الاستئناف. وكان سبب الطعن لم يبين المواطن التي كانت تضمنتها الصحيفة الناقصة والتي كان من شأنها تغيير وجه الرأي، واقتصر على قوله أنه لو اطلعت المحكمة الاستئنافية على الجزء المبتور في الحكم لكان له أثر في قضائه، وهي عبارة مجملة لا تحدد أثر التقرير الخاطئ في قضاء الحكم ووجه العيب فيه وسداد النعي عليه، فإن ما تسوقه الطاعنة يكون غير مقبول لقصوره عن البيان التفصيلي الواجب قانوناً.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق