الصفحات

الجمعة، 21 أبريل 2023

الطعن 30 لسنة 12 ق جلسة 31 / 12 / 1942 مج عمر المدنية ج 4 ق 12 ص 27

جلسة 31 ديسمبر سنة 1942

برياسة حضرة عبد الفتاح السيد بك رئيس المحكمة وبحضور حضرات: حسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك المستشارين.

---------------

(12)
القضية رقم 30 سنة 12 القضائية

أ - اختصاص. 

نائب عديم الأهلية. مسئوليته عن ماله. وجوب تحديدها في نطاق قانون المجالس الحسبية. مسئولية الولي عن مال ولده. حدها. وجوب الرجوع إلى الشريعة الإسلامية فيما لم يرد حكمه في قانون المجالس الحسبية. اختصاص المحاكم الأهلية بالنظر في مسئولية الولي عن مال ابنه القاصر.
(قانون المجالس الحسبية الصادر في 13 أكتوبر سنة 1925).
ب – أ ب. موته مجهلاً مال ولده. لا يضمن شيئاً من هذا المال ولا يرجع به على تركته.
(المادة 431 من قانون الأحوال الشخصية).

---------------
1 - إن مسئولية النائبين عن عديمي الأهلية يجب أن يكون تحديدها في نطاق أحكام قانون المجالس الحسبية الصادر في 13 أكتوبر سنة 1925. ذلك القانون الواجب تطبيقه على المصريين جميعاً، مسلمين وغير مسلمين. وقد أوردت المادة 28 من هذا القانون الأحكام الخاصة بولاية الأب على مال ولده القاصر المشمول بولايته، ومنها عدم جواز المساس بهذه الولاية من قبل المجلس الحسبي إلا إذا كان الولي قد عبث برأس مال ولده، لا بالثمرات، وكان الطلب في هذا الشأن مقدماً من النيابة دون سواها. وسبب ذلك ما للولد، دون غيره من النائبين عن عديمي الأهلية، من حق التصرف في مال ابنه القاصر من غير أن يكون مطالباً بتقديم حساب عن إدارته لهذا المال إلى المجلس الحسبي. وإذ كان مما لا شك فيه أن الأحكام المتعلقة بأموال عديمي الأهلية مستمدة من قواعد الشريعة الإسلامية، فإنه يكون من المتعين الرجوع إلى تلك القواعد دون غيرها باعتبارها الأحكام العامة في هذا الصدد للوقوف على ما يكمل أحكام قانون المجالس الحسبية. وإذن فمن الخطأ أن يقرر الحكم أن من اختصاص المجلس الملي الفصل في مدى سلطة الأب على مال ابنه القاصر، وأن يقف الفصل في الدعوى المعروضة عليه حتى يصدر المجلس المذكور حكمه في ذلك، إذ مسئولية الولي عن مال ابنه القاصر من اختصاص المحاكم الأهلية تفصل فيها على وفق أحكام الشريعة الإسلامية.
2 - إذا مات الأب مجهلاً مال ولده فإن القاعدة الشرعية الواردة في المادة 431 من قانون الأحوال الشخصية هي أن الأب لا يضمن من هذا المال شيئاً ولا يرجع به على تركته.


الوقائع

تتلخص وقائع هذا الطعن في أنه في أول فبراير سنة 1921، بمقتضى سند عرفي، أقر ميخائيل بشارة (مورث طرفي الخصومة) بأنه باع لأولاده البالغين والقصر العقارات المبينة في ذلك السند مقابل مبلغ وقدره 250 مليماً و2511 ج. وجاء في السند أنه قد استحق لكل من أولاده الذكور في كل حصة من العقارات قيراطان ونصف قيراط ولأولاده البنات قيراط ونصف، وأنه قبض 985 مليماً و1150 ج من أولاده البالغين يداً بيد، وباقي ثمن العقارات وقدره 265 مليماً و1360 ج قبضه من أولاده القصر قيمة متروكات والدتهم من مصوغات وقيمتها 265 مليماً و660 ج ونقدية مقدارها 700 ج. وقد سجل هذا السند في 25 من يونيه سنة 1921 ثم مات الوالد في 26 من مايو سنة 1938.
وبصحيفة معلنة في 5 و9 من مارس سنة 1939 أقامت المطعون ضدها أمام محكمة مصر الابتدائية على الطاعنين الدعوى رقم 773 سنة 1939 وطلبت فيها: أولاً: إلزام الطاعنين الثلاثة الأول متضامنين بأن يدفعوا لها مبلغ 90 ج مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وذلك قيمة ريع حصتها التي ترثها عن والدها في الأعيان المبينة بصحيفة الدعوى والتي وضعوا اليد عليها من تاريخ وفاة المورث حتى رفع الدعوى. ثانياً: إلزام الطاعنين جميعاً بأن يدفعوا لها من مال مورثهم 67 مليماً و1785 ج مع الفوائد من 27 فبراير سنة 1939 لغاية الوفاء والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة، وهذا المبلغ هو ما يوازي ريع حصتها في الأعيان المبينة بصحيفة الدعوى، تلك الحصة المملوكة لها والتي وضع والدها يده عليها حتى وفاته. وقد أنكر الطاعنون الثلاثة الأول وضع يدهم على نصيبها، ودفع الطاعنون جميعاً بأن ملكية المدعية للحصة التي تطالب بريعها قد آلت إليها بطريق البيع عن والدها وأنها لم تدفع ثمناً، شأنها في ذلك شأن باقي إخوتها، وأن والدهم لم يقصد نقل المنفعة إليهم مباشرة بل احتفظ لنفسه بها وظل كذلك من تاريخ التصرف حتى الوفاة. وأنها لو جاز لها الرجوع عليهم بريع حصتها لكان لكل منهم أن يرجع عليها كذلك.
وفي 31 من مارس سنة 1940 قضت المحكمة أولاً: برفض الدعوى بالنسبة إلى مبلغ الـ 67 مليماً و1785 ج وألزمت المطعون ضدها بالمصاريف المناسبة وبمبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة. ثانياً: وقبل الفصل في الموضوع بالنسبة إلى الريع البالغ 90 ج بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون ضدها بجميع الطرق القانونية بما فيها البينة وضع يد الطاعنين الثلاثة الأول على نصيبها وأحقيتها للقيمة المطالب بها ريعاً عنها على أن يكون لهم النفي. وأسست المحكمة قضاءها بالنسبة إلى مبلغ 67 مليماً و1875 ج على أن دفاع الطاعنين تأيد بالعقد الصادر من المورث إلى أولاده، وأنه ظهر منه أن المطعون ضدها كانت قاصراً عند التصرف ولم يثبت أن الثمن المقول بقبضه كان جدياً، وأن استمرار وضع يد الوالد على الأعيان المبيعة بما فيها نصيب المطعون ضدها لا يمكن تفسيره إلا بأنه أراد نقل ملكية الرقبة مع الاحتفاظ بالمنفعة، وهو ما حصل فعلاً، إذ استمر الحال كذلك، بحسب ما هو مستفاد من أقوال الطرفين، من سنة 1921 حتى وفاته، وأنه مع التسليم بأن التصرف شمل المنفعة فإن الوالد كان ولياً شرعياً على المطعون ضدها وقد مات مجهلاً للريع الذي تطالب به، والشريعة الإسلامية تقضي بأنه إذا مات الأب مجهلاً مال ولده فلا يضمن منه شيئاً ولا يرجع به على ورثته.
وفي 4 من أغسطس سنة 1940 استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر وقيد استئنافها برقم 875 سنة 57 قضائية طالبة إلغاء الحكم المستأنف والقضاء لها بطلباتها الأولى. وفي أثناء سير الاستئناف قضت محكمة أول درجة في 5 من ديسمبر سنة 1940 برفض الدعوى بالنسبة إلى مبلغ أل 90 ج الباقي من طلبات المطعون ضدها وبإلزامها بالمصاريف.
وفي 28 من فبراير سنة 1942 قضت محكمة الاستئناف قبل الفصل في الموضوع بالنسبة إلى مبلغ أل 67 مليماً و1785 جنيهاً بوقف الدعوى حتى يفصل نهائياً من الجهة المختصة بالأحوال الشخصية لطائفة الأقباط الأرثوذكس فيما إذا كان يحق للمطعون ضدها طبقاً لشريعة تلك الطائفة الرجوع على تركة أبيها بما عسى أن يكون لها عنده من مال مات مجهلاً إياه، وأرجأت الفصل في المصاريف وفي دعوى أل 90 جنيهاً بتعديل الحكم المستأنف وجعل التحقيق الذي أمرت به محكمة أول درجة مقصوراً على إثبات ونفي وضع يد الطاعنين الثلاثة الأول على ما للمطعون ضدها من حصص شائعة في العقارات المبينة بصحيفة الدعوى الابتدائية سواء أكانت مملوكة أم موروثة. وألزمت طرفي الخصومة بالمصاريف مناصفة بينهما وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة. وقد استندت المحكمة في قضائها بذلك على أنه يستفاد من نصوص عقد أول فبراير سنة 1921 أن التصرف وقع مطلقاً على الأعيان الواردة فيه غير مقصور على رقبتها وأن وضع يد المتصرف على الأعيان حتى وفاته لا يفيد نيته في استبقاء المنفعة لنفسه لأنه كان طول مدة وضع اليد ولياً على المطعون ضدها ومن حقه وواجبه أن يحوز ملكها لاستغلاله في مصلحتها. وعلى أنه ظهر للمحكمة أن الوالد مات مجهلاً مال أولاده لديه، وسلطة الأب على مال الغير من صميم الأحوال الشخصية. وبما أن المحكمة لم تستطع من الكتب التي جمعتها أن تتبين الحكم الصحيح لطائفة الأقباط الأرثوذكس. ولذا فهي ترى وقف الدعوى حتى يفصل فيها من الجهة المختصة.
وقد أعلن هذا الحكم للطاعنين في 27 من إبريل سنة 1942 فقرر وكيلهم الطعن فيه بطريق النقض في 24 من مايو سنة 1942 بتقرير إلخ إلخ.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه خالف القانون إذ وقف الفصل في الدعوى حتى يفصل فيها من الجهة المختصة للأحوال الشخصية لطائفة الأقباط الأرثوذكس، وذلك لأن المنازعة في شأن مسئولية الولي من اختصاص المحاكم الأهلية لأنها لم ترد في المادتين 15 و16 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية التي أخرجت بعض المواد من اختصاص تلك المحاكم، كما أنه خالف القانون في اعتماده على القضاء الملي في حين أن القانون الواجب التطبيق هو الشريعة الإسلامية.
وحيث إن مسئولية النائبين عن عديمي الأهلية يجب تحديدها في نطاق أحكام قانون المجالس الحسبية الصادر في 13 من أكتوبر سنة 1925 ذلك القانون الواجب تطبيقه على المصريين قاطبة بصرف النظر عن ديانتهم. وقد جاءت المادة 28 من هذا القانون بالأحكام الخاصة بولاية الأب على مال ولده القاصر المشمول بولايته شرعاً وعدم المساس بهذه الولاية من قبل المجلس الحسبي إلا إذا عبث الوالد برأس مال ابنه، لا بالثمرات، وكان الطلب في هذا الشأن مقدماً من النيابة دون سواها. ومصدر هذا كله ما للوالد من حق التصرف في مال ابنه القاصر وما هو مميز به في هذا عن غيره من النائبين عن عديمي الأهلية حتى إنه لا يطالب بتقديم حساب عن إدارته لهذا المال إلى المجلس الحسبي، وإذ كان مما لا شك فيه أن هذه الأحكام العامة المتعلقة بأموال عديمي الأهلية مستمدة من قواعد الشريعة الإسلامية فمن المتعين والحالة هذه الرجوع إلى تلك القواعد دون سواها، باعتبارها الأحكام العامة في هذا الصدد، للوقوف على ما يكمل منها أحكام المجالس الحسبية. ولذا يكون الحكم الاستئنافي قد أخطأ فيما رآه من اختصاص المجلس الملي بالفصل في مدى سلطة الأب على مال ابنه القاصر ومن وقفه الفصل في الدعوى حتى يصدر المجلس المذكور حكمه في ذلك. ولذا يتعين نقضه فيما قضى به في هذا الصدد.
وحيث إن الدعوى صالحة للحكم في الموضوع، ولذا فإن هذه المحكمة تتصدى له.
وحيث إنه حتى مع التسليم بأن البيع كان منجزاً من وقت صدوره (وهو في هذه الدعوى لا فائدة من البحث فيه) فإن ما أثبته كلا الحكمين الابتدائي والاستئنافي المطعون فيه هو أن المورث مات مجهلاً مال ولده. ومتى كان الأمر كذلك فإن القاعدة الشرعية الواردة في المادة 431 من قانون الأحوال الشخصية هي أن الأب لا يضمن من هذا المال شيئاً ولا يرجع به على تركته كما قال بحق الحكم الابتدائي، ويكون رجوع المطعون ضدها على الورثة لا محل له. ولذا يتعين مع نقض الحكم المطعون فيه تأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به بالنسبة لمبلغ 67 مليماً و785 ج وهو وحده الذي جاءت الطلبات في الطعن مقصورة عليه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق